صنعاء نيوز/بقلم أحد مواطنيه -
فخامة الأخ الرئيس هادي، في البدء قد تسأل من أنا؟
حسناً، أنا أحد مواطنيك البسطاء، أنتمي إلى حزب الشعب العريض حيث الكثير الكثير من جماهير الفقراء الطيبين، يسكنني حب اليمن، وأشعر أني معنيّ بحكم مواطنتي وحكم مسؤوليتك أن أعبر لك عن صادق مخاوفي وأن أسألك، هل بإمكانك أن تكون بطلاً؟!.
صدقني كانت الكتابة إليك هي الطريقة الوحيدة التي سأتمكن بعدها من النوم قرير العين، حتى وأنا أعلم أن احتمالات قراءتك لأسطر هذه الرسالة شبه مستحيلة، أو لنقل كاحتمال أن يصدق شركاء الحوار لمرة واحدة وأخيرة في نياتهم وأفعالهم للنجاة بهذا الشعب المسحوق بين براثن صغائرهم ودمامة ضغائنهم التي لن تستنكف أبداً من تجريع التراب الوطني مزيداً من الدم والدمع والكوارث.
سيدي الرئيس، كنت صادقاً حين انتخبتك، كان كلي أمل أن تتمكن من إنقاذ الشعب من ورطته، أن تعبر به إلى ضفة المستقبل، خرج الكثيرون مثلي وهم بالملايين وهاجسهم كان تقريباً نفس ما كنت أشعر به.
خرجنا للتصويت لك وحيداً، لابد أنك تذكر ذلك، نريد وطناً لا تتنازعه حراب الغرماء، وطناً خالصاً لأهله لا لقوى الفساد وأحزاب الفرقة وعصابات الإجرام.
كنا نحلم ولا نزال، بوجود دولة قوية عادلة ذات حزم وعزم ليس أكثر، دولةٌ الغلبة فيها لسطوة القانون وهيبته، هل كان ذلك بالشيء الكثير، هل ترانا شططنا في الحلم؟ أبداً، شعبك يستحق ذلك، وأكثر من ذلك.
سيدي الرئيس، سأقفز هنا على كثير من التفاصيل التي لا يكمن فيها الشيطان بقدر ما تكمن فيها مواجعي.
سأصارحك بصدق وود، فما بات عليه الوطن لم يعد يحتمل السكوت عنه ولا المراوحة في المواقف، المسألة جد خطيرة والمؤشرات مرعبة، ولا بأس سأسألك في البداية هل لديك تقدير حقيقي للموقف؟!
سأفترض أنه لم يكن سؤالاً محرجاً وأنك في الحقيقة على اطلاع، وأن مستشاريك الأقربين لا يتركون لك شاردة ولا واردة إلا أحاطوك بها علما، ومع ذلك أظنك ستأبه أيضاً لما سأقوله هنا ولما سيقوله غيري.
فخامة الرئيس، إنها نذر الحرب القذرة تلوح كأبشع كابوس تراه صنعاء، طبولها تقرع، وعلى الجانبين منها هناك قتلة جاهزون، وهناك قتلة يستعدون، وبينهما شعب غارق في حيرته، في انتظار أن تنهش لحمه الطيور الجارحة، أو على أمل في مجيء من يخلصه من مغبة الارتماء على أحد الجانبين قاتلاُ أو مقتولاً.
سيدي الرئيس، صنعاء توشك أن تعانق مكرهة أسوأ أقدارها، وهل هناك أسوأ من أن ينعق على أطلالها طائر الخراب؟!.
وهل هناك أتعس من قدر قد تجد نفسها فيه وقد أصبحت حلبة رومانية كبيرة يطل عليها من بعيد أباطرة العالم الانتهازي ليستمتعوا بنوافير الدم الساخن، في الوقت الذي يكتفون فيه بإدانة الرصاص ودعوة القذائف المجنونة إلى ضبط النفس!.
نعم سيادة الرئيس، صنعاء تقف كالبلهاء من شدة الرعب، من يصدق ذلك؟! وصنعاء هي اليمن! وصنعاء هي رمزية ما تبقى للدولة من حضور!
الخطب جللٌ جللٌ سيدي الرئيس، صنعاء ستذبح تحت سمع وبصر شركاء الحوار جميعاً فلا تكن واحداً منهم، لا تكن أنت من يهديها للقتلة، كن أنت المنقذ وليس المشكلة، كن الحل وليس الخصم.
