صنعاء نيوز/بقلم : الدكتور عادل عامر - أن ظاهرة الإرهاب آخذة في الاستفحال في العديد من الدول العربية، بشكل بات يهدد سلامة وأمن واستقرار هذه الدول، بل تجاوز ذلك في بعض الحالات ليهدد وجود ووحدة أراضي هذه الدول. أن الظروف اليوم تختلف، حيث كان التعاون العسكري العربي خيارا ملائما بالأمس، ومع ذلك لم يحدث، اليوم أصبح التعاون العسكري أصعب. و أنه لا توجد دولة عربية واحدة لها قوة عسكرية ذاتية، لذا فموافقة الدول الكبرى المتحالفة مع الدول العربية ستكون شرطا ضروريا لبناء قوة عسكرية عربية مشتركة.
أن القوة العربية المشتركة أضحت ضرورة مُلحة لدى العديد من الأقطار العربية، لتمكينها من التصدي للأخطار والتهديدات المُحدقة بالمنطقة كلها، وإن كان تشكيل هذه القوة يواجه تحديات ومعوقات تهدد الفكرة من أساسها، وهو ما يتطلب من بعض الدول العربية تقريب وجهات النظر فيما بينها بشأن بعض النقاط الخلافية حول القضايا والموضوعات الإقليمية، وتجاوزها من أجل دعم الأمن القومي العربي، وأيضاً الضغط من جانبها على الحلفاء الدوليين في سبيل تأييد مقترح القوة الموحد
كما أن الدول المشاركة في هذا الحلف طورت من مفهوم الدفاع المشترك بينها.. بينما الدول العربية بقيت اتفاقيتها الدفاعية حبرا على ورق ووضعت في الرفوف حتى ملأها الغبار وصدئت محتوياتها من كثرة النسيان، وذلك لعدم وجود إرادة سياسية عربية نظرا لانعدام الثقة والشفافية العسكرية بين العرب- والعرب
فكل دولة تريد أن تحتفظ لنفسها بأسرارها الخاصة، فقط هناك تعاون استخباراتي بين هذه الدولة وغالبا لقمع الشعوب وليس لحفظ أمنها كما يذاع، وهذا هو التعاون الوحيد بين الدول العربية أما ما عداه فلا يوجد أي تعاون مثمر، هناك فقط ريبة وشك وخلافات لا تنتهي وهذا ما يجعلنا نقول أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك هي حلم سريالي ولا يمكنه أن يتجاوز هذا التصور على الأقل في المدى المتوسط. و “معاهدة الدفاع العربي المشترك” يتكلم عنها الكثير ونعرف عنها القليل.هي معاهدة تم توقيعها في دور الانعقاد العادي الثاني عشر لمجلس الجامعة العربية بتاريخ 13 نيسان عام 1950 وانضمت لها الدول العربية على التوالي فيما بعد كانت تمثل تجربة عربية مشتركة يجب تقديرها والتنويه عنها في إطار المرحلة التي نمر بها الأن . فالاتفاقية جاءت استنادا إلى نص المادة 15 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على حق الدول منفردة وجماعة في الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الخارجي كما استندت الاتفاقية أيضا إلى الدفاع الجماعي التي اتبعتها التحالفات الدولية المختلفة .
يعتبر أي عدوان على أي دولة موقعة على البروتوكول عدواناً على باقي الدول وأي مساس بدولة من الدول الموقعة على البروتوكول مساساً صريحاً بباقي الدول الموقعة على البروتوكول تؤلف هيئة استشارية عسكرية من رؤساء أركان حرب جيوش الدول المتعاقدة للإشراف على اللجنة العسكرية الدائمة المنصوص عليها في المادة الخامسة من المعاهدة ولتوجيهها في جميع اختصاصاتها المبينة في البند الأول من الملحق العسكري.
عليها تقارير اللجنة العسكرية الدائمة ومقترحاتها لإقرارها قبل رفعها إلى مجلس الدفاع المشترك المنصوص عليه في المادة السادسة من المعاهدة. وتقوم الهيئة الاستشارية العسكرية برفع تقاريرها ومقترحاتها عن جميع وظائفها إلى مجلس الدفاع المشترك للنظر فيها وإقرارها ما يقتضي الحال إقراره منها. ويكون لهذا البروتوكول قبل الدول الموقعة عليه نفس القوة والأثر اللذين للمعاهدة وملحقها وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ أحكام المادتين الخامسة والسادسة من المعاهدة والبند الثالث من ملحقها العسكري. والملاحظ أن اتفاقية الدفاع المشترك وملحقها العسكري تنص صراحة على تشكيل لجنة عسكرية دائمة ومجلس للدفاع المشترك وكلاهما يعد الخطط العسكرية لمواجهة جميع الأخطار المتوقعة
كما يقوم بتقديم المقترحات لتنظيم قوات الدول المتعاقدة وزيادة كفاية قواتها من حيث تسليحها وتدريبها لتتماشى مع احدث الأساليب والتطورات العسكرية ، أن جوهر الفكرة مفقود أصلا، إذ لا يوجد ما يربط بين 22 دولة عربية للقيام بعمل عسكري مشترك وقد يكون “الإرهاب” خطرا مشتركا فعلا، ولكن تعريفه وتحديده ينطويان على خلافات، إذ لكل دولة عربية تعريف له يختلف عن الأخرى. و أنه نظرا لعدم وجود اللجنة العسكرية الدائمة وعدم وجود مجلس الدفاع المشترك وعدم وجود عمليات التنظيم والتدريب ورفع كفاية القوات المسلحة العربية فكيف يتم تطبيق المعاهدة إذن ؟أن هذه القوة هي حلم و أمنية الشعوب العربية و ليس الحكام العرب، ولكن يجب أن يعلم العرب إن الوقت ليس في صالحهم، فالقضاء على الإرهاب معركة حياة أو موت، ويجب أن تتم المواجهة سريعا.
