صنعاء نيوز/الكاتب علاء الريماوي - تتسارع الأخبار العاجلة من لبنان عن كشف شبكات تجسس صهيونية وصل تعداد أفرادها إلى الآن مئة أو يزيد .
العدد مرشح للزيادة الكبيرة وخاصة أن نوعية المقبوض عليهم ظلوا فوق الشبهة مع قدرتهم على الوصول إلى مراكز مهمة وحساسة في المؤسسة الرسمية والمجتمعية والحزبية وكذلك الأمنية .
ملفات الأمن اللبناني أظهرت أن حجم الاستهداف الصهيوني للمجتمع كان نوعياً ومدروساً بل تميز بانتقائية مهمة وناجحة حين جعلت مرمى نيرانها مؤسسة الجيش ، والاتصالات ورجال الأعمال وبعض النخب السياسية .
الإعلام الإسرائيلي الذي حاول تجاهل الانهيار لشبكات التجسس في لبنان عاد في الأسابيع الأخيرة الحديث عن الموضوع بنشاط ملحوظ وخاصة بعد كشف شبكة الاتصالات ومعاون الجنرال عون .
نمط التعليق على هذه الحوادث يظل في (إسرائيل) سطحي يقتصر على الخبر مع تضخيم في قدرة الموساد والحديث عن التاريخ القديم في الإنجازات على جبهة العرب .
الحديث عن قدرة الموساد يظل مشاهداً في العديد من الحوادث الكبيرة التي تمتد بحسب الجغرافيا العالمية والتي كانت دوماً ذراع (إسرائيل ) الدوبلماسي الذي تنجح من خلاله عقد صفقات التعاون مع دول العالم .
هذا الحديث يمكن الوصول إلى صدقيته من خلال العلاقة التركية الإسرائيلية والتي أثمرت اعتقال أوجلان وتصفية العديد من قيادات حزب العمال الكردستاني ، عدا عن المشاركة الفاعلة في جمهوريات الإتحاد السوفيتي واختراق بعض حركات المقاومة للنظام الروسي والدور الملاحظ هذه الأيام في العراق وتصفية عقوله العلمية الكبيرة .
الوطن العربي هدف (إسرائيل) الأكبر فيه غير لبنان ، فالمستور في ملفاته قد يوازي لبنان وقد يتفوق عليها، الحديث هذا يذكرنا بكوهين الذي وصل سورية ونسج شبكة من العلاقات التي مكنته الإطلاع على خطط الجيش السوري في معاركها مع دولة الاحتلال .
قصة كوهين تفتح قصص الماضي التي راح ضحيتها عشرات القيادات العربية و الفلسطينية التي تم اغتيالها كما حدث للشهيد عماد مغنية ، والمبحوح ، وأبو جهاد وغيرهم الكثير الذين كانت حلقة الاستهداف لهم في وسط العواصم العربية .
المعروف أن عملية الاغتيال الواحدة تحتاج إلى الكم المشارك في اغتيال المبحوح والذي تجاوز العشرين من عملاء الموساد ، يساندهم على الأرض وحدات استطلاع وتجسس ورصد من مواطني الدولة التي تتم فيها عملية الاغتيال أو الاستدراج .
اللافت في الصراع العربي مع إسرائيل أن معظم الدول العربية ظل ملف التجسس الأجنبي على ترابها غير مفتوح بل بعض الدول لم تسجل حادثة واحدة في اعتقال شبكات تجسس على أرضها .
بل العجيب للمقارنة أن أي محاولة ذهنية أو حلم نوم لمواطن عربي يمس جبروت الحاكم ترى أجهزة أمن دولته تسبقه إلى التفاصيل التي معها يعيش بقية عمره في السجن أو يختمها على منصة الإعدام .
في منهجية العمل الصهيوني تيسر لي في سجن جنيد العيش في زنزانة واحدة مع (عميد) عملاء الضفة الغربية من بلدة قباطية قضاء جنين وكنا للمفارقة في سجن فلسطيني .
في حديثي مع الرجل البالغ في العام 2000 ستين عاماً والذي كان أحد أهم الشخصيات التي قادت مشروع روابط القرى وصف ملامح الدور الذي دافع عنه بقوة بالتالي ..
1. تجنيد قطاع واسع من مخاتير العائلات ورؤساء البلديات والشخصيات المؤثرة في فلسطين بكافة الوسائل الممكنة وغير الممكنة .
2. التركيز في الإسقاط والانتقاء على محور الشخصيات التي تملك القرار ليسهل من خلالها السيطرة على الحراك المجتمعي .
3. تمكين شبكاتهم العاملة من مصادر القوة المادية والمعنوية لإتمام السيطرة المركزة على الأرض .
4. ربط مشروع روابط القرى بشعارات اجتماعية ، تنموية ، وثقافية مضادة لفكر المقاومة وثقافتها .
5. تحديد مسار المشروع بخلاصة حكم ذاتي فلسطيني موسع الصلاحيات تكون (إسرائيل) صاحبة اليد العليا فيه .
الخماسية هي خلاصة حديث الرجل عن مشروع الروابط والتي يمكن من خلالها الاستدلال على حجم المخطط (الإسرائيلي) لفلسطين ، وكذلك حجم وطاقة المشاريع التي يبذل فيها الجهد المرعب والكبير .
هذا بالتأكيد يجعل للمشروع الصهيوني امتداداً يصل المحيط العربي الذي يهدد نجاح المخططات (الإسرائيلية) إن تغيرت الأحوال القائمة .
في إرث المقاومة الفلسطينية القرن المنصرم ، يتناقلون القبض على عميل مخضرم خدم في أغلب الدول العربية ونجح في سني عمله التي كان فيها رجل أعمال ومستثمر كبير في التجميل والسياحة الإيقاع بشخصيات مهمة وكبيرة .
تاريخ العمل الوطني وملفاته تعج بقصص وحوادث خطيرة كلها تشير إلى وجود جاسوس في البيت العربي بمستويات مختلفة في التأثير والفاعلية .
المرعب في تفاصيل هذا الملف من أنه يمس بالوجود والحلم العربي ، برغم ذلك فإن رب البيت (زمرة الحاكم )نائمة تتمايل مع أحلام عجزها على طبل الفشل المتآمر ، ليظل السؤال الكبير مفتوحا ... هل وصل الجاسوس رأس البيت أم يعيش بعد في منتصف الهرم ؟ . |