shopify site analytics
بيان صادر عن القيادات القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بشأن سوريا - ‏كيف يقدّم الحوثيون طوق نجاة أخلاقي لإسرائيل؟ - خروج مليوني بالعاصمة صنعاء في مسيرة "ثابتون مع غزة العزة - جامعة ذمار تنظم وقفة احتجاجية تنديداً بالجرائم الصهيونية - مسيرة طلابية لطلاب كلية الطب بجامعة ذمار - نزلاء الإصلاحية الاحتياطية بمحافظة صعدة ينفذون وقفة تضامنية مع غزة - تفقد وكيل مصلحة الجمارك سير العمل بمكتب ذمار - اليمنية تؤكد استمرار رحلاتها عبر مطار صنعاء - وزير النقل والأشغال بصنعاء: سيتم استئناف العمل بمطار صنعاء وميناء الحديدة اليوم - 7 شهدا حصيلة العدوان الصهيوني على اليمن -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - الدكتور عادل عامر

الأحد, 29-مارس-2015
صنعاء نيوز/الدكتور عادل عامر -
أن التحولات الدستورية الكبرى فى مختلف دول العالم كانت تستهدف تحقيق العديد من الأهداف من بينها تكريس العدالة الاجتماعية. وتطرق البحث إلى صعوبة تحديد مضمون العدالة الاجتماعية على نحو دقيق ؛ ذلك أنه كما أن البعض من عناصرها تستند إلى نصوص دستورية صريحة ، فإن البعض الأخر يتوزع فى نصوص أخرى تتناولها ضمناً ، وانتهى الباحث إلى أن الحماية الدستورية للعدالة الاجتماعية تفترض أولاً تكريساً دستورياً لفكرة الحقوق الدستورية ، وتساءل ما إذا كانت العدالة الاجتماعية تعد مبدأ دستورياً ، أم هى مجرد هدف دستوري ، واعتبر الباحث أنها مبدأ فى بعض الأحيان ، كما حال المجال الضريبي ، وهدف فى أحيان أخرى كما حال المجال الاقتصادى ، وأضاف أن فكرة التضامن الاجتماعي تعد المكون الأساس للعدالة الاجتماعية .
ان بيان تفصيل عناصر العدالة الاجتماعية، والحقوق الدستورية التي كرسها الدستور فى هذا الشأن مثل الحق فى العمل والأجر العادل والتعليم ، والتأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات الشيخوخة والبطالة ...إلخ ، وأبان أن التكريس الدستوري لهذه الحقوق لا يعنى اكتمال الحماية الدستورية لها ، إذ أن النصوص المتضمنة لها تعدو مجرد إطار للمشرع ، على نحو يظل المشرع متمتعاً بسلطة تقديرية واسعة فى نطاق تنظيمها ، كما أن كفالتها تفترض تدخلاً إيجابياً من الدولة ، بخلاف الحقوق الأساسية . ثم ثنى الباحث على معالجة تطبيقات مبدأ العدالة الاجتماعية موضحاً القيمة الدستورية لها ، وكيف انه فى حين تبنت المحكمة مفهوماً واسعاً لفكرة العدالة الاجتماعية فى مجال الضرائب فاستغرقت بذلك المبادئ الواردة فى النصوص الدستورية الأخرى بالإضافة لما ورد فى المادة 38 من الدستور، فإنها عدتها فى المجال الاقتصادى غير ذات مضمون محدد ، بل إنها مجرد تطبيق نموذجي للأهداف الدستورية ، وأن العدالة الاجتماعية لا ترتبط بنظام اقتصادي معين ،فيمكن تحققها فى ظل أي من النظام الاشتراكي أو نظام اقتصاد السوق و أن مبادئ المحكمة تناولت كل من :
أ- وعاء الضريبة ، ب- أهداف الضريبة ، ج- خضوعها لمبدأ التناسب وعدم المغالاة ، د- ضرورة الالتزام بالتوقع المشروع كمظهر من مظاهر الأمن القانوني .