أن الاتفاقية بالذات في شقها العسكري ولدت ميتة بالنسبة لأي طرف لا يشعر بتهديد حقيقي من إسرائيل، فاليمن مثلا تحفظت على أي شيء يلزمها بالتدخل حال العدوان على دولة أخرى، إذا كان هذا العدوان نتيجة معاهدات أو تحالفات أو وجود قوات أجنبية على أراضيها، وتحفظت على كون قرارات مجلس الدفاع المشترك ملزم لها باعتبار موقعها الجغرافي بعيد، الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ ولكنها ظلت حبرًا على ورق. المهم أن الدول العربية انضمت للاتفاقية تباعًا وصدقت دول مختلفة عليها، وانضم الجميع عدا عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وانضمت دولة فلسطين نفسها للاتفاقية عام 1976 بعد الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني قبل ذلك التاريخ بعامين في قمة الرباط، ولكن الاتفاقية لا زالت غير مفعلة.
أن تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك يبدو صعبًا للغاية، لكن يمكن أن يتأسس تحالف يجمع دول مثل مصر والأردن والإمارات والبحرين وربما الكويت أو حتى السعودية. المساحة التي تتحرك فيها هذه الأطراف لا تمكنها من إيجاد مساحة كبيرة للمناورة، ربما تملك السعودية و ربما الكويت مساحة أكبر لاتخاذ مواقف مرنة مع تركيا وقطر دون المساس بعلاقة قوية مع مصر و باقي الدول، ولكن هذا لا يسري على بقية الأطراف، فتواجد الإخوان القوي في الأردن، وصراعهم في المعركة الصفرية المفتوحة مع مصر، وتواجد تنظيمات إخوانية في الإمارات والبحرين، بخلاف التهديد الإيراني القائم باستمرار على البحرين والإمارات.. كل هذا يشجع فكرة اعتماد هذه الأطراف بشكل أكبر على بعضها، خصوصًا أن مصر والأردن ودول الخليج عموما يشعرون بأن الولايات المتحدة خذلتهم في مواجهة إيران عندما مددت النفوذ الإيراني في العراق ثم عندما تخلت عن الحكام ( المعتدلين) فلم يكن التقارب الاندماجي غير المسبوق بين دول الاتحاد الأوروبي الـ28 ليسفر عن تشكيل جيش أوروبي موحد أو قوة عسكرية موحدة تحت إشراف البرلمان الأوروبي رغم توقيع دول الاتحاد على معاهدة لشبونة عام 2007 التي وضعت بدورها أطرا سياسية ومؤسسية لهذا الأمر
بتجديدها التأكيد على ضرورة تفعيل اتفاقية الدفاع الأوروبي المشترك وإنشاء ونشر قوات للردع السريع، فضلا عن إصلاح مؤسسات الاتحاد وتنشيط عملية صنع القرار فيه، لتحل تلك الاتفاقية بذلك محل الدستور الأوروبي الذي سبق ورفضته كل من فرنسا وهولندا عام 2005 بعد أن تم اعتمادها والتصديق عليها وباتت سارية المفعول في ديسمبر 2008. التحالف الإقليمي الضيق وليس الدفاع المشترك الواسع هو ما يحقق مصالح أطراف عديدة في هذه اللحظة دون أن يدخلها في معارك لا ترغب فيها، بل أن التحالف الإقليمي بهذه الطريقة سيضمن اتفاقات أخرى ضمنية مع أطراف أخرى في المنطقة وفي إفريقيا وآسيا لا تشكل تهديدًا حقيقيًا.
تطمين العالم: حسنا فعل الرئيس السيسي حينما سعى إلى تطمين القوى الإقليمية والدولية بشأن القوة العربية المشتركة المزمع تشكيلها إذا أكد السيسي أن هذه القوة ليست موجهة ضد أي طرف، والهدف من إنشائها هو المساهمة في تحقيق الاستقرار المنشود والحفاظ على وحدة الأمة العربية وصون مقدراتها، إلى جانب تحقيق آمال وطموحات شعوبها، ولا سيما أن المنطقة تمر بمرحلة شديدة الاضطراب والاستقطاب. |