صنعاء نيوز - شنت مقاتلات العدوان غارات على محيط ميدان السبعين بصنعاء خلال المسيرة الكبرى 20 اغسطس/ آب 2016 وأوقعت شهداء ومصابين.
صنعاء نيوز/ ترجمة وتحرير/فارس سعيد:
من الواضح أن المجتمع الدولي لن يفعل الكثير لوقف السعوديين من قصف اليمن. ولكن، كما يثبت التاريخ، فإنه ليس من السهل تشكيل مستقبل اليمن من الخارج، بل من اليمنيين أنفسهم. وهنا سؤالان نطرحهما يلتمسان إجابة: لماذا لا تنهي المملكة العربية السعودية الحرب على الرغم من النكسات؟ ولماذا سُمح لها بمواصلة حرب كارثية مع الإفلات من العقاب؟
نشرت صحيفة "ذا هيندو" الهندية تقريراً (الأحد 21 أغسطس/آب 2016)، أشارت فيه أن تاريخ اليمن أثبت أنه ليس من السهل تشكيل سياسته من الخارج بل من اليمنيين أنفسهم.
وقالت الصحيفة، إنه في وقت مبكر في شهر أغسطس، أعلن البنتاغون عن خطط لبيع أسلحة بقيمة 1.15 مليار دولار إلى المملكة العربية السعودية. كان الخبر، في حد ذاته، ليس مستغرباً باسم مملكة عربية هي واحدة من أكبر مشتري السلاح في أميركا، ولكن توقيت إعلان الصفقة واضح إلى حد ما. وكان السعوديون قد استأنفوا القصف المكثف على اليمن بعد هدوء كجزء من عملية السلام. وقبل اتخاذ قرار بإرسال المزيد من الدبابات والأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في الوقت الذي تواجه المملكة انتقادات دولية شديدة لانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، بما في ذلك قتل الأطفال، فإن الولايات المتحدة لا تدع مجالاً لإرسال رسالة مفادها أنها مع الرياض في هذه الحرب.
سقوط في الفوضى
تشير الصحيفة الهندية، إلى أن المملكة العربية السعودية لم تذهب إلى الحرب في اليمن في مارس 2015 إلا بعد الحصول على إذن من الولايات المتحدة. وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، ذهب إلى البيت الأبيض في مارس 2015 لمناقشة خطة الحرب مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية، مشتكياً أن الحوثيين سيطروا، بالفعل، على العاصمة اليمنية صنعاء، وأسقطوا حكومة منصور هادي. قال عادل الجبير، إن إيران قد انتقلت إلى الفناء الخلفي للمملكة العربية السعودية من خلال وكلائها الحوثيين، وكان التدخل العسكري لا مفر منه. وفي غضون أيام، بدأت القاذفات السعودية بقصف اليمن.
ولكن بعد 16 شهراً من الغارات الجوية التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين وتشريد الملايين، ترى الصحيفة، أن السعوديين لم يتمكنوا من تحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية. إقليمياً، مع أو بدون الحوثيين، تبقى إيران قوة قوية.
ولربما أن القصف السعودي أضعف نيران الحوثيين، لكنهم ما زالوا يسيطرون على جزء كبير من الأراضي، بما في ذلك صنعاء. وقد ساء، أيضاً، أمن الحدود في المملكة العربية السعودية، حيث شنت هجمات واسعة النطاق على الحدود وإطلاق الصواريخ على القرى السعودية. وانتشر وجود تنظيم القاعدة في اليمن، في حين أن معظم الأجزاء الشمالية من البلاد قد سقط في حالة من الفوضى. وبعبارة أخرى، تحولت حرب اليمن إلى كارثة إنسانية، كما تفاقم الأمن الإقليمي، ونمت الجماعات الإرهابية.
ولفتت الصحيفة، أنه في حين تم سحب الغازي أعمق في الصراع. في مثل هذا السيناريو، نطرح سؤالين يلتمسان إجابة: لماذا لا تنهي المملكة العربية السعودية الحرب على الرغم من النكسات؟ ولماذا سمح لها بمواصلة حرب كارثية مع الإفلات من العقاب؟
حرب آسيا الغربية الباردة
وبحسب الصحيفة، فإن المصالح السعودية في استمرار الحرب من الصعب معرفتها. كان التدخل في حد ذاته نتيجة لحرب باردة بين إيران والسعودية. وتعتقد الرياض أن طهران تسعى، باستمرار، لتوسيع نفوذ الشيعة في جميع أنحاء غرب آسيا. ولذلك، فإن الشيء الوحيد الذي يمنع تحقيق مزيد من التقدم للحوثيين هو القصف السعودي والحصار على اليمن. ولذا سيفضل السعوديون البقاء على هذه الحال، على الأقل حتى يضعوا قوة على الأرض يمكن أن تدافع عن نظام هادي. ولكن، نظراً لعمق حملة السعوديين وقليل من الاعتبار للخسائر البشرية، سيندفع اليمن نحو مزيد من الفوضى.
