صنعاء نيوز - مدير شرطة سير العاصمة العقيد البحاشي لـ "صنعاء نيوز "
400 ألف سيارة أصدرنا لها أرقاماً.. وأضعافها تجوب شوارع العاصمة
> لدينا مشروعان إلكترونيان لكشف المخالفات وتسديدها بالجوالات.. والوضع الراهن أجبرنا على تعليق العمل بهما
> شوارع الأمانة خططت بستينيات القرن الماضي.. وعلى الجهات المعنية وضع الحلول
> هناك أضرار بيئية وصحية واقتصادية تصاحب الازدحام
> ضيق الشوارع وانعدام المواقف الخاصة.. أبرز أسباب الاختناق
تجد شوارعها وقت الظهيرة أشبه بمواقف خاصة للسيارات.. تشلّ حركات السير بالخطوط الرئيسية وبالجولات والتقاطعات.. ويظل رجال شرطة سير العاصمة صنعاء عاجزين بإمكانياتهم المتواضعة عن القضاء على تلك الاختناقات والازدحامات, ليمر السائق والراكب والمار ورجل المرور بوقت عصيب.
"قضايا وناس" أجرى العديد من التحقيقات والاستطلاع واللقاءات والدراسات حول أسباب الازدحام المروري بأمانة العاصمة والحلول الممكنة والناجعة لهذه المعضلة التي يعاني منها ساكنو صنعاء وزائرها.. في هذه اللقاء المقتضب مع مدير شرطة سير العاصمة صنعاء العقيد محمد البحاشي نوضح لكم أبرز أسباب وحول الاختناق المروري ونكشف لكم عن خطط ورؤى شرطة سير الأمانة للتخفيف من الاختناق المروري.
• في البداية حدثنا العقيد البحاشي عن الاختناق المروري بأمانة العاصمة..؟
ـ تعيش مدينة صنعاء طفرة نوعية في وسائل المواصلات وهذه الطفرة لها إيجابياتها ولها سلبياتها وهذا الأمر قد لا يدركه البعض ذلك أن شوارع العاصمة تم تخطيطها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وبطريقة بدائية للأسف، وهذا الأمر سبب ما نشاهده حاليا من اختناقات مرورية خاصة في أوقات الذروة لأن شوارع العاصمة لم يتم تصميمها لتواجه هذه الأعداد الهائلة من السيارات فهي ضيقة وكثيرة التقاطعات وعديمة المواقف وهذه الأمور وغيره تنعكس بشكل سلبي على مجمل الحركة المرورية التي تعاني منها مدينة صنعاء وهناك أضرار متعددة لهذه الاختناقات المرورية تمت دراستها في العديد من البلدان التي تعاني من هذه المشكلة وبإمكاننا القياس عليها في وضعنا الحالي.
والاختناقات المرورية حالياً إحدى أهم الإشكاليات التي تشغل بال كثير من السائقين من المواطنين ، فالقيادة وسط هذه الكم الهائل من السيارات المتراصة التي تتدافع في الشوارع بشكل يفوق المتوقع يجعل جميع مرتادي الطرقات في حالات عصبية منذ الصباح حتى المساء في محاولة يائسة للخلاص من عذاب الانتظار والجلوس لفترات طويلة داخل السيارات ما يسبب الإجهاد البدني والتوتر والانفعال الذي من أبرز نتائجه تدني مستوى أداء وإنتاجية الفرد بشكل عام.