لا تهويل ولا توهم، إنها الوحوش تتأهب في أشكال وهيئات لا حصر لها، وأنا بكل صراحة ومعي خائفون ويائسون لا عدّ لهم أبحث عن بطل، بطل ينقذ صنعاء وينقذنا وينقذك أنت، ينقذك من نفسك ومن بطء حركتك.
أقلب الأمر وأتدبر الفكرة، وفي كل مرة لم يخطر على بالي سواك سيدي الرئيس، لا أدري هل هو لحسن الحظ أم لسوء التقدير؟ لا يهمني أن أعلم، أنا فقط أعترف لك في هذا المقام بالذي كان، ولندع الأيام لتشهد لك أو عليك.
لايعقل سيدي الرئيس أن نشاهد صنعاء وهي تتلفت يمنة ويسرة تتسول ملهماً يحثها على التشبث بالحياة ولاتجده، فلم لا تكون أنت هو؟
فالوضع على المحك، والعجلة التي لم تكلّ، ولم تملّ، وأنت تعدنا بأنها لن تعود إلى الوراء، مهددةٌ الآن ليس بالتوقف وحسب، ولكن بالغرق في دم الكثيرين من أبناء شعبك.
سيدي الرئيس أرجوك لا تشعر بالتعاسة أو بخيبة الأمل لأنك تلمس مستوى منخفضاً في ولاء أحد مواطنيك لك، صدقني أنا في كامل قواي العقلية بالتأكيد وولائي ، لكن إنها عاطفة الانفعال تجرفني فوق ما تتخيل!
قلْ هو الخوف، قل هو حال المتشبث بقليل من إكسير الأمل، لذا امنح تلعثمي الفرصة لتكتمل الفكرة.
لابأس، اعتبرني أقرأ نشرة أخبار التاسعة مساء وأنت تنصت، أو هب أنني مترجمك الخاص يتلو عليك رسالة من زعيم أحد الدول العظمى الراعية للصراع بين شركاء الحوار والنقار.
فخامة الرئيس، ليس هزلاً، ورب حاشد وبكيل ومذحج، صنعاء تواجه طبقاً للمؤشرات الراهنة احتمالاً ليس موجعاً ولا مزعجاً، كما لوح هولاكو الجديد، بل احتمالٌ مميت وكارثي، ما لم تتدخل أنت بصفتك البطل، بصفتك المخلص، بصفتك الرئيس الدستوري والشرعي والقاسم المشترك بين كل اليمنيين، والقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن.
أي نعم، القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، وبالطبع أراهن أنك اخترت بالفعل من خلال عملية إعادة هيكلة الجيش قادةً قلوبهم معك وسيوفهم معك، فهل فعلت؟.
سيادة الرئيس، نرجوك ألا تمنح السيد عبدالملك الحوثي فرصةً ليكون هو هولاكو وأنصاره هم المغول، ونرجوك ألا تمنح خصومه فرصةً ليجعلوا منك حصان طروادة، حتى إذا ما دخلوا أسوارها أحرقوك أو أغرقوك.
كن الرئيس اليمني المسؤول عن كافة شعبه، لا بأس يارجل، كن الدكتاتور حيناً أو أحايين، ما الذي يمنع أن تكون أنت أبانا الحنون بشتى مشاربنا، البر منا والفاجر، العاقل والسفيه ، تحمي فينا الدم وتسلم من جميعنا الذم.
سيدي الرئيس، هؤلاء الشعث الغبر، على أطراف صنعاء، مسلحين كانوا أو سلميين، وهؤلاء البسطاء الضحايا الهاتفين في مسيرات صنعاء وصعدة وعمران وتعز وإب وذمار، قلوا أو كثروا، إنهم جزء من شعبك لا يستهان به!
في اعتقادي أنه ليس ذنبهم أبداً أن هولاكو الجديد أو أياً كان اسمه وصفته هو من يقودهم ويتحدث باسمهم.
أنت مسؤول عنهم بالضبط كمسؤوليتك تجاه من خرجوا للاصطفاف ليس معك ولا مع الجرعة ولكن للاصطفاف في مواجهة أولئك الشعث اليائسين.
سأقرب لك المسافة أكثر، سيدي الرئيس وأقول إن الحل ليس في أن يقتل هؤلاء ولا هؤلاء.
بالتأكيد هناك من يريد أن يقاتل عن مآربه ومغانمه باسم الاصطفاف والدفاع عن صنعاء حتى آخر جندي في الجيش اليمني، وليس بعيداً - في المقابل- ولا فرية، أن هناك من يريد أن يسقط صنعاء بحثاً كذلك عن مغانمه وسلطانه حتى آخر جندي في الجيش اليمني!.
