|
|
|
صنعاء نيوز - أيها الإخوة المواطنون:
لقد دخلنا فى بداية السنة العاشرة من عصر ما بعد السويس، بدأت المعركة التى تحقق فيها النصر الذى نحتفل به فى ٢٩ أكتوبر سنة ١٩٥٦، واكتملت سنوات الذكرى التاسعة فى أكتوبر الماضى، وبدأت السنة العاشرة لعصر ما بعد السويس.
وأنا - أيها الإخوة - لواثق أن تاريخ النضال الوطنى المصرى والقومى العربى سوف يعتبر السويس فاصلاً حقيقياً بين ما قبلها وما بعدها، ويؤرخ حين يؤرخ بقبل السويس وبعد السويس، وكان لكم أنتم شعب بورسعيد الباسل المناضل الفضل الكبير؛ لأنكم كنتم الدرع الذى تلقى الضربة، كنتم الدرع الذى تلقى العدوان، كنتم المثل الكبير للشعب وللأمة العربية كلها، بل للعالم كله، على أن الشعب إذا أراد أن ينتصر فلابد أن ينتصر، حتى ولو كان فى مواجهة الدول الكبرى.
فى سنة ٥٦ كانت بورسعيد هى نقطة التحول فى السويس، وقلت لكم فى الأعياد اللى فاتت، وأقول لكم النهارده وأنا واثق من الكلام اللى باقوله: إن ثورة الحرية الحقيقية فى مصر كانت هى بالذات الـ ١٥٠ يوم ما بين ٢٦ يوليو سنة ٥٦ إلى ٢٣ ديسمبر سنة ٥٦؛ بين تأميم القناة وبين انسحاب الدول التى قامت بالعدوان الثلاثى علينا. الـ ١٥٠ يوم دول عملوا تحول عميق؛ سياسى واجتماعى وعسكرى، فى العالم العربى، وكانت المرحلة الفاصلة فى الـ ١٢٠ سنة اللى ابتدت من سنة ١٨٤٠ لما أرغموا مصر على الركوع ووقعت معاهدة لندن؛ التى سلبت مصر فرصة التحرر التى برقت ثم خبت فى عهد محمد على.
منذ لحظة الركوع المهينة فى تاريخ مصر وعبر الـ ١٢٠ سنة إلى ما بعد السويس كانت الـ ١٥٠ يوم التى حدثت فيها ثورة الحرية هى الذروة المنتصرة.. القمة العالية التى شرف بها النضال المصرى والعربى وطناً وبشراً، واستعاد كرامته وملك إرادته. من ٢٦ يوليو سنة ٥٦ إلى ٢٣ ديسمبر سنة ٥٦ عشنا ١٥٠ يوم مجيدة؛ أحدثت كل التحولات السياسية والاجتماعية والعسكرية.
يوم ٢٣ يوليو سنة ٥٢ كان يوم الثورة؛ يوم العزم على الثورة والقبول بمسئولياتها ومخاطراتها، فى هذا اليوم استولت القوى الوطنية على السلطة وكان هذا التغيير الثورى فى حد ذاته، ولكنه لم يكن التغيير الثورى الحاسم، كان عندنا الإنجليز.. كان عندنا الاحتلال.. كان عندنا قوات احتلال ٨٠ ألف عسكرى إنجليزى موجودين فى بلدنا.. (الجماهير تردد: أهو ربنا خدهم).
يوم ٢٣ يوليو سنة ٥٢ حينما استولت الثورة على السلطة، كان هذا هو التغيير الثورى، ولكن لم يكن التغيير الثورى الحاسم. السنين الأربعة بين يوليو ٥٢ إلى يوليو ٥٦ كانت أشبه ما تكون بفترة استعداد وتحفز وتأهب للصدام المحقق مع الاستعمار، ومع كل القوى المتعاونة معه داخل الوطن؛ زى ما نصت على هذا المبادئ الستة التى قامت عليها الثورة.. المبادئ الستة التى قامت عليها الثورة: القضاء على الاستعمار والقضاء على أعوان الاستعمار من الخونة، دا كان أول مبدأ من مبادئنا الستة.
هل استطعنا أن نقضى على الاستعمار من أول يوم؟ لا.. هل استطعنا أن نقضى على أعوان الاستعمار من أول يوم؟ لا.. هل استطعنا أن نقضى على الانتهازية والقوى المستغلة من أول يوم؟ لا.. إذن من سنة ٥٢ لغاية ٢٦ يوليو سنة ٥٦ كنا نستعد، وكنا نحشد قوانا حتى نستطيع أن نواجه الصدام بين إرادتين: إرادة الوطن وإرادة المستغلين.. إرادة الحرية وإرادة غاصبى الحرية. وفى نفس الوقت فى سنة ٥٦ خرجوا الإنجليز فى شهر يونيو سنة ٥٦، وتحررت بلادنا لأول مرة من أكتر من ٧٠ سنة من جنود الاحتلال.. جنود الاستعمار اللى ادونا وعود لا أول لها ولا أخر على أن تجلو، تحررنا فى سنة ٥٦، ولم يكن من الضرورى أبداً أن الصدام اللى احنا كنا بنستعد له ينتهى بالحرب المسلحة كما حدث فعلاً، ولكن كان علينا احنا.. احنا الشعب اللى قام بالثورة.. الشعب اللى حشد قواه.. الشعب اللى استعد حتى تكون الثورة ثورة كاملة وثورة شاملة.. كان علينا أن نتوقع الحرب، ليه؟ لأن المسألة صدام إرادات.. إرادة الوطن وإرادة المستغلين.. إرادة الحرية مع إرادة غاصبى الحرية، وفى حالتنا.. فى حالة ثورتنا اللى قامت سنة ٥٢ وكان فيه احتلال وكان فيه استغلال، وكانت فيه رجعية وكانت القلة تحكم، كنا نتوقع أن لابد أن يحصل الاصطدام، كان يجب أن نتوقع أن يكون الاصطدام أيضاً عنيفاً، وكان يجب أن نتوقع أن يكون الاصطدام دموياً. لقد كان الاستعمار يدرك، واحنا أيضاً كنا ندرك من أول يوم للثورة أن حرية مصر - كنتيجة لانتصار إرادتها فوق إرادة الاستعمار - سوف تكون لها آثار بعيدة المدى؛ آثار بعيدة فى مصر نفسها، وآثار بعيدة فى العالم العربى الذى تنتمى مصر إليه، وآثار بعيدة فى إفريقيا، وآثار بعيدة على كل حركة التحرير الوطنى ومقاومة الاستعمار فى العالم.
وكلنا النهارده لو نستعرض هذه السنوات - فى السنين الـ ٩ اللى فاتت - بعد أن وقع فعلاً الاصطدام الدموى العنيف بيننا وبين الاستعمار، بنشوف ونلمس ونستعرض فعلاً إيه الآثار البعيدة اللى حصلت فى مصر؟ كيف انتقلنا من مجتمع رأسمالى؛ مجتمع مستغل، إلى مجتمع اشتراكى؟ كيف انتهى حكم الطبقة وقام بدلاً عنه حكم قوى الشعب العاملة؟ كيف انتهى حكم الاستغلال؟ كيف انتهى تحالف الاستعمار مع الرجعية؟ كيف انتهى أعوان الاستعمار؟ كل هذا نستطيع أن نتخيله ونستعرضه فى عقولنا. حصل بعد انتصارنا فى سنة ٥٦ بعد ما بقت الثورة بتاعتنا اللى قامت سنة ٥٢ واستعدت طوال السنين الأربعة ثورة حاسمة فعلاً، ثورة متحررة من قيود كتيرة كانت موجودة يوم ٢٣ يوليو سنة ٥٢ أولها قيد الاستعمار والاحتلال البريطانى.
فى العالم العربى.. كلنا نعرف أن حرية مصر كنتيجة لانتصار إرادتها فوق إرادة الاستعمار كانت لها آثار كبيرة فى العالم العربى، كيف انتفض العالم العربى فى كل مكان فى جميع أنحاء الأمة العربية، كيف تصدى الشعب العربى فى كل مكان فى جميع أنحاء الأمة العربية للاستعمار وأعوان الاستعمار، وكيف تصدى للرجعية، وكيف تصدى للاستغلال، وكيف ثار الشعب العربى بعد أن انتصرت مصر؛ لأنه رأى بالمثل الواضح أن النصر ليس بالأمر العسير؛ كان هذا يدركه الاستعمار، واحنا أيضاً كنا ندركه فى إفريقيا، كيف كانت معركة السويس نقطة تحول فى إفريقيا، كيف أعطينا المثل لإفريقيا كلها، إن أى شعب له إرادة الحياة ويصمم على أن ينتصر، يستطيع أن ينتصر ولو كان فى مواجهة الدول الكبرى والدول العظمى والأساطيل؛ أى شعب يستطيع إذا كانت له الإرادة القوية أن يتحول أبناؤه إلى أجسام من فولاذ.. من حديد، اديتم هنا المثل فى بورسعيد حينما تعرضتم للغارات، وحينما تعرضتم للعدوان.. اديتم المثل الكبير إن الطوب داب والحديد داب، ولكن الرجالة ما دابوش ولا النساء ولا الأطفال، شوفوا المثل دا فى ٥٦ لكل العالم، وآثار بعيدة فى إفريقيا وانتصرت الشعوب فى إفريقيا، وكافحت كل شعوب إفريقيا، ولازالت باقى الشعوب الإفريقية التى يجثم عليها الاستعمار تناضل وتكافح وتقاتل فى أنجولا وفى موزمبيق، وفى غينيا التى تحتلها البرتغال، فى روديسيا وأيضاً فى جنوب إفريقيا، وكان انتصار مصر سنة ٥٦ أكبر مشجع، وأكبر مثل لهذه الدول أنها تستطيع أن تقاتل ولا ترهب الدول الاستعمارية الكبرى، وكان لها - لمعركتكم - آثار كبيرة على كل حركة التحرر الوطنى ومقاومة الاستعمار فى العالم.
حشدت الجهود لمقاومة الاستعمار، والقضاء على القواعد العسكرية ومناطق النفوذ والتمسك بالحرية الحقيقية. بعد معركة السويس انتهى حلف بغداد.. سقط حلف بغداد.. سقطوا أعوان الاستعمار بعد معركة السويس، راحت القواعد اللى كانت موجودة، بعد معركة السويس القوى الوطنية فى كل مكان من أنحاء العالم بصت.. وأظهرت رأيها وشعورها، وهى على ثقة من أنها تستطيع أن تنتصر.
طبعاً قبل معركة السويس كنا نشعر بهذه الآثار، وكان الاستعمار أيضاً يشعر بهذه الآثار، ولم يكن الاستعمار على استعداد لأن يسلم بسهولة، وبالتالى بعد الجلاء بكام شهر رجعوا تانى، واعتدوا علينا واحتلوا بورسعيد، ولم يكن شعب مصر على استعداد أبداً لأن يستسلم، وبالتالى فقد استمات فى المقاومة حتى تحطمت كل خطط العدوان، وفشلت أغراضها.
