صنعاء نيوز/ أ.د. سيف العسلي* -
الحرب هي القطيعة بين البشر، وأسوأ أنواع القطيعة هي القتل. لم يأذن الله بالحرب، أي بالقطيعة، وإنما أذن بالقتال لمن ظُلم، أي لمن لم يدعُ إلى الحرب، ولم يتسبب بها، ومع ذلك استخدم إصر الآخرين على القتال أو التهديد به من أجل إكراهه لتغيير دينه أو إخراجه من وطنه.
ومن ثمّ فإن العاقل والمتبع للدين الحق ـ ولا يتبع الدين الحق إلا عاقل ـ لا يبادر إلى الحرب، ولا يتمناها، وإنما يجر إليها جراً من قبل المفتونين والذين يتبعون الدين الباطل.
فصناعة الأعداء، والمبادرة إلى العدواة لا يرضي الله، ولا يأتي بخير تحت أي مبرر وفي أي ظرف من الظروف. سواءً كانت هذه العدواة مع اليهود أو النصارى أو أمريكا أو إسرائيل. فإن عادونا فلا ينبغي أن نعاديهم وإنما نسعى إلى كف أذاهم. وهذا الأمر يختلف عن معاداتهم ابتداءً، لأن المسلم واجب عليه أن يدعوهم بالتي هي أحسن والعداوة والحرب والقتل ليس من التي هي أحسن، بكل تأكيد.
الحرب تقتل النفس التي حرم الله، والتي أمر بإحياها وليس قتلها بغير نفس أو فساد في الأرض، مهما كان دين هذه النفس أو لونها أو عرقها.. فالأنفس عند الله سواء. والشباب هم وقود الحروب، والله يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} الأنعام(١٥١) أي أنه لا يحب أن يقتل الناس أولادهم من أجل الله.. فالله قوي ولا يحتاج إلى من ينصره.. فقتل الشباب هو قتل للاقتصاد.. فهم القوى العاملة التي تتكفل بإطعام الصغار والكبار.
الحرب تهدر الموارد النادرة، فلا توجد حرب توفر موارد على الإطلاق، فكل الحرب تعتبر خسارة من الناحية الاقتصادية للمنتصر والخاسر على حد سواء.
الحرب تحتاج إلى تمويل، فلا وجود لأي حرب تمول نفسها على الإطلاق. فتمول الحرب إما من خلال المدخرات السابقة، والتي كان يمكن أن توجه إلى الاستثمار بهدف تحسين مستوى المعيشة للناس، أو من خلال الاقتراض الداخلي أو الخارجي والذي يكون على حساب الأجيال القادمةـ وإما من خلال اقتطاع من معيشة الناس الحالية. فما من حرب إلا وتسببت بالتضخم الذي يبدأ بانهيار قيمة العملة وينتهي بزيادة الأسعار بشكل لا يُطاق.
الحرب تولد الحروب القادمة إذا لم يتم الاعتبار منها، والسعي بكل الوسائل لمعالجة الأسباب التي أشعلتها. الجهاد في القرآن هو من أجل منع الحرب. فالقرآن يهدي إلى سُبل السلام، وبالتالي فلا يمكن أن يكون هادياً إلى الحرب والقتل. فالله يدعو إلى دار السلام، والإسلام مشتق من السلام، وتحية الإسلام السلام في الدنيا والآخرة، والكلمة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء هي كلمة السلام التي تجفف منابع الحروب.
الله لا يتفاخر بالحرب، وإنما بالسلام؛ لأنه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر. الله هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى، وليس من الأسماء الحسنى الظلم، والذي دائماً ما يؤدي إلى الحرب والقتل. وكذلك عباده الصالحون الذين إذا تولوا أصلحوا الأرض، لم يسعوا ليفسدوا فيها ويهلكوا الحرث والنسل، إن الله لا يحب الفساد.
أقول للذين يبررون الحرب في اليمن باسم الله، إنكم تفترون على الله الكذب.. وإلى الذين يبررونها من أجل الوطن، الوطن يعاني، وقد بلغت به المعاناة أشدها. أقول لهم من أجل الله، ومن أجل الوطن، توقفوا عن إيقاد نار الحرب، وأدعوهم أن يطفؤها. فإن لم يستجيبوا فإني أنصح نفسي وبقية أهلي في اليمن أن يتوجهوا إلى الله أن يضع أوزار الحرب وأن يطفئ نارها، فقد أهلكت الحرث والنسل.
* المقال خاص لوكالة خبر
*وزير المالية الأسبق البروفيسور «سيف العسلي» |