وبين الفريقين سيدي الرئيس سيكون هناك متربصون كثر، سيخلطون كل الأوراق، وفي كل الأحوال والظروف، إن وقعت الواقعة فلن تنجو صنعاء ولن تنجو العجلة!.
أخالك تحدثني عمن سينتصر!، أقول لك لا منتصر إن سفك الدم، وإذ يسفك الدم فلن يزهر سوى دماً إضافياً سيسفك لسنين تتابع، وستتعدد الرايات والشعارات، وسيتكاثر المماليك المرتزقة الملوحين بسيف الظاهر بيبرس، لذا ما من سبيل سوى أن تحفظ شعبك وتبرز فينا بطلاً.
للناس مطالب وهذا حقهم، وكونهم أتباعاً ومسلحين لا يعني أنهم الهلاك، كما لا تنفي تبعيتهم أنهم يفرضون أمراً واقعاً تحول إلى مشكلة تهدد السلم ويجب أن يلتفت إليها بجد ومسؤولية.
سيدي الرئيس، لابد من حل سلمي، ولابد أن تذهب إليه حتى النهاية، كيف ما كان، ستكون كلفته أخف، أما كيف يتحقق ذلك فدعني أهديك السبيل المضاء بنار خوفي وقلقي وحبي لبلدي ووطني.
لا يجب أن نحاكم النوايا ابتداءً، ولنفترض أن هولاكو صعدة هو غاندي العصر ونصير المظلومين، فليكن، هذه المشكلة سيدي الرئيس صارت مشكلة تعني كل القوى السياسية وتحديداً (المؤتمر وحلفاؤه والمشترك وشركاؤه) وعليها أن تجد مجتمعة حلاً ضامناً للمشكلة ينزع الغمة ويدرأ الشر.
ودعني أصدقك القول، فمنذ انتهاء الحوار تشكل واقع جديد، ظهر فيه لاعبون جدد وكان ينبغي التعامل معه على هذا الأساس وبسرعة، ليصبح الجميع بما فيهم الحوثيون والحراك الجنوبي شركاء في السلطة والمسؤولية وفق برنامج يكفل تنفيذ مخرجات الحوار بوضوح ودقة، ولكن لم يحدث ذلك لسبب في نفس المتسبب!
هذا مؤسف فعلاً، لكن الآن لا فائدة من البكاء على الجرة المكسورة، والأفضل أن نقوم بترميمها أو نصنع أخرى أحسن شكلاً ومضمونا.
سيدي الرئيس: لنعدد معاً الخيارات المتاحة، وليكن الأول هو، أن يجد الفرقاء سريعاً حلا سياسيا سلمياً توافقيا ترعاه أنت وتضمنه، وتشهد عليه الشعب والعالم، وهذا هو غاية المأمول لنمضي بعدها بالعجلة سالمة غانمة إلى ما بعدها.
وليكن الخيار الآخر أن يتعذر الحل السلمي ويتم التصعيد – وما ينبغي له أن يتعذر- فهل في هذه الحال ستقرر سيدي الرئيس مواجهة "الغزاة" من شعبك باعتبارهم الفئة الباغية أم لا؟
إن قررت أن تتصدى بالجيش والأمن لأي تصعيد فوضوي أو عنيف سيلزمك أن يكون معك اصطفاف قولي وفعلي من كل أطراف الحوار الغالبة دون مواربة ودون أن يغرك هتاف الإصلاحيين منفرداً، وساعتها لا بلاغ إلا بالله، لكن هل أنت ضامن لهذه الأطراف أن تنصرك؟َ!
الاشتراكي يقول إنه ينبذ ثقافة الحروب بشكل واضح ومثله الناصري وإلى ذلك يميل المؤتمر الشعبي في بيان للجنة العامة وهو حزبك!
لابأس سيدي الرئيس، من الجلي أنه سيخذلك الأغلب وسيقاتل بسيفك وشرعيتك الأقل منهم.
دعك من هذا، هل أنت واثق ابتداءً أن الرئيس السابق ورئيس حزبك سيقف معك؟ لنعترف أن الرجل بيده خيوط كثيرة للعبة، وفوق ذلك هو يشعر أنه مكلوم ومغدور به، والجميع خصومه بمن فيهم أنت!
