صنعاء نيوز/علي أحمد الساعدي - منذ اكثر من ثلاثين عاماً جاءوا الى العراق تاركين وراءهم أهليهم ومنازلهم استعداداً لمسيرة طويلة نحو الحرية ، اختاروا الاقامة في منطقة صحراوية في أول درس إنساني يقدموه للعالم ، زرعوا الطيبة والأمل في الرمال الميتة فأصبحت خضراء تنبض بالحياة ، ومن هناك انطلق كفاحهم الاسطوري ضد أخطر نظام إرهابي إجرامي في العالم ، نظام الملالي الحاكم في إيران ، الذي افتتح عهده المظلم بسلسلة إعدامات تم تصنيفها كمجازر بعد ان تجاوز عدد من اعدمهم مئات الآلاف .
أكثر من ثلاثين عاماً من الاغتراب قضاها هؤلاء الرجال والنساء في المنفى حاملين قضية وطن ، وطن يعيش معهم في صحوتهم ومنامهم ، وطن حاضر معهم في كسرة الخبز وشربة الماء التي يتناولوها مرتين في اليوم ، وطن ينبض في اناشيدهم الحماسية الثورية التي تصدح بها حناجرهم ، وطن يتطلعون إليه في عيون المناضلة العظيمة مريم رجوي التي أقسمت على تحرير شعبها أو الشهادة في سبيل الله .
ثلاثون عاماً والوطن يعيش في قلوب مجاهدي خلق ، تم تجريدهم من أسلحتهم وحوصروا ومُنع عنهم الغذاء والماء والكهرباء وكل مستلزمات الحياة الانسانية ، زفوا رفاقهم شهداء على درب الحرية في مخيم أشرف الذي تعرض لعدة هجمات شنتها عصابات الملالي ومرتزقة نوري المالكي القتلة ، وتم نقلهم قسراً الى منطقة جرداء في بغداد ، (مخيم ليبرتي) الذي انتقلوا إليه بعد وعود من الأمم المتحدة بحمايتهم ، وكعادتهم كخلية نحل جعلوا من الأرض الصخرية جنائن خضراء ، كل شجرة زرعوها حملت اسم شهيد من شهدائهم ، لكنهم ودعوا رفاقاً آخرين استشهدوا في هجمات شنتها ميليشيات الملالي على هذا المخيم الذي حوصروا فيه كما حوصروا من قبل في أشرف ، ورغم كل شيء مازالوا ثابتين على قضيتهم لايتنازلون عن مبادئهم حتى آخر قطرة من دمائهم !
والسؤال موجه لنا نحن العراقيين ، ما الذي ينبغي أن نتعلمه من إخوتنا الأشرفيين الذين عاشوا بيننا على امتداد ثلاثة عقود من الزمن ؟! عدونا واحد ، هو النظام الإيراني المجرم الذي دمر العراق بالكامل ، حطم بناه التحتية ودمر اقتصاده وتركه مفلساً ، زرع الفتن الطائفية بيننا وجعلنا نغرق في انهار دماء عندما قام بتفجير قبة الإمامين العسكريين في سامراء ، النظام الإيراني الذي دعم وموّل تنظيم القاعدة والميليشيات على حد سواء فكان الطابق الأول في مستشفى بطهران يعالج جرحى الميليشيات والطابق الرابع يعالج جرحى تنظيم القاعدة ، النظام الإيراني الذي سعى الى تخريب نسيجنا الاجتماعي وزرع الجهل في عقول البسطاء وجعل الأخ يقتل أخيه ، النظام الذي أوعز لعملائه بإدخال تنظيم داعش الإرهابي الى الموصل ليصبح العراق ساحة مفتوحة لحربه الوهمية ضد الإرهاب ليغطي على كونه هو المصنع الحقيقي للإرهاب منذ عهد الخميني المقبور ، النظام الإيراني الذي صنع حكومات عراقية فاسدة وبارك قوائم اللصوص الانتخابية التي جعلت البلد يقع في هاوية الإفلاس وقريباً ستتحول الميليشيات الى عصابات تسليب تقتل وتسرق وتعتدي على المواطنين في وضح النهار .
الأجدر بنا نحن العراقيين ان نتعلم اولاً من مجاهدي خلق كيف نحارب نظام الملالي ، كيف نحارب هذا العدو المشترك الذي حاربه الأشرفيون طيلة ثلاثين عاماً ، فمجاهدي خلق هم الدواء الحقيقي للجرح العراقي اليوم ، هم العلاج الناجع لمشكلتنا.
اما من النواحي الإنسانية ، فالأجدر بنا وبكل شعوب العالم ان نتعلم منهم الصبر والعزيمة العالية والإصرار على مواجهة العدو بأبسط الإمكانيات ، ولعل أبسط درس أخلاقي قدمه مجاهدو خلق للعالم هو تعمير الأرض الميتة وجعل الخراب حدائق خضراء ، فمجاهدو خلق يحبون الحياة ويحترمون الأرض التي يحيون عليها ، كما يعشقون الشهادة في سبيل الله من أجل قضية شعبهم .
باختصار ، على كل عراقي يمتلك حساً وطنياً صادقاً ويفكر بمستقبل وطنه ومستقبل أبنائه والاجيال القادمة ان يدرس قضية مجاهدي خلق التي باتت مثالاً للتضحية والفداء على مستوى العالم .
ختاماً ، مع احترامنا لكل الثوار في العالم من كوبا الى الصين ، لو دققنا النظر في قصة مجاهدي خلق والتضحيات العظيمة التي قدموها والعبر والدروس الإنسانية التي جسدها نضالهم الطويل ، سنجد أن هؤلاء الثوار يقفون في طليعة الحركات التحررية في التاريخ الحديث ، تحية لكل مجاهد ثائر على الظلم والطغيان . |