بهذا العمل وليس بأى شىء غيره؛ بكفاحكم واستشهاد أبنائكم وإخوتكم، وبتعبئة شعب مصر واستعداده للقتال والاستشهاد، وقعت الثورة الحاسمة الحقيقية، واسترد الشعب المصرى كرامته وإرادته كاملة؛ ليستعملها فى تحقيق الحرية.. الحرية اللى كافح من أجلها آباؤنا وأجدادنا.. الحرية اللى قام الجيش يطالب بها فى ثورة عرابى.. الحرية اللى قامت ثورة سنة ١٩١٩ تطالب بها.. الحرية اللى أيام ما كنا فى المدارس كنا بنطالب بها.. الحرية التى من أجلها كان الاستشهاد بين أبناء مصر كل سنة؛ سنة ٣٥، سنة ٣٦، سنة ٤٧، كل هذه كانت معارك من أجل الحرية.. الحرية الحقيقية اللى كنا بننادى بها، احنا كنا بنقول يحيا الاستقلال، وتحيا الحرية، يسقط الاحتلال ويسقط الاستعمار.. كنا عايزين نخرج.. نخرج الإنجليز من بلدنا، ليه؟ حتى تعود بلدنا لنا وحتى نكون أحراراً فى بلدنا، أحرار فعلاً لا قولاً، كنا نريد أن نقضى على الاستعمار وأعوان الاستعمار؛ وبهذا نستطيع أن نقضى على الاستغلال، وأن نقضى على الرجعية وأن نقضى على حكم الطبقة.
حينما كنا ننادى بالاستقلال وننادى بالحرية كان هذا يتمثل فى خروج قوات الاحتلال البريطانى من مصر، قبل الثورة لم تكن هناك حرية، ازاى نقدر نقول حرية وفى البلد قاعدة للأجنبى المحتل؛ هنا فى منطقة السويس؟! ماكانش فيه حرية أبداً، وماكانش فيه حرية سياسية بأى حال من الأحوال. كلنا نعرف ازاى كان السفير البريطانى، حتى بعد ما اتغير المندوب السامى إلى سفير بريطانى كان يستطيع إنه يغير الوزارات، كلنا نعرف ازاى السفير البريطانى قبل الثورة بسنة اعتذر عن مقابلة رئيس الوزارة فسقطت الوزارة، كلنا نعرف كده، كلنا نعرف اللى كان بيتحكم؛ إذن لا يمكن بأى حال أن نتكلم أو نقول عن قيام حرية وفى البلد احتلال وقاعدة للأجنبى.. القاعدة الأجنبية معناها القضاء كلية على الحرية السياسية، وكانت القاعدة الأجنبية فى بلدنا تمثل لكل واحد فينا ذل الاحتلال. رغم المظاهر اللى كانوا عاملينها؛ رغم البرلمان والمناقشات البرلمانية، رغم الدستور اللى كان موجود، رغم دا كله كل واحد كان عارف إن إنجلترا بتحكم مصر، طالما فيه قاعدة أجنبية تبقى الدولة المحتلة هى التى تحكم، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون هناك حرية سياسية؛ إذن قبل الثورة ماكانتش فيه حرية.
وازاى نقدر نقول بقيام الحرية ومفاتيح الاقتصاد المصرى كلها - بما فيها تجارة القطن، والبنوك، وشركات الأراضى، والتأمين والتجارة الخارجية - ملك للمصالح الأجنبية، ازاى؟! إذا كانت بلدنا ثرواتها مش فى إيدينا، ثرواتها فى إيد الأجانب، ويمكن الأجانب بيدوا بعض الناس.. بعض الناس من المصريين اللى بيتعاملوا معاهم، لكن هل كان الشعب فعلاً يملك ثرواته؟! هل كان الشعب فعلاً يملك اقتصاده؟! لم تكن هناك حرية قبل الثورة؛ لأن الاقتصاد لم يكن أبداً فى أيدى الشعب، ولكنه كان فى يد المصالح الأجنبية.
وازاى نقدر نقول إن قبل الثورة كان فيه حرية وتوزيع الثورة فى البلد - فى وطننا - كان يجرى على الرقم اللى عارفينه كلنا عن ظهر قلب؟! نصف فى المية من السكان فى مصر يحصلون على ٥٠% من الدخل القومى، نصف فى المية! الطبقة اللى كانت تحكم وتستغل، وتدخل فى الأحزاب وتدخل فى الوزارات، الطبقة التى كانت تمثل تحالف الإقطاع مع الرأسمالية، الطبقة التى كانت تتعاون مع الاستعمار؛ لأن الاستعمار كان يؤمن لها مصالحها، أمال الباقى فين؟ الباقى كانوا فى خدمة النصف فى المية، الفلاحين فى خدمة الإقطاعيين، العمال فى خدمة الرأسماليين.. بقية الشعب مغلوب على أمره، ما يقدرش يتكلم، الشغل لمين والعمل لمين؟ لهذه الطبقة، الطبقة اللى هى نص فى المية، التعليم لمين؟ لهذه الطبقة.
استطاعت الطبقة المتوسطة انها تشق طريقها بصعوبة وبالضنك، وكان الواحد من دول بيكون موظف ويقطع من قوته الفلوس علشان يودى ابنه المدرسة، أو يودى ابنه الجامعة، ويلبسه، ولكن كانت خيرات بلدنا كلها ٥٠% من الدخل القومى لـ نصف فى المية والـ ٥٠% الباقية لـ ٩٩.٥%.
طبعاً لا يمكن بهذا أن نقول إن كانت هناك حرية، أبداً.. كان فيه استغلال.. كان فيه حكم طبقى.. كان فيه تحكم طبقى.. كان فيه تحالف بين الإقطاع ورأس المال.. كان فيه تحالف بين الرجعية والاستعمار.. وكان الحكم - نتيجة لهذه الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية - تحتكره الطبقة المستغلة المتعاونة مع الاستعمار، الحكم تحتكره الطبقة المستغلة المتعاونة مع الاستعمار، كانت هى التى تحكم، وكانوا يتكلموا ويقولوا الضمانات الاجتماعية، وزارة الشئون الاجتماعية حتعمل ضمانات اجتماعية وتوزع حسنات.. احنا شعب مش عايزين حسنات، احنا شعب عايز حقوقه، ازاى نبقى فى بلدنا وناخد حسنة فى بلدنا؟ عايزين فرص العمل، عايزين نشارك فى ثورة بلدنا.. عايزين نشارك فى حقنا.. عايزين.. عايزين نسترد حقوقنا المغصوبة اللى استولى عليها نص فى المية من أهل بلدنا بمعاونة الاستعمار، ماكانش فيه حرية بأى شكل من الأشكال.
وسط الاستقلال اللى كنا عايشين فيه قبل الثورة لم يكن إلا سخرية أمام كل ما هو واقع فى مصر؛ تحت سمع وبصر الشعب المصرى.. واستمر هذا الوضع حتى قامت الثورة فى يوم ٢٣ يوليو سنة ٥٢. وأقول إن حتى بعد ٢٣ يوليو ونجاح الثورة يوم ٢٣ يوليو ويوم ٢٦ يوليو لم تتحقق الحرية تلقائياً، ما خرجوش الإنجليز على طول، ما استرديناش حقوقنا المغتصبة اللى فى إيد المصالح الأجنبية، واللى فى إيد المستغلين من بلدنا، ولكن بعد ٢٣ يوليو و٢٦ يوليو نقدر نقول إن سلطة الحكم أصبحت فعلاً مستقلة عن نظام الاستغلال الاستعمارى والإقطاعى السائد.
الحكومة اللى قامت فى مصر بعد قيام الثورة.. ماكانتش الحكومة تاخد أوامرها من سفير بريطانى أو غيره، وماكانتش حكومة تاخد أوامرها من تحالف الإقطاع مع رأس المال.. دا اللى فعلاً استطعنا ان احنا نحققه يوم ٢٣ يوليو سنة ٥٢.. يوم ٢٥ يوليو الإنجليز ادونا إنذار، كنا لسه جداد يعنى.. بقى لنا يومين وبنسمع الإنجليز، وكان أنور السادات فى إسكندرية وجا الوزير المفوض البريطانى، وسلمه إنذار بالنسبة للعيلة المالكة، وطلب منع تجول، وطلب طلبات، ولكنا فى نفس اليوم رفضنا هذا الإنذار بعد الثورة بـ ٣ أيام، وكانوا الإنجليز موجودين فى القنال، وحركنا قواتنا خارج القاهرة، وكنا على استعداد أن نقاتل من أول يوم، ماكناش أبداً على استعداد ان احنا ناخد أوامر ولا ناخد نصايح.. ماكناش أبداً مستعدين أن نتنازل عن المبادئ الكبيرة اللى آمنا بها، واللى آمن بها شعب مصر على مر السنين، ماكناش مستعدين نتنازل عن المعنى اللى كان يقصده شعب مصر وهو ينادى بالحرية والاستقلال؛ الحرية أن نتخلص من نظام الاستغلال الاستعمارى، ونتخلص من نظام الاستغلال الإقطاعى والرأسمالى.
رغم إن الإنجليز قعدت لهم قوات هنا من سنة ٥٢ إلى سنة ٥٦، ولكن من يوم ٢٣ يوليو ٥٢ انتهت سلطة الإنجليز على الحكومة، وكنا احنا مستعدين نقاتل، وكنا ننوى أن لابد من خروج الاستعمار.. لابد من خروج الاستعمار، وكان شعورنا ان الاستعمار إذا لم يخرج فان احنا حنحول الأرض إلى ميدان قتال بالنسبة لهم، أنتم حضرتم هنا فى السنين اللى حصل فيها أعمال الفدائيين، وكثير منكم اشترك فى هذه الأعمال، دا اللى حققناه يوم ٢٣ يوليو أكتر من كده ما نقدرش نقول ان احنا حققنا.. ابتدينا طبعاً نحقق أهداف الحرية فى القضاء على الإقطاع؛ اللى هو يمثل الهدف الثانى من أهداف الثورة.
وكان قدامنا تناقض مع المصالح القائمة، الأحزاب اللى كانت بتحكم والسياسيين، واللى احنا اتصلنا بهم وقلنا لهم اتفضلوا تولوا السلطة، تولوا السلطة ولكن حققوا لنا المبادئ الستة، حددوا ملكية الأرض، كان قدامنا احتمال من اتنين؛ يا تمضى احتمالات الثورة - مجرد احتمالات - ونحقق الثورة الكاملة، ونصفى كل ما هو متناقض مع الحرية، وإما أن تنقض المصالح القائمة بقوة ما تملكه لتقود انقلاباً لتستولى به على السلطة السياسية مرة تانية؛ زى ما كانت قبل ٢٣ يوليو، وتقضى على كل أمل فى الثورة.
الأربع سنين قبل السويس؛ قبل العدوان.. السنوات اللى وصفتها دلوقت فى كلامى بأنها كانت سنوات الاستعداد والتأهب، وسنوات التحفز وسنوات الحشد، حاولت القوى المعادية للثورة بكل طريق حتى المساومات والغواية أن تستنزف المقاومة وقدرة الاحتمال، لكن أصالة النضال المصرى استماتت فى تمسكها بهدفها، حتى اضطر الاستعمار إلى أن يفرض دموية الصراع ويعتدى علينا ليحتل بلدنا. وكانت مفاجأة الاستعمار الكبرى فى معركة بورسعيد أن الشعب المصرى لم يتردد، ولم يتراجع ولم يستسلم، وإنما وقف شريفاً شجاعاً، واجه المؤامرات ورفض الإنذارات، وتصدى للجيوش والأساطيل، وتحمل الغارات التى تعرضت بورسعيد لأعنف موجاتها، فى يوم واحد عاشت بورسعيد تحت إرهاب ٣٧١ غارة جوية، اتحرقت أحياء فى بورسعيد وتهدمت بيوت فى بورسعيد، ولكن لم تتهدم مبادئها، أبداً.. قويت، ودا كان أساس النصر.
