shopify site analytics
بيان صادر عن القيادات القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بشأن سوريا - ‏كيف يقدّم الحوثيون طوق نجاة أخلاقي لإسرائيل؟ - خروج مليوني بالعاصمة صنعاء في مسيرة "ثابتون مع غزة العزة - جامعة ذمار تنظم وقفة احتجاجية تنديداً بالجرائم الصهيونية - مسيرة طلابية لطلاب كلية الطب بجامعة ذمار - نزلاء الإصلاحية الاحتياطية بمحافظة صعدة ينفذون وقفة تضامنية مع غزة - تفقد وكيل مصلحة الجمارك سير العمل بمكتب ذمار - اليمنية تؤكد استمرار رحلاتها عبر مطار صنعاء - وزير النقل والأشغال بصنعاء: سيتم استئناف العمل بمطار صنعاء وميناء الحديدة اليوم - 7 شهدا حصيلة العدوان الصهيوني على اليمن -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - منذ مؤتمر الأمم المتحدة حول المياه في الأرجنتين عام 1977 مازالت قضية المياه تفرض نفسها تدريجيا على جدول أعمال السياسة الدولية، فالعالم عامة واليمن خاصة على أعتاب أزمة حياتية كبيرة، هي شح المياه أن لم يكن نضوبها،

الأحد, 31-أكتوبر-2010
صنعاء نيوزعادل الدغبشي -




منذ مؤتمر الأمم المتحدة حول المياه في الأرجنتين عام 1977 مازالت قضية المياه تفرض نفسها تدريجيا على جدول أعمال السياسة الدولية، فالعالم عامة واليمن خاصة على أعتاب أزمة حياتية كبيرة، هي شح المياه أن لم يكن نضوبها، خصوصا إذا ما علمنا أن نصيب الفرد الواحد في اليمن يصل إلى أقل من 125 متر مكعب سنويا من المياه. كما يصل معدل انخفاض المياه الجوفية في بعض أحواضها الجوفية إلى ستة أمتار سنويا، حيث حذر خبراء محليون ودوليون من خطورة استمرار تدهور الوضع المائي في اليمن ونتائجها التي قد تهدد الأمن القومي والاستقرار المعيشي، تأتي هذه التحذيرات المتتالية على خلفية تصنيف اليمن ضمن قائمة الدول الأربع الأشد فقرا في الموارد المائية على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم. ويصنفها البنك الدولي كإحدى أفقر دول العالم مائيا.
فنحن -إذن- على مفترق الطرق بين القضايا البيئية و الزراعية و الصحية والاقتصادية والتكنولوجية، وأمام هذه الرهانات تواجه اليمن تحديات متعددة تتمثل في شح المياه وضعف البنية التحتية وازدياد النمو السكاني، فما الذي بمقدورنا أن نفعل؟
خبراء وباحثون ومختصون محليون وأجانب من المشاركين في ندوة المياه التي نظمتها جامعة صنعاء والمركز الثقافي الفرنسي قبل يومين كان لهم أرائهم الخاصة حول حقيقة أزمة المياه في اليمن والحلول الممكنة.