وفى شأن وعاء الضريبة أوضح الباحث أن المحكمة الدستورية تبنت فى شانها وجوب توافر عدة ضوابط ، أولها: تقديره على أسس واقعية مع تحديده بدقة ، وثانيها: عدم جواز الانفصال بين دين الضريبة ووعائها ، وثالثها: لزوم فرض الضريبة على الدخل لا على رأس المال ، ورابعها: حظر فرض ضرائب على حقوق يفترض أن تخلص لأصحابها .
أما من حيث الالتزام بأهداف الضريبة وغاياتها ، فقد بينت الورقة أنه بالرغم من ثبوت حق الدولة ، دستوراً ، فى اقتضاء الضرائب ، فإن هذا الحق مقيد بالاحتياجات الداعية لإنشاء الضريبة ، وهو ما يناقضه أن تستهدف الضريبة محض تكوين حصيلة لسد عجز قائم ، لارتباط ذلك بتحديد مضطرب لوعاء الضريبة ، إذ تتزاحم فيه اعتبارات موضوعية وأخرى أقرب للتحكمية ، كما تتجاوز الضريبة أهدافها ، كذلك ، إذا كانت آثارها ، ولو العرضية ، لا تقوم على أسس موضوعية ، بما يفقدها سمة العدالة الاجتماعية .
ومن المبادئ التى دشنتها أحكام المحكمة الدستورية العليا المصرية مبدأ وجوب خضوع الضريبة للتناسب وعدم المغالاة ، وتمثل ذلك ، على وجه الخصوص ، فى لزوم تناسب جزاء التخلف عن الوفاء بالضريبة وعدم الغلو فيه بحسبان ضرورة ارتباط النصوص القانونية ، عقلاً ، بأهدافها ، بوصفها وسائل ملائمة لتحقيق أغراض مبررة ، وكذا ضرورة عدم المغالاة فى معدل الضريبة حماية لمصلحة الدولة والممول فى ذات الآن .
وفى خصوص ضرورة الالتزام بالتوقع المشروع كمظهـر من مظاهر الأمن القانونى ، أوضحت الورقة أن أحكام المحكمة توزعت على محاور ثلاث ، الأول: استحالة توقع ضريبة فرضت بأثر رجعى ، الثانى : عدم دستورية المطالبة برسوم تكميلية غير مقدرة وقت إجراء التصرف ، والثالث :وجوب استبعاد التقدير الجزافى لدين الضريبة .
أن النص ، فى المادة الرابعة من الدستور بعد تعديلها سنة 2007 ، على العدالة الاجتماعية كأساس يقوم عليه الاقتصاد ، وفى ضوء التحول إلى اقتصاد السوق الحر ، يجعل من العدالة الاجتماعية صمام امن للمجتمع كله ، ليس فقط من أجل الحفاظ على حق الطبقات الضعيفة والمهمشة اقتصادياً ، بل هى ضمانة تحول دون انفجارات اجتماعية تودى بالكافة .
أن العدالة الاجتماعية تعد من أهم المبادئ التى تضمنتها الدساتير المصرية الحديثة منذ صـدور دستور سنة 1956 وحتى الدستور القائم ، واستعرض النصوص الناصة عل هذا المبدأ فى تلك الدساتير ، وأجاب البحث على تساؤل مداره مدى التزام القاضى الدستورى بالنصوص الدستورية التى اعتنق فيها المشرع مذهباً فكرياً أو أيديولوجياً بعينه عند إعماله الرقابة الدستورية على التشريعات المختلفة ؟ مبيناً اتجاه المحكمة الدستوري فى ذلك الشأن ، مستدلاً بحكمها الأشهر فى شأن إقرارها دستورية النص فى قانون قطاع الأعمال العام على جواز بيع بعض وحدات القطاع العام ، موضحاً ، فى الحين ذاته ، توزع الفقه الدستوري بين اتجاهين ، الأول : يرى إلزامية هذه النصوص للقاضى الدستورى ، فى حين يذهب اتجاه ثان إلى أن هذه النصوص يجوز للقضاء أن يفسرها تفسيراً مرناً وذلك وفقاً للظروف التى تسود كل فترة تاريخية ، ودون ما حاجة لتدخل من جانب المشرع الدستورى لتعديلها ، وانتصر الباحث إلى الرأى القائل بجمود الدستور وما يفرضه من وضع ضوابط على المنهج العملى فى تفسير الدستور بما لا يؤدى إلى الخروج على المعنى الواضح والصريح لنصوصه .