أسألك هل سيتورع صالح عن أن يكون هو اللاعب الذي يحاول تسجيل هدف الفوز أو الراعي الرسمي لإذكاء لهيب المواجهة؟!
إن كنت واثقاً من دعمه لك فأنت صاحب كرامات ولاريب، في حين سيكون هو قديساً لا أقل منه، لأنه بمقدوره الترفع ببساطة عن الانتقام ولو معنوياً ممن أثخن جراحه وأودى بحكمه.
فلنعترف، هذا خيار خطير سيدي الرئيس ، أضف إليه أن معنويات الجنود ليست في المستوى، وأن البيع والشراء وارد في صفوف القادة، فالمال يفعل الأفاعيل.
زد عليه أن الخارج الإقليمي والدولي انتهازي وإن دان واستنكر، من دأبه أن يميل حيث مالت القوة على الأرض.
وحتى إن أزبد المجتمع الدولي وهدد سيأتي متأخرا ليجمع الأشلاء إلى قبر جماعي مساحته وطن بأكمله، ذلك هو ما يجيده الخارج، أنت لا تساوي عنده شيئا ذا بال ولا شعبك إلا بمقدار ما يستفيد منك.
ولولا فزاعة القاعدة والإرهاب لكان أغلب الظن هو ألا يعرف العالم أن هناك جغرافيا ممتدة وشعباً منحوساً اسمه اليمن السعيد.
قلت لك، سيدي الرئيس لا يوجد حل إلا أنت، ارم الكرة في ملعبهم، فإن فشلوا فلتتجاوزهم أنت، لا ترهن نفسك ولا شعبك لقوى بائسة وجبانة ومتهافتة وغدارة.
تجاوز الجميع بمن فيهم حزبك، أنت الرئيس لكل يمني وتملك صلاحيات دستورية، وأمامك خيارات كثيرة لتكون البطل والبطل فقط.
إليك المقترح، أمهل كل الأطراف أسبوعاً أو أسبوعين، إن اتفقوا فبها ونعمت، وإن فشلوا وهو متوقع منهم، فشمر عن همتك أنت خاطب شعبك في خطاب مشهود اكشف له الحقائق، لتبدأ بسحب البساط من تحت أقدام الجميع.
ثم، أعلن حالة الطوارئ القصوى، وأقل الحكومة وأصدر قراراً رئاسياً له قوة الدستور يتضمن إقالة الحكومة، وحل البرلمان والشورى، وتعطيل العمل بالدستور والمبادرة الخليجية، وتشكيل مجلس عسكري برئاستك يتولى تصريف أعمال الحكومة والإشراف على تنفيذ عدد من الخطوات المزمنة تزميناً واضحا، منها كتابة الدستور والاستفتاء عليه وإجراء الانتخابات البرلمانية والدستورية.
أثق أن الشعب سيلتف حولك ويدعمك، والجيش سيكون طوع أمرك، ابحث عن دعم خارجي في هذا السياق فقط، وأصدر قراراً بوضع خمسين شخصاً تحت الإقامة الجبرية، بلا شك أنت تعرفهم جيداً.
سيدي الرئيس أنت قائد عسكري قبل أن تكون رئيساً، فهل أنت شجاع وقائد استثنائي بما يكفي لتنفذ انقلاباً عسكرياً لمدة عام أو عام ونصف العام؟ هل أستطيع أن أراهن عليك كبطل؟ هي مهمة صعبة ومعقدة، لكنها ممكنة وتحتاج إلى بطل حقيقي.
لن تتهم بأنك طائفي ولا سني ولا شيعي ولا مناطقي، سيقولون إنك حاكم عسكري نعم، انقلابي نعم، لكن لن يشكك أحد أبداً من سواد شعبك في أنك قمت بالخطوة المناسبة واللازمة لتخليصه من حفنة من ملوك الطوائف السفلة وأمراء الحرب الأنذال.
سيدي الرئيس: هل أراهن عليك لتكون بطلاً أم لا يزال لديك خيارات أخرى لا نعلمها ليس من بينها سفك دم أبناء شعبك أو الاصطفاف مع فريق ضد فريق!.
في كل الأحوال وفي كل خيار ستتخذه أنصحك مجددا ألا تركن إلى القوى المتناحرة والأحزاب البليدة العاجزة دهراً عن إشباع شعبها من جوع وتأمينه من خوف.
كن بطلاً سيدي الرئيس نفخر بك، كن ابراهام لنكولن العظيم ولا تكن غورباتشوف الذميم.
والسلام ختام.
المواطن/علي ربيع |