فشل العدوان وابتلع البحر جيوش المعتدين بالهزيمة، كما قذف بهم قبلها على شواطئنا بالحقد المجنون. فى السنوات الأربع قبل معركة بورسعيد.. سنوات الاستعداد والتأهب والتحفز والحشد، حاولت القوى المعادية للثورة بكل طريق انها تقضى على الثورة.. تقضى على المقاومة، واصطدمنا بالأحزاب، وأعلنا قانون الإصلاح الزراعى، وقالوا إن قانون الإصلاح الزراعى لن ينفذ، ولكن تصميم الشعب المصرى مكن من تنفيذ قانون الإصلاح الزراعى، وحلت الأحزاب، واصطدمنا مع حزب الإخوان المسلمين فى الأربع سنين سنة ٥٣ وسنة ٥٤، وكان الإخوان المسلمين فى هذا الوقت يريدون أن يؤثروا على احتمال الثورة، ويعملوا من نفسهم أوصياء على الثورة، واختلفنا، وأعلنوا الحرب علينا، وأطلقوا على الرصاص فى سنة ٥٤، يوم ٢٦ أكتوبر فى إسكندرية، وبدأ صراع، واعتقل أعضاء الإرهاب فى حزب الإخوان المسلمين، وحوكموا.
فى سنة ٥٤ كنا بنتفاوض مع الإنجليز علشان الجلاء، وفى نفس الوقت كان الإخوان المسلمين يعقدون اجتماعات سرية مع أعضاء السفارة البريطانية، ويقولوا لهم: ان احنا سنستطيع أن نستولى على السلطة، وسنستطيع أن نعمل كذا وكذا، واتفاوضوا معانا، وكان الإخوان المسلمين كحزب لا يمثل أبداً الشعور اللى بنشعر به فى مصر.. المرشد لحزب الإخوان المسلمين فى هذا الوقت أيام ما كنا بنحارب فى القنال سئل: إيه موقفكم من الحرب فى القنال؟ قال: احنا والله دعوة واسعة، أنتم هنا فى مصر قد تكون مصلحتكم انكم تحاربوا فى القناة، واحنا نرى ان المصلحة أن نحارب فى بلد آخر.. زى دعوة الإخوان المسلمين.. كلام كله تضليل، وكلام كله تجارة بالدين.
فى سنة ٥٣ كنا نريد فعلاً مخلصين ان احنا نتعاون مع الإخوان المسلمين، على أن يسيروا فى الطريق الصحيح والطريق السليم، وقابلت المرشد العام للإخوان المسلمين، وقعد وطلب مطالب، طلب إيه؟ أول حاجة قال لى يجب أن تقيم الحجاب فى مصر وتخلى كل واحدة تمشى فى الشارع تلبس طرحة! كل واحدة تمشى.. وأنا قلت له: يعنى إذا الواحد قال هذا الكلام بيقولوا رجعنا لأيام الحاكم بأمر الله؛ اللى كان بيخلى الناس ما يمشوش بالنهار ويمشوا بالليل، وأنا فى رأيى ان كل واحد فى بيته هو اللى ينفذ هذا الكلام، فقال لى: لا، أنت باعتبارك الحاكم مسئول، قلت له: يا أستاذ أنت لك بنت فى كلية الطب، مش لابسة طرحة ولا حاجة! ما لبستهاش طرحة ليه؟! إذا كنت أنت مش قادر تلبس بنت واحدة اللي هى بنتك طرحة.. عايزنى أنا أنزل ألبس عشرة مليون طرح فى البلد؟!
المرأة ما تشتغلش؟! أنا فى رأيى أن المرأة حينما تعمل نحن نحميها؛ لأن اللى بيضلوا بيضلوا ليه؟ من الحاجة.. من الفقر، بنعرف واحدة إنها عيانة أو أمها عيانة وما لقيتش فلوس -كلنا نعرف الحكايات اللى كانت تحصل بهذا الشكل- اضطرت تفرط فى نفسها؛ إذن العمل هو حماية للمرأة، أما منع المرأة من العمل فهو ضد صالحها، نحن فعلاً نحرر المرأة بأن المرأة تعمل وتتكاتف مع الرجل.
طلب حاجات بقى بعد كده بنقفل السينما وبنقفل المسارح.. بنخليها ضلمة خالص يعنى.. ما كانش ممكن طبعاً نعمل هذا الكلام. اصطدموا معانا بعد الحاجات دى، وبدءوا فى ٥٤ بالتضليل تحت اسم الدين، وبدءوا محاولة الاغتيال، وفى نفس الوقت حوكموا بمحكمة الثورة.
السنة اللى فاتت سنة ٦٤ قبل الدستور قلت عفا الله عما سلف وطلعتهم كلهم من السجن، وعملنا قانون يرجع كل واحد فيهم إلى عمله بماهيته، وياخد دوره فى الترقى وكل شىء.
سنة ٦٤.. فى سنة ٦٤ عملنا هذا القانون وطلعوا، فى سنة ٦٥ مسكنا مؤامرة الإخوان الجديدة، الجهاز السرى وخطط الاغتيالات والتدمير، وكلام الواحد أما يشوفوا بيستغرب! بيقولوا إن كل هذا الشعب شعب كافر، وماحدش مسلم غيرهم، وهم عليهم إنهم يستولوا على السلطة، وربنا اللى يحكم مش الإنسان اللى يحكم! طيب ازاى ربنا يحكم إلا إذا كان له رسول؟! كلنا عارفين فى أول الإسلام كان هناك رسول. يقول لك ان احنا نرفض التمثيل الشعبى ونرفض البرلمان.. نرفض كل هذا ولكن حكم الله، مين حكم الله؟ المرشد أكبر واحد فيهم هو خليفة الله، وهو رسول الله واحنا كلنا كفرة، مش احنا بس.. كل العالم.. كل الدول العربية اللى هم قاعدين فيها النهارده وكل الدول العربية دى كافرة بملوكها برؤسائها، كل واحد فيهم كافر.. دا الكلام اللى قالوه، وماحدش مسلم غير الإخوان المسلمين!
طبعاً اعتقلوا.. واعتقلنا أيضاً جميع تنظيمات الإخوان المسلمين القديمة، وقلنا إن العملية مش عملية بسيطة، العملية مش عملية اغتيال جمال عبد الناصر، اغتيال جمال عبد الناصر.. حيطلع ألف واحد جمال عبد الناصر، ولكن اغتيال الشعب لا يمكن ان احنا نقبله بأى حال من الأحوال، والتدمير، ثم الفاشستية اللى بينادوا بها بأنهم بيحكموا باسم الله، وهم فى هذا لا ينفذون أى شىء ولا يقصدون أى شىء إلا أن يكون فيه حكم فاشستى فعلاً.
وبدأنا نستعرض حالاتهم كلهم، الناس اللى اشتركوا فى هذه التنظيمات السرية كلهم حيتقدموا للمحاكمة.. الناس الخطرين اللى أفرجنا عنهم سنة ٦٤، وكانوا أساساً يمثلوا رءوس فى الجهاز السرى أو أعضاء خطرين، دول حنعتقلهم، بعد كده الباقيين بيطلعوا، حنفرج عنهم ونديهم فرصة تانية، بعد كده إذا أى واحد فيهم لعب بديله بنعتقله ومش حنخرجه أبداً من المعتقل، كفاية.. احنا لا نستطيع أن نقامر بمكاسبنا اللى حققناها فى الـ ١٣ سنة اللى فاتت، ولا نستطيع أبداً أن نتهاون فى مصيرنا؛ أن نسلم أنفسنا لأعوان الاستعمار والرجعية، مهما كان اسمهم، ولو كان اسمهم إخوان مسلمين.
احنا كلنا نعرف ان الإسلام فى هذا ليس إلا خديعة؛ علشان يضحكوا بها على عقول الناس وينضموا لهم، أما هم لا هم مسلمين ولا هم إخوان.. هم ناس حاقدين.. حاقدين، الحقد يملأ قلوبهم ويملأ نفوسهم، قياداتهم اللى موجودة فى الخارج تعاونوا مع حلف بغداد، تعاونوا مع الدول الاستعمارية، تعاونوا مع جميع أعدائنا، تعاونوا مع الرجعية العربية، وأثبتوا الدليل الواضح ان حزب الإخوان المسلمين أو حركة الإخوان المسلمين ليست إلا حركة تعمل لحساب الاستعمار وحساب الرجعية؛ يمولها الاستعمار وتمولها الرجعية، ونحن حسب مبادئنا لن نسمح لأعوان الاستعمار ولا أعوان الرجعية أن يكون لهم أى مجال ولا أى نشاط بيننا؛ لأننا بهذا نؤمن مستقبلنا ونؤمن النجاح اللى حصلنا عليه. قاموا هم فى سنة ٥٤ وحاولوا إنهم يضربوا الثورة، وكانوا بهذا يخدموا مصالح الاستعمار؛ لأن الإنجليز كانوا موجودين، وكنا اتفقنا على الجلاء، وكان مفروض إن الجلاء حيتم فى خلال ٢٠ شهراً، قاموا هم وحاولوا القيام بالاغتيالات، بدءوا بمحاولتهم اغتيالى أنا فى إسكندرية، واستطعنا احنا نضربهم ونقضى عليهم، والشعب فى هذه الأيام كشفهم، والشعب فى هذه الأيام عرفهم ونبذهم، بعد كده حبينا نديهم فرصة جديدة، لم يقبلوا أن يأخذوا هذه الفرصة.
زى ما قلت فى السنين الأربعة اللى قبل معركة بورسعيد حاولت كل القوى المعادية للثورة بكل طريقة إنها تضعف الثورة أو تقضى عليها أو تستنزف طاقاتها، ولكنها لم تستطع، الشعب المصرى لم يتراجع ولم يستسلم، وكانت النتيجة الحتمية لصلابتنا وتصميمنا على أن ننال الحرية الحقيقية الكاملة أن حدث الصدام الدموى، وحدث العدوان وفشل العدوان، بعد فشل العدوان نقول إن بدأت فعلاً البداية الحقيقية لعصر الحرية اللى كنا نسعى إليه، واللى كان آباؤنا بيسعوا إليه واللى كان أجدادنا بيقاتلوا من أجله، بعد فشل العدوان كانت فعلاً البداية للثورة الأصيلة.
لم يبق - أيها الإخوة - على أرض الوطن بانتصاركم فى بورسعيد ظل أو شبح للاحتلال الأجنبى، أو لوجود أجنبى أو لنفوذ أجنبى، خرجوا إلى غير رجعة، وفى نفس الوقت هم خرجوا يوم ٢٣ احنا يوم ٣١ أممنا كل الأموال الفرنسية والإنجليزية، واستعدنا فعلاً المصالح الاقتصادية اللى كانت منهوبة وكانت مستباحة، وبدأ فعلاً بعد كده العمل من أجل أن يكون الاقتصاد اقتصاد وطنى، بعد كده أممت المصالح الأجنبية الأخرى، غير الإنجليزية والفرنسية، وماكانش معقول بأى حال من الأحوال أن يستمر نص فى المية من السكان فى الحصول على ٥٠% من الدخل القومى، معركة بورسعيد نفسها حددت معايير إعادة توزيع الثروة، النصر اللى حققتوه فى بورسعيد هو اللى دعم هذه المعركة.
النصف فى المية الذى كان يحصل على أغلبية الثروة كان وقت المعركة هو الجزء الذى لم يتصور ولم يتحمل القطيعة الكاملة والصدام الحاسم ضد الاستعمار؛ لأنهم أساساً كانوا هم أصدقاء الاستعمار، كانوا يملكون الوطن ولا يعيشون فيه ولا يعيشون له، وكانوا يملكون الثروة.
