صنعاء نيوز/بقلم/ استاذ/عباس الديلمي -
لا مخاوف على المملكة السعودية، ولا مخاطر عليها، لا من إيران الإسلامية ولا من أنصار الله، ولا من القوى الوطنية التي لم تنجذب نحو ذلكم التحول الفواح برائحة النفط..
للسعودية مخاوفها مما هو داخلي وما هو خارجي، لنترك كل ذلك ونقف أمام إحدى مخاوفها مما هو خارجي، وتحديداً ما يثير مخاوفها وقلقها في اليمن.. الجار القريب الغني بإنسانه وحضارته وثرواته الطبيعية المتنوعة، التي لا زالت مدفونة تحت الأرض، كما هو شأن شواهد حضارته القديمة التي لا تزال مدفونة وبنسبة قد تصل إلى تسعين في المائة.
يتناقل الناس على مستوى الوطن العربي مقولة أو وصية مؤسس المملكة السعودية عبدالعزيز آل سعود، لأبنائه وشركائه الدينيين من آل الشيخ في تأسيس المملكة وتوسعها، وهي «أن خيركم وشركم من اليمن» وقد فهموا هذه الوصية على أن خير مملكتهم أو ملكهم يأتي من اليمن متى كان ضعيفا تابعاً غير مستقر، ويأتي شرهم منه متى ما كان قوياً مستقل القرار والإرادة، مستقراً..
ولهذا لم تخض المملكة منذ نشأتها سوى أربعة حروب كلها ضد اليمن، كانت أولاها من اجل تحجيم مملكة الإمام يحيى واقتطاع أجزاء منها بتحالف مع بريطانيا المتواجدة في جنوب وشرق اليمن.
وكانت حربها الثانية ضد النظام الجمهوري وثورة سبتمبر 1962بتحالف غربي ومساعدة من إيران الشاه، أما الحرب الثالثة فكانت ضد جماعة أنصار الله في محافظة صعدة المتاخمة.. وهذه هي الحرب الرابعة الأكثر اتساعاً وتحالفاً وشمولية في التدمير وفي الحصار والتجويع وكل ما يخالف القوانين والأعراف الدولية.
حروب المملكة حصرت على اليمن وبهدف الإضعاف والإلحاق بناء على وصية من أربع كلمات فقط، وهذا ما نجد له أدلة كثيرة منها أن الحرب على ثورة 26سبتمبر ما كانت لتضع أوزارها لولا قيام حركة 5 نوفمبر 67م وحدوث المصالحة والقبول بأمومة الشقيقة الكبرى، وهذا ما أكد عليه في مذكراته الأستاذ محسن العيني عندما أشار إلى أن القرار اليمني لم يكن مستقلاً عن مشيئة السعودية، ونجد ما يؤكد إشارة الأستاذ العيني أن الرئيس إبراهيم الحمدي قد دفع حياته ثمناً لاستقلال القرار اليمني، وان الرئيس علي عبدالله صالح لم ينج من عقاب ما كانت تبدر منه من مخالفات للمشيئة الملكية للشقيقة الكبرى خاصة في مجال العلاقات الخارجية والتسلح، والعمل الوحدوي..
اليوم وبعد ظهور حركة أنصار الله بهذا الحجم والانتشار والالتفاف الشعبي أحست الشقيقة الكبرى، أن هذا التيار الصاعد هو من سيخرج اليمن والى الأبد عن بيت الطاعة ومعه القوى الوطنية التي ستجد السند والزخم الجماهيري لامتلاك القرار والسيادة على الأرض وفي علاقات اليمن بالعالم بمن حوله..
ولأن الأمر كذلك مصحوباً بعجز المملكة عن كبح جماح هذا التوجه الشعبي بثورة أخرجها أنصار الله من تحت عباءة الاستيلاء عليها وبعد أن استنفدت المملكة كل ما بيدها من وسائل لإفشال الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة وبعد تلاشي من خصبته من فكر ديني متطرف أعلنت هذه الحرب القذرة التدميرية التي شملت كل شيء، من علبة الزبادي إلى مخازن الأدوية ومن قتل الأطفال إلى قصف المستشفيات والمدارس والأسواق الشعبية.. الخ، وكانت أول حرب في التاريخ تستهدف الأسواق الشعبية وطوابير الحصول على شيء من المشتقات النفطية التي أوجدت أزمتها بالحصار وقصف ما هو موجود بعد هذا كله، هل تبقى للمملكة أمل أن يعود اليمن إلى بيت الطاعة؟ لم ينس الشعب اليمني قتلاه من حجاج بيت الله في مجزرة تنومة في بداية القرن الماضي فكيف له أن ينسى جرائم قتل أطفاله ونسائه وتدمير بنيته التحتية بهذه البشاعة.. من اليوم لا عودة إلى بيت الطاعة.