بقلم / د . سمير محمود قديح -
\فتح هي إيمان بالله وبفلسطين،هي مدرسة الثورة والحرية, مدرسة الفكر والقلم, مدرسة البندقية والرصاص, مفرخة الرموز والعظماء,منبت الاصاله والتراث, منبع الحضارة,وهي تضحية وعطاء وعمل وبناء وأمل ونماء.
أن تكون فتحاوياً هو أن تؤمن جازماً في قرارة نفسك ومن أعماق أعماقك انك تلميذ في هذه المدارس, وانك صاحب رسالة أصيلة وخالدة.
يا فتحاوي لا تكتئب, ولا تجعل الإحباط يتسلل إلى داخلك, إذا عصفت بفتح النائبات, وإذا حلت عليها أزمات, إذا تأمر عليها كل الطامعين , لا تكتئب, فالفتح ولدت وجاءت من رحم الازمه والمأساة والنكسات والنكبات, وكل مرة قالوا أنها على مفترق طرق , فتجدها حطمت جبالا وصنعت طريقا وسارت على ذات الدرب الأول ,وقالوا أنها تغرق فلا داعي للتجديف لكنها أثبتت أنها كالسفينة تضربها الأعاصير وتتلاطمها الأمواج من الجهات الأربع إلا أن شراعها كان أقوى, وأنها ترسو حيث كانت وجهتها الأولى واتجاه بوصلتها - لفلسطين -.
هي ليست عبارات فلسفيه, ولا كلمات عشق عاطفيه, فلو تتبعت تاريخ القضية المشرق , بعين فلسطينية وطنيه, ستجد أن القلم بين أصابعك اختط هذه الكلمات منذ النشأة والطلقة الأولى وحتى هذه اللحظات.
التنشئة التنظيمية يجب أن يلازمها إيمان داخلي بالرسالة الفتحاويه, حتى تسمو بنفسك أولا فتسمو وتعلو بحركتك الفتحاويه تلقائيا ثانيا.
حاضرنا الفتحاوي اليوم في ازمه, لا ننكرها, ولا نخفيها,أزمة تنظيميه هيكليه داخليه,وشديدة وعاصفتها هوجاء, ولأنك فتحاوي, مؤمن بالرسالة الفتحاويه, فقم بالعمل الآن لرفعة الحركة . يجب أن ننصف فتح اليوم, يجب أن ننتصر لفتح, بالعمل الدؤوب, والإيمان بالعمل الجاد والمخلص , ومن الوازع الوطني الداخلي.
وما التفافنا اليوم كقاعدة وقادة حول حركتنا فتح إلا مثال حي على أن النزعة الفتحاوية النقية في داخلنا أملت علينا أن نعمل وان نجتهد وان نبحث عن الحل وان يكون غدنا أفضل من أمسنا.
إذن فالأمانة تقتضي أن نضع النقاط على الحروف وان نعمل بإخلاص وتفاني من اجل الحفاظ على تاريخ حركتنا العملاقة من خلال الصدق مع الله ومع أنفسنا, ويجب أن يكون لنا عبرة من الماضي ونرى حاضرنا بكل وضوح ونكشف الغطاء عن الطفيليات التي ترعرعت وتغطت بسيرة الشهداء وتاريخ الانقياء ، ونسمي الأشياء بأسمائها ونعلنها للملأ ، إننا سنعود بفتح من خلال جيل الشباب الطاهر النقي والذي حافظ على تراث الآباء ليكون جديرا بحمل الأمانة، حتى نقول مجددا أنا ابن فتح ما هتفت إلا لفلسطين .
جاءت هذه الكلمات بعد الإشاعات التي كثرت مؤخرا ، والتي يروجها أصحاب النفوس المريضة ، وعلى رأسهم الطابور الخامس ، عن انهيار حركة فتح ، والخلافات المستمرة داخل التنظيم ، وراهن الشامتون في الحركة أنها لن تطول ، وستتلاشى يوما بعد يوم إلى أن تنتهي . ومن هنا فإنني اطمئن الجميع وعلى رأسهم المزاودين ، وأصحاب النفوس المريضة ، وأقول لهم ، إن المارد الفتحاوي العملاق ، لايمكن أن ينهار وعليكم أن تعلموا أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " هي أول من بادرت لإطلاق الرصاصة الأولى في الثورة عام 1965 ، وهي التي حققت النصر في ظلمة المحيط العربي بعد نكسة حزيران عبر النصر في معركة الكرامة عام 1968. وهي التي أطلقت الانتفاضة عام 1987، وانتفاضة عام 2000 ، هذه الانتفاضة المباركة التي أطلقتها فتح دون سواها ولحقها الآخرون جميعا إثر الصمود والشموخ للإرادة الفتحاوية وللرئيس عرفات في كامب ديفيد والذي رفض التنازل والاستسلام والحلول الهزيلة، فكانت بمبادراتها العسكرية والسياسة تصنع الحدث وتترك للآخرين التعليق، وتسبق ثم تسحب الآخرين وراءها.
