صنعاء نيوز/ عبدالله الصعفاني - -
في بلد يضرب فيها القضاة ويتظاهر من يرتدي الكاكي العسكري ثمة ما يبرر لي فشل مسعى الكتابة عن الأوضاع خارج السجون فإذا بالأوراق تتقطع طلبا للكتابة عما وراء الأسوار..
السجناء مواطنين كانوا أو مقيمين أو عابري شواطئ الشتات هم اصحاب حق انساني وأول حقوقهم أن لا تصادر حرياتهم الا وفقا للقانون ..لكن هذه الحقوق ليست بسهولة تناول تمر الفطور وإنما بصعوبة العدالة عندما تغمض عينيها..!
السجن الذي يضم داخله ضعف طاقته الاستيعابية تغليظ غير قانوني لعقوبة السجناء..والسجناء الذين تصادر حرياتهم لمجرد أن القاضي في اجازة أو مضرب أو لا يخاف الله يستحقون الانصاف والتعويض ويثيرون السؤال كيف يمكن للسجين أن يخرج من محبسه صالحا وليس أكثر نزوعا الى الجريمة والانتقام من المجتمع.
حسب التوصيفات القانونية هناك تصنيف للسجناء.. سجين رهن التحقيق ،سجين رهن المحاكمة، سجين رهن التنفيذ ،وسجون خاصة بالنساء والأحداث ،ومصحات نفسية فهل اخذتم سادتي القضاة ووكلاء النيابة ومأموري الضبط ومصادري الحريات هذه الامور بعين الاعتبار؟ أخشى أن تكون الإجابة بسخرية ذلك المحامي الفاجر الذي طالب ببراءة موكله بحجة أنه بعد أن قتل والديه أصبح يتيما.
والى هؤلاء من اصحاب القرار الذين طالما صدعوا الرؤوس وهم على الرصيف بمصطلحات دولة الشعب أم شعب الدولة..دولة القانون أم قانون الدولة..قانون القوة أم قوة القانون ..فضلا انظروا الى السجون فليس بينكم من يعرف ما تجري به المقادير بدليل أن في سجون العالم من تمتعوا بسمعة يغار منها الطبل..
لقد قلتها ضمن كثيرين ..حصّنوا القاضي حتى لا يفتح جيبه للحرام ،وساعدوه على أن يحقق العدل ولا يخضع للعاطفة والميول واضمنوا أمنه حتى لا يتأثر عمل القضاة في المحاكم..لكن القضية تفرض على القضاء اليمني أن ينصلح من داخله فلا يقع أهل القضاء والنيابة في الهوى والميل أو الإهمال لأوجاع المظلومين داخل السجون.
ثمة سجناء كثر يشتكون تأخر استلام صور الأحكام الصادرة عليهم ما يعطل حقهم في الطعن والإستئناف..وهناك من يقبعون وراء الأسوار لمدة طويلة رغم أنهم غير محكومين..وهناك خلط في الإقامة بين سجناء خطرين(قتل ومخدرات وإرهاب)وبين مسجونين على ذمة ديون أو حادث مروري وهناك مسجونون بلا قاعدة بيانات وهو ما يفسر حديث مسؤولي السجون عن فرار سجين مجهول الاسم كما حدث في غزوة اقتحام السجن المركزي بصنعاء..ولا اتحدث هنا عن قصور التطبيب وضعف الوجبات وما إلى ذلك من الأمور التي طالما دفعت مسجونين الى الانتحار.
وحيث وقد تعددت صور المتاجرة بالأوجاع لدوافع سياسية في انتاج اعمال تتحدث عن سقوف الحرية المرتفعة والكرامة التي ليس لها جدران فإن من الواجب التذكير بخطأ أن لا يكون للعنابر وجدران السجون أي رعاية أو كرامة.
عندنا لجنة عليا للسجون وعندنا أفكار تحاول النظر الى المعسرين ماليا ولكن هل يجوز أن تتحول الفكرة الى مجرد الزيارة للسجون مرة واحدة في العام وهل أحوال السجناء تحتمل مضاعفة العقوبة بهذا الأداء القضائي والاداري والأمني المتكلس؟
وما دام ابليس خارج السجون يلعب البلياردو فيضرب التماسك المجتمعي ويثير المزيد من الفساد والفوضى والمواجهات بضربة واحدة فعلى الأقل لنفعل داخل السجون ما فشلنا في تحقيقه خارجها .