عموماً، الدول الغربية تقدم نفسها في النظام الدولي باعتبارها وصية على حقوق الإنسان. حتى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين قد ذهبوا إلى الحرب باسم الدفاع عن حقوق الإنسان، ليبيا تعتبر مثالاً حديثاً. وقد فرضت عقوبات على عدد من الدول الأخرى بسبب العدوان. حتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يسلم من تلك العقوبات بعد ضمه شبه جزيرة القرم قبل عامين. لكن، كما ترى الصحيفة الهندية، أنه لا يوجد مثل هذا الغضب الأخلاقي تجاه ما تفعله المملكة العربية السعودية في اليمن.
وأوعزت الصحيفة إلى أن جزءاً من السبب في ذلك هو تاريخي. حيث إن التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية يعود إلى عهد روزفلت عندما وعد الرئيس الأمريكي العاهل السعودي الملك عبد العزيز في عام 1945 حماية السعودية مقابل النفط. على الرغم من اعتماد الولايات المتحدة على النفط السعودي قد انخفض في السنوات الأخيرة في أعقاب الطفرة النفطية.
The Hindu
The Hindu
توقيت الهجوم على اليمن غني عن التعريف
وقالت "ذا هيندو" الهندية، إن الأمريكيين - جغرافياً وسياسياً - يرون دعمهم للمملكة العربية السعودية، وحتى في ظل المذبحة في اليمن، أحد العوامل التي تساعدهم على تحقيق التوازن في العلاقات بين طهران والرياض. ولذا فإن العائلة المالكة السعودية في اضطراب حقيقي مع دبلوماسية الرئيس الأمريكي باراك أوباما النووية مع إيران.
وأضافت، أن السعوديين متخوفون من بروز إيران كقوة إقليمية منافسة بعد رفع العقوبات. حتى توقيت الهجوم على اليمن غني عن التعريف. وكانت المحادثات النووية الإيرانية في المراحل النهائية عندما ذهب السعوديون إلى الحرب. لذلك قررت الولايات المتحدة إحداث أصوات في اليمن، في محاولة لتهدئة بعض المخاوف الأمنية السعودية.
الأسلحة والحرب
ثانياً، المملكة العربية السعودية هي من أكبر متصدري الأسلحة، ما يقرب من 10 في المائة من صادرات الأسلحة الأمريكية تذهب إلى المملكة العربية السعودية، و9 في المائة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حليفة الرياض في حرب اليمن. في عام 2015 وحده، باعت الولايات المتحدة معدات عسكرية ودعماً بقيمة أكثر من 20 مليار دولار.
في سبتمبر من العام الماضي، بعد أشهر قليلة من بدء العملية العسكرية في اليمن، أعلنت واشنطن صفقة أسلحة بقيمة 60 مليار دولار، أكبر بيع في تاريخ الولايات المتحدة، والذي يتضمن توريد طائرات مقاتلة نوع 84 F-15 و70 مروحية من طراز أباتشي، 72 مروحية نوع هوك، و36 مروحية مراقبة نوع Little Bird. كما أن القنابل العنقودية التي استخدمها السعوديون في اليمن اليوم تم شراؤها أيضاً من الولايات المتحدة في عام 2013.
وتقول الصحيفة: لذلك من الواضح أن المجتمع الدولي لن يفعل الكثير لوقف السعوديين عن قصف اليمن. ومهما تحدثت الولايات المتحدة عن حقوق الإنسان، فإنها لن ترفع إصبعاً واحدة ضد السعوديين. كما هددت الرياض الأمم المتحدة في حين لم يتم إزالتها من "قائمة العار" لقتل وتشويه الأطفال في اليمن، بوقف برامجها المالية في الأمم المتحدة.
وتتساءلت "ذا هيندو" الهندية في السياق: هل هذه التهديدات المالية والأسلحة الموردة الغربية والحماية الدبلوماسية كافية للمملكة العربية السعودية لتشكيل مستقبل اليمن؟ وإلى متى ستستمر الرياض بحربها الكارثية في الوقت الذي يزداد أمن حدودها سوءاً واقتصادها أيضاً يتدهور في ظل انخفاض أسعار النفط؟
تجيب الصحيفة: إلى جانب ذلك، فإنه ليس من السهل تشكيل السياسة اليمنية من الخارج. بعث الرئيس المصري جمال عبد الناصر الآلاف من القوات في عام 1962 إلى شمال اليمن لدعم المقاتلين الجمهوريين ضد الملكيين في الحرب الأهلية. بعد خمس سنوات اضطر إلى سحب قواته.
تختتم الصحيفة تقريرها مخاطبة الرياض وحلفاءها: إذا أخذ السعوديون وشركاؤهم في هذه الحرب الدروس الصحيحة من تاريخ اليمن، عليهم أن ينسحبوا من اليمن في أقرب وقت ممكن، وترك اليمنيين تقرير مستقبلهم بأنفسهم.
|