• أوجز لنا أسباب الاختناقات المرورية بأمانة العاصمة؟
ـ أسباب حصول الاختناقات المرورية كثيرة وأبرزها: ضيق الشوارع التي تعاني في معظمها من ضيق لا يتناسب مع حجم الحركة المرورية وخاصة في الشوارع الموجودة في المنطقة المركزية من العاصمة التي تم تخطيطها في ستينات وسبعينات القرن الماضي بل بعضها يعود تاريخ تخطيطه إلى خمسينات القرن الماضي عندما كان عدد السيارات بعدد أصابع اليد الواحدة وهذه الشوارع أصبحت تشكل عبئاً كبيراً على الحركة المرورية كونها أصبحت تواجه أعداداً هائلة من السيارات تفوق قدرتها الاستيعابية المحدودة ولذلك نجد أن هذه الشوارع تختنق فيها الحركة المرورية بدون سبب غير أن أعداد السيارات فيها كبير إلى درجة أنها لا تتحرك فيها السيارات إلا بصعوبة خاصة في التقاطعات حيث يتم توزيع زمن الحركة بين الاتجاهات الأربعة وتتراكم السيارات في هذه الاتجاهات بسبب أعدادها الكبيرة.
إن الناظر إلى شارع القيادة وشارع الدائري بكامل أجزائه وشارع شعوب وشارع الزراعة وشارع حدة وحتى شارع الزبيري وغيرها من الشوارع يجد أن هذه الشوارع تستقبل أعداداً كبيرة من السيارات التي تتحرك فيها على مدار الساعة ويحدث فيها اختناقات مرورية كبيرة في أوقات الذروة بسبب ضيقها وزيادة أعداد السيارات عن قدرتها الاستيعابية.
• هل لديكم إحصائيات بعدد السيارات التي تجوب شوارع الأمانة؟
ـ إن تقديرنا لأعداد السيارات الموجودة في العاصمة صنعاء هو في حدود (400) ألف سيارة إذا ما أخذنا في الاعتبار الأرقام الصادرة من شرطة سير العاصمة وشرطة سير محافظة صنعاء والسيارات التي تجوب العاصمة وأرقامها صادرة من محافظات أخرى خاصة السيارات الأجرة أضف إلى ذلك السيارات الحكومي والجيش والشرطة وغيرها وهذا العدد يفوق بكل الأحوال الطاقة الاستيعابية للشوارع الموجودة في صنعاء خاصة الشوارع المركزية (وسط المدينة) وحتى الشارع الدائري الذي كان يتوقع المخططون في سبعينات القرن الماضي أنه نهاية صنعاء من الشرق والغرب، ولم يكن يدور بفكرهم أنه سيكون وسط العاصمة بعد توسعها الكبير ومما زاد من سوء الأمر هو أن السيارات الأجرة التي قدر عددا بما يزيد عن ثمانين ألف سيارة، هذه السيارات تستمر في حركتها طوال ساعات الليل والنهار بحثا عن الركاب مما يؤدي إلى حصول ضغط هائل على شوارع العاصمة التي لا تحتاج إلى أكثر من ثلاثين ألف سيارة أجرة في حده الأقصى .
• لو قارنا العاصمة صنعاء بعواصم الدول الأخرى من جانب الاختناق المروري.. ماذا سنجد..؟
ـ سنجد أن وضع مدينة صنعاء حتى الآن لا زال من ناحية الاختناقات المرورية في وضع مقبول تماما مقارنة مع العواصم العربية الأخرى التي تشهد تكدساً هائلاً للسيارات في شوارعها تؤدي إلى تعطل عجلة الحياة في تلك المدن لفترة طويلة وتتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة وهناك دراسات عملية تم إجراؤها في عدد من العواصم العربية أوضحت أن الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني تقدر بالمليارات سنويا ناهيك عن الأضرار الصحية المصاحبة لهذه الظاهرة حيث يشير أحد البحوث الصادرة عن المركز القومي لأبحاث البيئة والصحة في (نيبيرج) بألمانيا، ونشرت نتائجه في دورية (نيو إنجلاند) الإنجليزية للطب عام 2009م، إلى أن التكدس المروري لا يسبب فقط سوء المزاج، وتدني الإنتاجية، وكثرة أخطاء العمل، ولكنه قد يسبب الوفاة، وأنه يرتبط بإصابة شخص واحد من بين كل 12 بأزمة قلبية، وأن الأشخاص الذين يواجهون التكدس المروري ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بالأزمات القلبية ثلاث مرات عن غيرهم.
