صنعاء نيوز/ بقلم محمد ملواتي - أمريكا تسحب مستشاريها العسكريين والسعودية تتأمل من على ظهر السلحفاة
•السعودية سقطت في لعبة الموت حين افترضت أنها الجغرافيا .. و أنها التاريخ ..
و الآخرون مجرد أرصفة لهذه الجغرافيا ولذلك التاريخ..؟
يبدو أن علمية الانفصال لما يعرف بالتحالف السعودي في طريقه إلى الانفصال. المؤشرات الأولى تقول ومند أن انسحبت المغرب ومعها الأردن منه انه تحالف غير مجد مند البداية ، وان طريق الدمار الكلي الذي اتخذه ضد اليمن جعل منه "تعالف " وليس تحالف، وان الذين دعوا إليه هم بعيدون كل البعد عن السياسة والتحرك الفاعل فيها اليوم، وهي روسيا وإيران..بعيدون ، لان الملك سلمان في شبه غيبوبة و ابنه محمد المكلف بوزارة الدفاع ليس له أي تجربة تؤهله لخوض مثل هذا الصراع ان لم يكن مجرد قشة فوق تمثال من قش،..الظروف وحدها لا تنصع المستحيل ،ولا تؤسس لموقف صلب..والخيارات المبنية على شماعة العاطفة ليست إلا وهما وسط سيل من الإخفاقات..فهل السعودية على بينة من أمرها وهي تخوض حربا بالوكالة..حرب خاسرة بالأساس ، أم أنها تجر أذيالها وفق رؤى أمريكية لا يهما فيها إلا الخراب لان مصالحها تقتضي ذلك.. من البداية دخلت السعودية حلفا عسكريا بإرث من الأوهام أهمها إيمانها غير الواقعي والمنطقي بأنها الدولة الأقوى في الشرق الأوسط ، وان العالم الإسلامي بكل دوله مجرد قاعدة خلفية لها !! ونتيجة لهذا الوهم ادعت أن لا دولة فيه تخرج عن طاعتها حتى ولو قادت الجميع إلى الجحيم !!، شيء لا يمكن لغيرها حتى التخمين فيه، ولان أمريكا تلعب من وراء الستار وتخالف ما تبديه ظاهريا فقد أيدت التحالف بغطاء استخباراتي مهم وادعت أنها لا توفق على التحطيم الكلي الذي أصاب البني التحية لدولة اليمن !! ..الحملة ولا على الفوضى التي أصابت اليمن ولكن دون أن تؤمن بها لأنها تعرف مسبقا أنها حرب خاسرة ، وان كانت تود من ورائها الحد من الانتشار الإيراني في المنطقة سياسيا وجو سياسي.. أكيد كانت تدرك أن إيران تلعب ضد الكل في المنطقة ممن هم يمثلون بالوكالة القوى العسكرية الأمريكية فيها ، وما تأخر إيران عن الحج لهذه السنة إلا لأنها تريد المزيد من التوريط لآل سعود فيما هم عليه من خيارات لا تلعب لمصالحهم، ويبدو أن أمريكا أدركت اللعبة بعد أن تم تغيير المعادلة السياسية في الشرق الأوسط لصالح محور سوريا باعتبارها قلب الصراع العالمي اليوم فسارعت إلى سحب مستشاريها العسكريين وهم أصلا من" السي آي ايه" وهنا تبدو السعودية بين مساحة الضياع في حربها ضد اليمن وبين مساحة الأزمات المترتبة عنها ، وهي أزمات معقدة وخطيرة وقد أساءت إليها أخلاقيا ودينيا ودوليا ، فالعمالة الهندية فيها بالآفة عالقة بين الموت والحياة وتم إطعامها من طرف الهند فوق ارض سعودية إنها بحق مهزلة في دولة تدعي القيم الاسمية ولا أقول الإسلام.. والعمالة "التايلاندية" هي أيضا على نفس الخطي، لقد لعبت السعودية ضد الكل بورقة البترول فسقطت هي الأولى ضحية اللعبة ولم تجد مؤسساتها الاقتصادية ما تسدد به مرتبات العمال لأشهر عدة فضلا عن العجز في ميزانيتها والسحب شهريا بما يعادل أربعة عشر مليار ونصف من صندوقها السيادي.. مشكلة السعودية إذن، أنها تدعي الإسلام الوهابي و لكنها بسم الإسلام تحارب الإسلام وان اقتضى الأمر بالرشوة وما أكثرها في تاريخ آل سعود.. إذن،
هناك ثلاث نقاط رئيسية ، وتبدو أساسية في أسباب سحب المستشارين العسكريين من السعودية وبالتحديد من التحالف السعودي وحربه الإجرامية على اليمن..نقاط بعضها أشار اليها الناطق بسم البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية ، وبعضها بقي طي الكتمان.
