صنعاء نيوز ■ تحقيق/ وائل شرحة - العدوان فاقم معاناتهم.. مئات النزلاء .. ضاقت بهم السجون رغم سالبية سجنهم
توجيهات النائب العام بالإفراج الشرطي صائبة لكنها تأخرت
الإصلاحيات المركزية والسجون الاحتياطية اليمنية تعاني منذ فترة , من ازدحام السجناء والذي يصل إلى عشرات أضعاف القدرة الاستيعابية لها بالإضافة إلى أنها إصلاحيات قديمة ولم تحدث أو يستحدث فيها أي تطورات أو توسعات جديدة.. وفي ذلك الازدحام يمر النزيل بأيام صعبة خلف القضبان ولن يتمكن من الحصول على حقوقه المكفولة في القانون, من مسكن وتغذية ورعاية وخدمات..
ويؤكد مدراء الإصلاحيات والسجون على " أن الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن والأزمة الاقتصادية بسبب العدوان السعودي بالإضافة إلى ازدحام النزلاء, يضع إدارات السجون أمام مشكلة كبيرة تكمن في صعوبة توفير الخدمات والرعاية المتطلبة والمكفولة في القانون".
ولمعالجة جزء من هذه المعضلة وجه النائب العام الدكتور أحمد الأعوش بالإفراج عن السجناء المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ممن تنطبق عليهم شروط الإفراج الشرطي, سبقه توجيه لوزير الداخلية بتشكيل لجنة من الجهات ذات العلاقة لدراسة المشكلة.. ما هي مستجدات التوجيهات.. وإلى أين وصلت اللجنة الخاصة.. وما مدى تفاعل النيابات مع الأوامر..؟ في التفاصيل التالية:
وزير الداخلية اللواء الركن جلال الرويشان وجه الأحد الماضي مصلحة التأهيل والإصلاح بتشكيل لجنة من الجهات ذات العلاقة, يرأسها القائم بأعمال رئيس المصلحة, لدراسة حالات الموقوفين في الإصلاحيات والسجون الاحتياطية في جميع المحافظات والإفراج عن السجناء على ذمة الحق العام والموقوفين في غير الجرائم الجسيمة بعد موافقة النيابة العامة والجهات القضائية المختصة .
وأرجع وزير الداخلية أسباب هذه التوجيهات في تعميم له إلى الحالة الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يمر بها اليمن في هذه الفترة العصيبة وكذا عقب تعرض عدد من مراكز الإيقاف الاحتياطية والإصلاحيات للقصف ومقتل وجرح عدد من الموقوفين، فضلاً عن صعوبة إيصال التغذية والخدمات لنزلاء المراكز والإصلاحيات في بعض المناطق وتخفيض الأعتمادات الخاصة بمصلحة التأهيل والإصلاح من قبل وزارة المالية, وهو الأمر الذي استدعى اتخاذ جملة من الإجراءات والقرارات الهامة لمعالجة هذه القضية من قبل وزارة الداخلية.
وفيما يخص السجناء المعسرين والصادرة بحقهم أحكام قضائية نهائية أكد اللواء الرويشان على ضرورة أن تتواصل اللجنة المشكلة مع أصحاب الحقوق لبحث إمكانية تنازلهم ، أو مع أهل الخير من التجار ورجال الأعمال لتقديم المساعدات للسجناء المعسرين وحل قضاياهم ومن ثم الإفراج عنهم ..بينما السجناء الأجانب المخالفون لنظام الإقامة ودخول البلد بطريقة غير قانونية شدد وزير الداخلية على أهمية أن يتم التنسيق مع مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية لسرعة ترحيلهم وبالتنسيق مع سفارات بلدانهم أو مكتب الأمم المتحدة .
وكون وزارة الداخلية ليس لها الحق القانوني في التصرف بحق أوضاع السجناء الصادرة بحقهم أحكام قضائية باتة ونهائية فقد أكد وزير الداخلية على أن أي قرار سيتخذ في حق السجناء سيكون من قبل القضاء والنيابة العامة باعتبارها السلطة المخولة قانوناً للبت في مثل هذه القضايا.
في اليوم التالي من تعميم وزير الداخلية وجه النائب العام الدكتور علي أحمد الاعوش، تعميم رؤساء نيابات استئناف أمانة العاصمة ومحافظات الجمهورية بالإفراج عن السجناء المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ممن تنطبق عليهم شروط الإفراج الشرطي., وذلك بناء على قرار اللجنة العليا لرعاية السجناء ومساعدة المعسرين بشأن عمل اللجان الميدانية لزيارة السجون وأماكن الاحتجاز الاحتياطي ودور رعاية الإحداث في اجتماعها الأخير.