• ما هي الأضرار التي تصاحب الاختناقات المرورية؟
ـ الأضرار التي تصاحب الاختناقات المرورية أضرار هائلة قد لا يدركها البعض سواء أضراراً بيئية أو أضراراً صحية أو اقتصادية وهذه الأشياء يتم رصدها وعمل أبحاث علمية حولها في كثير من مدن العالم وتخرج هذه الأبحاث والدراسات ببيانات مخيفة حول التأثير السلبي لهذه الاختناقات التي تشهدها تلك المدن.
• ماذا عن دور شرطة السير في أسباب الاختناقات المرورية؟
ـ قد لا يصدق أحد من الناس أن معظم أسباب الاختناقات المرورية لا دخل لشرطة السير في حلها لأن دور شرطة السير هو تنظيم الحركة المرورية فقط والحلول للمشاكل الموجودة في الشوارع هي بيد الجهات الأخرى التي يفترض أن تقوم بواجبها في إيجاد حلول للمشاكل التي تسبب عرقلة لحركة السير ويؤدي وجودها إلى الأضرار بمصالح عموم المواطنين بسبب تعطل مصالحهم وتأخرهم عن الوفاء بالتزاماتهم في الوصول إلى الأماكن التي يريدون الوصول إليها في الوقت المحدد.
• إذاً ما الحل للقضاء على هذا الاختناقات المرورية بشوارع الأمانة؟
ـ أعتقد أن الحل الأمثل هو ضرورة إعادة التخطيط العلمي السليم لمنظومة النقل العام بمختلف أنواعها , وذلك من خلال خطط تشغيل تحكمها قرارات مركزية ترفع من كفاءة النقل العام الجماعي, وتعطيه الأولوية التي يستحقها بحيث يتم تفضيله على استخدام السيارات الخاصة التي تشكل الآن واحدا من أهم أسباب تعقيد مشكلة المرور لأن انخفاض مستوى خدمة النقل الجماعي وعدم وجوده في كثير من المناطق هو الذي يدفع الأفراد إلى استخدام سياراتهم الخاصة التي تحتاج السيارة الواحدة منها إلى20 ضعفا من مساحة أرضية الشارع إذا انتقل راكب السيارة الخاصة بالحافلة , خصوصا أن الكثير من أصحاب السيارات الخاصة يضطرون إلى تملكها واستخدامها لعدم وجود وسيلة نقل مناسبة لرحلة الذهاب إلى العمل اليومية, كما أن أصحاب السيارات الخاصة يمكن أن يتوجهوا طوعا لاستخدام النقل العام لرحلة الذهاب إلى العمل اليومية علي وجه الخصوص, اذا تم توفير نقل جماعي لهؤلاء بمستوى خدمة لائق.
• وهناك حلول كثيرة سأوجز لكم هنا أبرزها وهي تعتبر كرؤوس أقلام:
- العمل على الاستمرار بإقامة الجسور والأنفاق في هذه الشوارع.
- العمل على توسيع بعض هذه الشوارع بإزالة المباني مثل توسيع شارع كلية الشرطة الذي يعتبر عنق زجاجة فهو يتسع من الشمال ومن الجنوب ولكنه يضيق في الشارع الواقع بين المالية وجسر الصداقة.
- منع وقوف السيارات تماما في هذه الشوارع وإيجاد مواقف متعددة الأدوار حول هذه الشوارع
- تحويل الحركة المرورية في بعض هذه الشوارع إلى اتجاه واحد.
- تصغير حجم الأرصفة بهدف توسيع حجم الشارع .
