صنعاء نيوز/علي احمد جاحز -
قد تبدو المرحلة في نظر الكثير من اليمنيين خطيرة و دقيقة وتحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تحكيم صوت العقل و الحكمة بعيدا عن كل المكايدات والتراشقات الإعلامية و السياسية نزولا عند مصلحة اليمن العليا و حسب ، وهي رؤية حريصة على اليمن و تستحق التقدير ، إلا أن الواقع يقول أن المرحلة هي مرحلة تعاف بعد عملية جراحية خطيرة و ناجحة في نفس الوقت وتحتاج بالفعل إلى اغتنام الفرصة و استثمار الجو الخصب و المهيأ للعمل والبناء و ترك المهاترات و المصالح الضيقة جانبا .
***
بعد ثورة 21 سبتمبر التي أفضت إلى توقيع اتفاق السلم و الشراكة صار لزاما على الجميع أن يستشعروا مسؤوليتهم الكبيرة في إخراج اليمن إلى النور، ليس بالشعارات والأمنيات بل بمقاربة الواقع ووضع اليد جوار اليد لأجل اليمن في معركته مع قوى الفساد والإرهاب اللذين أنهكا اليمن لعقود طويلة .
***
من المهم جدا في هذا التوقيت أن نتوقف قليلا و نراجع كل ما جرى ونبني على نتائجه أسسا سليمة للبناء والإنجاز غير مصغين لأي أصوات مرجفة سواء من الداخل أو الخارج ، فكل مستفيد من استمرار الفساد والإرهاب في هذا البلد لن يرى الحل إلا بعين مصلحته و لن يبادر إلى مساعدة اليمن إلا من خلال ما يمكن أن يكسب ، و هو ما يحتم علينا كيمنيين أن ننظر بعين مصلحتنا العليا و مصلحة شعبنا و وطننا التي قد تتقاطع مع مصالح الكثير من القوى المحلية والخارجية وقد تتصادم معها أيضا .
***
الرئيس هادي و الحكومة معنيون بشكل خاص بان يكونوا عند مستوى طموحات الشعب الذي ينتظر الخلاص و عليهم أن يتوقفوا عن التعاطي مع المسؤولية التي يحملونها بتردد ، ظانين أنهم بذلك يجنبون البلد الانزلاق في المشاكل ،لأنهم حين يستسلمون لقيود الاعتبارات و الالتزامات لغير الشعب و الوطن والمصلحة العليا سيغرقون البلد في المشاكل و ربما يفشلون ، لذا صار لزاما عليهم في هذه الظروف أن يضعوا أيديهم بأيدي الشعب و ممثليه من القوى الشريفة قبل أن يضعوا أيديهم بأيدي الخارج و أجنداته المشبوهة .
***
المسؤولية اليوم هي مسؤولية جماعية ليست حصرية على طرف بعينه أو مسؤول بعينه أو حتى على الرئيس و الحكومة فقط ، التنصل من المسؤولية ومحاولة لعب دور المعارضة السلبية أو بالأصح الكيدية ليس حلا في هذه الظروف و ليس فعلا وطنيا ، بل هو عمل كيدي يسعى لإفشال المساعي الأخرى وإعاقة من يريد أن يمضي في طريق التغيير والتصحيح فليس مبررا البتة أن يقف طرف يتربص بطرف وآخر ينصب الشراك وآخر يلفق التهم وآخر يحيك المكائد وآخر يبرر الجرائم وآخر يشكك في النجاحات ... الخ .
***
علينا أن نكون منصفين و صادقين مع أنفسنا ونقول للمحسن أحسنت و للمخطئ أخطأت و للناجح نجحت و لصاحب الفضل في إنجاز ما شكرا لك ، لأن ما حققته ثورة 21 سبتمبر من انجازات مثلا لا يزال يواجه بنكران وجحود الكثيرين وكأن محاربة القاعدة و مراقبة أداء مؤسسات الدولة شعبيا ومحاربة الفساد كانت أمورا هينة ومقدوراً عليها عبر مؤسسات وأجهزة الدولة حتى يصبح في نظر البعض القضاء عليها شعبيا مشكلة اكبر من مشكلة وجودها ، مع أنها في الواقع جهود يجب أن تقابل بالشكر والتقدير لأنها تهيء المناخ أمام الحكومة و الرئيس وأجهزة و مؤسسات الدولة المختلفة المدنية و العسكرية أن تمضي قدما في طريق البناء والتنمية والأمن الاستقرار ليس أكثر .
***
هذه اللحظات التاريخية التي تعيشها اليمن هي فرصة ثمينة لا ينبغي أن تضيع و تفوت كما ضاعت و فاتت فرص قبلها بسبب العناد و الكيد و الأجندات الخارجية التي سرعان ما تتخلى عن ادواتها أمام مقتضيات الواقع الذي تفرضه إرادة الشعب ، وبالمقابل أيضا علينا أن نتعلم دروسا من الماضي القريب ، فالخارج لا يساعدنا إلاّ بقدر ما يمكن أن نساعد أنفسنا في أحسن الحالات و بما لا يتعارض مع مصالحه ، و هو ما يحتم علينا أن ننظر بجد إلى مصلحتنا الجمعية و مصالح شعبنا العليا .