ان تطبيق المحكمة الدستورية لمبدأ العدالة الاجتماعية فى مجال الضرائب والتكاليف ، فخُصِصَ لاستعراض أحكام المحكمة الدستورية العليا فى مجال الضرائب من خلال الأحكام التى قضت بدستورية بعض النصوص كنص المادة 41 من القانون 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة العامة على المبيعات ، والفقرة الثالثة من المادة 32 من ذات القانون ، وتلك التى قضت بعدم دستورية البعض الأخر ، كالحكم الصادر بعدم دستورية المادتين 3 مكرراً و3 مكرراً (ب) من القانون رقم 107 لسنة 1976 فى شأن ضريبة الأراضى الفضاء ،والقانونين 229 لسنة 1989 و208 لسنة 1994 بفرض ضريبة على مرتبات العاملين بالخارج ، وغير ذلك من القوانين الضريبية ، وكذلك أحكام تلك المحكمة فى مجال الرسوم ، كالحكم الصادر فى شأن البند ج من المادة 21 من القرار بقانـون رقم 70 لسنة 1964 فى شأن رسوم التوثيق والشهر ، والحكم الصادر فى خصوص المادة 75 البند ج ثانياً من القانون 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ، مستخلصاً نهج المحكمة فى هذا الصدد والمبادئ التى قررتها .
ان قيام المحكمة الدستورية العليا لتفسير مبدأ العدالة الاجتماعية عند تفسيرها أحكام الدستور ، أولها :ربط المحكمة أحكام الدستور فى إطار من الوحدة العضوية وتفسيرها تفسيراً مرناً وسعت به من مفهوم مبدأ العدالة الاجتماعية ، وثانيها : أن المحكمة لم تكتف بذلك بل فسرت مبادئ دستورية أخرى ، كمبدأ المساواة ، فى ضوء مبدأ العدالة الاجتماعية ، إذ أقامت مبدأ المساواة على أساس من فكرة العدل والسلام الاجتماعى ، وهو ما أسهم فى توسعة تطبيقات مبدا المساواة ، وثالث الملاحظات :أن المحكمة ربطت بين مبدأ العدالة الاجتماعية ، بالمفهوم الواسع الذى تبنته ، وبين حماية الحق فى الملكية ، وطبق هذه المفاهيم جميعاً من خلال قضاء المحكمة فى شأن مبدأ الأجر العادل ، وباعتبارها أساسا للتضامن الاجتماعي ً.
خلاصة :
يمكن أن نخلص إلى ما يلى :
1- أن الحقوق والحريات السياسية ، على مستوى التنظير ، تكاد أن تتطابق فى كافة الأنظمة القانونية فى شتى الدول ، بحيث يمكن القول بأنه أضحت شأناً عالمياً ، وهماً دولياً ، فجل ، إن لم يكن كل ، الوثائق الدستورية تتبنى عبر نصوصها المتعددة ، ذات الحريات والحقوق السياسية الأساسية ، كحرية التعبير ، وحرية الاعتقاد ، والحق فى المساواة وحرمة الحياة الخاصة والحفاظ على سلامة الجسد وحق التقاضى ....إلخ .
