صنعاء نيوز - أصدر مجلس الوزراء السعودي قبل بضعة أيام من نهاية عام 2015 قرارا يقضي بالرفع من أسعار الوقود بنسبة فاقت 50% بالنسبة لبعض مشتقاته وتقليص الدعم الحكومي لمجموعة من المنتجات والسلع، بينها الماء والكهرباء، في أعقاب عجز قياسي في ميزانية الدولة بسبب تراجع أسعار النفط.
ودخل مفعول ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والبنزين والديزل والكيروزين (وقود الطائرات) ابتداء من فجر الثلاثاء 29 ديسمبر/ كانون أول. وجاء في بيان للمجلس إنه تم رفع تلك الأسعار تماشيا مع أسعار الطاقة في السوق العالمية. وحتى بداية الاسبوع الجاري كانت أسعار الوقود في السعودية الأرخص في منطقة الخليج وإحدى الأكثر انخفاضا في العالم.
وقد سجلت السعودية، وهي أكبر مصدر للنفط عالميا، خلال عام 2015 عجزا قياسيا في ميزانيتها، هو الأعلى على مدى تاريخها، وبلغ 98 مليار دولار. وعزا المسؤولون السعوديون ذلك للتراجع الكبير والمتسارع في أسعار النفط العالمية منذ نهاية عام 2014.
فقد بلغت تقديرات عائدات الدولة من النفط، خلال عام 2015، حوالي 162 مليار دولار فقط، وهو مبلغ يقل بنسبة 42% عما كان عليه عام 2014. في حين ارتفع حجم الإنفاق الحكومي إلى 260 مليار دولار. وبذلك تسجل الميزانية السعودية عجزا للسنة الثانية على التوالي.
ورغم ذلك أظهرت الأرقام الرسمية لميزانية عام 2016 والتي أعلنت عنها وزارة المالية السعودية عزم الحكومة تعزيز مستويات النمو الاقتصادي. وطبقا لتلك الأرقام سيبلغ حجم الإنفاق 223 مليار دولار مقابل إيرادات متوقعة بقيمة 136 مليار دولار، ما يعني عجزا بقيمة 87 مليار دولار.
ورغم تراجع دخلها من النفط الذي يشكل نسبة 90% من مجموع عائداتها على مدى 2015 حافظت السعودية على حجم إنفاق مرتفع تزامن مع تدخل عسكري باهظ التكلفة في اليمن اضطرت معه على اللجوء إلى السحب من احتياطها النقدي الضخم الذي راكمته خلال سنوات تجاوز فيها سعر البرميل الواحد من النفط 120 دولارا.
وتعتبر السعودية الدولة العربية الثالثة التي تلجأ الى رفع أسعار الوقود وخفض دعم الطاقة استعدادا لمواجهة تدني أسعار الخام لفترة طويلة، على غرار الاجراءات التي اتخذتها في وقت سابق حكومتا دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت في وقت سابق من عام 2015. ويتوقع أن تحذو الدول الخليجية الأخرى حذو الدول الثلاث.
وقال رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية خالد الفالح في مؤتمر صحفي عقده بداية الأسبوع الجاري إن قدرة بلاده على "الانتظار والصمود في وجه تدني الأسعار أكبر من قدرة المنتجين الآخرين".
وتوقع توازن السوق عام 2016 وتجاوز الطلب المعروض في نهاية المطاف، بعد نفاذ جزء كبير من فائض المخزون. وكانت الرياض على الدوام ترفض دعوات خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط وآثرت الدفاع عن حصتها في السوق في مواجهة المنافسين ذوي تكلفة الإنتاج العالية.
وتمثل الإصلاحات التي أعلنتها السعودية أكبر تغير في السياسة الاقتصادية للمملكة منذ أكثر من عشر سنوات. وقد دأبت المملكة على الإنفاق بسخاء في الماضي على الصحة والتعليم والبنى التحتية.
غير أن دخول أسعار النفط دورة الهبوط سيجبرها على شد الحزام. |