أولاها : أن "بن كي مون "حين جمد قرار وضع السعودية على اللائحة السوداء أشار إلى أن ذلك تم تحت ضغط خارجي لكن ما تشير خفايا كثيرة انه تم بناء على رشوة كبيرة قدمها وزير الدفاع السعودي له أثناء زيارته لأميركا ولم يغطي بعضا منها الإعلام الأمريكي ولا وكالات الإنباء العالمية ، وتقول تقارير حساسة إن الأمير السعودي محمد بن سلمان قدم أيضا أمولا لصندوق حملة التبرعات للمرشحة "هلاري كلينتون" وآخرون في الكونغرس الأمريكي للتخفيف عما ورد في الصفحات الثمانية والعشرون من التقرير السري حول إحداث الحادي عشر من سبتمبر. وأمريكا تعلم ذلك ، لكنها صامتة مما يدل على تورطها في القضية أكثر..القضية هذه صارت مثار نقاط سوداء في جبين الأمم المتحدة ويبدو أن الأمور كلها في طريقها إلى الظهور على السطح مما يضع البيت الأبيض الأمريكي أمام عدة تساؤلات خاصة في علاقته الغامضة مع إطراف فاعلة في السعودية.. وإذا علمنا ان التحالف العربي التي تدعيه السعودية لا وجود له أصلا..فقد انسحبت منه المغرب والأردن ولم يبق فيه الا مجموعات من المرتزقة وهم ليسوا في الأصل ضمن التحالف بل هم مأجورون حتى وان كان البعض منهم جنود تابعون لدولهم. قضية التقرير هذا المجمد أضاء الكثير من الإشكالات غير أخلاقية التي تتعامل بها السعودية مع العالم والراعي لها هو البت الأبيض الأمريكي..من هنا بدا ما يسمى بالهروب إلى الخلف أمريكيا لان الفضائح تنهال على أمريكا اليوم من كل جدب وصوب وخاصة فضائح "داعش ، والنصرة" وهما كما كشفت تقارير سرية من إنتاج المخابرات الأمريكية بمساعدة السعودية
وثانيها : يبدو واضحا من صرف منظمة أطباء بلا حدود موظفيها من المستشفيات الست التي كانت تشرف عليها في اليمن بسب ما لحق بها من خراب وقتل للمرضى فيها أمر بالغ الحساسية تجاه الرأي العام العالمي ومنظمة الأمم المتحدة ، لان الاعتداء عليها مخالف للقانون الإنساني ويمكن أن يجر التحالف إلى المحاكمة الدولية.. وأمريكا التي تدعي مراعاة حقوق الإنسان وعدم تجاوز القانون الإنساني هي أيضا متورطة باعتبارها مشاركة في التحالف بمستشاريها، وهي لا تريد أن تصبح طرفا في نزاع أمام المحاكم على تجاوز المبادئ التي تحاول تسويقها للعالم. وفي هذا الإطار تبدو السعودية في مأزق الخاسر للحرب بعد أن تم نقلها من داخل اليمن إلى داخل السعودية وبعد ما ثبت يقينا أن جنودها يفرون من المعركة ويرفضون الدخول في حرب مفروضة عليهم وليست دفاعا عن ارض أو عرض مما دفع بالملك سلمان إلى صرف مرت شهري زائد لكل العاملين على خط النار حتى يثبتوا وهو مهما كان إغراؤه لا يحل المشكلة لأنها قضية" نحارب من، ولمادا..؟ " إن وير الدفاع محمد بن سلمان وأبوه يعملان خارج المنطق وبعيدا عن قيم الاسم التي تدعي السعودية حمايته والدفاع عنه.. بل إن هناك مؤشرات قوية تعمل بها إطراف من داخل الأسرة الحاكمة على عزل الملك سلمان وابنه ، وربما يحاسب ابنه على الدم الذي أسيل وعلى المأساة التي عليها سكن نجران المهجرين قسرا من مناطقهم ...فضلا عن الخراب الذي لحق بيوتهم.. لقد دخلت السعودية الحرب أو دفعت إليها أمريكيا في إطار "الفوضى الخلاقة" وهي اليوم في عنق الزجاجة ، والخروج منها يقتضي هروب أمريكا من اللعبة كعادتها وإزاحة الرؤوس المتورطة فيها وهو منطق الإدارة الأمريكية مند ولادة أمريكا أصل..إن الإجرام الممارس على المستوى الإنساني والأخلاقي والديني ضد اليمن ، يضع السعودية بالنسبة لإيران في مؤخرة الركب دينيا وسياسيا ، وذلك ما أكدت عليه إيران في خطاباتها السياسية تجاه السعودية..