صنعاء نيوز/عبدالكريم المدي -
تقسيم وتصنيف الناس ووضعهم في قوائم الحق والباطل،وهذا من الأخيار وذاك من الأشرار،وهؤلاء من الوطنيين وأولئك من الخونة أمرعبثي، لا يخدم أي مجتمع بل يؤدي إلى دحرجة الأوضاع وتبليد العقول وإفراغ الشعوب من روحها وتعدُّدها ونفي الآخر بكل تشدُّد بناء على الظنون أورغبة الاستحواذ.
ولعل الإعتقالات التي طالت وتطال آلاف الناس والزّج بهم في غياهيب السجون بناء على تلك الصكوك التي تُوزّع بالمجان لا تخدم أحدا ولاحتى أصحاب المشاريع مهما كانت مستوات ذكائهم وفطنتهم فكما يقول مثل كورسيكي :
( مجنون يدري ما يفعل خيرمن مئة حكيم لا يدرون ما يفعلون ) أو أنهم يفعلون عكس منطق الأشياء وهذه بالطبع ،لا تصنع أفكارا ولا تبني دولا بقدرما تُوجِد حركات طارئة غير قابلة للبقاء.
البلد يعيش حربا داخلية وحصارا وعدوانا خارجيا وجوعا متوحّشا،منتشرا بأوسع ما في الكلمة من معنى، الأمر الذي يستوجب معه العقلانية والتفريق بين الحسابات والتوجهات الشخصية والدينية من جهة ،وبين الخلافات السياسية والحديث عن الوطنية والخيانة التي صارت أحكاما معلبة من جهة ثانية.
فهذه المفاهيم تقتضي إعادة النظر فيها وفقا لمعاييرأخرى غير معايير بعض الزملاء الأعزاء كـ ساري والمهذري وجاحز.
.
أهالي المعتقلين لا يستطيعون زيارتهم منذُ أشهر بسبب الفقر، هذا إن سمحتم لهم بذلك، وعرفوا أين هم وفي أي بدرومات منسيين،هل في جمهورية رداع وذمار،أم في جمهورية صنعاء وعمران، أم في جمهورية حجة والحديدة، أمهات وآباء كُثر يعيشون بذوات مشققة وفي حالات إنسانية لا تسطيع اللغة أن تُعبر عن معانيها الكبيرة وحجم التدمير الممنهج الذي تضرب فؤوسه بقوة في جوانب نفوسهم .
لقد سبق وأن أطلقنا عشرات النداءات لأصحاب المسيرة القرآنية ولأصحاب التوجُّهات التحررية والثورات العرجاء، ناشدنا فيهم ضمائرهم ووطنيتهم وقلنا :إن الذي يجري عيب ونقيصة بحقهم أولا: وجريمة بحق المعتقلين من سياسيين وناشطين وصحفيين وأبرياء ومسافرين وعابري سبيل ثانيا.
قلنا ونقول يا سيد عبدالملك الحوثي لا تستسلم للحُجّاب من برامكة هذا العصر الذين يريدون ،بعدّة حِيل، وضع غشاوة على عينيك من أجل الاستمرار في الفساد والإفساد وظلم الناس والتكسُّب على حساب سمعتك .
يا سيد عبدالمك هناك من يبطش بأبناء بلدك ويغتني متغطيا بمسيرتك، هناك من يحرق في كل دثانية أفئدة وعيون الآباء والأمهات والزوجات والأطفال الذين ينتظرون ،بقلوب مكلومة ،أحباءهم المكبّلين في سجون العصورالوسطى التي تديرها لجانك الثورية وهذا لعمري يتنافى مع خطاباتك التي نسمعها لساعات.
وقلنا مرارا - أيضا - إن الصحفي عبدالخالق عمران معتقل منذُ عام ونصف في سجن الأمن السياسي في صنعاء، بتهمة أنه إصلاحي ،ونقسم هنا : والله ثم والله أن هذا ظُلم بواح وتصرُّف لا يخدم الوطن ولا يخدم (المسيرة )ولا يخدم التعاييش ولا تجيزه شرائع السماء ولا قوانيين الأرض حتى لدى أكثر قبائل العالم غجرية وإنعزالية كقبيلة كورويا ( Korowai )التي تقع في الجزء الغربي من غينيا الجديدة.
