صنعاء نيوز/أروى عثمان -
"ذهنية المؤامرة وشيطنة الآخرين هي عقلية متخلفة ولا تتسم بالعقلانية وروح العصر".
( عبد الباري طاهر إثر موجة التحريض على بن مبارك )
**
آه وألف آه من هذا الشعب وعلى هذا الشعب !! أو كما تقول الجدات " يانا منه ، ويانا عليه !!" .
عشنا يومين محمومين كأنهما سنين ، مع قضية الدكتور أحمد بن مبارك عقب تكليفه رئيساً للحكومة ، غرقنا في لجة انسعار الهيجانات ، وانفلات الغرائز المتفجرة من شدة التعبئة بديناميت الكراهية والغل ، والعدمية .. لخص المشهد مقولة علي ولد زايد : " أمسيت في ظرف ليلة ، زاني ، وسارق وحلاف أيمان " والمثل الشعبي : " لو سقط الثور كثرين السكاكين " كناية عن الجوع المزمن وبدء الالتهام !!
لم ندرِ من هو الثور ، بن مبارك ، أم نحن ، أم الدولة ، أم مؤسساتها ومعسكراتها أم الجيش ، أم كل ذلك !! فالثور الذي كان إلهاً وعبدناه ، أسقطناه أضحية نتلذذ بأكلها كل يوم .
كشف تكليف د. أحمد بن مبارك ، أننا أمام غائلة غرائز طفي ..لصي تشتعل بالأتباع أكانوا من "بعض" النخب أم العوام من 2011-2014 ، ومفتاحها بقبضة الثلاثي القاصف: الزعيم ، الشيخ ، السيد .. زعماء "الثورة الشعبية" حسب زعمهم ، وماهم إلا " تناوير" ومحارق تهييج غرائز الانتقامات والثارات ، البضاعة الرائجة في مجتمع الفرغة والفرجة معاً لتتوظر " الحكمة يمانية والأيمان يمان ، والأرق أفئدة " سهاماً قاتلة مرتدة في صدر المواطن اليمني : الضحية الأول والأخير.
انسعار خرج من بطون الأدغال .. وكأننا في حضرة وليمة كهنة بلونا ، "عندما يخرجون في أيام محددة من العام بملابسهم السوداء ويحملون البلطة ذات السلاحين ، وعندما يرتفع ضجيج الطبول يمزقون لحوم بعضهم البعض حتى يصلوا إلى حالة من الهذيان " ، لم نختلف عن ذلك المشهد ، ففي وليمة بن مبارك ، كل حضر بسيفه ، بندقه ، سكينه ، عصاه ، دبابته فائض تقيحات اللسان ، .. الخ وليمة مجانية لضحية مجانية في ظل تهتك الدولة .. وانفلات الغرائز لما قد سبق قوله في خطاب متفجر عممه القائد الإلهي لمليشياته ، ب : عميل للسفارات الأمريكية وخادمها في مؤتمر الحوار الوطني ، يدير خلية استخباراتية لصالح قوى خارجية ، يتلقى تقارير يومية ، يخضع الكثير من القضايا لمعايير طائفية اخوانية ، خائن لثورة الشعب اليمني لصالح ، علي محسن وحميد والسفارة الأمريكية ، عميل وضع اليمن تحت البند السابع ، كافر بثورة 21 سبتمبر العظيمة ، مهدد لاستقرار اليمن ووحدته وسيادته .. الخ وتساوق اساتذة الجامعة وقادة المجتمع في مسرح سلخ وتقطيع الضحية " وعلى عشرين يارعوي ، فتصفه ب"الفتال " ، ورئيس تحرير لصحيفة هامة يصفه " .... " !!
الله وأكبر عليك يا بن مبارك ، أنت كل هذا يا خطير ؟! وكنا نظنك انك مواطن مثلنا ، طلعت أبو الكوارث : الفقر والجوع ، والمرض ، وسبب سقوط عمران ، ودماج وسقيفة بني ساعدة ، وغرناطة ، وبغداد ، وموزمبيق ، وقائد اضطرابات بنما ، وقاتل الحسن والحسين ، نخاف أن تكون معاوية متنكراً ، فأين خبأت قميص عثمان وشعرة معاوية يا بن مبارك ياخطيييييييير؟!!