طبعاً فى نفس الوقت كان المذهل أن الغالبية الساحقة التى تعيش فى الوطن وتعيش للوطن ولا تملكه - أنتم.. الشعب اللى ما بيملكش حاجة - هى التى تحملت وطأة الحديد والنار، معركة بورسعيد حددت.. معركة بورسعيد قطعت الناس اللى بيعيشوا فى الوطن ويعيشوا له هم الناس اللى يجب ويحق لهم أن يملكوه، أم النصف فى المية اللى كان يسلب ويستغل لا يمكن أن يستمروا فى أن يملكوا ثروات الوطن.
هكذا - أيها الإخوة - سقط فى مصر ضمن ما سقط خلال معركة بورسعيد، عصر الحياة للنص فى المية من السكان على حساب الغالبية العظمى الساحقة، كان ذلك أمل الحرية الحقيقية.. يصنع نفسه بالعزة والكرامة على الأرض المصرية. النصف فى المية هم اللى كان عندهم كل شىء.. عندهم العربيات، عندهم البيوت، عندهم العمارات، عندهم الشركات، عندهم الأرض، عندهم المصانع.. عندهم كل حاجة، ولادهم هم اللى بياخدوا كل شىء ويورثوا، أما الواحد من دول بيموت ابنه بيطلع، بيرث ١٠٠ ألف جنيه، ٢٠٠ ألف جنيه، ١٠٠٠ فدان، ٢٠٠٠ فدان، إذن نص فى المية بيعيش على ٥٠% من خيرات البلد، وبعدين يقفوا يكلمونا ويقولوا لنا نقاوم الفقر والمرض والجهل! ازاى نقاوم الفقر والمرض والجهل؟! ازاى؟! سمعنا من أول الواحد ما طلع وابتدا يوعى فى البلد دى وهو بيسمع مقاومة الفقر والمرض والجهل، مقاومة الفقر والمرض والجهل بإيه؟ طالما إن معاكم ٥٠% من ثروة البلد، وطالما إن ما بيهمكوش اللى بيتولدوا بيشتغلوا أو ما بيشتغلوش.. عاطلين أو غير عاطلين.. وكان فيه جيش جرار من العاطلين.. كل اللى بيهمكم إنكم تطلعوا بره فى الصيف، كل واحد يروح أوروبا يصيف ويتفسح ويستشفى شهر أو اتنين أو تلاتة ويعمل سياحة، الفلوس اللى محوشينها موجودة برة فى البنوك وفى المصارف ومافيش حاجة أبداً تعصى عليهم، كل الحياة المرفهة لهم، أما الشعب.. الشعب بيعملوا له مصلحة ضمان جماعى تدى المحتاج منه حسنة.. صدقة.. دا كان مجتمع النصف فى المية.
هل احنا اللى طلعنا ونادينا بالثورة والاستقلال والحرية كنا نرضى أن نبقى فى مجتمع نص فى المية؟! نص فى المية عايش، و٩٩.٥% إما مش عايشين أو عايشين على الكفاف.. نص فى المية واخد نص الدخل القومى، وواخد ناتج عمل الباقى، العامل اللى بيعمل ويستحق٢٥ قرش أو ٣٠ قرش بياخد ١٢ قرش! الباقى بياخدهم مين؟ الطبقة السائدة الحاكمة، النصف فى المية اللى عنده نصف الدخل القومى، أو العامل الزراعى بييجى يشتغل فى المواسم بخمس قروش عشر قروش بالأكثر، بقية السنة عاطلين، يبقى بلد إيه؟ بلد النصف فى المية، أما الـ ٩٩.٥% مالهمش حاجة فيها.. لهم الفقر. رغم ما يقوله الحكام عن الضمان الجماعى ومقاومة الفقر والمرض والجهل، هل كنا نقبل ان احنا نعيش فى مجتمع النصف فى المية؟ معناه إيه ان احنا نعيش فى مجتمع النصف فى المية، يعنى ما نصنعش، ما نصلحش أرض، ما نعملش السد العالى، ما هو مجتمع النصف فى المية، لو أنا من النصف فى المية دول أنا عايز السد العالى ليه؟ أنا عايز السد العالى علشان الناس تطلع تشتغل وتتعلم، طيب أنا النصف فى المية المستغل.. أنا عايز الناس تطلع تتعلم عشان يعملوا ثورة على؟! أنا النصف فى المية اللى ناهب ثروة البلد أنا ليه يهمنى إن الناس تتعلم؟! يهمنى الناس ما تتعلمش، يهمنى الناس تفضل مغمضة وما تفتحش، النصف فى المية اللى بيحكم واللى بيستغل ما يهموش أبداً الناس تتعلم، ولا يهمه ان الناس تبقى صحتها كويسة، ولا يهمه ان الناس تشتغل، بل بالعكس يهمه ان الناس تكون فى بطالة علشان ييجوا يتذللوا له علشان يشتغلوا، كل واحد ييجى يبوس الإيد ويبوس الرجل علشان يشتغل شغله بـ ٤ جنيه أو بـ ٣ جنيه.
كلنا عارفين ازاى دا كان بيحصل قبل الثورة، المجتمع اللى بيحكم.. المجتمع اللى بيحصل على نصف الدخل القومى عايز يعمل سد ليه؟ حيعمل أرض لمين؟ للفلاحين؟ وليه الفلاحين ياخدوا أرض ويفتحوا عينيهم؟! حيعمل أرض ليه؟ طيب ما هو عنده الأرض، ما هو مشروع السد العالى دا موجود من سنة ٢٠، ماحدش فكر أبداً ينفذه، يدينا ٢ مليون فدان ويحول لنا ٧٠٠ ألف فدان حياض. مجتمع حكم الطبقة.. تحالف الرجعى.. تحالف الإقطاع مع رأس المال.. تحالف الرجعية مع الاستعمار.. لا يمكن إنه يقبل دا، والعملية سهلة، بيقول لك المجتمع حر، كل حاجة فيه حرة، الحكومة مالهاش دعوة، الناس عايزة تعمل مصانع تعمل مصانع، طيب أنا اللى مش لاقى آكل حاعمل مصانع ازاى؟! اللى مش لاقى ياكل مش حيقدر يعمل مصنع، مين اللى حيقدر يعمل مصنع؟! اللى حيقدر يعمل مصنع هو اللى عنده فلوس، يعنى النصف فى المية برضه، اللى حيروح يجرى يشتغل فى المصنع دا الناس اللى مش لاقيين شغل، طالما ان الناس اللى مش لاقيين شغل عدد كبير؛ إذن بيقولوا بأى أجر يعطى لهم، إذن مين اللى يكسب؟ يكسب الطبقة المستغلة، تحالف الإقطاع مع رأس المال.
يعمل خطة؟! دا هو عايز الناس كلها لا هى لاقية تاكل ولا تتعلم.. يادوبك كل واحد ياخد أجر يوكله الضرورى، ولا تتعلم ولا يديها خدمات؛ بحيث إن الكل يبقوا عبيد له والكل يجروا وراه يترجوه، والكل يروحوا له بكروت، ودا عايز يشغل ابنه، ودا عايز يشغل كذا، ودا عايز يعمل كذا.. إلى أخره. العملية سهلة، استثمرت أموال أو ما استثمرتش أموال هم ما يهمهمش، وزى ما قلنا فى سنة ٥٢ الاستثمار فى الصناعة كان ٢ مليون جنيه.
كلنا نعرف قبل الثورة اللى كان بيطلع من كلية الحقوق كان بيشتغل فين، اللى كانوا بيتخرجوا من الجامعة كانوا بيروحوا فين! ما عدا ولاد النصف فى المية ومحاسيبهم اللى بيخدموهم واللى عارفينهم، يروحوا فين؟ هل بيشتغل كان بشهادته الجامعية؟ بيقولوا له مافيش محلات، يشتغل شغلة بـ ٧.٥ جنيه لغاية ما يفضى محله إذا فضى محل، ما يهمهمش، مجتمع النصف فى المية مجتمع الاستغلال، مجتمع الطبقة.
العملية بالنسبة لنا احنا بعد الثورة كانت عملية تبقى سهلة قوى، نعيش فى مجتمع النصف فى المية ولا نعذب نفسنا، ولا نحتاج جهد ولا نقول خطة ولا استثمار ولا ادخار، أبداً.. نريح نفسنا.. نقول لكم احنا مالناش دعوة، حنحكمكم وبننضم للطبقة، وهم كانوا يرحبوا بنا قوى، ومجتمع هو كويس مجتمع طرى، ومجتمع كويس ومريح، مش مجتمع شقا وعذاب وغلب! مجتمع سهر ورقص! يعنى الواحد لو عايز يريح نفسه كان بعد الثورة.. يعنى الواحد بعد الثورة لو كان راح انضم لهم كان استريح، ماكانش شاب! (تصفيق) ولكن لو كنا كده ماكناش عملنا ثورة، طيب ما احنا كنا كويسين، ما أنا كنت كويس. أنا واحد سألنى فى معسكر الشباب، بيقول لى أنت اشتركت فى الثورة علشان الحافز الشخصى؟! قلت له حافز شخصى إيه؟! دا أنا طلعت يوم ٢٣ يوليو والنسبة الكبيرة ان أنا ما ارجعش، احنا كنا عدد قليل قوى، كنا ٩٠ واحد.. ٩٠ واحد، احتمال نرجع البيت أو ما نرجعش، احتمال ما نرجعش أكبر قوى من احتمال نرجع؛ إذن ماكانش وازع شخصى ولا طموح شخصى.. كانت تضحية وكانت ثورة، وواحد طالع علشان يموت مش طالع علشان يكسب، أبداً.. دى المبادئ اللى طلعنا بها، ودى المبادئ اللى خلتنا مشينا فى السكة اللى احنا ماشيين فيها لغاية النهارده. لو كنا رحنا انضمينا لمجتمع الحفلات والطبقة وسرنا استمراراً لتحالف الإقطاع مع رأس المال، بالنسبة لى أنا كان الموضوع.. بالنسبة لى أنا شخصياً كان الموضوع يبقى أريح، طبعاً لو كنا كده ماكناش أبداً فكرنا فى الثورة، كنا مشينا، أنا قبل الثورة كنت ضابط كبير فى الجيش.. عندى عربية.. عندى عيلتى.. وعايش كويس وعندى أولادى، وبالنسبة لى أنا ماكانش ينقصنى حاجات كتير.
إذن العملية من أجل شعب مصر، من أجلكم أنتم.. من أجل الشعب؛ المبادئ الستة اللى أعلنت يوم الثورة، والأعمال اللى اتعملت، ما رضيناش أبداً ان الأمور تجرى كما كانت تجرى، وإن القلة الممتازة تفضل على القمة، وإن حكم الطبقة يفضل، قلنا لابد أن نهزم حكم الطبقة المستغلة، تحالف الإقطاع مع رأس المال، تحالف الرجعية مع الاستعمار، ونقيم بدلاً من ذلك تحالف قوى الشعب العاملة، العمال.. الفلاحين.. المثقفين.. الجنود.. الرأسمالية الوطنية.. دى الثورة. الكلام الأولانى لا يحتاج إلى تخطيط ولا خطط - حكم الطبقة - ولا تصنيع ولا مصانع، ولا أرض جديدة، ولا سدود ولا كهربا ولا مفاعلات ذرية، ولا الكلام اللى احنا بنعمله النهارده داهوه، على كل شوية انتخابات يوزعوا لهم قرشين، ويقولوا لكم شوية خطب، وحزب الأغلبية بياخد الحكم لغاية الانتخابات الجاية، وهكذا كلنا عارفين ازاى، يفضل الفلاح للفقر والجهل والمرض، ويفضل العامل المصرى نفاية تعتصر الآلة الرأسمالية كل حياة فيها ثم تتركها لمصيرها.
