صنعاء نيوز - أي قوة/طرف يرغب في الوصول إلى القواعد الشعبية وتوسيع دائرته الشعبية فأن كل ما يجب عليه فعله هو مسايرة المزاج العام للشعب وعدم التصادم معه حيث أن رفع أجندة تنسجم مع المزاج العام للشعب تدفع في الأفراد الأقل وعياً إلى أن ينجروا خلفه إما بعلم أو بدون علم لان كل همهم هو أنهم قد وجدوا من يساندهم في رأيهم ويعزز بثقتهم في أنهم على جادة الصواب في خط سيرهم. وفي عالمنا العربي يتضح لنا جلياً أن القوى التي تتخذ الغطاء الديني في تحركاتها هي التي تستخدم هذا الأسلوب.
.
هذا تماماً، في معتقدي، هو ما يفعله الحوثي أو ما بات يعرف الأن باسم "أنصار الله" وانا أعتبره هنا كنموذج للقوى ذات الغطاء الديني التي تنجح في استغلال المزاج العام للشعب. أول لقاء لي مع أفراد وقيادات الحوثي كانت في ساحة التغيير، ولقد تعاطفت معهم في البداية لانهم عرضوا أنفسهم في الساحة كضحايا للنظام السابق خلال الحروب الستة التي دارت رحاها في مناطق من محافظة صعدة، هذا الإظهار المتعمد لجرائم النظام السابق في حق الحوثيين كان المقصود منه هو التماشي مع المزاج العام الذي كان ينادي ويجهر بالصوت بما مدى قبح وطغيان وظلم النظام السابق ولقد بذل الحوثي مجهود عظيم في إظهار مدى قبح النظام السابق وأستطاع أن يستميل فئات من الشباب المتظاهرين في الساحات. واليوم نجد أن الحوثيين يقدمون الاعتذار عن أي تجريح لرئيس النظام السابق كما أن النظام السابق أصبح هو الحليف الرئيسي للحوثيين! ومع هذا لم يستوعب الشباب التناقض في مواقف الحوثي في هذه الواقعة.
.
وأريد أن استعرض هنا بعض موجات المزاج العام للشعب التي أستطاع الحوثي أن يستغلها لصالحه ويمحورها لتصب في مصلحته بعلم أو بدون علم عامة الشعب في ذلك الوقت، ويمكن أن نبدأ بموقف الحوثي من "شعار لا حزبية ولا أحزاب" حيث أنه رفع الشعار ليتماشى مع مزاج الشباب في ذلك الوقت بالرغم من أن الحوثي كان يسمي نفسه "جماعة" والجماعة هي نوع من انواع التحزب. ويمكن أن نستعرض هنا أيضاً موقف الحوثي من المبادرة التي أخرج المسيرات تلو المسيرات لمناهضة المبادرة ورفضها ليتماشى مع المزاج العام للثوار في ذلك الوقت ولكنه ما لبث أن عاد وأنخرط في المبادرة الخليجية وسار في قافلة المبادرون. ويمكن أن نذكر هنا أيضاً موقفه من الحوار والحكومة الانتقالية والانتخابات الرئاسية والقضية الجنوبية مروراً بفساد الحكومة وصولاً إلى الجرعة.
.
المتابع لخط سير الحوثي يستطيع أن يعرف من الأن أن الحوثي سيتراجع عن شعاره المرفوع حالياً، وهو شعار إسقاط الجرعة، وسوف يخون كل هؤلاء الأفراد من الشعب الذين خرجوا معه تحت هذا الشعار بدون وعي منهم ان الحوثي يستغلهم كأداة مؤقته للوصول إلى هدفه ولا يعيرهم أي اعتبار لأنه يعلم أن ذاكرة الشعب المثقوبة سوف تنسيهم ما خرجوا من اجله أصلاً وسيستطيع أن يشغلهم بمواضيع أخرى ويسيروا خلفها بمجرد وصوله إلى هدفه المرحلي الذي يتمثل هنا في فرض وجوده في وزارات قوية في الحكومة القادمة.
.
أنا لا أستطيع أن اخاطب الشعب اليمني ولكن أستطيع أن أخاطب رفاقي السابقين في درب الحزب الأشتراكي ورفاقي في درب الثورة الشبابية، أود أن اقول لهم أن لا ينخدعوا بالشعارات الوهمية التي ترفعها بعض القوى فيكفينا أن نكون عرضة للاستغلال من هذه القوى التي لا ترى فينا إلا أدوات من أجل تحقيق غاياتها القذرة. يجب أن نعي أن من يساعدنا على الخروج من المستنقع الأن قد لا يكون بالضرورة منقذ لنا بقدر ما يؤجل هلاكنا ليوائم أهداف تتفق مع اجندته. ويجب أن نتذكر أن الأساليب التي يستخدمها الحوثي هي نفس الأساليب التي تستخدمها باقي القوى ذات الغطاء الديني في اليمن وظهور الحوثي كمعارض لبعض تلك القوى يجعلني أتذكر قول الشابي حين قال لا عدل إلا إن تعادلت القوى وتصادم الإرهاب بالإرهاب. |