**
فأي سقوط أخلاقي مريع لهذا الشعب الذي يشغب فاتحاً منخريه ، وفمه المعكوم بالقات وترديد مايقوله "سيدي" و"شيخي" ، و"الزعيم "، فأي حلم نرتجيه منهم لإسقاط النظام والفساد ، ونشدان قيم الحرية والسلام ، والمحبة ، والتعايش والمدنية ؟!! أي قيمة إنسانية ترجى وداخل كل منا وحش يكبر يوماً عن يوم ، يفترس كل شيء أمامه من المسمار إلى الإنسان إلى الدولة ؟! نعم ، عن أي مدنية وعلمانية أيها اليساري والحقوقي والقانوني والسفير ، والشاعر ، والكاتب واستاذ علم المنطق والجمال ، ننشدها وأنت تصفق ، وتزبد برغوة وضيعة تنتهك انسانيتك أنت في المقام الأول ، فتصفق متهكماً لتداول صورة تضم بن مبارك مع ناشطات المجتمع المدني ، وأهم قاماتها في العصر اليمني الحديث ، الأستاذة رضية شمشير أول اعلامية في اليمن والجزيرة العربية ، فقبل أن تخلق كانت تناضل ضد المستعمر الإنجليزي ، وتتلقى العلم في أرقى الجامعات العربية ، وقبل أن تنزع "الحقاوة " وتتهجى ، كانت شمشير ، من أهم المدافعات عن حقوقك وحقوق الإنسان ..
هذه صورة من بين العديد من الصور التي اشتغلت عليها ثقافة "الطهشنة" وكرعت بما جوفها، فهل كنتم تعاقبون بن مبارك ، أم وجود النساء "الناشطات تحديداً" ، أم الحوار ، أم حجم الخراب الذي نعيشه ، فوجدتم الجدار القصير الذي تيممتم بترابه ثم قصفتموه ، و" ..." عليه ، أم كل هذا ؟!!
**
ما حدث ، يعبر عن ذكورة فائضة لعنف فائض ، في مجتمع الفرغة والفرجة المجتمع المدجج بالمنع والتحريم والقات والأمية والسلاح والمرض والجوع والتعصب والمليشيات ، والحشود وخطب "ياشعبي العظيم " ، في فقه ، كل هذا لا يستوعب تجمع رجال ونساء ، فالمرأة عورة ، وشيطان يقبل ويدبر ، وتبطل الصلاة ، وتقبل وتدبر في هيئة كلب وشيطان وحمار .. فعن أي ثورة مدنية تتحدث أيها الثائر الإلهي المزنجر بالبازوكا وباللجان الشعبية ، واحتلال المدن ، والمدارس ، والبيوت وغرف النوم والمؤسسات ، ونهب الجيش والمعسكرات ، وتقويض الدولة ، وحكمة " ما لفيته اقرطه" كحق إلهي .. فمن الطبيعي احتقار هذه التجمعات ، فمن أين لهم أن يدركوا أن بن مبارك الرجل المدني ، وتلكم النسوة نساء المدنية في الجنوب ، و أن مثل هذه التجمعات بديهية في السلوك اليومي لمدينة عدن وحواضر اليمن وريفها ، فالعقلية الكهفية حتى وإن استخدمت البرمجيات الأمريكية واليهودية ، فلن ترى في الصورة الرمز / والفعل إلا تلك العورة .
**
أحمد بن مبارك ، وأي مبارك يمني هو ضحية هذا الواقع المشروط بالفجيعة ، الذي تسيره وتوقفه خطبة متفجرة بالعنف والصلف ، فبازوكا لطفل في الشارع مصدقاً أنه يقود ثورة إلهية ، ويحرر الوطن ، ويرشد 25 مليون نسمة إلى جادة صوابهم ، بعد أن لوثتهم الخيانة وقلة الدين وأصبحوا عملاء لأمريكا وإسرائيل والدواعش والتكفيرين ! فلن نستغرب عندما نجد أي مجاهد متبرع يوجه بندقيته في صدرك بتهمة "عميل سفارات "و داعشي ..مثله مثل ذلك المتعصب الذي أغتال الكاتب "فرج فودة"وهو لا يعرف لماذا قتله سوى انه استمع لخطبة تحريضية من رجل دين ، أو كالذي قتل المهاتما غاندي وذهب إلى حبل المشنقة وهو ينشد : " للوطن الباقي : أرض الهندوس " !!
**
أخيراً :
من يوقف هذه الغائلة التي تجتاحنا باسم ثورة المسيرة القرآنية ، هذا الجنون المستشرس الذي لم يدفع ثمنه فقط بن مبارك بل وكل من ينتقدهم ، انهم يقصوفوننا ليل نهار ، تطاردنا صرخاتهم .. لقد تحولوا إلى مليشيات للملاحقة بشعار الصرخة ، والعمالة واستلام جوائز الغرب ، طائفي ؟ ماهذا التطرف والتحريض من القائد إلى الطفل ؟ !
إننا ندفع ثمن الفرز والتعصب والجنون ، لجماعة واحدة ، جماعات الإسلام السياسي بشقيها السني والشيعي ، إنهم يواصلون الجهاد بنا حتى آخر نفس في وطن يتسع للطغاة وشقاتهم ، ولا يتسع للمواطن فيه .
في خضم كل هذا كلنا مرشحون أمام غرائز طفي ..لصي لأن نكون أحمد بن مبارك مع فارق أننا لسنا مرشحين لرئاسة الحكومة !!
وإلا كيف تشوفوووووا ؟
– صحيفة الشارع |