shopify site analytics
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية - الرئيس الكوري الجنوبي يعلن كام العرفية الطارئة ويتعهد بالقضاء على أنصار كوريا الشمال - الكشف عن اختلاس أكثر من ربع تريليون دولار - الجيش السوري يفشل هجوم التنظيمات المسلحة على مدينة حماة - تحديات وآمل مفقود - هل للفقاعة شارفت على الانفجار؟ - أفول سياسة الأوهام..هيا بنا - تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الإنسانية - القدوة يكتب: تحقيق العدالة الدولية للشعب الفلسطيني - ذعر النظام الإيراني من ثورة الجياع! -
ابحث عن:



الإثنين, 26-مايو-2014
صنعاء نيوز - السمنة في موريتانيا ليست عيبا، وليس على المبتلى بفيوض التخمة هناك أن يواري ثنيات جسده خلف جلباب فضفاض أو أحزمة جلدية خانقة. صنعاء نيوز/عبد الرازق أحمد الشاعر -
السمنة في موريتانيا ليست عيبا، وليس على المبتلى بفيوض التخمة هناك أن يواري ثنيات جسده خلف جلباب فضفاض أو أحزمة جلدية خانقة. فالسمين في منطقة الساحل يستطيع أن يتبختر كطاووس بين أعواد الكربون الآدمية هناك وأن يرجرج ما تناثر من زواياه كلما غدا أو راح ليعلن براءته من الفقر والجوع والمرض. وفي موريتانيا، تحرص النسوة على إجبار فتياتهن اللائي يتمردن على طقوس الثراء بوضع أصابعهن الرقيقة بين قضيبين من خشب، يتعانقان كلمة تمردت الفتيات، وويل لمن ترفض ازدراد ما قدم لها حتى وإن لم يترك ثلثا للشراب أو مساحة أنبوب رفيع للتنفس.
وعلى مبعدة آلاف الفراسخ من موريتانيا، وتحديدا في جوانتانامو، ظل حراس المنفى سيء السمعة يمارسون طقوس العنف الساحلي نفسه وإن في الخفاء، حتى لا تطاردهم تسريبات سنودان أو تقارير المنظمات المدافعة عن حقوق السجناء، حتى منحتهم القاضية جلاديس كسلر تفويضا قانونيا بدس الخراطيم البلاستيكية صينية الصنع في أنوف المضربين عن الطعام حتى الإشباع. وهكذا، لم يعد من حق أبي وائل دياب أن يموت طواعية أو أن يلاحق جلاديه أمام المحاكم الدولية، هذا إن قدر له الخروج من ظلمات السجن هناك.
وأبو وائل، لمن لا يعرفه، مواطن سوري يبلغ من العمر بضعا وخمسين عاما، ألقي عليه القبض عرضا في أحراش باكستان عام 2002، وظل تحت الوصاية الأمريكية اثني عشر عاما دون اتهام ودون محاكمة، ليذوق وبال أمره وليرى بأم عينه ما لا عين رأت، ولا خطر على ذهن محتجز. وفي عام 2009، قررت إدارة أوباما الملائكية إخلاء سبيل أبي وائل وترحيله إلى سوريا، لكنها عادت واحتجزته خوفا عليه من مصير غير مجهول ينتظره عند بوابات الوصول الدمشقية. ثم أتت الحرب الأهلية على يابس الأمل في صدر الأشيب، فظل رهين محبسين يعاني مرارة التجاهل والقهر حينا من الدهر، حتى نسيه الآمر والسجان ليظل في سجنه بضع سنين.
ولما قرر أبو وائل أن يضع حدا لمعاناته بقرار فردي عن سابق قناعة، فحرم على نفسه الزاد رغم اشتياقه ليتخلص من سجن البعيد وتجهم القريب، قررت السيدة جلاديس أن تعيده إلى شرنقته المظلمة لتلتف الأغلال الثقيلة حول رسغيه، ويضطر لمواصلة حياة بائسة بخرطوم ملوث يحمل مرقا لا يستسيغه. وهكذا، لم يعد من حق السوري الطريد أن يحيا أو يموت، وأن يظل شريان الحياة يتمدد ويتقلص في فتحة أنفه وحلقه حتى تتكسر غضاريفه الجافة كلها.
عام 1975، أصدر المحتشدون في عاصمة اليابان بيانا يحرم التغذية بالإكراه إلا في حالات طبية حرجة، وخرج الأطباء المنظمون للفعالية بقرار أممي ملزم. لكن السيدة جلاديس التي هي أدرى بشعاب جوانتانامو من أهلها، وأشد حرصا على السجناء من أنفسهم، قررت أن تلقي بإعلان طوكيو في سلة الخروقات الأمريكية، وأن تقف برزخا بين الحياة والموت أمام مستضعفين لا يستطيعون الحياة، ولا يملكون جواز عبور نحو الآخرة.
وهكذا، قدر على أبي وائل أن يعيش رغم أنفه وأن يتغذى رغم أنفه بخرطوم بلاستيكي قذر يمتد من أنفه ويتسلل عبر حلقه لواذا نحو أحشائه الضامره، ليصب جلادوه المرق في أحشائه صبا، فيتجرعه ولا يكاد يسيغه، ليبقى الأنبوب شريان قهر يصله بحياة لا يريدها ودليل موت لا يستطيعه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
في موريتانيا، تقهر النساء بناتهن على الطعام، لكنهن لا يتلذذن بحشر الأنابيب الملوثة في أنوفهن، ولا يتلذذن بحشرجات الحلوق المغتصبة وتلوي البطون المغلوبة على حشوها. وفي موريتانيا تأكل الفتيات حتى يسمن، لكن أطباء جوانتانامو لا يسمحون إلا بشريان حياة قذر يمتد من القمع إلى الأحشاء الضامرة بقدر ما يسمح ببقاء أسيرهم على قيد الألم أطول فترة ممكنة. صحيح أن أبا وائل ليس أول المكرهين على شرب المرق بالأنابيب، وأن تقارير المنظمات الدولية تغص بممارسات جمة من هذا النوع القذر من التغذية، وأن دولا كبريطانيا وأمريكا وصربيا (ناهيك عن ممارسات الأنظمة الشمولية في العالم الثالث) تحمل سجلات غير مشرفة في هذه الصدد، لكنها كانت تمارس بشكل سري على أية حال، ومن وراء الستار. أما اليوم، فقد منحت السيدة جلاديس رجال البنتاجون تفويضا غير مشروط بممارسة القهر واغتصاب حلوق السجناء.
يبدو أن القاضية النزيهة لم تقرأ عن حادثة أحمد رباني، ذلك المواطن الباكستاني السجين، الذي ظل يقيء دما بسبب زرع خرطوم النجاة في جسده بطريق الخطأ، ويبدو أنها لم تقرأ عن توسلاته لملائكة العذاب في جوانتانامو كي يوقفوا ممارستهم غير الإنسانية في حقه ولو ليوم واحد. ويبدو أن محامي أبي وائل لن يجد بعد اليوم أذنا تصغي لتوسلاته وملاسناته القانونية. ويبدو أن الرئيس أوباما سيضطر كالعادة لوضع خشب في عينيه حتى لا يرى تظاهرات الجمعة التي انطلقت من أربعين مدينة حول العالم لتطالبه بإغلاق منتجع جوانتانامو مرة واحدة وإلى الأبد.
[email protected]
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)