صنعاء نيوز/شنغهاي.ديفيد باربوزا* -
أنباء «شينخوا»، أبرز مؤسسة إعلامية إخبارية في الصين والذراع الإعلامية للحزب الشيوعي، قناة إخبارية باللغة الإنجليزية تعمل على مدار الساعة، وتستعد لافتتاح غرفة تحرير في تايمز سكوير، في إطار جهود لتوسيع نطاق نفوذ المؤسسات الإعلامية الصينية بالخارج.
وأعلن لي سنغجون، رئيس «شينخوا»، خلال مؤتمر صحافي في بكين في الآونة الأخيرة، أن «سي إن سي وورلد»، وهي القناة الإخبارية التي أطلقتها الوكالة، تعد جزءا من جهود حكومية لـ«عرض رؤية دولية من المنظور الصيني». ويعد هذا الإعلان المؤشر الأقوى حتى الآن على عزم الصين إنفاق مليارات الدولارات على مدى السنوات القليلة القادمة لخلق إمبراطورية إعلامية عالمية تكافئ قوتها الاقتصادية والدبلوماسية الصاعدة وتعرض وجهات نظرها بصورة أكثر فاعلية على جمهور دولي.
والمعروف أن المسؤولين في بكين دأبوا على الشكوى لفترة طويلة من أن الصين غالبا ما يجري تصويرها على نحو سلبي في وسائل الإعلام الغربية، وأن ما تعتبره الصين تغطية منحازة للأنباء يضر بمصالحها بالخارج.
وترمي القناة الإخبارية إلى توفير تغطية شاملة للشؤون العالمية، مع تناول القضايا التي تهم القيادة الصينية على نحو مباشر من المنظور الذي يراه القائمون على القناة مناسبا. وأعرب محللون عن اعتقادهم أن التوسع الإعلامي الصيني على الساحة العالمية يعد مذهلا لأنه يأتي في وقت عمدت خلاله الكثير من المؤسسات الإعلامية الغربية العملاقة إلى تقليص نشاطاتها في مواجهة انخفاض عائدات الإعلانات، وذلك من خلال إغلاق مكاتب لها وتسريح موظفين.
وفي هذا الصدد، قال أورفيل شيل، مدير «مركز العلاقات الأميركية - الصينية» التابع للجمعية الآسيوية في نيويورك والعميد السابق لكلية الصحافة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي «في الوقت الذي تتلاشى فيه إمبراطورياتنا الإعلامية تماما كجبال الثلوج في الهيمالايا، تتوسع الصين في إمبراطوريتها الإعلامية. إنهم يرغبون في الاستعانة بجميع العناصر المميزة للصحافة الموثوق بها، ويأتي وجودهم في مدينة نيويورك، وهو موقع أيقوني، في إطار ذلك».
وأشار مسؤول في «شينخوا» رفض الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالحديث إلى الصحافة، إلى أن «شينخوا» تخطط لبناء غرفة تحرير على قمة ناطحة سحاب مؤلفة من 44 طابقا في تايمز سكوير، مما يعطيها عنوانا بالضاحية نفسها التي توجد بها مؤسسات «رويترز» و«كوندي ناست» و«نيوز كورب» و«نيويورك تايمز».
وتعد هذه الخطوة من قبل «شينخوا» واحدة فقط من عدة خطوات مخطط لها. فعلى سبيل المثال، عمد التلفزيون المركزي الصيني، وهو أكبر محطة تلفزيونية مملوكة للدولة في البلاد، إلى التوسع في الخارج وعرض برامج بالإنجليزية والفرنسية والإسبانية والعربية ولغات أخرى. كما وفرت بكين تمويلا ضخما لعملية تجديد كامل في «تشينا ديلي»، وهي الصحيفة اليومية الرسمية الصادرة بالإنجليزية، وأصدرت نسخة إنجليزية من «غلوبال تايمز» الخاضعة لإدارة «بيبلز ديلي»، أبرز الصحف التي يديرها الحزب الشيوعي.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت الخدمات الإخبارية الخاضعة لإدارة الدولة ستتمكن من اجتذاب جمهور عالمي عريض أو تجني عائدات كبيرة في الخارج. وأعرب الكثير من الخبراء الإعلاميين عن اعتقادهم أن وكالات الأنباء الصينية رغم التحسن الذي يطرأ عليها لا تزال مفتقرة إلى المصداقية والتغطية الموضوعية، ويجري النظر إليها على نطاق واسع باعتبارها وسائل دعائية في يد الحكومة الصينية. من ناحيتها، قالت كلوتيلد لي كوز، مديرة مكتب واشنطن الخاص بمنظمة «مراسلين بلا حدود»: «وجهنا إليهم الكثير من الانتقادات لأنهم مجرد وسائل دعائية. وبالنسبة لتوسعهم داخل الولايات المتحدة، سنود التعرف على الشكل الذي سيأتي عليه هذا الأمر».
يذكر أن تقارير تواترت على مر السنوات حول وجود صلة وثيقة بين الوكالات الإخبارية الخاضعة لإدارة الدولة الصينية ووكالات الاستخبارات الصينية. مثلا، بدأت «شينخوا» عملها عام 1930 تحت اسم وكالة أنباء الصين الحمراء، وذلك حتى قبل وصول الحزب الشيوعي إلى السلطة عام 1949. ولا تزال «شينخوا» تعمل كمكتب إعلامي رسمي للبلاد، حيث تعلن عن تقارير حكومية وبيانات رسمية، وتحدد النبرة التي يتعين على المؤسسات الإعلامية الأخرى الخاضعة لرقابة شديدة الالتزام بها، والتي غالبا ما تصدر إليها تعليمات بإعادة نشر بيانات صادرة عن «شينخوا» في المناسبات الكبرى من دون تغيير.
وفي إطار إعلانها عن إطلاق القناة الإخبارية الناطقة بالإنجليزية، أعربت الوكالة عن أملها في طرح «رؤية أفضل للصين على المشاهدين الدوليين». وقالت الوكالة إنها ستحاول تحقيق ذلك عبر نشرات الأخبار بالإنجليزية وبث أحداث مباشرة عبر شبكة الإنترنت وبرامج حوارية وتقارير إخبارية تحليلية.
يشار إلى أن الوكالة لديها أصلا أكثر من 10 آلاف موظف و120 مكتبا في مختلف أرجاء العالم، وتنافس في المدى الذي تنتشر به، وإن لم يكن في مستوى الجودة، المؤسسات الإعلامية الإخبارية الغربية مثل «رويترز» و«بلومبيرغ». وقد شرعت «شينخوا» في الاستعانة بصحافيين غير صينيين من مختلف أرجاء العالم.
وأعرب أورفيل عن اعتقاده بأن الصين جادة في محاولة تصوير وكالاتها الإخبارية كمصادر أخبار موثوق بها ذات طراز عالمي. وأضاف متحدثا عن «شينخوا»: «رغم الجهود الجبارة المبذولة، فإنهم لا يرون أن الآخرين يأخذونهم على محمل الجد، ولا تقف الوكالة على قدر المساواة من حيث المصداقية مع مؤسسات عالمية أخرى. لكننا نقف على أعتاب المرحلة القادمة التي سيقدمون خلالها على شراء المؤسسات المتداعية من وسائل الإعلام العالمية».
* أسهمت كريستين هوغني في هذا التقرير من نيويور
* «نيويورك تايمز» |