حقيقة المشكلة:
أوضح عدد من الدراسات المائية التي قدمت خلال الندوة أن كمية المياه الجوفية التي يتم سحبها سنويا تصل إلى 3.5 مليار متر مكعب. بينما قدرت كمية المياه المتجددة بـ2.5 مليار متر مكعب. في حين أن معدل الهبوط في الأحواض المائية يتراوح بين 3- 6 أمتار سنوياً. وكما أن مشكلة المياه بدأت في التزايد منذ نهاية الثمانينيات خصوصا في المناطق الجبلية والواقعة في الجهة الغربية من اليمن، ثم تسارعت بشدة مع بداية التسعينيات. وكثيرا ما سمعنا عن أزمة المياه والمخاطر الناجمة عن ذلك. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: أين تكمن المشكلة بالضبط؟
قال عنها الباحث بمركز لوباك روبرت شاوا: "أعتقد أنها نفس المشكلة الموجودة في كل دول العالم، وهي وزيادة الطلب، في نفس الوقت الذي تقل فيه مصادر المياه". وقال عنها الباحث في منظمة "جي تي زد" المهندس ناصر اليزيدي: "المشكلة أن الطلب على المياه زاد حتى أن الجهات ذات العلاقة لم تستطع ولن تستطيع أن تواجه المخالفات التي حدث منذ سنين و بنيت عليها أوضاع اقتصادية واجتماعية لا يمكن الاستغناء عنها، حتى إن أي تدخل غير عقلاني سيؤدي إلى إيقاف الخدمة وبالتالي إهدار المليارات سواء للقطاع العام أو الخاص".
واختصرها أستاذ الاقتصاد بجامعة المكلا البروفيسور محمد الحبشي في "زيادة في الفقر، في وقت يزيد فيه الطلب، ولا توجد موارد تجديدية لمواجهة هذه الزيادة". في حين أكدها مؤسس مركز لوباك ومقدم برنامج ما وراء الخرائط، الدكتور جان كريستوف فيكتور في "قلة المياه في اليمن عن المستوى العالمي لكل فرد، وتحديات تقاسم تلك الموارد الشحيحة فيما بيننا". أما الباحث بمعهد البحوث للتنمية الدولية جورج البيرجل، فقد قصر المشكلة في "خطورة تأثيرات شحة المياه على التنمية".
غير أن حقائق المشكلة ربما تكون أشد عمقا، ولعل أهم التحديات المائية الحالية هي ندرة مصادر المياه ونقص الإمدادات وعدم تطبيق الأنظمة والقوانين الخاصة بالمياه، وغياب التنسيق بشكل كامل بين قطاعات المياه المختلفة، وغياب دور القطاع الخاص، بالإضافة إلى ضعف حملات التوعية، وعدم توفر قاعدة بيانات على مستوى البلاد.


تفاصيل و أرقام:
فقد أفاد خبراء بأن أزمة المياه في اليمن تفاقمت عبر السنوات في الوقت الذي لم تضع فيه الحكومة استراتيجية واضحة للتعامل معها بشكل مناسب، حيث أصبحت مشكلة المياه تؤثر على 80 بالمائة من السكان، حيث تبلغ كمية المياه العذبة المتجددة 2.5 مليار متر مكعب سنوياً وبذلك تكون الفجوة بين المياه المستهلكة البالغة 3.5 مليار والمياه العذبة المتجددة، في وقت يستهلك الفرد اليمني من المياه 125 متراً مكعب سنويا ويتوقع أن ينخفض حتى 62.5 بحلول 2025. ويرى اليزيدي أن أزمة المياه في اليمن تعود بشكل كبير إلى الزراعة التي تعتمد على المياه الجوفية الموجودة في الآبار العميقة، حيث بلغ الطلب على المياه معدلات لا يمكن التخطيط لها، وصارت مصادر المياه مستنزفة بصورة غير طبيعية ما أدى إلى عدم توازن بين العرض والطلب، في ظل قصور المياه المتاحة وغياب البدائل، والتسابق على حقوق ملكية المياه بالحفر العشوائي، التي قد تصل أعماقه إلى 900-1000 متر للحصول على كمية بسيطة من المياه.