الصحفي عمران يُصارع الموت في أحد (بساتيل) اللجان ولم يُسمح له بالعلاج ،أويُحال إلى المحكمة ،أويُفرج عنه ومثله مئات وآلاف الحالات.. فإلى متى سيستمر هذا الظلم وهذه السياسة المحيرة للأذهان التي تأكل أصحابها قبل غيرهم .
أكِّدوا للناس حُسن النية ،وعلى الأقل احترموا مناشدات الصحفيين الذين يقفون معكم على نفس الجبهة وفي نفس الخندق في مواجهة العدوان ويدخلون في معارك كلامية وأحيانا بـ (الصّمول ) وعلب المياه المعدنية في المقايل، وهم يدافعون عن البلد وعن أخطائكم وتجاوزات بعض المحسوبين عليكم التي يمارسونها تحت يافطة لجان الثورة المباركة .
لاتعطوا للناس حُججا مجانية وتدفعون بهم نحو تعميق الشكوك والآراء التي تقول إنكم ضد المواطنة والحرية وضد الصحفيين والرأي والرأي الآخر،أياً كان وزن صاحبه وتأثيره عليكم أو على رؤيتكم ومصالحكم.
الصحفي القدير محمد عبده العبسي وافته المنية مؤخرا وبسبب تصرُّفات البعض منكم وُجِّهت التهمة نحوكم مباشرة وعدد كبير جدا من زملائه وغيرهم يتحدثون عن هذا الأمر كجريمة سياسية وليس كحادثة وأجل مكتوب ،قد يكون سببه خطأ ما في المطعم الذي تناول فيه وجبة العشاء...لدرجة أن بعض المتعصبين والمسكونين بفكرة المؤامرة لا يقبل النقاش حول طبيعة تلك الوفاة التي لا نستبعد أبدا أنها متعلقة بنظافة الصحون ومغسّليها في مطاعمنا الموقّرة التي - وكما هو معروف للعيان - تُغسل العشرات منها في قِدر واحد وكبيرلا يتغيرماؤه لِمُدّد تصل إلى أيام وربما أسابيع، بسبب إهمال الرقابة،ومن يعترض على كلامي هذا ما عليه إلا أن يقوم بزيارة عابرة لخمسة مطاعم في عاصمتنا الحبيبة.. وكي لا يُفهم كلامي هذا تحديدا بطريقة مقلوبة ،من قبيل أنني أدافع به عن طرف أو جهة متهمة بموت الزميل/ العزيز/ العبسي،أطالبُ بإجراء تحقيق فوري وتشريح شفاف، محايد لجثته لمعرفةأسباب وفاته - رحمه الله -لكي يعرف الجميع الحقيقة ويتوقفون عن كيل التهم وتفويج اللعنات ومحاسبة من أجرم بحقه إذا كان مات مسموما.
يا أنصار الله انتقلوا من العشوائية إلى العمل المنظّيم ، من عقلية المظلومية والمليشيات إلى عقلية الدولة،من البنادق والمتارس إلى المدنية التي صاركثير منكم يمتلك فيها أرقى الفلل والقصور،احكموا بالنظام والقانون والدستور، ولا تحكموا وفقا لدرجة الإيمان بشعار(الصرخة )،مكّنوا القضاء من ممارسة عمله ودعوا الذين في الجبهات يقاتلون والذين على المكاتب يعملون وفقا للقانون والتخصص.
واعلموا أنه لا يُمكن الجمع بين المتناقضات مطلقا .. فلا يجتمع الخير والشر ، ولاإدعاء المظلومية وممارسة الظّلم ولا الحرية والكبت ،ولا المترس وكلية الطب،ولا الزنزانة والحديقة، ولا النشيد الوطني للمرحوم ( عبدالله عبدالوهاب نعمان) وزوامل المرحوم ( لطف القحوم ) .
كونوا أذكياء ، ترفّعوا ، بادروا باطلاق جميع المعتقلين ، خفّفوا من احتقان الناس ومن الحديث عن شماعة العدوان التي تُلصق بكل مختلف معكم ، فالحريات العامة ومواطنة الناس لا تسقط وفقا لهذا القاموس السياسي الجديد ، البلد محاصرة على كل المستويات فلا تضيفون أطواقا أخرى من الحصار الذي تفرضه عقليات بعضكم لتبديد ما تبقي من ضوء في هذه العتمة ،لمنع الذات الوطنية من التشكُّل وتوحيد الصفوف والعمل على مواجهة ثقافة الموت المحلي والخارجي . |