مصطفى محمد أبو السعود -
قلمٌ بأنامل مرتعشة وفكرٍ محبط لن تفيد كلماتَه ولو كانت من ذهب لأن جيشَ الكلمات الرنانة الذي تخرج من أكاديمية الإحباط وحصل على رتبة جبان لن ينير الدرب لأحد لأنه تعلم السير في طريقٍ واحدٍ ووحيد واخبر الآخرين بلذة الإحباط وأجبرهم على السير فيه وطالبهم بالتعامل معه كدواءٍ في قمةِ الروعة.
مما لا شك فيه أن الإنسانَ قد يعيش محبطاً لبعضِ الوقت وهذا أمرٌ فطري يمنحه القدرة على مواصلة المسيرة والمقارنة ما بين الحياة في قصر الإحباط وخارجه ، أما أن تكون ضيفاً مقيماً في القصر فتلك مأساة كبرى .
هذا حال بعض كتابنا اليوم من أصحاب النفس القصير الذين يزودونا يومياً بجرعاتٍ زائدةٍ من الإحباطِ واليأسِ والناظرون للنصف الفارغ من الكأس ويقيسوا كل الأمور التي ينظرون إليها بعينٍ واحدةٍ من زاويةٍ واحدةٍ ويغازلون مشاعر عناصر يسُهل اقتيادها و يلزمونها على الانتساب لأكاديمية اليأس ويمنحوهُم بطاقة عضوية بالمجان، ونسوا في غمرة الأحداث أو تناسوا أن مهمة الكاتب هي تحذير الناس من شرك الوقوع في عشق اليأس وليس تخديرهم والاصطفاف معهم في طابور الإحباط ، فالفكرة مهما عظمت يبقى أصحابها بشر يقعوا في دائرة الأخطاء وليس على الأرض من يحمل بطاقة عضوية في نادي الملائكة وكاذب من يدعي النبوة لأنها انتهت مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
لكن يبقى الأمر مفتوحاً للمقارنة بين من يعمل ويخطئ ويصوب الخطأ وبين من لا يعمل خشية الوقوع في الخطأ ، فالأول اعتقد أن الحياة معركة بين الحق والباطل لذلك استعد للصعوبات بصدر رحب ، والثاني ظن أن الحياة قد جعلت للراحة و لم يبذل أي جهد لتحقيق طموحاته لذلك أتعب نفسه وخسر الرهان مع الزمان.
لقد آن الأوان لإعلان العصيان على الإحباط وقتله لان عدم قتله يعني السماح له بتدمير كل ما هو جميل على هذه الأرض، كما يجب على أصحاب الرأي والفكر الخروج من قصر الإحباط إلى فضاء الأمل الموعود والاستقالة من وظيفة محبط والانتماء لعالم الواثقين بربهم وبنصره حتى تستمر القافلة وتصل في نهاية الأمر إلى بر الأمان. |