لكن الشعب المصرى بإرادة الثورة وبإرادة الحرية، مش من أيامنا من قبلنا، آباؤنا يوم ما كانوا بيقولوا يحيا الاستقلال ويستشهدوا، وأجدادنا، الشعب المصرى، من قبلنا بإرادة الثورة، وإرادة الحرية، أوضح وأثبت وصمم على رفضه المطلق والبات لمجتمع النصف فى المية ولطغيانه ولاستغلاله، الشعب المصرى صمم على أن يبنى مجتمع المية فى المية، البلد تبقى للمية فى المية، ما تبقاش للنصف فى المية، دا كان اختيار الشعب المصرى المجيد، ولكنه - أيها الإخوة - كان أيضاً اختيار الشعب المصرى الصعب.
سهل قوى ان أنا أعيش نصف فى المية، وأديهم مستوى كويس فى المعيشة، وأخلى الـ ٩٩.٥% يخدموهم، صعب قوى ان أنا أعيش الـ ١٠٠%، بنعوز عمل وجهد، ولكنه اختيار مجيد، وفى نفس الوقت اختيار صعب ماكانش طبعاً هذا الاختيار الصعب داخل الحدود بس، كان داخل الحدود وخارج الحدود. الشعب المصرى خرج إلى عصر ما بعد السويس بخطوط رئيسية: الحياة للكل والمستقبل لهم.. الحياة للكل؛ لكل الشعب، المستقبل لكل الشعب، مش الحياة للطبقة الرأسمالية الإقطاعية، والمستقبل لها والفقر للشعب والإهمال للشعب.
خرج أيضاً الشعب المصرى بعد بورسعيد لأنه لأمته العربية ومن الأمة العربية، وخرج أيضا ًلأنه للحرية فى كل مكان، الشعب المصرى الذى نادى بالحرية.. أنه للحرية فى كل مكان؛ ومع الحرية فى كل مكان، وأيضاً إنه للسلام على كل أرض، ومن أجل السلام.
كل دى مبادئ مترابطة.. منطلق هذه المبادئ جميعاً رفض منطق مجتمع النصف فى المية اللى كنا عايشين فيه قبل الثورة، مجتمع النصف فى المية بيجد الراحة داخل حدوده وفى العزلة، وحصل كنا منعزلين ومالناش دعوة بالأمة العربية ولا بالشعب العربى، بعد أن صممنا على أن نكون مجتمع الـ ١٠٠% أعلنا بصراحة أننا للأمة العربية كلها، وأننا من الأمة العربية وجزء من الأمة العربية.
مجتمع النصف فى المية، حكم الطبقة المستغلة، حكم تحالف الإقطاع مع رأس المال يجد الحماية دائماً من قوى الاستعمار، يتحالف مع الاستعمار سراً أو علناً، عندنا أمثلة فى المنطقة بتاعتنا كتير، يتحالف مع الاستعمار، ويحقق للاستعمار مصالحه، والاستعمار يحميه.
مجتمع النصف فى المية ما يهموش السلام؛ لأنه بيقدر يضاعف ثرواته فى وقت الحروب، ياخد الغنيمة أو ياخد لقمة من الغنيمة؛ زى ما عملوا هنا فى وقت الحرب العالمية التانية، احنا مجتمع الـ ١٠٠%، بنقول إن النضال الوطنى الأصيل؛ ثورتنا.. نضالنا الوطنى.. الحرية التى نسعى إليها، كل هذا لا يمكن لنضالنا الوطنى أن يصاب بازدواج الشخصية، أوضاع الوطن فى الداخل هى التى تحرك الوطن فى الخارج، نبص فى الأول، قبل الثورة بره كانت قيمتنا إيه عالمياً؟ ماكانت لناش قيمة عالمية أبداً، ماحدش يدينا قيمة.. عارفين إن الإنجليز هم اللى بيحكموا، بعد الثورة ابتدت تبقى لنا قيمة عالمية، ليه؟ لأن احنا بقينا أحرار فى الداخل، وعندنا حرية فى الداخل؛ إذن كل العالم يحترمنا.
طبعاً وأنا باقول النصف فى المية، النصف فى المية بيساوى ١%.. يساوى ٣%.. يساوى ٥% لأن ممكن طبعاً الطبقة تكبر، ناس تدخل ضمن الطبقة، تدخل ضمن الطبقة والطبقة تبقى ٥%، يبقى ٥% عايشين.. ٥% لهم كل الخير.. ٥% لهم كل الثروة أو لهم نصف الدخل القومى أو أكثر، و٩٥% مالهمش، ٥% بيتحكموا.. ٥% يمثلوا الطبقة، تحالف الاستعمار مع الرجعية، يمثلوا الطبقة، تحالف الإقطاع مع رأس المال، وحوالينا بلاد كتيرة بتحكم بهذا الأسلوب وأراحت نفسها بالعزلة وحمت الطبقة المستغلة، حمت الرجعية نفسها بالتواطؤ مع الاستعمار، استفادت الرجعية.. استفادت الطبقة المستغلة النصف فى المية أو الـ ٥% من الأحلاف الظاهرة، ومن الأحلاف الخفية، وأصبحت هذه البلاد قواعد لهجمات الاستعمار العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو الدعائية ضد الناس اللى ترفع رءوسها فى مواجهة الاستعمار. احنا لا نقبل مجتمع النصف فى المية مجتمع الطبقة ولا مجتمع الـ ٥%؛ لأن هذا المجتمع فى البلاد اللى هو عايش فيها.. البلاد اللى فيها حكم هذا المجتمع مشاكلها كلها مدفونة مع مصالح جماهيرها، والجماهير تضغط من فوقها عناصر الطبقة المسيطرة والطبقة المستغلة، حكم النصف فى المية.. حكم الطبقة.. حكم تحالف رأس المال مع الإقطاع لا يواجه مشاكل التنمية مثلاً، لمن التنمية، ليه التنمية؟ التنمية اللى بنتكلم عليها فى بلدنا ليه؟ التنمية للمستقبل، طبعاً حكم الطبقة يريد أن يحصل على كل ما يستطيع الوصول إليه، كلنا بنفتكر حكم الوزارات عندنا فى الماضى. كل وزارة بتيجى سنة، ٦ اشهر، سنتين، عايزة فى السنة أو السنتين تاخد أكبر ما تقدر تعمل؛ الأنفار والناس عايزين شوية مصارف عايزين شوية ترع.. عايزين شوية طرق، بتتعمل العملية دى فى السنة والسنتين خدمات للطبقة الحاكمة والطبقة المستغلة، وطبعاً إذا كان فيه حديث عن التنمية أو حديث عن الضمان الاجتماعى فكل دا يكون ستار الاستغلال، التنمية تكون ستار الاستغلال، تطرح المشاريع لتكون وسيلة لزيادة تكديس الثروات، ولزيادة تراكم الأرصدة المهربة إلى الخارج.
البلاد - زى ما كنا قبل الثورة - اللى بيحكمها النصف فى المية، أو اللى فيها حكم الطبقة؛ النصف فى المية أو ٥%، لا تواجه مشاكل التخطيط، لمن التخطيط؟ أقرب السبل إلى تحقيق أكبر قدر من الاستغلال لا يحتاج إلى تخطيط، لا يفكر فى الصناعة الثقيلة، لا يفكر فى السدود ولا يفكر فى الكهربا، إيه اللى يغريه انه يعمل مشروع - زى ما قلنا - زى مشروع السد العالى؟ بنصرف فى مشروع السد العالى ٤٠٠ مليون جنيه، لسه ما أخدناش فوايد من ٤٠٠ مليون، حتيجى الفوايد بعد كده، بل بالعكس صرف ٤٠٠ مليون جنيه بيعمل لنا مشاكل؛ لأنه بينزل فى السوق ٤٠٠ مليون جنيه، لا يواجه مشاكل الاستهلاك، حكم النصف فى المية.. لمن الاستهلاك؟ مين حيستهلك؟ حيستهلكوا إيه؟ إذا كانت الناس ما بتشتغلش حتستهلك إيه؟ إذا كانت الناس عاطلة حتستهلك إيه؟ إذا كان العامل بيشتغل بـ ١٢ قرش حيستهلك إيه؟ وإذا كان الفلاح بيشتغل بـ ١٠ قروش أو بـ ٨ قروش حيستهلك إيه؟ فى المواسم! مين اللى بيستهلك؟ النصف فى المية والناس المقربين منهم، بيحصلوا على كل طلباتهم بسهولة، سهل قوى.. كل طلباتهم بتيجى من الخارج مستوردة، كل الطلبات بتيجى من الخارج مستوردة، النصف فى المية هم اللى بيستهلكوا الاستهلاك الحقيقى، هم اللى عندهم الثروة، عندهم نصف الدخل القومى، بقية الناس ٩٩.٥% عندهم نصف الدخل القومى التانى، وحيزودوا الدخل القومى ليه؟! أما قامت الثورة كان الدخل القومى ٨٠٠ مليون جنيه، النصف فى المية بياخدوا ٤٠٠ والـ ٩٩.٥% بياخدوا ٤٠٠، النصف فى المية عندهم ٤٠٠ مليون جنيه يشتروا منها استهلاكهم، والـ ٩٩.٥% عندهم ٤٠٠ مليون جنيه يادوبك كل واحد يقدر يكفى نفسه أو ما يلاقيش ياكل.
مجتمع الـ ١٠٠% بيختلف، النهارده الدخل القومى بدل ما كان ٨٠٠ مليون جنيه، فى السعر الثابت لـ ٥٩ (١٧٦٢) مليون جنيه، لكن لمين؟ النصف فى المية؟! لأ، للـ ١٠٠%، للشعب كله، مافيش النصف فى المية، مافيش الطبقة المستغلة اللى كانت تملك الثروات، وتملك المصانع وتملك الأرض.. إلى أخر كل شىء، وتملك كل شىء، مجتمع النصف فى المية لا يواجه مشاكل الاستهلاك، ولا يواجه مشاكل الادخار، الادخار فى مفهومه هو الادخار الشخصى فى البنوك الأجنبية؛ فى الحسابات السرية فى سويسرا، هو دا الادخار، لكن مش ضرورى أبداً يكون ادخار علشان الاستثمار، ولا يواجه مشاكل زيادة السكان. إذا أراد السكان انهم يزيدوا.. يزيدوا زى ما هم عايزين، وياكلوا.. إذا لقوا أكل ياكلوه، وإذا ما لقوش ياكلوا الجوع، ياكلوا أى حاجة.. ولا العيش والبصل! دا المجتمع.. مجتمع طبقة.. مجتمع تحالف الإقطاع مع رأس المال، إذا ما لقوش أى حاجة.. إذا ما لقوش العيش والبصل يتفلقوا.. دى فلسفة تحالف الإقطاع مع رأس المال.
