صنعاء نيوز/بقلم / عباس السيد -
أصوات المضادات الأرضية أنطلقت فجأة بكثافة بعد ليلتين شبه هادئتين .. وبين الفينة والأخرى يسمع دوي انفجارات كبيرة في أماكن بعيدة حول العاصمة، ومعها تزداد كثافة النيران التي تنطلق من جبلي نقم وعيبان صوب السماء .
الليلة هي الرابعة والأربعون في تقويم العدوان السعودي الأميركي على اليمن والساعة تقترب من الثانية بعد منتصف الليل . بدأ لملمة أشيائه إستعدادا لمغادرة مكتبه في الصحيفة التي انتهى العمل اليومي بها قبل ساعتين ، وفي الأثناء دوى انفجار بدا وكأنه في فناء المبنى هربت الستارة قليلاً عن النافذة، ثم عادت لتعانق الزجاج بحرارة وكأن شيئاً لم يكن .
استعجل لملمة أشيائه وغادر مكتبه ، وفي البوابة كان حارسان يتساءلان عن مكان سقوط " الراجع " .! إذا كان ذلك الانفجار هوصوت " الراجع " يسأل الحارسين فيؤكدان له ذلك وينصحانه بأن يسرع الخطى لتجنب الراجع .
خرج من البوابة إلى الشارع ، كانت السماء زرقاء صافية مطرزة بالنجوم وفي الوسط يتربع القمر بهيئة كاملة الاستدارة ، وأصوات المضادات الأرضية تزداد كثافة .
وصل منزله في غضون دقائق واتجه نحوالنافذه يرقب منها مسار الطلقات التي تصعد نحو النجوم وتنافسها في تزيين السماء في مشهد أشبه باحتفال بالألعاب النارية .. فمنذ بدأ العدوان لم تنجح هذه المضادات في إسقاط طائرة واحدة من تلك التي تتناوب على قصف العاصمة ليلا ونهارا .
نعم لم تسقط طائرة واحدة فوق العاصمة ، ولكن أضواء تلك المضادات ترسم في سمائها كل يوم لوحة مقاومة ، تكتب في السماء لا للعدوان ، وتردد باصواتهاه المجلجلة : صامدون ، ولن نركع .
تشعره أصوات المضادات الأرضية بالأمان والأمل ، ولا يقلقه " الراجع منها ، ولذلك ، لم يسرع الخطى عندما كان في الشارع كما نصحه الحراس . وعند النافذة كان يرقب الراجع كما يرقب الأطفال حبات البرد المتساقط من السماء .
كان على ثقة بأن" الراجع " الذي يجب أن نخشى منه ، هو في أولئك القابعين في الرياض وغيرها من العواصم العربية والأجنبية ، أولئك الذين يُخشى من رجوعهم وسقوطهم على كراسي السلطة من جديد ففي هذه الحالة ستكون الخسائر فادحة والضحايا بالملايين .
أولئك هم " الراجع " الذي لا يجب أن نسمح برجوعه ، لأن خسائره لا تقارن مع خسائر المضادات الأرضية .
aassayed"gmail.com