حلول مقترحة:
"ليست أزمة سياسية عادية إنها مسألة حياة أو موت". هكذا سماها البروفيسور الحبشي، والذي استطرد قائلا: "هناك منافع كثيرة للمياه مباشرة وغير مباشرة، ونحن تقتصر حاجاتنا للمياه في استخداماته الأولية، حيث تكون العائدات منه اقل من نصف التكلفة، والحاصل الآن أننا نبيع الماء بثلث قيمته وأنه مدعوم بحوالي الثلثين، وهذا الكلام يكون جيدا عندما تكون موارد الدولة صحيحة"، ربما كانت هذه رؤيته لما هو حاصل، لكن ما هي رؤية الدكتور الحبشي في حل القضية؟ قال: "المشكلة عندنا التي لا بد من مواجهتها غياب تكاليف التشغيل والصيانة، وبالتالي حدوث فاقد كبير وغير معقول (في صنعاء ما بين 30-50 بالمائة) في ظل ظروف شحيحة للمياه، إذن نحن محتاجين إلى وقفة صدق مع أنفسنا لأنها مسألة حياة أو موت، وبالتالي يجب الوقوف بجدية وتحديد الاحتياجات التي تسهم في حل المشكلة، فنحن بحاجة إلى رؤية استراتيجية مستقبلية دقيقة لمشكلة المياه، يعمل عليها كل المتخصصين والمجتمع المحلي، والقطاع الخاص والمانحين وغيرهم، لأنه من غيرها لا توجد تنمية لا بشرية ولا اقتصادية، ولا زراعية ولا غيرها، وكلنا نقول أن لدينا أزمة في الماء لكن المعالجات غير موجودة. أهم شيء أو نورد إدارة جيدة وأن يتعاون الجميع في ذلك، الماء الموجود يجب أن نستخدمه بأسلوب صحيح وفي المكان السليم، فالسياسة الحالية فيها قصور و أول قصور عدم اختيار القائمين على هذا القطاع بالشكل المناسب بدون تحيز أو مجاملة".
أما روبرت شاوا فيرى أن الحلول للمشكلة تتركز في جانبين، الأول: تعزيز عملية الاستثمار وعملية التمويل في البنية التحتية الخاصة بالمياه، من ناحية عملية و إيجاد تفاعل حقيقي في مجال المياه، وأيضا إيجاد مصادر لمياه الشرب عذبه للمواطنين، والثاني: وهو "المهم" هو جانب إدارة الموارد المائية، ومعرفة وإيجاد معدلات واضحة للاستخدام اليومي للمواطنين، وأيضا إيجاد نوع من التعاون بين الجهات الرسمية والجهات الخاصة، و تعريف الناس معرفة جيدة بالوضع الحقيقي للمياه، وضرورة وجود إطار عام وإطار وطني في البداية للتفكير في إطار عملي وأيضا نظام قد يتأقلم مع عدة جهات وعدة مناطق في اليمن".
غير أن الباحثة في مركز المياه والبيئة بصنعاء الدكتورة بلقيس زبارة ركزت على جانب التعليم وأهميته في حل قضية مشكلة المياه حيث ترى أن "التعليم الذاتي للمجتمع ورفع الوعي قضايا المياه ومشاكل المياه وإدارة المياه وما كانوا على علاقة بها، سواء كانت هذه من ناحية الكم أو من ناحية الكيف، له أهمية كبيرة في التعريف بحقيقة المشكلة وما نطلع إليه". وتتابع: "إننا نحتاج إلى زيادة الوعي عند الكادر العاملين في قطاع المياه، وكذا قطاع الزراعة لأن كثير من الأمور بالنسبة لهم غير معروفة. ومع تطور العلوم والتكنولوجيا هناك أمور كثيرة استجدت وأصبح الموظف في هذا القطاع يحتاج إلى التزود بمعلومات أكثر بحيث يتمكن من تسخير التكنولوجيا في خدمته".
وتشدد زبارة على أن الجميع يتحملون مسؤولية شح المياه في اليمن، وضرورة تطبيق القوانين على الكل الصغير والكبير. وأن يتم التركيز على الإدارة المائية، وأن لا ينظر إلى المشاكل المائية من زاوية واحدة، وهي الجهة التقنية بل من جميع الزوايا وكيف تؤثر المشكلة على دخل المجتمع، وعلى علاقة الإنسان بعضه ببعض، العلاقات الاجتماعية القبلية.


مشاركة مجتمعية والتزام إداري:
المشاركة المجتمعية طرحت أيضا من ضمن جملة من الحلول التي يرى الكثير أنها مهمة في جانب المياه ويجب التركيز عليها، حيث ذكر اليزيدي، أن المشاركة المجتمعية ضرورة لا يستغنى في سبيل حل المشكلة، حيث يجب أن تركز سياسات تحسين الموارد المائية على زيادة الدخل الاقتصادي للناس، ومن أجل تحسين حياة المجتمعات المحلية، وكذا وجود إدارة متكاملة للموارد المائية، واستخدام كافة القدرات على أساس التكامل أو الكلية للناس، ويكون الطلب مبني على أساس احتياجات الناس في المناطق. وأن يكون هناك تنمية في التأسيسي القانوني أو الإطار القانوني.
ويشدد جان فيكتور على أهمية المشاركة المجتمعية من خلال الترشيد في عملية استهلاك المياه، وضرورة وضع ضوابط نظم ذلك، وأن يكون للدولة دور بارز في التحكم بالمياه ومعدلاتها، وضرورة أن وجود شراكة بين الدولة وبين المستثمرين في مجال المياه، حتى يكون هناك تقنين لهذه المسألة.