الشعب المصرى بالثورة رفض هذا كله.. الشعب المصرى بالثورة.. بثورة ٢٣ يوليو سنة ٥٢، وبالثورة المستمرة، رفض هذا المجتمع كله.. هدم هذا المجتمع كله، وصمم على أن يقيم مجتمع تحالف قوى الشعب العاملة، مجتمع الـ ١٠٠%.. مجتمع الشعب كله، رفض منطق مجتمع النصف فى المية، واختار الشعب المصرى طريق الحرية، ولكنه فى نفس الوقت اختار الطريق الصعب. سهل قوى ان أنا أوفر مبلغ من المال النصف فى المية، يعنى أما أقول الـ ٤٠٠ مليون جنيه بيروحوا النصف فى المية سهل توزيعهم، لكن تعال بقى إذا كنت عايز تدى نفس النصيب للـ ٩٩.٥% تبقى عايز كام؟ تبقى عايز ٤٠٠ مليون، مش فى ٩٩% فى ٢، العملية كبيرة خالص يعنى إذا كنا عايزين نعيش بالطريقة اللى كانوا عايشين بها؛ إذن الشعب المصرى اختار الطريق الصعب، ولكن اختار الطريق الذى يحقق للشعب كله الحرية والكرامة.
فى عصر ما بعد السويس، بعد بورسعيد الشعب المصرى وضع خطين، الخطين دول حكما مسيرته إلى الآن فى عمله الداخلى: الكفاية والعدل، الكفاية يعنى الإنتاج، نفضل ننتج لغاية كل ما واحد فينا ياخد كفايته، والعدل يعنى عدالة التوزيع وإذابة الفوارق بين الطبقات، الكفاية والعدل، وهل نقدر نعمل دا فى يوم وليلة؟ طيب نعمله ازاى فى يوم وليلة؟ كنا عشرين مليون يوم الثورة.. الحمد لله النهارده بقيتم ٣٠ مليون، طيب عايزين كفاية، حققنا العدل وزعنا.. عملنا على إذابة الفوارق بين الطبقات، عايزين الكفاية بقى، وأما نحقق الكفاية بنقول ان احنا حققنا الاشتراكية. النهارده واحد ادانى جواب، وبيقول إن أنا عايز مسكن، وإلا ازاى نبقى فى عهد اشتراكية؟ أنا باقول له لسه يا ابنى ما بقيناش فى عهد اشتراكية، لسه، يوم فعلاً ما نقدر ندى كل واحد مسكن جديد ومسكن مريح، نقول ان احنا فى عهد اشتراكية.. أما النهارده احنا فى مرحلة انتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية.. نبنى.. بننتقل علشان نقيم مجتمع الرفاهية، ودا لن نحققه إلا بالعمل، ما عنديش أنا بير فى البيت بانزل فيه جردل وأطلع دهب علشان أدى الدكتور عبد المنعم القيسونى أو زكريا محيى الدين.. أبداً، زكريا محيى الدين، ما عندوش حاجة، عنده كم فدان مستعدين ناخدهم منه (ضحك) ما عندوش.. يظهر باعهم.. بيقول ما عندوش (ضحك) ما عندوش الراجل حاجة.. ما عندوش غير شجرتين مانجو فى البيت.
مافيش.. حنجيب منين؟ أنت عايز بيت، حاجيب لك منين أنا البيت اللى يتكلف ألف أو ألفين جنيه؟ أنا وأنت وهو وكل واحد فينا مع بعض نتكاتف ونبنى، ندخر ونعمل، دى الكفاية، لكن ياريت أنا النهارده أقدر أدوس على زرار باطلع لكل واحد فيكم شقة ولكل واحد بيت، مافيش زراير.. أو أدوس على زرار اطلع لكل واحد تليفزيون وعربية، مافيش، ربنا قادر على كل شىء.. ربنا قال لنا اجتهدوا، بالاجتهاد والعمل بناخد قصاد كده، ربنا كان قادر يدى كل واحد فينا، وكل واحد من الناس، كل شىء، وكل متع الدنيا، ولكنه له حكمة.. حكمة الحياة ان احنا نكافح ونعمل علشان نحقق آمالنا، وإلا كانت الحياة تبقى حياة ما فيهاش متعة، ما فيهاش كفاح.. ما فيهاش معنى. احنا قضينا على حكم الطبقة، وأقمنا حكم الشعب؛ حكم الـ ١٠٠%؛ تحالف قوى الشعب العاملة، أذبنا الفوارق بين الطبقات، عملنا وأممنا، وسرنا خطوات كتيرة، أممنا البنوك وأممنا شركات التأمين، وأممنا الصناعة والتجارة الخارجية والنقل، كل الحاجات اللى أنتم عارفينها دى، وقلناها ييجى ١٠٠ مرة، طيب وبعد كده؟ طيب دا العدل؛ إذن الخطوة التانية هى الكفاية، لا تستطيع الاشتراكية أو المبادئ الاشتراكية اللى احنا بننادى بيها إنها تغير فى يوم وليلة نتائج مجتمع الاستغلال.. نتائج حكم الطبقة، تحالف الإقطاع مع رأس المال، أبداً، لكن نستطيع بالعمل المستمر ان احنا نحقق هذا. قلنا علشان الكفاية نعمل إيه؟ بعد بورسعيد من سنة ٥٧ عملنا خطة صناعية اتكلفت ٣٠٠ مليون جنيه، بدأت سنة ٥٧ وانتهت سنة ٦٠، فى الوقت اللى بدأت فيه الخطة الخمسية الأولى؛ الخطة الخمسية الأولى وجهنا ١٥١٣ مليون جنيه للاستثمارات.. كفاية؟ هل الـ ١٥٠٠ مليون جنيه دول.. حيعملوا لنا إيه؟
إذن فى الخمس سنين حنعمل حاجة معينة، طيب لو ما صرفتش الـ ١٥٠٠ مليون جنيه دول كان يحصل إيه؟ نصفكم كانوا يبقوا عاطلين.. ما تشتغلوش، ولا أولادكم بيشتغلوا، ولا اللى بيتخرج من الجامعة بيلاقى شغل ولا حاجة، ما هو النهارده الناس بتشتغل ليه؟! فيه مصنع بتشتغل، اللى بيتخرج من الجامعة بيشتغل، فيه إصلاح أراضى بيشتغل، الفلاح بيشتغل واللى بيتخرج من الجامعة بيشتغل، فيه طرق بنشتغل.. فيه كهربا بنشتغل.. فيه سدود بنشتغل.. فيه بناء مساكن بنشتغل.. طيب السدود والصناعة والخدمات والطرق والكلام دا حاعملها مجاناً واللا أعملها بفلوس؟ حاعملها بفلوس.
فى الـ ٥ سنين اللى فاتت صرفنا ١٥١٣ مليون جنيه، وقلنا فى العدل عملنا الخطوات، الشعب سيطر على وسائل الإنتاج، العامل شريك فى الإدارة والربح، ٧ ساعات فى اليوم، إجازات والتأمينات والعمالة.. التعليم الابتدائى كان عندنا مليون النهارده عندنا ٤ مليون، وسنة ٥٢/٥٣ اتصرف على التعليم ٢٧ مليون جنيه، سنة ٦٤/٦٥ من ٢٧ مليون جنيه وصلنا إلى ٨٦ مليون جنيه، ٨٦، كان عندنا فى الابتدائى مليون طالب عندنا ٤ مليون، عايزين سنة ٧٠ كل ولد فى البلد يكون له محل فى الابتدائى. الجامعة.. كل واحد بيدخل الجامعة، المعاهد العليا كل واحد بيدخل المعاهد العليا، مفتوحة للشعب مش للطبقة، بالمجموع، مالناش دعوة مين أبوه واللا مين أهله واللا مين عيلته، مافيش، مش موضوعنا، التعليم مجاناً.. الجامعة مجاناً. فى المعاشات، طول عمرنا الحكومة بتخصم كانت ربع المعاش.. الحكومة تنازلت، مافيش حاجة ما اتعملتش، تأمين، عمالة، اللى بيتخرجوا من الجامعة كل سنة بيتعينوا، اللى بيتخرجوا من المعاهد الصناعية بيتعينوا.. اللى بيتخرجوا من المعاهد العليا بيتعينوا، اللى بيتخرجوا من الثانوية الزراعية بيتعينوا، كل واحد بيشتغل، دا بالنسبة للعدل وبالنسبة للكفاية. بالنسبة للعمل السياسى.. توسيع السلطة السياسية لضمان الاستقرار، سلطة الفلاحين والعمال بالنص فى كل المجالس الشعبية وفى مجلس الأمة، الاتحاد الاشتراكى كتنظيم لقوى الشعب العاملة.
مشينا من سنة ٦٠ لسنة ٦٥، أول خطة سميناها سنوات التحول العظيم، انتهت الخطة الأولى، والآن ابتدينا فى الخطة الثانية، واجهتنا مشاكل.. إيه المشاكل دى؟ هل هذه المشاكل هى مشاكل النجاح أو مشاكل الفشل؟ نبحث.. طبعاً اختيارنا الصعب للحرية كان هو السبب، لو فضلنا والله مجتمع النصف فى المية ماكانتش تقابلنا المشاكل دى، اللى بياكلوا سكر ماكانوش بياكلوا سكر، اللى بيشرب عشر فناجيل شاى يادوبك كان ياخد له كباية شاى قد كده؛ لأن مافيش.. ما بيشتغلش، طبعاً هذا الطريق الصعب إذا ماكناش اخترناه كنا ضيعنا الحرية اللى نادينا بها، واللى قامت الثورة من أجلها، واللى استشهد من أجلها آباؤنا وأجدادنا، وضيعنا الحياة وضيعنا المستقبل، وفضل الشعب فى مجتمع النصف فى المية.
فى الخمس سنين اللى فاتوا عملنا إيه؟ استثمرنا ١٥١٣ مليون جنيه، يعنى إيه استثمرنا؟ يعنى شغلنا، بنينا مصانع وصلحنا أرض، وبنينا طرق وسكة حديد، وخطوط أتوبيس وكبارى.. إلى أخر كل هذه العمليات، وبنينا مساكن، مجموع الفلوس اللى اندفعت فى العمليات دى ١٥١٣ مليون جنيه، طيب أنا حاجيب الـ ١٥١٣ مليون جنيه منين؟ أنا لا عندى حاجة ولا زكريا محيى الدين عنده حاجة، ما عندناش! الشعب اللى قال إنه شعب الـ ١٠٠% هو اللى عليه يعمل وعليه يبنى.. عليه يعمل وعليه يبنى، زودنا الخدمات، باقول عملنا إيه فى الإسكان؟ العشر سنين اللى قبل الثورة فى الإسكان صرفوا ١٨ مليون جنيه، من أول الثورة حتى سنة ٦٠ اتصرف ٣٦٢ مليون جنيه للإسكان.. من ١٨ لـ ٣٦٢، من أول الثورة لسنة ٦٥ اتصرف ٥٢٤ مليون جنيه للإسكان، الحكومة صرفت، التعليم قلت لكم عليه.. الصحة: سنة ٥٣ كانت ميزانية الصحة ٦ مليون جنيه، سنة ٦٤/٦٥ (٢٢.٥) مليون جنيه العمالة سنة ٥٢ كان عندنا ٤.٥ مليون عامل، سنة ٦٤/٦٥ (٧.٣٣٣.٠٠٠) عامل، يعنى تقريباً ٧.٥ مليون اشتغلوا، على الـ ٤.٥ مليون عامل ٣ مليون عامل.. ٣ مليون.
فى مجتمع النصف فى المية مجتمع حكم الطبقة ماكانش ولا حد ولا نصف مليون، حيبنوا مصانع ليه وحيبنوا سدود ليه وحيبنوا طرق ليه وحيعملوا الكلام دا ليه؟! مافيش داعى أبداً!
