صنعاء نيوز/بقلم / معروف درين . -
ثمة مفارقة عجيبة وغريبة في نفس الوقت وخصوصا في المجتمعات العربية, ففي الوقت الذي نجد الأوروبيين والغربين يشكلون تحالفات واتحادات لحماية مصالحهم ومواطنيهم واراضيهم ضد اي تدخل او هجوم محتمل ورغم اختلاف عاداتهم وتقاليدهم ودياناتهم ولغاتهم، نعم في وقتٍ كهذا وظروف كهذه نجد ابناء الأمة العربية اصحاب اللغة الواحدة والأرض المشتركة والدين الواحد والعادات والتقاليد والتاريخ المشترك يتشرذمون ويتمزقون ويتناحرون ويقسموا المقسم ويدمرون المدمر ويجزئون المجزأ ويستعينوا بإعداء الأمة والمتربصين بها وبمصالحها لتحقيق تلك الأهداف الشيطانية!!
الم يكن جديرا بأبناء الأمة العربية بل وواجبا عليهم أن يكونوا لحمة واحدة وصف واحد تحت مظلة الجامعة العربية, الم يتوفر لهذه الأمة كل وسائل الثروة والقوة في أن واحد، الم يدعونا ديننا الإسلامي الحنيف الى وحدة الصف ونبذ الفرقة والانقسام والتصارع والتناحر، الم يعد واقعنا المخزي والمؤلم مخالفا لتعاليم الدين الإسلامي ولما جاء به نبي هذه الأمة رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى اله اجمعين وصحابته الراشدين؟
كثيرة هي الأسئلة التي تدور وتُطرح بين الفينة والأخرى, ولعل المتابع لحال هذه الأمة في هذه الآونة يدرك حجم الخطر المحدق والكارثة التي حلت بنا كعرب فبدلا من أن نكون امة واحدة او اتحاد واحد شرقنا وغربنا وشكلنا اكثر من اتحاد واكثر من تجمع فتشتت الشمل وانقسم الأخوة وتصارعوا من اجل اهداف صغيرة وساذجة يُخيل لبعض القادة والمسئولون انها اهداف سامية ونبيلة.
وهنا سنحط الرحال عند احد هذه التجمعات والاتحادات وتحديدا مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس ليكون قوة عربية رادعة في الجزيرة العربية والوطن العربي بشكل عام, لكن للأسف الشديد تحول هذا المجلس الى اداة للتمزيق وتفريخ المشاكل والحروب الداخلية في محيطه الجغرافي على وجه الدقة والتحديد, وبدلا من ان يقوم هذا المجلس الموقر - الذي تسيره مملكة الشر- بمواجهة المد الفارسي في المنطقة حسب قولهم وتحرير اراضيهم وجزرهم المغتصبة ومساعدة جيرانهم في الشمال والجنوب, بدل من ذلك كله جعلوا كل همهم هو تمزيق هذه الأمة ودفع مليارات الدولارات في سبيل ذلك، فكان اكبر المتضررين هم جيرانهم ..
واذا كان كل الخبراء والمحللين يوصون دول مجلس التعاون الخليجي بضرورة ضم اليمن الى قوام دول المجلس ليكون البوابة الجنوبية وحصنها الحصين وحارسها الأمين من الجهة الجنوبية وكذلك العراق من الجهة الشمالية باعتبارهما بوابتين هامتين لدول المجلس لا يمكن الاستغناء عنهما، غير أن الأمور سارت على غير المعتاد حيث عمدت دول هذا المجلس - باستثناء عمان – الى زرع الفتن وتمويل الحروب في هذين الدولتين بشكل خاص وفي باقي الدول العربية بشكل عام وشكلت تحالفات لزعزعة الأمن والاستقرار عربية واسلامية وغربية !!
العراق واليمن كانا ولا يزالا القوة الضاربة والأرض الخصبة والتاريخ العريق والحضارة الموغلة في القدم والثروة المادية والبشرية التي كانا سيجعلان لهذا المجلس قيمته واهميته، لكننا وجدنا الدعوات توجه الى دول في قارات اخرى للانضمام لهذا المجلس المشئوم ومن قارات اخرى ورأينا في المقابل مليارات الدولارات تنفق لضرب اليمن والعراق وتدمير كل مقدراتهم واحياء الطائفية والعرقية والمذهبية وتمويل الجماعات الإرهابية المتشددة لتدمير وتشويه كل شيء جميل, وجاء التدخل المباشر في اليمن لكي يعرف الجميع أن ذلك لم يكون وليد اللحظة بل استكمال مخططات سابقة وحقد دفين.
على اية حال هل تعلم دول الخليج وعلى وجه التحديد السعودية انه كان بالإمكان انفاق اقل من20% من تكلفة الحرب القائمة سواء العدوان المباشر في اليمن او التدخل غير المباشر في العراق وسوريا وغيرها من الأقطار العربية لإصلاح الأوضاع وتوحيد الصفوف؟!
وهل تعلم دول مجلس التعاون الخليجي انها بفعلتها وتحالفاتها هذه على جيرانها ستدفع ثمنها باهضا وهي بذلك ينطبق عليها المثل الشعبي القائل" من حفرة حفرة لأخيه وقع فيه" وهل تعلم أن جيرانها لن يكونوا معها وفي صفها في حالة حدثت حرب مع ايران الذين يدعون ان هدفهم هو محاربة المد الفارسي, واين المد الفارسي في اليمن ؟ ستجد دول مجلس التعاون الخليجي جيرانها ينتقمون لأنفسهم ويثأرون لما لحق بهم من جيران السواء وليس حبا في ايران او غيره, وخلاصة الكلام الخليج بحربه وعدوانه المباشر والغير المباشر سواء في العراق او اليمن يدمر بوابتيه الشمالية والجنوبية ويفتح الباب على مصرعيه للأعداء الحقيقيين وينطبق عليهم قول الله جل وعلى:" يخربون بيوتهم بأيديهم وايدي المؤمنين" صدق الله العظيم.