بعد عامين من الحصار المشدد بحرا وجوا رافق العدوان العسكري والحملة الجوية منذ مارس/ آذار 2015 وملأتها الأمم المتحدة ومؤسساتها الإنسانية المختلفة والمنظمات الدولية الإنسانية بالمطالبات بضرورة رفع الحصار الذي تفرضه قوات التحالف بقيادة السعودية بالنظر إلى آثاره المدمرة والكارثية على المعاناة الإنسانية وخنق ملايين اليمنيين، يعتقد المتحدث العسكري السعودي "عسيري" أنه بإمكانه - هكذا دائما- شطب الحقائق والجرائم بتصريح إعلامي ينفي أن يكون ثمة حصار أو عدوان من الأساس أو حتى حرب على اليمن.
في تصريح جديد نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، الثلاثاء 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، نفى المتحدث العسكري السعودي أحمد عسيري، فرض "حصار" على اليمن، معتبراً أن ما يجري هو "منع ومراقبة" للحيلولة دون تهريب السلاح، بالتزامن مع إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن أرقام صادمة إزاء التدهور الغذائي وتزايد معدلات سوء التغذية في البلاد.
وقال عسيري، إن "المنع هو حرية حركة مع مراقبة، ما يعني أنه إذا انطلقت سفينة من جيبوتي باتجاه ميناء الحديدة، قواتنا تصعد على متنها للتأكد من أن ما تنقله شرعي ولا يتعارض مع قرار مجلس الأمن 2216" الصادر العام الماضي، والذي "يمنع تهريب أي أداة حرب إلى اليمن"، بحسب عسيري.
وبدأت السعودية عملياتها ضمن ما أطلقت عليه "التحالف" في اليمن منذ 26 مارس/ آذار 2016، دعماً لـ"شرعية عبدربه منصور هادي"، ما أدى إلى مضاعفة المعاناة والتسبب بخسائر تصفها التقارير بـ"الفادحة".
في السياق، ينتقد المتحدث السعودي إعطاء "انطباع خاطئ بأن اليمن مغلق منذ 26 آذار/مارس 2015". مشيراً إلى أن "ثمة سفناً ترسو في كل مرافئ اليمن، بما فيها تلك التي يسيطر عليها الحوثيون، مثل الحديدة، وتحمل الغذاء والمساعدات الطبية والأشخاص والبضائع".
إلا أنه أشار إلى أن "الطائرات التابعة للمنظمات الإنسانية والأمم المتحدة" هي الوحيدة التي يحق لها الإقلاع من مطار صنعاء والهبوط فيه". مضيفاً: "هذه هي الطائرات الوحيدة التي لا تخضع للتفتيش".
ورداً على سؤال عن منع الطائرات المدنية من استخدام المطار الدولي، أكد عسيري، أن ذلك هدفه ضمان "سلامة" طائرات الخطوط الجوية اليمنية، و"ضمان عدم قيام الطائرات بتهريب أدوات الحرب".
وتقول مصادر يمنية، إن نحو 20 ألف شخص عالقون في المطارات وداخل البلاد، بما فيهم المرضى والطلبة، حال الحظر الذي تفرضه السعودية على مطار صنعاء الدولي، دون تمكنهم من مغادرة بلادهم أو العودة إليها، كما يؤثر على مصابين في حاجة إلى علاج مُلح.
ويقول المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا وشرق أوروبا، مهند هادي، إن النزاع في اليمن يسبب خسائر فادحة، وخاصة للأشخاص الأكثر احتياجاً، لاسيما النساء والأطفال.
وأضاف، في تصريحات نشرها موقع البرنامج اليوم الثلاثاء: "يزداد الجوع كل يوم وقد استنفد الناس كل ما لديهم من استراتيجيات للبقاء. وهناك الملايين من الناس لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة دون الحصول على مساعدات خارجية".
وحتى قبل أن يبدأ الصراع الأخير، كان اليمن يعاني أحد أعلى معدلات سوء التغذية في العالم. وفي بعض المناطق مثل محافظة الحديدة، تم تسجيل معدلات مرتفعة للإصابة بسوء التغذية الحاد لدى الأطفال دون سن الخامسة بلغت 31٪ - أي أكثر من ضعف حد حالة الطوارئ الذي يبلغ 15%.
ويعاني حوالى 50% من الأطفال، في مختلف أنحاء البلاد، من التقزم وصل إلى مرحلة لا يمكن تداركها، وفقاً للأمم المتحدة.
وتقول الأمم المتحدة، إن تأثير الصراع على الوضع الاقتصادي في اليمن - الذي هو أفقر بلد في منطقة الشرق الأوسط- يمثل كارثة، فالملايين من موظفي القطاع العام لم يعودوا يحصلون على رواتبهم ويكافحون من أجل تغطية نفقاتهم.
وحتى من قبل أن تتصاعد وتيرة الصراع وتنخفض الواردات بشكل كبير، كان اليمن يستورد 90% من احتياجاته الغذائية.
وقال توربين دو، المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن: "هناك جيل كامل يمكن أن يصاب بالعجز بسبب الجوع، ونحن بحاجة لرفع مستوى مساعداتنا المنقذة للحياة للوصول بالمساعدات الغذائية والعلاج الوقائي إلى عدد أكبر من الناس في الوقت المناسب.
وأضاف: "نناشد المجتمع الدولي لدعم الشعب اليمني.. نحن بحاجة إلى توفير حصة كاملة لكل أسرة محتاجة، ولكننا ـ للأسف ـ نضطر في الوقت الحالي للحد من حجم السلة الغذائية وإلى تقسيم المساعدات بين الأسر الفقيرة لتلبية الاحتياجات المتزايدة".
ووفقاً للبرنامج، فإن نتائج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) من يونيو/حزيران 2016 تبين أن 14.1 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 7 ملايين يعانون، بشدة، من انعدام الأمن الغذائي. وفي بعض المحافظات، يكافح 70% من السكان لإطعام أنفسهم.
وكان العشرات من منتسبي المنظمات المدنية والهيئات والمنظمات المعنية بحقوق المرأة والطفل، نفذوا، الثلاثاء، احتجاجاً أمام مقر بعثة الأمم المتحدة بالتزامن مع تواجد المبعوث الخاص اسماعيل ولد الشيخ أحمد، مطالبين بوقف تطالب بوقف العدوان (الحرب التي تشنها السعودية وحلفاؤها) والحصار على البلاد .