يورونيوز وضمن مهمتها لتغطية الحرب في اليمن و تأثيرها على حياة اليمنيين البسطاء، تمكنت من زيارة قرية حصن عطان الاثرية، الواقعة في منطقة جبل فج عطان.
القرية التي تعود مبانيها لمئات السنين، يطلق عليها اسم الحصن لوقوعها فوق احدى الجبال المطلة على العاصمة صنعاء وهي محاطة بسور قديم يعود لمئات السنين. حصن عطان أنشئت على يد اليمنيين القدماء أو من يعرفون بسكان الجبال في اليمن و هي من بين أكثر المناطق في صنعاء التي طالتها صواريخ وقنابل هذه الحرب التي لا تعرف لها نهاية.
يورونيوز اول وسيلة اعلامية على مستوى اليمن والعالم تزور هذه القرية الاثرية بشهادة من تبقى من ساكنيها. فريقنا إستنتج أن البيوت الاثرية القديمة لم تسلم هي الاخرى من نيران الحرب المستعرة في اليمن منذ اكثر من عام ونصف، لتتهدم على رؤوس ساكنيها من الاطفال والنساء الذين لا حول لهم ولا قوة.
قرية حصن عطان الاثرية هی اولى القرى التي تدمرت في هذه الحرب لوقوعها بالقرب من جبل عطان الذي تعرض لقصف صاروخي مكثف من قبل قوات التحالف، التي تقول أنه يحتوي على مخازن اسلحة تابعة للجيش اليمني. الغارات المتتالية حولت جزء كبيرا من بيوت القرية الى ركام و أدت إلى إصابة العشرات من الاطفال والنساء والرجال بشظايا الصواريخ والقنابل والصخور التي تطايرت عليهم من كل صوب و جهة.
و يقول أحد الأطفال الذين أصيبوا في هذه الإنفجارات : “تهاطلت القنابل علينا، و تساقطت الحجارة و الشظايا فوق رؤوسنا، فأصبت في ساقي و كذلك في يدي و رأسي، و أصيب أيضا نصف أصدقائي في أياديهم و أرجلهم.”
محمد شيخ إبراهيم، مراسل يورونيوز في اليمن، يشرح لنا ظروف إستقرار هذه الأسر في المنطقة : “السكان هنا و لضيق الحال لجأوا منذ عشرات السنين لهذه القرية الأثرية، ليؤمنوا مسكنا لعائلاتهم، لكنهم الآن أصبحوا مهددين بالرحيل مرة أخرى، بفعل الضربات الجوية التي دمرت عددا من بيوت هذه القرية و شردت جزءا من سكانها مرة أخرى.”
يسكن هذه القرية حوالي ثلاث وخمسين اسرة يمنية فقيرة، فهم معروفون في العاصمة صنعاء بكونهم اكثر الاسر فقرا ويعانون اوضاعا معيشية صعبة، فهم جزء من عشرات الملايين من فقراء اليمن الذين حولتهم هذه الحرب من العيش في اليمن الفقير الى العيش الان في اليمن الجائع، و ذلك بسبب انهيار الاقتصاد بالكامل وانهيار البنية التحتية وحصار بري و بحري وجوي يحول حياتهم الى جحيم. كل هذا ناتج عن نزاعات سياسية وتوترات بين فصائل متنافسة و صراع اقليمي.
وحسب افادات سكان هذه القرية لنا، فلم يصلهم من المساعدات الانسانية منذ بدء الحرب وتضررهم، سوى القليل ليعود لينقطع عنهم في هذه الايام. جزء كبير من اطفال القرية يعانون من امراض بسبب غياب الخدمات الصحية والغذاء والماء الصحي، بعد ان تدمرت جميع خزانات مياه القرية ليبدأوا في رحلة معاناة جديدة وشاقة بحثا عن المياه واحضارها لهذه القرية المنكوبة.
عن هذه الأوضاع يقول أحد سكان القرية : “تعاني القرية بشدة، فهي صارت الضحية في هذه الحرب. لم يلتفت لحالها أي من طرفي النزاع و لم تصلها أية مساعدات من منظمات الإغاثة، حتى الإعلاميين قصروا في حقنا، لأنهم لم يأتوا ليصوروا و لكي يرى العالم حقيقة هذه القرية و خصوصا أنها أول قرية دمرت في اليمن.”
و يضيف ساكن آخر : “حصلت إنفجارات في المعسكر، و انهالت علينا القذائف فدمرت منازلنا، يمكنك أن تستنج كل الدمار الذي حل هنا. لم نعد نملك شيئا و لا أحد يهتم بحالنا.”
ولطالما وصفت الحرب في اليمن بالحرب المنسية فإن فقراء اليمن ضحايا هذه الحرب اصبحوا في عداد المنسيين بعد ان زادت الحرب اوجاعهم وطالتهم نيران الصراعات التي لا دخل لهم فيها كما عبروا لنا.