لم تكن السعودية وان تظاهرت بمنآي عن حرائق "الربيع الدموي" فخلاصة هذا الربيع هي وضع منطقة الشرق الأوسط كله تحت اللهيب ، والمقصود من كل ذلك هو إيران ، وحزب الله ، وسوريا ، وروسيا ..لان أمريكا أحست ببداية السقوط وبدا لها واضحا صعود القوى الجديدة وخاصة الحلف المتكون من روسيا وإيران والعراق وسوريا ، وهو حلف صاعد وقادر على احتواء كل المتغيرات وبالتالي وضع أمريكا في موضع الانحسار المتواصل إلى نهاية المطاف.. وبالفعل فقد خسرت أمريكا في سويا، واتبعتها تركيا الحليف القوي لأمريكا واستدارتها تجاه الحلف الناشئ ، وأدا تم ذلك في القريب العاجل فان ما على أمريكا إلا الاعتراف بالأمر الواقع والدخول مع روسيا في مواجهة نيران الإرهاب بدلا من التحريض عليه ثم التسويات وفقا لاحترام سيادة الدول، وحتى إن تم لها ذلك فإنها لن تكون صاحبة اللعبة في المعادلة الدولية الجديدة بل جزء من الحل وهذا ما تؤكده مجمل التحاليل الاستخباراتية الأمريكية وغيرها.. وهنا تأتي السعودية خلف الركب خاصة وان حربها البترولية ضد الكل لن تنساها لها جميع الدول التي تأثرت منها اقتصاديا.. إن السعودية بالغباوة السياسية التي تمارسها ضد الكل في الوطن العربي لا ترى نفسها لأسباب تاريخية - ولكنها السباب مريضة - إلا قوة جامعة لشتات من كونتهم من إتباع الوهابية كمتطرفين رافضين لمنطق الحياة وهي سياسة مبنية على جهل مطلق للمتغير الدولي ولعملية التشكيل الجديد لعالم ما بعد الحروب البرتقالية او الملونة التي ابتدعتها أمريكا ومنها البيع العربي المشئوم..أن إيمانها بان المسلمين سيدافعون عنها بسبب تواجدها على ارض الحرمين الشريفين تصور خاطئ لان المكانين هما لكل المسلمين وعلى مختلف طوائفهم ، وان الدفاع عنهما قد يكون في مواجهة مع آل سعود بسبب الأخطاء الفاحشة المرتكبة منهم ضد الإسلام وقيمه..
وثالثهما..تبدو مهمة جدا وهي تمثل رأس الحربة لكل من أمريكا والسعودية.فالاتفاق الاستراتيجي بين روسيا وإيران والدي بدا تطبقه فعلا بعد الاجتماع الثلاثي بين إيران وروسيا وادر بجان ثم السمح لروسيا باستعمال القاعة العسكرية الغيرانة في "همدان" هو بداية التسويق الفعلي لحرب ضد كل حروب أمريكا بالوكالة في ضرب الإرهاب الذي هو عمدة السيطرة الجديدة لأميركا .. هذه القاعدة هي أيضا موازية لقاعدة "انجر ليك "التركية المستغلة من طرف أمريكا ..هذا يعني أن التاريخ بدأ يتحرك لصالح الحلف الجيد، وما يدعم بقوة هذا الاتجاه زيارة الوفد العسكري الصيني إلى سويا أول أمس والتشديد منه على الوقوف إلى جانبها في محاربة الإرهاب وتدعيم جيشها و المساهمة لاحقا في تعمير ما هدم..كل ذلك يوضع كلا من السعودية وأميركا في وجه العاصفة.. ولان أمريكا بالأساس سياستها الخارجية هي الحرب كما يقول" نعوم تشومسكي" تتهرب إلى الإمام كلما صنعت أزمة ورأت أن فيها ما يصيب سياستها وتترك وكلاءها في عمق الأزمة بلا مخرج الا الهزيمة المرة وتسلم بالأمر الواقع من بعيد..هدا ما فعلته مع شاه إيران وحسني مبارك وحتى مع أوروبا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
إن روسيا اليوم ليست بمنطق الماضي سياسيا ، وعسكريا ، واقتصاديا.. أنها بمنطق المستقبل، والمستقبل في منطوق سياستها الجديدة هو السعي الحثيث لبناء شراكة مع العالم المناهض للرأسمالية المتوحشة وهي بهذا المحتوي قادرة علي استقطاب ما تراه متقاطعا مع سياستها والتي هي بالأساس مبنية على احترام القانون الدولي وعدم التدخل في سيادة الدول، وأظن إن هذا المنطق هو ما تسعى إليه الكثير من الدول التي تأثرت كثيرا من سياسية أمريكا المبنية على الغدر والهروب أثناء الأزمات. |