إن فتح تنظيم التجدد عبر الدماء حيث يرث الشهداء عرش البطولة من سابقيهم ، ويتركون الدنيا لزملاء لهم يرفعون مشاعل الحرية والمقاومة مناضلين ومطاردين وأسرى. وفتح التجدد هي التي خاضت حوارا صاخبا علنيا في رغبة للتجدد والتغيير لأنها حركة الرفض للقوالب الجامدة، وحركة الرفض لعقلية التحجر وحركة الرفض للأساطير والإسقاطات الفكرية وحركة الرفض للجمود لأنها حركة الاحترام للعقل والتطور والتجدد في ميراث طويل منهله الحضارة العربية الإسلامية ومنبعه الشعب وحقائقه ما سطرته سواعد أبناء الفتح.
فتح طريق الفقراء، وفتح طريق العظماء، فتح طريق التجدد لأنها لا تخاف النقد بل تسعى إليه، ولا تخشى المخالفين لأنها واحة الحرية، وفتح النقد والنقد الذاتي الذي يصل الى حد الصخب أحيانا تتقدم بثقة وتتحرك بقوة لأنها تصنع الغد من إهاب الحاضر وتراث الأمة. إن الإبداع في فتح قدرة على رسم الاحتياجات المطلوبة للقضية الوطنية ولمصلحة الجماهير . فالطلاب في حركة فتح والشبيبة والمرأة مركز الثقل في صنع المستقبل وفي الإبداع الذي تحض عليه الحركة وترعاه . لا يستطيع إلا أعمى أن ينكر ما لحركة فتح من فضل في الساحة الفلسطينية بل وفي المحيط العربي من تكريس للديمقراطية سواء داخل التنظيم أو خارجه ورغم ما شاب من آلياتها الديمقراطية من ثغرات في التطبيق إلا أن حركة فتح تعتبر مصنع الرجال وحركة الدمقرطة للأطر والمجتمع ، تلك التي احترمت التعددية بل ورعتها ولم تسمح بسيف الجلاد أن يطال أصحاب الرأي الآخر حتى بين المتناحرين من أصحاب التنظيم الواحد ممن هم خارج فتح.
فتح حامية المشروع الوطني وحامية التعددية احتضنت الأفكار والتنظيمات ورسمت لها مجال حركة لجميع الفصائل فعدلت من أشكال الاحتجاج السلبي لهذه التنظيمات الى الانخراط في النضال الايجابي والمقاومة للمحتل، فحققت (الوحدة الوطنية) ولم تأخذ بتجارب الحزب الواحد حتى في وقت القدرة على تحقيق ذلك بل رعت الآخر وسهلت له سبل التعبير الحر والانطلاق ليساهم في بناء الوطن، ما عاب الكثيرون فتح على ذلك وما نعتبره نحن نقطة قوة لا ضعف، لأن صاحب الفكر المتوثب لا يخشى الفكر الآخر بل يستمتع برؤيته يزهر، فحقي أن أفكر وأدافع عنك حتى لو عارضتني.
لقد استطاعت حركة فتح أن تغير مفهوم الصراع للقضية الفلسطينية من قضية شعب من المحرومين الذين يحتاجون للإغاثة الى قضية شعب مناضل طرق أسماع العالم ، بعد أن دوت رصاصات الفتح في العام 1965 وبعد انبثاق الكرامة عام 1968 وبعد أن أذن القائد العام ياسر عرفات في الأمم المتحدة عام 1974 حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر بيد. كما استطاعت نقل مفهوم الصراع من صراع لا جئين يحتاجون للإغاثة إلى ثورة . ولقد كان لفتح الأثر الأكبر في تفجير الصراع ، في الوقت الذي صم العالم أذنيه عن الاستماع للهيب الثورة فجرت الفتح إرادة الثورة فصنعت (عاصفة) وانتفاضة تلو الأخرى، وشمرت السواعد لبناء المشروع الوطني عبر السلطة الوطنية والمجلس التشريعي.
ان فتح هي التي اخترعت الوطنية في محيط ذي لجج من القومية الطاغية والأممية الاشتراكية أو الإسلامية فصارعت في بحر التنظيمات لتخرج القضية من لعنة الشعارات الى نعمة الفعل الميداني عبر الالتقاء على أرض المعركة والاشتباك السياسي في نطاق الوطنية المغلفة بالأفق القومي، والحضاري الإسلامي، والامتداد العالمي ، ففتح اخترعت الكيانية فانتشلت اللاجئين من بؤس الحال و حطت بهم الرحال على مركب الكيانية والشخصية الفلسطينية التي حاول العدو والصديق محوها فكانت دارنا منظمة التحرير الفلسطينية ثم عبر عتبة السلطة وصولا للوطن ، كما ان الاستقلالية كانت براءة الاختراع الرئيسة لحركة فتح فرفضت الاتجاه شرقا أو غربا ورفضت التبعية لأي حزب سياسي عربي أو نظام عربي ، فرسمت شخصية فلسطينية مستقلة خياراتها نابعة من حاجة جماهيرها ومن أهدافها الوطنية ومن احتياجات جماهيرها في إطار عدم إغفال العمق العربي الذي يمثل قطار التحرير.
