صنعاء نيوز/د. إبراهيم حمّامي -
ثارت ثائرة الجميع من موقف السيسي ومندوبه في مجلس الأمن بسحب قرار يطالب بإدانة الاستيطان ووقفه في فلسطين، وتماهيه التام مع “إسرائيل” في سابقة وإن كانت الأولى من حيث الوضوح والعلانية، إلا أنها باتت سياسة ثابتة لسلطة الانقلاب المصرية.
خطورة ما اقدم عليه السيسي ليست في سحب القرار الذي شاركت في إعداده مصر ولكن في نص القرار نفسه إن تم إعتماده، وإليكم الحقائق مجردة:
لم يُقدِم مندوب السيسي في مجلس الأمن على طلب تأجيل القرار كما تروج بعض وسائل الإعلام، بل تم سحبه تماماً ولم يعد مطروحاً للنقاش أو التصويت
سحب القرار اضطر 4 دول أخرى غير عربية للتقدم بمشروع قرار جديد يدين الاستيطان وهي نيوزيلاند والسنغال وماليزيا وفنزويلا
فيما يخص الاستيطان مشروع القرار الذي تم الترويج له من سلطة رام الله وقدمته مصر ودعمته فرنسا، لم يتضمن أية بنود مستحدثة ولا يختلف في مضمونه عن عدد سابق من القرارات
مشروع القرار لا يتضمن حتى التلويح بعقوبات في حال استمر الاستيطان، ناهيك عن مطالبته بتفكيك ”النقاط الاستيطانية” التي انشأت بعد عام 2001
مشروع القرار لم يطالب بتفكيك التكتلات الاستيطانية ويشرعن الاستيطان قبل هذا التاريخ
مشروع القرار يلزم مجلس الأمن فقط ”بفحص” طرق عملية لضمان تطبيق كامل للقرارات المتعلقة بالاستيطان.
القرار الذي قدمته سلطة الانقلاب المصرية خطير بكل معنى الكلمة إذ يدخل فقرات وعبارات لأول مرة وجميعها دون استثناء تصب في صالح الاحتلال، وتم إقحامها في مشروع القرار المفترض أنه خاص بالاستيطان
، يطالب مشروع القرار سلطة رام الله - وهو قرار خاص بالاستيطان - بنزع ”السلاح غير الشرعي” و ”وتفكيك القدرات الإرهابية”
يطالب مشروع القرار الذي قدمه السيسي ثم سحبه بزيادة التنسيق الأمني بين سلطة رام الله والاحتلال لوقف العنف ضد المدنيين!
سحب شروع القرار الخطير في مضمونه جاء بعد اتصال هاتفي مباشر من نتنياهو للسيسي وهو ما كشفت عنه الصحافة العبرية باسهاب، وفصلته صحيفة هآرتس عبر باراك رفيد معلقها السيسي
صحيفة يديعوت ذهبت لأبعد من ذلك لتخرج بعنوان رئيسي هو “شكراً للسيسي” - امتناناً وعرفاناً بدوره
ما حدث يُشكل جريمة مزدوجة أولاً في طرح قرار ملغوم وخطير، وثانياً في سحبه تماشياً مع رغبة الاحتلال
دونالد ترمب وفريقه بدأوا أول نشاط وفعل سياسي بالضغط على السيسي - الذي لا يحتاج لضغط اصلاً - من أجل تعطيل وسحب قرار الإدانة
السيسي الذي قتل الشعب المصري وما زال يُنكل به ودمر اقتصاد مصر لن يتورع عن فعل أي شيء لشرعنة انقلابه وهو يرى أن المدخل لذلك هو نتنياهو و”اسرائيل” والأمل لتحقيقه هو ترمب وإدارته
سلطة رام الله التي دفعت بالقرار أساساً تحاول أن تُظهر الأمر وكأنه انتصار دبلوماسي لأن الاحتلال “ارتعب” من إمكانية إصدار قرار إدانة للاستيطان علماً بأن هناك العديد من القرارات بهذا الشأن
كما حاولوا الترويج أن “نصرهم الدبلوماسي” هو أن إدارة أوباما كانت تنوي التصويت لصالح القرار أو الامتناع عن التصويت في أفضل الأحوال وهو ما تعتبره رام الله إنجازاً غير مسبوق بالنسبة للاداراة الأمريكية
في هذا الشأن وثق د. رامي عبدو مدير المرصد الأورومتوسطي ما يلي:
الذين يحاولون استخفاف العقول بتمرير فكرة نجاح ”الدبلوماسية الفلسطينية” بإقناع إدارة اوباما بالتصويت لصالح مشروع قرار ادانة الاستيطان من المهم ان يستحضروا التالي:
منذ تأسيس الأمم المتحدة استخدمت امريكا الفيتو 77مرة منها 30 مرة لصالح ”اسرائيل”..
أوباما هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي لم يمرر أي قرار داخل مجلس الأمن لإدانة ”إسرائيل”
قرارات: جونسون 7
نيكسون 15
فورد 2
كارتر 14
ريجن 21
بوش الأب 9
كلينتون 3
بوش الابن 6
أوباما 0
مندوب سلطة رام الله في الأمم المتحدة رياض منصور صرّح باكراً اليوم بأن: “الشعب الفلسطيني ليس يتيمًا والتصويت في مجلس الامن ضد الاستيطان سيكون في الساعات القادمة”.
وكما كان متوقعا قدمت الليلة كل من نيوزيلاندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال مشروع قرار ادانة الاستيطان، وافقت عليه 14 دولة وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت - كجزء من الصراع الحزبي والشخصي الدائر بين أوباما وترمب
بعد صدور القرار بدأت مواقع التواصل الاجتماعي الحديث عن صفعة وضربة للسيسي بعد تبني القرار وانتصار عريض ضد الاستيطان
بكل أسف فإن السياسة التي أقدم عليها السيسي في صياغة القرار ثم سحبه وجعل الأمر وكأنه انتصار دبلوماسي بعد تبني القرار كانت ناجحة وخادعة لأبعد الحدود، ويكون بذلك قد ارتكب جريمة متكاملة
سينضم القرار لمجموعة كبيرة من القرارات السابقة في إدانة الاستيطان، بل آليات لفرضه ولا حتى التلويح بإجرارات، لكن ما جد اليوم هو الاضافات المريعة التي أقدمت عليها السلطة في مصر
ما زالت العواطف تحرك شعوبنا، وما زال الطغاة يتلاعبون بمصائرنا ويتآمرون، وهذه المرة بشكل علني ومكشوف
ستحمل الأيام القادمة المزيد من التنسيق بين السيسي ونتنياهو من سيناء المستباحة إلى غزة المحاصرة مروراً بالمحافل الدولية كافة
لا نامت أعين الجبناء |