- البحث بشكل جدي عن وسائل مواصلات عامة تتناسب في حجمها وعدد ركابها مع العدد الكبير من الركاب ذلك أن الباص سعة أربعين راكباً سوف يكون بديلا للباصات ذات السعات الصغيرة والتي تسبب عرقلة شديدة لحركة السير خاصة وأن السيارات الأجرة والباصات أصبحت تفوق الحاجة الحقيقية لمدينة صنعاء بأضعاف مضاعفة وأصبح عددها يشكل عائقاً كبيراً إمام الحركة المرورية ذلك أن عددها أصبح يفوق القدرة الاستيعابية للشوارع ولا زالت تتكاثر تكاثر سرطان واستمرار هذا النوع من وسائل المواصلات العامة سوف يسبب زيادة كبيرة في الاختناقات المرورية الحاصلة الآن.
• هل لدى شرطة سير العاصمة صنعاء رؤى وخطط لتخفيف الاختناقات المروري؟
ـ شرطة سير أمانة العاصمة لديها الكثير من الرؤى والخطط التطويرية الطموحة التي نريد من خلالها أن نصل إلى إيجاد علاقة متينة مع المجتمع وهذه الخطط تتلمس الاحتياجات الفعلية للسائقين والتي تضمن وجود نوع من الانضباط لديهم بما يكفل حركة مرورية مرنة تتعامل مع الإمكانيات الموجودة في العاصمة صنعاء ولعل المخالفات التي يتم تحريرها على السائقين المخالفين خير طريقة لجعل السائقين ملتزمين بآداب وقواعد المرور، ونحن نعتبر أن هذه المخالفات وسيلة وليست غاية بحد ذاتها فهي وسيلة لضبط الشارع العام الذي يشهد حاليا انفلاتاً لم يسبق له مثيل بسبب الظروف الاستثنائية التي يعيشها الوطن التي يفترض أن يكون لها رد فعل عكسي يتمثل بالتزام المواطنين بكل الأنظمة والقوانين السارية حفاظا على الوطن ولكن الحاصل غير ذلك.
• ماذا عن مشروع ضبط السيارات المخالفة عبر أجهزة الآي باد والسيارة المتنقلة أو ما يسمى بالكبينة المتنقلة التي كنتم قد دشنتموها..؟
ـ لقد قمنا في الفترة القليلة الماضية بعمل نقلة نوعية في عملية ضبط السيارات المخالفة من خلال النزول إلى الشوارع والكشف على مخالفات السيارات بأجهزة (أي باد) تم تعبئتها بأرقام السيارات التي عليها خمس مخالفات فأكثر بحيث يتم ضبطها بعد التأكد من عدد المخالفات المسجلة عليها وهذه نقلة نوعية كما أننا في الفترة القادمة لن نكتفي بهذا فلدينا مشروع ربط المخالفات بسيارات الدورية التابعة لنا ومن خلال كمبيوتر موجود فيها (لاب توب) يتم الكشف على مخالفات السيارة وتسديدها فورا لأنه سيكون هناك مختص لديه إسناد في تلك السيارات, كما نطمح إلى إيجاد أكثر من طريقة لتسديد المخالفات مثل إيجاد أكشاك في بعض التقاطعات الرئيسية يمكن للسائق أن يسدد المخالفة فيه دون الحاجة للوصول إلى الإدارة وهناك الكثير من الأفكار التي تراودنا وننظر الوقت المناسب لتنفيذها مثل الاستعلام عن المخالفات من خلال التلفون والتسديد عبر البنوك إلى غير ذلك من الأفكار التي تنتظر الفرصة الملائمة لتنفيذها.
إلا أننا وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن.. تم إيقاف المشروعين الآنف ذكرهما.. وسيتم استئناف العمل بهما وتطويرهما حال هدوء واستقرار الوضع.
• هل تعولون على المخالفات في تخفيف الاختناقات المرورية؟
ـ تعتبر المخالفات إحدى الوسائل التي نعول عليها في ضبط الحركة المرورية كونها السبيل الأمثل لردع السائقين عن تكرار المخالفات فهي سلاحنا الذي ندافع به عن النظام والقانون المتعلق بالحركة المرورية إلى جانب أنها تمثل وعاء إيرادياً مهماً للمجالس المحلية. |