وذكر النائب العام في التعميم "أنه نظرا لما تمر به البلاد من ظرف استثنائي نوجه بالنزول إلى السجون المركزية والاحتياطية وأماكن التوقيف في أقسام الشرطة والبحث الجنائي وأجهزة الضبط القضائي للوقوف على مشروعية الحبس وأعمال الافراج الشرطي عن السجناء المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ممن تنطبق عليهم الشروط ،وكذلك الافراج عن السجناء الذين تجازوا الممدد المحكوم بها عليهم ولازالوا في السجن على ذمة حقوق خاصة بضمان حضوري باستثناء قضايا الديات والأروش باعتبارها عقوبات أصلية ، وإحالة ملفاتهم الى قاضي التنفيذ للتصرف في الشق المدني وفقا للقانون".
ويقبع في السجون المركزية والاحتياطية مئات السجناء, منهم على ذمة قضايا غير جسيمة, ومنهم معسرون على ذمة مبالغ مالية, والبعض عليهم حق عام وآخرون ما يزالون رهن التحقيق.. وفي ظل الوضع والظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن وغير المسبوق في تاريخه.. واجهت ـ وما زالت ـ مصلحة التأهيل والإصلاح صعوبة في إيصال التغذية والخدمات للنزلاء في إصلاحيات وسجون بعض المحافظات.. ما تطلب منها البحث عن وسائل وطرق وحلول في إطار القانون للتخفيف من هذه المشكلة.. حتى توصلت عبر لجنة مشتركة من المصلحة ومكتب النائب العام شكلت لدراسة المشكلة, إلى حل يكمن في الإفراج عن كل المحتجزين على ذمة قضايا بسيطة وغير جسيمة وكذا المعسرين غير القادرين عن دفع المبالغ المالية عليهم, بضمانات حظورية ومن عليهم حق عام ومن لم يزالوا رهن التحقيق.
مدير عام الشؤون الداخلية بمصلحة التأهيل والإصلاح وعضو لجنة متابعة النيابات للإفراج عن السجناء العقيد محمد عبد الرب اليهري توقع "مباشرة النيابات العامة بعموم محافظات الجمهورية غداً الاثنين عملها بشأن تنفيذ توجيهات النائب العام ووزير الداخلية المتعلقة بالإفراج عن السجناء الآنف ذكرهم".. وأكد اليهري تواصل اللجنة المشكلة من المصلحة والنائب العام لمتابعة النيابات بكل الجهات القضائية المتخصصة بالإفراج عن السجناء في أقرب وقت وذلك للتنخفيف من معاناتهم ومعانات إدارات الإصلاحيات والسجون الاحتياطية.
واعتبر العقيد اليهري " توجيهات النائب العام ووزير الداخلية صائبة ومتفقة مع القانون.. داعياً النيابات إلى سرعة الإفراج عن النزلاء على ذمة القضايا الآنف ذكرها.
وبحسب العقيد اليهري, فإن النيابات بأمانة العاصمة ستفرج عن ما يقارب 700 سجين خلال الأيام القادمة من السجناء المحتجزين على ذمة قضايا غير جسيمة, والمعسرين على ذمة مبالغ مالية, وكذا نزلاء الحق العام وآخرون ما يزالون رهن التحقيق.
تقرير رسمي صادر عن مصلحة التأهيل والإصلاح بوزارة الداخلية كشف عن وجود عدد من السجناء المعسرين في الإصلاحيات المركزية بعموم محافظة الجمهورية إذ بلغو نحو 724 سجيناً معسراً ينتظرون مساعدات مالية للإفراج عنهم.
العقيد/ محمد اليهري يشير إلى أن بعض السجناء المعسرين تجاوزت مدة بقائ هم في السجن العشرين عاماً دون أن تلتفت الحكومة أو المنظمات إلى حالهم أو البحث عن من يساعد هؤلاء المعسرين.. لافتاً إلى أن المنظمات المهتمة بأوضاع السجناء في اليمن كثيرة إلا أن نشاطها قليل وغير ظاهر على أرض الواقع.
وقال العقيد اليهري " لا يجوز حبس من عليهم مبالغ مالية حتى يسددوها خاصة من ليس معهم أموال.. وقانون المرافعات والتنفيذ المدني ينص في مواده 360 وحتى 363 على عدم احتجاز من عليهم عجز مالي وإبقائهم في السجون".
مسؤولو السجون المركزية والاحتياطية يحملون الجهات القضائية " سبب الاختناق والازدحام الحاصل في السجون, وذلك لعدم بتهم في قضايا النزلاء خلال الفترة القانونية المحددة لهم".
في المقابل يبرر القضاء ويدافع عن نفسه مما اتهم به أنه وراء ازدحام السجون عبر مصدر قضائي رفيع في السلطة القضائية, والذي أرجع ذلك إلى النقص والعدد القليل لقضاة اليمن والذي يقارب عددهم 700 قاضٍ في وقت يجب أن يكون هناك أضعاف العدد الحالي وبحسب المعايير الدولية, بالإضافة إلى عدم وجود مبان خاصة بالمحاكم والنيابات بحيث يتمكن القاضي من ممارسة مهامه, كون المباني المتواجدة حالياً أغلبيتها إيجار وغير مؤهلة للعمل القضائي, بالإضافة إلى أنه لا يسمح للقاض بعقد جلسات لأكثر من يومين أو ثلاثة في الأسبوع الواحد وذلك لتناوب القضاة في عقد الجلسات. |