التعليم مجاناً، الأجور ارتفعت.. الأجور.. سنة ٥٢ مجموع الأجور كان ٣٥٠ مليون جنيه وصل ٦٤/٦٥ إلى ٨٨٠ مليون جنيه، الأجور اللى كانت بتتاخد سنة ٥٢/٥٣ كانت ٣٥٠ مليون جنيه، وصلت السنة اللى فاتت اللى احنا فيها دى إلى ٨٨٠ مليون جنيه، فى مجتمع النصف فى المية، مجتمع حكم الطبقة يدوا أجور ليه؟ يرفع الأجور ويجعل الحد الأدنى ٢٥ قرش ليه؟ يعمل سبع ساعات ليه؟ يعمل سدود ليه؟ ما يعملش، مافيش أجور، يصلح أرض ليه؟ طبعاً النتيجة لدا كله ان زاد الاستهلاك؛ لأن الأجور.. أما بنقول أجور.. وبعدين أما أقول الأجور لازم افتكر حاجة تانية كمان، الأرض اللى اتوزعت على الفلاحين؛ المليون فدان دى كان ضمن إيراد الطبقة المستغلة، النهارده دى تعتبر كأجور عائد من الملكية، وبيتصرف مش محسوب غير الإصلاح الزراعى، وغير التمليك، وغير الحاجات دى، دى الأجور اللى بتؤخذ نقداً، أما بنضيف عليها المليون فدان بتوع الإصلاح الزراعى اللى اتوزعوا بيطلع حوالى ٥٠ مليون جنيه أو أكثر، دا النهارده الفلوس بتتوزع فى البلد على هذه القاعدة الكبيرة.
طبعاً عندنا مشاكل قابلتنا، زيادة السكان من ٢١ مليون وصلنا إلى ٣٠ مليون، وطبعاً أنا ما اقدرش أمنع زيادة السكان بقانون، ولكن إذا ماكناش استثمرنا وزودنا الإنتاج مع زيادة السكان كان الحال يكون أسوأ، فيه مشاكل يمكن نقول فيه تعقيدات بيروقراطية، وفيه تعقيدات فى بعض الشركات، لكن كل دى مشاكل تتحل، أهم شىء ان احنا عملنا.. اشتغلنا بالعمل، وعملنا كمجتمع الـ ١٠٠% وليس كمجتمع النصف فى المية، وأنتجنا للـ ١٠٠% مش النصف فى المية، واستهلكنا للـ ١٠٠% مش النصف فى المية، واتعلمنا الـ ١٠٠% مش النصف فى المية.
أيها الإخوة:
ما ظهر أمامنا من نتيجة نجاح الخطة الخمسية الأولى هو الدافع الأول والوحيد إلى عمليات المراجعة التى نقوم بها الآن لضمان نجاح الخطة التانية، الخطة الأولى استثمرنا ١٥١٣ مليون جنيه، وحصل الاستهلاك، وزادت الفلوس فى البلد، طبعاً زادت الفلوس وما فيش إنتاج خالص، باقول لك باصرف فى السد العالى ٤٠٠ مليون جنيه، ولسه أنا ما أخدتش ناتج السد العالى، لسه سنة ٦٩/٧٠ حاخد ناتج السد العالى، نصرف فى مصانع، ومصنع بيتأخر ٣ سنين أو أربع سنين لغاية ما يدينى الناتج بتاعه، قابلتنا مشاكل النهارده.. هل نتوقف؟ ما هو إذا توقفنا بنرجع تانى إلى سبيل من السبل الآتية؛ ماحدش يشتغل لا أخوك ولا ابنك ولا حاجة، لأن حاشغله منين؟ حادفع له ماهيته منين؟ ماهياش تكية، بييجى واحد يشتغل ياخد ماهية، حاشغله فين إلا أشغله فى مصنع، أو فى سد، أو فى طريق، أو فى بناء، أو فى تجارة إلى أخر هذا الكلام؟ اللى بيطلع من الجامعة ما اشغلهوش، اللى بيطلع عايز يشتغل عامل، متأسف مافيش شغل.. إذا توقفنا يعنى، بارجع تانى زى المجتمع القديم، بعدين طيب حادفع العلاوات منين إذا كان مافيش شغل؟ إذن نجمد العلاوات زى ما كانوا بيعملوا زمان، هل بس نقتصر على تجميد العلاوات، لأ، نوفر.. نوفر فى اللى بيشتغلوا لأن حأجيب لهم ماهيتهم منين؟ إذن لايمكن ان احنا نتوقف؛ لأن إذا توقفنا نبقى رجعنا للمجتمع القديم وانتهى كل شىء، لازم نستمر فى طريق الحرية، لا نستطيع أن نفشل، دا أيضاً اختيار صعب.
الخطة الأولى خدت ١٥١٣ مليون جنيه، الخطة التانية - اللى مبتدية السنة دى - عايزة ما يقرب من ٣ آلاف مليون جنيه علشان نضاعف الدخل فى عشر سنوات، علشان سنة٧٠ نكون ضاعفنا الدخل عن سنة ٥٩/٦٠، الدخل كان سنة٥٩/٦٠ (١٢٨٥ مليون) جنيه، عايزينه سنة ٧٠ الضعف، علشان نشغل الناس، ونؤكل الناس، ونرفع مستوى المعيشة.. إلى أخر الكلام اللى احنا بنقوله، يا إما كده مافيش حاجة، احنا عندنا موارد إيه؟ مواردنا إيه فى بلدنا؟ البترول بناخد منه إيه؟ أولاً: الـ ٦ مليون فدان، وأقل من ٦ مليون فدان واحنا صلحنا نصف مليون جديد، قنال السويس، والبترول يدينا حاجة بسيطة، وشوية المناجم والصحرا بتاعتنا لسه ما اكتشفناش فيها، يمكن بعد سنين نلاقى بترول ونلاقى ونلاقى، لكن دى مواردنا، طيب حنعيش ازاى؟ بنعيش بعملنا، بنوفر ونبنى ونعيش، ونوفر ونبنى ونشغل أولادنا ونشغل اخوتنا، ولكن ييجى واحد يقول لك احيينى النهارده وموتنى بكره! واحد باعت لى جواب بعد الإجراءات الأخيرة، وبيقول لى احيينى النهارده وموتنى بكره! أهوه! طيب وأنا باشغلك أنت وحدك بس! طيب وانت اشتغلت طيب ومستعد ارفدك، ارفدك وما ليش دعوة بك، احيا أنت بقى لوحدك.. أنا ماليش دعوة بك ما باشغلكش. ما نقدرش أبداً نفكر..
ييجى واحد.. تفكير ضعيف جداً، احنا بنفكر فى المجتمع - مجتمع الـ ١٠٠% - لو كل واحد بيقول لك نفسى.. اللى النهارده اشتغل، ما يهموش بقى اللى حيطلعوا من الجامعة السنة دى يشتغلوا واللا لأ، متخرج من الجامعة السنة دى ٢٥ ألف، مين حيشغلهم؟ الحكومة والقطاع العام والحاجات اللى من دى، بنوقف ما بيشتغلوش، لا دا ولا دا، المشاريع الجديدة هى اللى حتشغلهم. واحد بيبعت لى جواب، ويقول لى ان الجيل دا ضحى، ليه الجيل دا يضحى بكل حاجة؟ ماكتبش اسمه، أنا باقول له أنا مش شايف ان احنا يعنى ضحينا قوى، أنا باقول إن الجيل اللى فات هو اللى ضحى، الجيل اللى كان قاعد تحت حكم النصف فى المية، هو اللى ضحى وجاع وقاسى، ومات من الجوع، فين يعنى ضحينا فعلاً.. ضحينا فى معارك سياسية من أجل حريتنا، لكن ما قلناش أبداً اربطوا الأحزمة، وبنعمل كذا وبنعمل كذا، بالعكس دا احنا ابتدينا بإنتاج البضايع الاستهلاكية، ما ابتديناش بالصناعة الثقيلة، ابتدينا بالبضائع الاستهلاكية علشان ندى السوق البضايع الاستهلاكية، علشان ندى سلع استهلاكية فى السوق، فين هى التضحية دى؟ التضحية إيه أما الأجور زادت من ٣٥٠ مليون إلى ٨٨٠ مليون؟ العمالة زادت من ٤.٥ مليون إلى ٧.٥ مليون؟
إذن يعنى تفكير أنصاف المثقفين بيبقى تفكير أهوج، فى هذا استنطاع كامل!! مش ممكن، احنا إذا كنا عايزين نشتغل لسه علينا نعمل، وعلينا نعمل ونعمل، ما عندناش بترول، لسه ما عندناش موارد، حندور على البترول وحندور على المناجم، وحنصلح ٣ مليون فدان، ونزرع أرض، ونعمل سد، ونطلع ١٠ مليون كيلو وات/ساعة كهربا، ونعمل محطات كهربا، ونبنى بلدنا، هو دا السبيل الوحيد، والفلوس اللى بنوفرها بنبنى بها مصانع، وبنصلح بها أرض، بييجى واحد بيبعت لى جواب وبيقول لى إيه، قوت الشعب يا ريس ليه بتصدره؟ امنعوا التصدير! احنا أولى.. ما نصدرش! دا كلام؟ طيب إذا كنت ما أصدرش مستنى العالم يبقشش على! أى حاجة باجيبها من بره بادفع فيها فلوس، طيب أنا باجيب الفلوس دى منين؟ ما هى من تصدير القطن والرز، وشوية برتقال وشوية خضار وشوية طماطم، وقنال السويس، وشوية بترول وشوية منسوجات، ولكن بقى إيه بنجيب لكم؟ بنستورد لحمة من الأرجنتين ومن أورجواى ومن الصين ومن أستراليا، ومن الصومال ومن السودان، حنستوردها مجاناً واللا حندفع فيها فلوس؟ حاجيب لحمة حادفع فلوس؛ إذن علشان أدفع فلوس لازم أصدر، بعدين نجيب مصانع، مافيش حد بيبقشش مصانع لسه، أما باجيب مصنع باشتريه، بادفع فلوسه، برضه باقول لكم أنا وزكريا محيى الدين ما عندناش فلوس، كلنا ما عندناش حاجة يعنى.. الحمد لله.
طيب حنجيب الفلوس دى منين؟ أما بنقول عايزين الخطة الجاية نحط ما يقرب من ٣ آلاف مليون جنيه، حاجيبها منين، حاخد قروض من بره، خدت فى الخطة اللى فاتت ٤٠٠ مليون جنيه قروض، باخد فى الخطة الجاية ٤٠٠ مليون جنيه قروض بس، بيفضل ٢٢٠٠-٢٣٠٠ يبقى لازم أدفعهم، حادفعهم منين؟ من الادخار، أنا عندى لا فى الحكومة، ولا فى البيت، ولا هنا ولا هنا مافيش، بندخر، أنت وأنت.. القرش على القرش، ودا ودا ودا؛ بابنى لكم مصانع وابنى لكم بلد، وأقول لكم آدى مصانع لأولادكم، وآدى أرض زراعية اشتغلوا فيها وتأكلوا منها وبتاع.
