تحقيق/مفيد درهم - الجامعات الأهلية ... تكاليف باهظة وتعليم رديءالطلاب : الجامعات الأهلية تراعي مصالحها وتعزف عن تجويد التعليمأكاديميون : القبول بنسب متدنية يؤثر سلباً على مخرجات تلك الجامعات
{ تفتقد العديد من الكليات والجامعات الأهلية للبنية التحتية، مما انعكس سلباً على أدائها في خدمة التعليم والتنمية، وحين تسأل الكثير من الطلاب عن الكليات والجامعات الأهلية، تجد الإجابة في الغالب عبارة عن «شعارات فارغة المضمون»، ويقول البعض الآخر : «استثمار بيع شهادة علمية أو طريق مختصر للحصول على شهادة علمية أو المنافسة على رفد سوق العمل بكوادر ضعيفة وغير مؤهلة». استياء واسع وانتقادات من قبل الطلاب عن المستوى التعليمي الذي تؤديه أكثر من (25) جامعة وكلية أهلية، وفي ذات الوقت يظل التساؤل عن مدى واقعية هذه الجامعات، بعيداً عن الشعارات التي تطلقها وأسباب عدم اهتمام الكليات والجامعات الأهلية بالتعليم. الربح أولاً { الطالب الجامعي حلمي شجاع الدين، يقول عن التعليم في بعض الكليات والجامعات الأهلية : لا شك أن التعليم في بعض الكليات والجامعات الأهلية يتطلب دفع مبالغ باهظة تثقل كاهل الطلاب وتشغل تفكيرهم بدفع أقساطها، مما يجعله في وادٍ والكليات والجامعات الأهلية في وادٍ آخر. ويضيف : الكثير من هذه الكليات والجامعات لا يُسمع بها إلا وقت تسجيل الطلاب فقط، ونحن لا نعارض إنشاء الكليات والجامعات الأهلية، لكن يجب أن يتم في إطار مراعاة مصلحة الطالب والتركيز على هدف التعليم وتجويده. عادل سعيد، طالب جامعي، يقول : التحقت بإحدى الكليات الأهلية من أجل الحصول على شهادة علمية تؤهلني للالتحاق بالسلك الوظيفي، لكنني اكتشفت أثناء دراستي فيها، تساهل أساتذتها مع الطلاب وعدم جديتهم في إعطاء المحاضرات القيمة وتدخل القائمين عليها في توجيه سير العملية التعليمية واهتمامهم بدرجة رئيسية بالربح، فالطالب ذاته يتم استدعاؤه في حال تأخر دفع الأقساط دون الحديث معه عن جودة التعليم ومدى استفادته من عدمها، حسب قوله، والأمر عينه يحدث مع زملائه. بعيداً عن التعليم { ندى العدني تتساءل، كما يتساءل الكثيرون، عن سر بُعد الكليات والجامعات الأهلية عن هدفها التعليمي، وفي المقابل ارتفاع عدد الكليات والجامعات إلى أكثر من (25) كلية وجامعة أهلية. ويفيد آخر تقرير صادر عن المجلس الأعلى لتخطيط التعليم، أنه بالرغم من الأعداد التي لا يتم قبولها في الجامعات الحكومية وتجد الفرصة المتاحة للقبول في الكليات والجامعات الأهلية، إلا أن نسب القبول في الجامعات الخاصة لا تزال متدنية مقارنةً بالجامعات الحكومية، في الوقت الذي تركز الجامعات الخاصة همّها على قبول أكبر عدد ممكن من الطلاب في مختلف التخصصات، بصرف النظر عن المعدل أو سنة الحصول على الشهادة أو مكانها، بهدف الكسب المادي السريع، يتم ذلك والمجلس الأعلى للجامعات في غفلة، والمشكلة في نظر التقرير هي عدم وجود آلية لمراقبة عملية القبول وكيفية سير الدراسة في الجامعات الخاصة، التي يشكل القبول فيها نسبة ضئيلة من طلاب التعليم الجامعي، لغياب التخصصات الصناعية والطبيعية، إذ يغلب عليها الطابع النمطي، وتكاد الكليات المتناظرة تكون نسخة واحدة في أقسامها