صنعاء نيوز/بقلم: عمر دغوغي - صنعاء نيوز/بقلم: عمر دغوغي صحفي وفاعل جمعوي
كثيرا ما نشكو من السلوك الفردي إذا خالف ما هو قار في المجتمع من قيم ومبادئ، وعادات وتقاليد، في الوقت الذي نمتدح فيه السلوك الفردي المنسجم مع تلك القيم والمبادئ والعادات والتقاليد، دون أن نقف كثيرا أمام هذا السلوك الفردي سواء كان سلبيا أو إيجابيا، ودون أن نتعامل مع هذا السلوك كمؤشر على تطور المجتمع أو تراجعه، وما هي التأثيرات الناجمة عن هذا السلوك أو ذاك، وهي حالة من السلبية يقود إليها عدم الشعور بالمسؤولية المباشرة تجاه المجتمع، ومحاولة تقييم سلوك أفراده لتنسجم مع طموحات الإصلاح والتغيير إلى الأفضل، والسعي نحو مزيد من العمل الجاد المثمر الذي يساعد على هذا التغيير المنشود وفق منظومة القيم والمبادئ التي يؤمن بها المجتمع.
ومن الخطأ القول ان تأصيل القيم والمبادئ من اختصاص المؤسسة الرسمية أو الأهلية المعنية بهذا الأمر، فهذا التأصيل يقوم على أكتاف الأفراد، أولا وقبل كل شيء والجهد الفردي في هذا المجال هو الذي يغذي ويدعم أي جهد مؤسساتي جمعي، لأن طموحات التغيير تبدأ من الفرد، وعندما يلجأ هذا الفرد للتواكل بحجة أن هذه ليست من مسؤولياته، حينها يحدث الخلل في التوجه العام للإصلاح، وهذا التواكل يأخذ عدة وجوه، أولها أن الدولة هي المسئولة عن كل شيء، وثانيها الشعور بعدم القدرة على التغيير في ظل أي مظاهر للفساد قد تطفو على سطح المجتمع، وثالثها غياب الإحساس بالانتماء للمجتمع، وبالتالي عدم العناية بأي جهد يبذل من أجل الوصول به إلى محاولات الإصلاح، ورابعها الاعتقاد بأن القمع أو غياب المؤسسات المدنية قد يحول دون الإصلاح، وفي ظل هذه الأسباب تغيب الرغبة الحقيقية في الإصلاح، مع أن أي إصلاح إنما يبدأ من الفرد نفسه، وإذا صلح هذا الفرد صلح مجتمعه، وأي محاولة للخروج على منظمة القيم والطموحات في المجتمع، سوف تجابه بالرفض من أفراد هذا المجتمع أنفسهم طالما تشبثوا بطموحات الإصلاح عن طريق الالتزام بكل ما هو إيجابي، مع الإصرار على مواجهة السلبيات، وإدانة كل مظاهر التخلف، والتصدي لكل محاولات النيل من أي منجزات وطنية مكتسبة، باعتبار ان هذه المكتسبات هي من أجل هذا الفرد أولا وأخيرا.
أن يبدأ الإنسان بإصلاح نفسه أولا، فهذه هي الطريقة المثلى للوصول إلى إصلاح المجتمع، وتغيير سلوكيات أفراده من السلبية إلى الإيجابية لترسيخ قيم الخير والحق والتعاون بين أفراد المجتمع بعد تجاوز السلبيات التي تعترض نموه وازدهاره، وصولا للتغيير لما هو أفضل وأكثر إيجابية في البناء المجتمعي الطموح، ولاشك أن محاولات الإصلاح في أي مجتمع ستواجه بحملات شرسة إذا هددت مصالح بعض الأفراد أو تناقضت مع قناعاتهم الذاتية، وهي في الغالب مصالح وقناعات لا يمكن القول إنها تهدف لمصلحة المجتمع، لأنها ترتبط بأشخاص تعودوا على الأخذ دون عطاء، كما تعودوا على جني ثمار جهود الآخرين لصالحهم، أناس لا يفكرون في مصلحة المجتمع بقدر ما يفكرون في مصالحهم الخاصة، وهذا هو الداء الذي إذا تسرب لأي مجتمع، فلن يستطيع ذلك المجتمع التقدم أمام هذه العقبة الكؤود.
التفكير في التأثير المباشر لسلوك الفرد على المجتمع سلبا أو إيجابا، هو بداية الطريق لتجاوز السلبيات والتعامل مع ذلك السلوك حسب نتائجه السلبية أو الإيجابية، لأن تجاهل السلبيات في سلوك الفرد، وعدم النظر إليها بجدية، وعدم معالجة أسبابها، لن يؤدي إلى طريق الإصلاح وما يستوجب من تغيير إلى ما هو أفضل في كل مظاهر الحياة في المجتمع في إطار الثوابت التي قام يقوم عليها المجتمع، ومنها يكتسب شرعية محاولاته للوصول إلى ما فيه الخير للجميع.
|