ومن هنا فإنني أقول للمزاودين وأصحاب النفوس المريضة ، ان فتح على مستوى القيادة العليا واللجنة المركزية والمجلس الثوري والقاعدة الفتحاوية في أرقى حالات تمسكها وانضباطها الآن ، واستطاعت أن تتخلص سريعا من كل الضربات التي تلقتها، فنهضت بقوة وبالتفاف جماهيري غير مسبوق إلا في محطات تاريخية نادرة على هذا النحو الذي نراه الآن .
لقد اثبت الرئيس القائد أبو مازن انه خير من يقود فتح إلى بر الأمان بحكمته وحنكته السياسية وصدقه مع الذات والآخرين ، لقد تحمل الرئيس القائد أبو مازن أوجاع كثيرة بعد هزيمة فتح في الانتخابات التشريعية ، ولكنه علم الفتحاويين درساً ، أن فتح تنهض بالعمل الدءوب وبخدمة الجماهير وليس بالغوغاء ، وان خدمة الجماهير ومراعاة ظروفهم وتحسس مشاكلهم هو الطريق الوحيد للوصول إلى عقل ووجدان الجماهير وتحقيق الالتفاف الجماهيري الذي نراه الآن منقطع النظير حول فتح وقيادتها . والرئيس القائد أبو مازن كما كان الشهيد القائد أبو عمار لم يخلط يوما بين مسئولياته كقائد أعلى لفتح وبين مسئولياته كرئيس لكل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج بكل فئاته واتجاهاته السياسية . ومن هنا تمتع أبو مازن باحترام كبير على مستوى فتح وعلى مستوى كل أبناء شعبنا في الداخل والخارج وفصائله وأحزابه واتجاهاته السياسية المختلفة ، فكان محل إجماع فلسطيني نختلف عنده ولا نختلف عليه .
وقد تناولت وللأسف الشديد بعض وسائل الإعلام حركة فتح بكثير من التجني خلال الفترة الماضية والسنوات الماضية ، فسلطت كل الأضواء على سلبية ما وتجاهلت كل إنجازات فتح ، فكانت قضية الفساد التي حولها البعض إلى قميص عثمان ، رغم أن فتح كحزب حاكم حاسبت وكانت الأكثر حديثاً عن الفساد لمحاصرته سواء في مؤسسات السلطة أو في مؤسسات المجتمع المدني ، وتميز عهد الرئيس أبو مازن بحرب لا هوادة فيها على أي شبهة فساد ، وأعطى السيد النائب العام صلاحيات مطلقة ، بل أن الرئيس أبو مازن لم يقبل من وزراء تقارير تتعلق بالفساد ، وقال لأحدهم ذات مرة ' لا تقدم لي مثل هذا التقرير ، إن كان لديك أدله قدمه للنائب العام وصلاحيات النائب العام أن يحاسب الصغير والكبير فأعاد الرئيس أبو مازن للنيابة العامة دورها الذي غيبته ظروف انتفاضة الأقصى والفلتان الأمني مؤكدا ان القانون فوق الجميع .
وعندما تناولت بعض وسائل الإعلام لبعض الإشكالات الداخلية لفتح على مستوى اللجنة المركزية والأطر القيادية الأخرى ، نلاحظ أن البعض تعمد الترويج لروايات وهمية وكأن خلافات مدمرة عصفت بفتح وهذا بعيد عن الحقيقة ، وأي فصيل سياسي لا يوجد به خلافات ؟! ولكن الفرق أن فتح تتعامل بشفافية مع قاعدتها الفتحاوية وشعبها ووسائل الإعلام ، فهي حركة منفتحة وليست منغلقة ، في حين أن فصائل وحركات أخرى لديهم من الخلافات ما لديهم ، ويحظر عليهم التطرق لهذه الخلافات في وسائل الإعلام بالمطلق وكأنها أسرار مفاعل ديمونة . وهذا يعبر عن الروح الديمقراطية العالية التي تتمتع بها فتح على المستوى التنظيمي وفي علاقتها مع شعبنا ومع الفصائل الأخرى .
نعم هذه هي حركة فتح التي انتمينا لها بعقولنا وقلوبنا ، ولم ولن نتخلى عنها مهما روج المروجون من إشاعات حولها . ومن يعتقد بان فتح قد فشلت ودبت فيها الخلافات فهو واهم ، ومن يفكر يوما ما بالتفريط في هذه الحركة العملاقة فهو خائن .
-- |