وبرامجها. ويرى التقرير أن الكليات والجامعات الأهلية تتركز في صنعاء وتتسم بعدم توفر المتفرغين من أعضاء هيئة التدريس وضعف البنية القانونية والإدارية لضبطها وتخصصاتها النظرية، الأمر الذي يؤدي إلى انعكاسات سلبية على سوق العمل، إضافةً إلى رفدها بعناصر غير قادرة على الاندماج والمشاركة في الإنتاج وغيره. ويقول يحيى محمد حسين سريع، أمين عام كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء : يتم القبول في الكليات والجامعات الأهلية حتى وإن كانت معدلات الطلاب متدنية، مما ينعكس سلباً على مخرجاتها، ونتمنى أن تكون هناك ضوابط صارمة للالتحاق بهذه الكليات والجامعات وسير العملية التعليمية فيها. ويؤكد الدكتور سعيد أحمد حسن، عميد كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء، أن التعليم العالي الخاص لم يخفف من العبء والضغط على التعليم العالي الحكومي. إشكاليات { الدكتور صالح علي باصرَّة، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، يقول : هناك ثلاث إشكاليات تواجهنا في جانب التعليم العالي الخاص، أولها أن الجامعات والكليات الأهلية أُنشئت في ظل غياب قانون ينظم إنشاء وتأسيس الكليات والجامعات الأهلية، أي قبل صدور القانون وإنشاء الوزارة، وجاء القانون بعدها بعدة سنوات، وفي هذا الإطار بذلت الوزارة جهوداً كبيرة لمتابعة تلك الجامعات للالتزام بما ورد في القانون، واستطعنا أن نحقق نسبة جيدة في هذا المجال، بينما تتمثل الإشكالية الثانية في تكدس الجامعات الأهلية في العاصمة صنعاء، وحرص معظم المستثمرين في هذا المجال على تحقيق الربح السريع دون النظر إلى أن الاستثمار في التعليم العالي هو استثمار بعيد المدى، ويحتاج إلى وقت وجهد ومال، لذا أصدرنا قراراً بإيقاف منح تراخيص جديدة لإنشاء جامعات أهلية في أمانة العاصمة، والمشكلة الثالثة في هذا الجانب هي مشكلة قانونية، إذ لا يمنح قانون الجامعات الأهلية الساري للوزارة صلاحية إغلاق الجامعات الأهلية المخالفة إلا بعد صدور حكم قضائي باتّ، وهذا يضعف موقفنا قليلاً، ونسعى الآن إلى إجراء تعديل في هذه المادة. ويضيف باصرَّة : نعمل على تشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية في هذا المجال، وإيجاد منافسة حقيقية بين مؤسسات التعليم العالي الخاص، لأن وجود جامعات أهلية متميزة سيجعل الجامعات الأهلية ذات المستوى المتدني والهادفة إلى الربح، تتلاشى وتضمحل، ولن تصمد ولن تستمر سوى الجامعات المتميزة والقادرة على إعداد مخرجات حقيقية تنافس في سوق العمل. إجراءات { من جهته يتحدث عدنان عبده ناشر، مدير عام شؤون المؤسسات التعليمة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قائلاً : منحت الوزارة الجامعات الخاصة والأهلية التراخيص الخاصة بإنشائها وسهّلت عملها وفق القوانين واللوائح المنظمة، وعالجت الاختلالات المرافقة لعملها، وتسعى إلى توجيه الاستثمار في التعليم العالي بما يخدم أهداف التنمية، وأوقفت منح تراخيص جديدة حتى تستكمل الجامعات الخاصة السابقة وضعها القانوني، وأُسِّس مجلس الاعتماد الأكاديمي لضمان الجودة من أجل مراقبة الجودة في الجامعات الأهلية والحكومية وإلغاء التراخيص المخالفة منها.
|