2- وجه التمييز بين هذه الأنظمة الدستورية المختلفة ينحصر فى مدى التقدم على مستوى تطبيق النص الدستورى على أرض الواقع ،وذلك عبر تفاعل النص المطبق مع معطيات متعددة المستويات ؛ من بينها الواقع المجتمعى ، والمعتقد الأيدلوجى ، والظرف التاريخى ، والموروث الثقافى ، وسائر العوامل السياسية والاقتصادية ، ومع الأخذ فى الحسبان اعتبارات الفوارق الفردية والخصائص المميزة لكل مجتمع على حدا .
3- أن التطورات التى طرأت على الأنظمة القانونية والسياسية أفرزت طرحاً حديثاً لمفهوم حقوق الإنسان ، وهو طرح آخذ فى التشكل والتغلل ، مؤداه أن الحقوق والحريات الأساسية ، قد أضحت مستعلًية على المبادئ الدستورية ذاتها ، فلا يمكن للأخيرة أن تنفك عنها ، أو أن تحيد ، بحيث تعد تلك الحقوق والحريات جزءاً من النظام الدستورى الحاكم ولو لم يُنص عليها صراحة فى الوثيقة الدستورية ، مما يتعين معه تطبيق مضامينها وتحقيق مراميها ولو بغير نص . كما لا يتصور ، كذلك ، أن يُنص على ما يناقضها فى أى وثيقة دستورية ، بما يمكن معه القول أنه قد أضحى هناك ما يعرف بالمبادئ فوق الدستورية ، بدأت فى التكون والترسخ ، وأن الدور الرئيس الدستور صار وضع الضوابط والآليات الكافلة لأفضل حماية للمواطن في مواجهة سلطات الدول المختلفة .
4- كما نستطيع أن نقرر ، جازمين ، أن مفاهيم حقوق الإنسان الأساسية باتت تجد من التوافق الدولي أبعادها المرجعية ، ومن المواثيق والمعاهدات الدولية التجسيد النصى لها . 5- من الملاحظ أيضاً تعاظم دور بعض المحاكم الإقليمية ، عبر الوطنية ، فى مجال حماية الحقوق والحريات الأساسية ، كالمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ، بحيث يمكن أن تصير ، تلك المحاكم ، بديلاً ، أو صنواً على أقل تقدير ، للمحاكم الدستورية الداخلية .
6- أن التطور الذى لحق مفاهيم تفسير النص الدستورى ، ينحو بالمحاكم الدستورية إلى تبنى مناهج التفسير الاجتماعى ، الذى يؤدى إلى إعادة تخليق النص الدستوري ، مجدداً ، متجاوزاُ الظرف التاريخى لنشأته ، وفى إطار من دعم وتكريس المصلحة الفضلى لفئات المجتمع الأكثر ضعفاً وتهميشاً .
7- إن الدولة كى يستقيم أودها يتعين أن تقوم على مفاهيم من مراعاة حقوق الإنسان وضمان حياة المواطنين في سلام وسعادة ورفاهة، وأن على الدولة أن تقيم توازناً عادلاً بين الحقوق الأساسية بين حريات الأفراد وبين المصلحة العامة .
8- أن العدالة الاجتماعية ، فى ضوء التحول العالمى المتنامى إلى نظام اقتصاد السوق الحر ، هى صمام الأمن الأهم للمجتمع كله ، ليس فقط من أجل الحفاظ على حق الطبقات الضعيفة والمهمشة اقتصادياً ، بل هى ضمانة تحول دون انفجارات اجتماعية تودى بكيان الدولة كلها .
9- أن فى تفسير المحاكم لأحكام الدستور تفسيراً مرناً يربطها جميعاً فى إطار من الوحدة العضوية يؤدى إلى توسعة مفهوم مبدأ العدالة الاجتماعية بما ينعكس إيجاباً على مختلف الحقوق الجماعية والفردية .
10- كذلك فإن فى اعتناق تفسير المبادئ الدستورية المختلفة ، فى ضوء مبدأ العدالة الاجتماعية ، وإقامة تلك التفسيرات على أساس من أفكار العدل والسلام الاجتماعي ، هو ما يسهم فى تكريس المزيد من الحقوق والضمانات لجموع أفراد الشعب .

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية

عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)