صنعاء نيوز/علي الشاطبي -
صنعاء نيوز/علي الشاطبي
[email protected]
حتى اللحظة مازلت ذلك المتعجل على امره ، ذاكرتي تبد مكتظة بالكثير من بالصور ولحظات الجنون .
الحاضر ليس جميلا ، آثار الدماء والدمار تلطخ كل دقائقه الكئيبة ، واصوات التحليق المكثف للطيران الحربي مرعبة ، مساء امس اخبرني احد اصدقائي ان ابنته الصغرى ذات السبع سنوات صارت تميز جيدا بين اصوات القذائف فتقول لوالدتها الخائفة هذا دوي انفجار غارة جوية وذلك الوميض الذي اضاء سماء الحي ناتج عن صاروخ ارض ارض .
انا من جيل قارع لغة الكراهية ومنطق الدم ، مثل هكذا تحليلات لطفلة بريئة تصيبني كرصاصة طائشة ، تمزق حلمي وتعيدني تائها يتلمس طريقه وسحابة بارودا وموت تظلل خطاه .
انا لست من دعاة الحرب ..
ربما سيغفر الرب لي خطيئتي لكوني بالغت في ربيع ال2011 في دعم ثورة عبرية المنشأ التهمت وطني واوصلته الى حالة الإحتقان والحرب .
كنت شابا تقيا قاده حدسة الوطني الى ساحة ضيقة ومربع ثورة احرقت اليمن بإكمله ، لقد كنت انظر لكل ماسيحدث على انه انتصار وطي لإعوام عجاف وانتقالات وطنية باهظة الكلفة .. الآن فقط ادركت بأني كنت ابنا عاقا اظل طريقه فوجد نفسه يتبع دعاة على ابواب الفتنة اظلته لحاهم ودفعت بوطنه للجحيم .
انا اكتب الآن بعد ست سنوات على تفشي وباء التغيير الذي اصاب قومي ودمر كل شيء .. كنت احد الناقمين على شخص صالح ، هتفت لموته كثيرا ، تحدثت عن اسرته ك اوغاد ولصوص وتجار حروب ، صرخت حتى بح صوتي ليرحل ، كانت الساحة تمتلىء بحمقى كثر يصفقون مثلي بحرارة لكون محسن حمى الثورة ، حتى اننا بعضا منا انطلت عليه اعجوبة ان بطيخا انقسم نصفين فوجد مكتوبا بداخله " الجيش يحمي الشعب " هكذا تداولت الصورة ومروية التأييد الإلهي لجماعة الثوار القبليين المحميين بجيشا وعشرات من رجالات الدين وفرقا من النهابة والمتفيدين المتساقطين .
اليوم .. انا اقف وحيدا ، الثائرون الذين كانوا يقفون بجانبي ويهتفون بالمجد والحياة لوطني بت ارى صورهم تتصدر شاشات التلفزة كقادة حرب وقتلة مارقين يتوعدون بذبح من يخالفهم وتعليق رؤوسهم على المشانق .
يا الهي ..
هل كان ذاك المدجج بالسلاح ذو اللحية الكثة الذي يظهر ممسكا برأس طفل وسكين يرفعها لإرهاب الناس احد ثوار الساحة ، لا اصدق ان كل اولئك كانو مجرد مشروع انتحاري لجر البلاد لأتون الفوضى .
صدقا تتجاذبني المتناقضات ..من ثرت لإسقاط نظامه يقف بجواري مقاوما وقائدا وطنيا من الطراز الأول ، وفي كل مرة يستهدف الطيران منزله يبعث مرة اخرى ليتحدث عن الشعب والصمود وخيارات المواجهة ، وجهد الصبر ورباطة الجأش .
حسنا .. هذا هو صالح الذي كنتم تقولون انه "طاغية " مازال باقيا في صنعاء ولم يفر ، وجيشة العائلي يخوض معارك اسطورية للدفاع عن البلد ، فأين الجيش الحامي للثورة ، اين ثوار الجامعة الذين اقسموا على حماية البلد .. اين القادة العسكريين الذين ثاروا على صالح وذهبوا الى وطن آخر ليتمسحوا بنعال مليكه ويفرشوا خرائط معسكراتهم لتقصفها الطائرات .
صالح كان يحذر ممن ركبوا الموجة .. لقد تذكرت تصريحاته التي كنا نسخر منه كثيرا ، تحدث عن التتار القادم .. عن مشاريع التقسيم والإرهاب .. تحدث عن كل المخاطر التي وقعنا فيها .
الآن ادرك ان الرجل كان يعرف شركاء حكمه جيدا ، كان على علم بمكائدهم .. بإجرامهم وقبح ودموية مشاريعهم الضيقة .
انا الان اكتب وانا مسكونا بالخوف ممايحدث .. التنبؤات تصدق .. والمال المدنس يغذي ويسلح كل بؤر الصراع .
ربما سننجو .. ربما ثمة فرج الهي قريب ينهي فصول مأساتنا ويزيح عنا كابوسا مرعبا .