حلول منسية:
ذكرها الدكتور الحبشي في عودته بالزمن إلى الخلف، إنها المدرجات الزراعية التي يعرفها الجميع، قال فيها: "عندنا موارد جيدة للمحافظة على المياه، لكنها للأسف مهملة، وهي المدرجات الزراعية"، فهو يرى أنها من الموارد المهمة المنسية. ويتابع: "يجب أن يعرف الجميع وخاصة الناس في الأرياف أهمية تلك المدرجات في حفظ كميات المياه المهولة، والتي قد تصل إلى ملايين من الأمتار المكعبة، وأول خطوة في ذلك هي تعزيز المعرفة بأهمية صيانة وإصلاح المدرجات الزراعية".
ومن الحلول التي طرحها الحبشي على أساس نوع الفئة المستهلكة للمياه، هي استبدال الخدمة بقيمة التعرفة، ويوضح ذلك بقوله: "من المعروف أن الفئة المهدرة للمياه ليسوا الفقراء بل الأغنياء والمصانع وهذا يحرم الفقراء حقهم، وعليه فإن هناك آلية جديدة تسعى إلى حصر الفقراء، وبدلا من أن نعطيهم الماء نعطيهم قيمة الماء نقدا، فبدلا من أن نعطيهم المتر المكعب بـ65 ريالا وهو نصف القيمة أعطيهم 65 ريالا نقدا ونوفر 118 ريالا هي القيمة الحقيقية للمتر المكعب، فهم يشترون الماء بحسب حاجتهم وأيضا يوفروا نقود، ونحن نوفر الدعم، وأيضا يبقى الماء في الحوض، لأن الماء المخزن يجب أن يبقى قدر الإمكان لأنه ملك أجيالنا القادمة أيضا".
أما جورج ألبيرجل فقد كانت له رؤيته الهامة حول ذلك والتي تتمثل في ضرورة التعامل بنجاح مع الموارد الحالية، ممثلا على ذلك بأن "اليمنيين في الماضي كان عندهم الذكاء وقد اندمجوا مع مواردهم من أجل تنظيم المياه والزراعة، وأيضا إيجاد موارد ومصادر أخرى للمياه، والتقنين والترشيد في الاستهلاك الحالي، وأخيرا عملية الاستفادة من المياه المستخدمة، وضرب مثلا على ذلك بالمياه الرمادية التي كانت تستخدم في مساجد صنعاء القديمة للوضوء ثم تستخدم بعد ذلك لري المزارع التقليدية.


خلاصة:
من خلال كل ما سبق يتضح أننا نقف إزاء مشكلة كبرى، وتزداد خطورة مع كل يوم يمر، حيث تهدر فيه كميات أكبر من المياه. ربما يرى الكثير من المختصين أنها "مشكلة بلا حل" غير أن المأمول هو الحصول على حلول مؤقتة تعمل على تخفيف حدة المشكلة ووطأتها، وكثيرا ما طرحت الحلول والمقترحات هنا وهناك لكن بلا جدوى. ثم إننا لم نجد جهة مسئولة بعينا يمكن أن تقف وقفة جادة، وتضع اللبنات الأولى في طريق حل هذه القضية.
إننا بحاجة إلى قوانين تنظم الاستهلاك اليومي، وتمنع الإهدار الهائل لكميات المياه في الزراعة العشوائية، وتوقف عمليات الحفر العشوائي للآبار، والوسائل التقليدية للري، وتنفيذ وسائل تقنية حديثة للري وحفظ المياه. كما أننا بحاجة إلى إيجاد خارطة مائية وزراعية في اليمن على ضوئها نوجد الحلول للمشكلة المائية وكيفية استخدام الوسائل الحديثة والصحية.
إننا -إذن- أمام حاجة ماسة لاستصدار قوانين سريعة وفاعلة للمياه وتفعليها، تناقش كل التفاصيل وتطرح كل الحلول الممكنة، علنا نتمكن من تأخير وقوع الكارثة إلى ما شاء الله.


سبأنت ـ السياسية

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)