بهذا نقدر نبنى بلدنا، اللى بعت لى يقول ما تصدرش، طيب ما أنا ما أصدرش يعنى ما استوردش، احنا مصانعنا بنستورد لها مواد خام وسلع وسيطة بـ ١٤١ مليون جنيه؛ علشان مصانعنا تدور، لو ما دفعناش الـ ١٤١ مليون جنيه نص مصانعنا تقف أو أكثر، طيب إذن لازم أصدر قطن، لازم أصدر رز، دا السنة دى كنا عايزين نصدر رز ٤٥٠ أو ٥٠٠ ألف طن، مش باين! يا دوبك حنقدر نصدر ٢٥٠ ألف طن، والباقى حيتاكل، طيب ما بنصدرش ما نجيبش، القروض اللى بناخدها لازم ندفعها.. القروض لازم ندفعها.. المصنع لازم ندفع تمنه؛ إذن لازم إذا كنا عايزين نبنى بلدنا نزيد صادراتنا ونقلل استهلاكنا، دا اختيار صعب، ولكن طالما قررنا ان احنا نكون مجتمع الـ ١٠٠% مجتمع الشعب العامل كله لازم نسير فى هذا الطريق، ما قدامناش طريق غيره، لا نستطيع أن نتوقف، ولا نستطيع أن نفشل، وأنا كنت أتوقع ذلك وقلت ذلك صراحة، ووجدت من الضرورى أن أضع صورة النضال المقبل أمام الناس، فى أول مرة بعدما قبلت الترشيح من مجلس الأمة ذهبت إلى الناس يوم ٨ مارس فى أسيوط، وقلت بالحرف:
أيها الإخوة.. لست أرضى لنفسى ولا لكم أن أقف لأقول لكم أعطونى أصواتكم وسوف أصنع كذا وكذا وكذا، ثم أسرد على مسمع منكم الأحلام والمنى، لقد حرصت على أن أقف أمامكم لأقول لكم بكل أمانة وإخلاص إننى لا أملك ولا أقدر أن أحقق لكم عالم الأحلام والمنى، إننى أجىء إليكم وليس معى وعود براقة، وإنما أجىء لكم ومعى خطط عمل مضنية، وليس فى جيبى هدايا مغرية أعرضها عليكم؛ وإنما ما أعرضه عليكم هو مسئولية ضخمة وشاقة، أريد أن أضعها على أكتافكم، لم أجئ لأعطيكم وإنما جئت لأطلب منكم، دا قلته يوم ٨ مارس.
أيها الإخوة:
فى كل شىء، المرحلة الجديدة تتطلب عمل، وعمل جاد وعمل صعب، إذا كنا فعلاً عايزين نخلق مصر اللى فيها المواطن العزيز.. المواطن الشريف، لازم نعمل، خصوصاً ان زيادة السكان عندنا يعنى فى سنة ٨٠ حنتضاعف، سنة ٧٠ حنبقى ٣٥ مليون، حنوكل الناس دى منين؟! احنا دلوقت قدامنا المياه اللى حتيجى لنا من النيل.. من السد العالى، كل المياه تدينا ٢ مليون فدان أو ٢.٥ مليون فدان، وبعد كده ما فيش، بنستورد قمح، بنستورد ذرة، القمح سنة ٥٢ كنا بنستهلك مليون و٦٠٠ ألف طن، السنة دى ٣ مليون و٦٠٠ ألف طن، بنستورد أكثر من مليون ونص طن، السنة دى بنستورد قمح وذرة حبوب بـ ١٢٠ مليون جنيه، الراجل اللى باعت لى جواب بيقول لى ما تصدرش، طب حاجيب ١٢٠ مليون جنيه منين؟! إذا كنت باجيب لك القمح وباجيب لك الذرة، وباجيب لك اللحمة من الخارج، وحتى جيبنا الفراخ من بره مجمدة، لازم أدفع الـ ١٢٠ مليون جنيه، وإلا تصبحوا ما تلاقوش عيش فى البلد.
إذن ما قدمناش غير التصنيع، وان احنا نعمل علشان نقدر نستوعب الزيادة فى السكان، وربنا يهدينا ونقلل الزيادة فى السكان شوية، يعنى دى مع دى تمشى، أما العمل بس حيتعبنا.
الذرة من مليون طن لـ ٢ مليون ٢٦٢ ألف طن، الزيت من ٧٨ ألف طن لـ ١٥٠ ألف طن، السمن الصناعى من ١٢ ألف طن إلى ٤٣ ألف طن، الشاى من ١٦ ألف طن إلى ٣١ ألف طن، السكر من ٢٨٧ ألف طن إلى ٤٥٩ ألف طن، أقمشة قطنية من ٣٠٠ مليون متر إلى ٤٩٣ مليون متر، الصوف من ٢ مليون و٣١٥ ألف متر إلى ٨ مليون و٧٦٥ ألف متر، آدى الزيادة فى الاستهلاك، لو كنا ما اديناش أجور، ولو كنا ما شغلناش حد، ماكانش حصل اللى حصل، كنا استريحنا وقعدنا فى المجتمع الطبقى؛ مجتمع تحالف رأس المال مع الإقطاع، وريحنا نفسنا من البلاوى اللى حطينا دماغنا فيها.
بس هل دى مبادئنا؟! أبداً.. أبداً، مبادئنا ان احنا نبنى هذه البلد وتبقى فيها حرية، ونقضى على حكم الطبقة؛ حكم الاستغلال ونقيم الشعب العامل.. الشعب كله، ونخلق فعلاً مصر بلد كريمة عزيزة، لكل واحد فيها، ولكل ابن من أبنائها.
طيب إيه مع زيادة الاستهلاك.. بنعمل إيه بقى؟ احنا مهددين مع زيادة الاستهلاك ان النجاح اللى بنعمله بيتاكل، دى المشكلة، والله لو فشلنا وما عملناش خطة الـ ٥ سنوات، كان أسهل، ماكناش شغلنا حد، مش كان يبقى عندى مشكلة عاطلين، وبدل ما ييجى لى جوابات يقول لى بلاش تصدر.. احيينى اليوم وموتنى بكرة، كان يقول لى والله أنا عايز شغل بأى حاجة.. زى ما كنت قبل الثورة، ما أنا المشاكل اللى عندى النهارده غير مشاكل أول الثورة. أول الثورة كل الجوابات.. كنت باطلع أى رحلة أرجع صناديق عايز شغل.. عايز شغل لدرجة ان احنا قررنا مرة نعمل طرق علشان نشغل الناس، لا.. النهارده عايز بيت، وعايز تليفزيون، وعايز مش فاهم إيه، وعايز.. ويقول لك الله هو التليفزيون دا كماليات، أبداً.. التليفزيون مش كماليات، احنا حنضحى ازاى؟ الجيل دا ضحى من أجل المستقبل، لا.. طبعاً مشاكل النهارده غير مشاكلى من ١٣ سنة، لو فشلنا كانت المشكلة أسهل، كنت النهارده فى بورسعيد.. يعنى أنا النهارده فى بورسعيد من ضمن الورق اللى جا لى، جا لى طلبين شغل، كنت الأول باجى برضه هنا فى بورسعيد باطلع بمقاطف طلبات شغل، النهارده.. باجى وأنا ماشى باقول لعبد الحكيم مستوى بورسعيد واللبس اللى لابساه الناس أحسن من السنة اللى فاتت.
باين فى الطريق من الناس، ولبس الناس، ووش الناس، وصحة الناس، مجتمع النصف فى المية ما يعملش الكلام دا، احنا مجتمع المية فى المية، لو كنا فشلنا ما كانتش تبقى فيه مصانع عايزه استثمارات، ولا مصانع عايزه مواد خام، ولا سلع وسيطة، ماكانش يبقى فيه عمالة زايدة تستهلك أكثر، والشعب المصرى أنا على ثقة لا يريد ذلك، قلت ما عنديش هدايا أوزعها عليكم، وإنما عندى مسئولية أضعها على أكتافكم، قلت لم أجئ لأعطى وإنما جئت لآخذ، قلت الكلام دا فى مارس اللى فات، كان فى ذهنى بالطبع أننا قد نلجأ إلى الحد من الاستهلاك حتى نقيم فعلاً مجتمع الـ ١٠٠%، وفى الخريف الماضى فعلاً كان واضح ان هناك عدم تناسب بين الطلب على السلع، وبين ما هو معروض منها، رغم الزيادة الضخمة فيها.
وكان واضح ان احنا لا يمكن أن نترك الاستهلاك يلتهم كل شىء، ولا يبقى للاستثمارات الجديدة شىء، معناها ان احنا نتوقف، معناها ان احنا نعيش النهارده وننسى بكره.
جا لى جوابات على زيادة الأسعار، زى الجواب اللى قلت لكم عليه بتاع ليه زيادة الأسعار؟ أنا مالى ومال بكرة ومال الاستثمارات، ما أنا باشتغل واحيينى النهارده وموتنى بكره. هل دا فعلاً منطق الشعب المصرى؟ لو كان دا منطق الشعب المصرى طب كنتم حاربتم ليه واستشهدتم فى بورسعيد؟! كان انهار الشعب المصرى فى بورسعيد، لو كان دا منطقه، ماكانش وقف، دى مش أبداً طبيعة الشعب المصرى، لو كان الشعب المصرى طبيعته كده ما كان من أول الطريق ما رضيش يمشى فى الطريق اللى مشينا فيه، كان قال احنا كويسين فى مجتمع تحالف الإقطاع ورأس المال وحكم الطبقة، نسيب مجتمع النصف فى الميه يعمل واحنا نعمل عبيد ونخدم، واللى خلق الأفواه والناس يتكفل برزقها، ربنا قلت لكم ما قالش كده، ربنا قال "اعملوا"، وعمل قيمة كل إنسان بعمله وبقدرته، ربنا زى ما قلت لكم كان سهل عليه يدينا من غير عمل، هو قادر وقدرته لا تحد، ولكن ترك الإنسان مع ما أودعه فيه من طاقات وقدرات، وطلب منه ألا يستكين، وأن يأخذ أقداره فى يده، ويصنع بنفسه مصيره.
تيجى لى جوابات ويقولوا لى أنت قلت بنرجع بالأسعار لسنة ٦١، ذلونى بحكاية ٦١، وأنا فى مجلس الأمة وأنا باتكلم السنة اللى فاتت، واتكلمت وقلت إن فيه الناس بتبعت على غلاء الأسعار، وقلت لرئيس الوزارة إنه يعمل على العودة بالأسعار إلى سنة ٦١، وبعدين جينا بعد كده درسنا الموضوع وجدنا مستحيل، أما شوفنا الأرقام وجدنا ان العملية مستحيلة؛ ما هى العملية عرض وطلب، فيه فلوس وفيه كذا مليون أجور، وفيه كذا مليون عامل، وفيه السلع اللى احنا بننتجها أهه، واللى بنستوردها أهه، مافيش أكتر من كده، العملية عرض وطلب، إذن لا يمكن الرجوع.
ورحت مجلس الأمة بعد كده - السنة اللى فاتت - وقلت وشرحت، وقلت بعد أن تكاملت الصورة اتضح أن الرجوع إلى أسعار ٦١ مستحيل، دى ماحدش سمعها أبداً، والأولانية سمعوها.. مش متسجل على غير دى. باقول لهم النهارده مستحيل، اعمل إيه ما هو ما عنديش، لو عندى أنا فلوس استورد وأجيب لكم سلع كنت أجيب، ماحدش عنده فلوس، احنا كده وقدرتنا كده، وطبيعتنا كده، وحالتنا كده. وقفت فى مارس ا
https://www.youtube.com/watch?v=hSwfsBOH3H4
خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى عيد النصر
خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى عيد النصر ببورسعيد بتارخ 21 ديسمبر |
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
RSS |
حول الخبر إلى وورد |
|
|
|
|