علاء الريماوي - لم يصبر الرئيس الأمريكي أوباما على (زعل) إسرائيل الذي جاء عقب تصرف البيت الأبيض مع نتنياهو في الزيارة السابقة قبل ثلاثة أشهر لواشنطن والتي وصفت في حينها بالزيارة الأكثر إذلالا لمسئول إسرائيلي منذ قيام دولة الاحتلال .
المتابع لأجواء الحفاوة التي استقبل بها نتنياهو وعقيلته من إدارة البيت الأبيض وكم الصور والرعاية الخاصة في نزل بلير هاوس( المضافة الخاصة للرئيس إمام البيت الأبيض) جعلتنا نشعر بحجم الهدية الأمريكية السياسية التي ستقدم لنتنياهو والتي جاءت مؤشراتها من كم التصريحات والتحركات السياسية التي سبقت الزيارة والتي سنقتصر فيها على الملف الفلسطيني بدأ من كشف النقاب عن خلاصة التصور الفلسطيني للمسيرة السلمية والتي تقبل مبدأ تبادل الأراضي والإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية ، والحديث عن الحقوق الدينية لليهود في شرق المدينة المقدسة والتنازل عن حائط البراق ، وعن تمليك بعض أحياء البلدة القديمة في القدس العربية والقبول بالديمغرافية القائمة مع حديث مفصل عن اللاجئين وفق قاعدة مهمة هي حفظ مصالح إسرائيل في ما وراء الخط الأخضر .
هذا الحديث ترافق مع جولات أربعة مهمة لمستشاري نتنياهو لمصر أختتمت بلقاء براك فياض والتي سبقها تصريح مهم لمستشار أوباما في الشرق الأوسط والذي تحدث عن تقدم مهم في عملية السلام يؤسس الإمكانية لحدوث مفاوضات مباشرة .
برغم النفي المطلق من السيد صائب عريقات إلا أن الإدارة الأمريكية كانت تقوم بما هو أبعد من حديث المستشار الأمريكي دان حين حصرت التصور الأمريكي في حراك الشرق الأوسط في عين إسرائيل والتي قدم لها أوباما بعد ضيافة لم يحظى بها الملوك سياج أمان لملفها النووي الذي لن يفرض الأمريكيون على إسرائيل التوقيع على الميثاق ضد نشر السلاح النووي بل إنهم يفهمون وضعها الخاص:كما قال الرئيس الأمريكي "لإسرائيل احتياجات أمنية خاصة ولديها التزام كامل في الرد على هذه التهديدات. الولايات المتحدة لن تطلب أبدا من إسرائيل تقليص قدرتها على الدفاع عن نفسها".
هذا الحديث أضيف له تشديد غير مسبوق للعقوبات على إيران تمس بالبنية العسكرية والاقتصادية ، ولأهم مفاصل الدولة في إيران .
هذه البنود كانت الهاجس الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل والتي نجحت الزيارة في تذليله لتنطلق إلى ملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني والذي لمسنا انسجاما بين إسرائيل والولايات المتحدة في المحددات العامة لمشروع التسوية وخاصة في جانب الاستيطان والقدس والتي لم تعد نبرة الاشتراطات الأمريكية قائمة وهذا الذي حول نتنياهو إلى رجل السلام القوي كما وصفه أوباما .
الصحافة الإسرائيلية في الأيام الماضية تحدثت ومن خلال مصدر مقرب لنتنياهو عن زيارة تاريخية مهمة، تنتظر الأخير وحين والحديث عن الجوانب المهمة في الزيارة كان التلميح حول إنجازات في الملفات الثلاث التي ذكرنا ، لكن الغموض ظل سيد الموقف في الملف الفلسطيني والذي يمكن إجمال الإنجاز الإسرائيلي فيه في زيارة نتنياهو من خلال التالي .
1. جسر الفجوة بين التصور الأمريكي للدولة الفلسطينية المستقبلية والتصور الإسرائيلي الذي يتفق على أن القدس هي ملك إسرائيل مع حقوق العبادة للديانات ،والإدارة المدنية في الأحياء العربية للفلسطينيين .
2. القفز عن موضوع غزة والأزمة التركية والحصار، والاكتفاء بورقة نتننياهو عن البضائع المسموح الدخول بها لغزة مع توجيه الضغط على الحماس من الدول العربية المحيطة .
3. حل مسألة اللاجئين من خلال رؤيا أمريكية تركز على التوزيع والتوطين والتعويض بحسب قدرة الاستيعاب في الدول صاحبة الشأن وخاصة الأراضي الفلسطينية في حدود مناطق السلطة الفلسطينية .
4. لتحقيق الرؤية الأمريكية سيتم التوجه نحو المفاوضات المباشرة والتي سيسبقها كم من العطايا الإسرائيلية على شكل تسهيلات شكلية والتي لخصها فياض في لقائه مع باراك مضافاً إلى ذلك تفاهم حول الاستيطان الهادئ في القدس ومناطق الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية .
5. فتح الأفق العربية لعلاقات مهمة مع العرب وصولاً للتطبيع الكامل .
هذه الخماسية الأمريكية تطمح إسرائيل في عهد حكومة اليمين بواحدة منها هي العودة لمفاوضات مباشرة طويلة الأمد تؤسس من خلالها لبرنامج أريد له أن يعيد الاعتبار للدور الإسرائيلي في المنطقة وتجميل ما يمكن تجميله من صورتها القبيحة في العالم .
الواقع العربي الرسمي ومنهجية السلطة القائمة تساهم في نجاح المخطط الإسرائيلي وتعطي زيارة نتنياهو ثقلاً تاريخيا مهما في وقت تعيش إسرائيل في مأزق حقيقي .
لكن ثمة حساب آخر يعد معضلة التخطيط على الورق الأمريكي الإسرائيلي والذي نشاهده اليوم قويا في أفغانستان وغير هادئ في العراق ، وغامض في لبنان وغزة .
هذه المعضلات الأربعة إذا أضيف لها ردة فعل إيرانية والتصعيد القائم مع تركيا ، ستؤسس لتحولات تاريخية على أرض من خلال جبهة نار محتملة تحرق الأوراق وتؤسس لخارطة جديدة نأمل أن تناسب الحلم العربي الغائب . |