صنعاء نيوز/ عادل الشجاع -
دعوة الرئيس السابق علي عبدالله صالح للمصالحة لم تكن الأولى، فقد سبقتها دعوات متعددة منه. وللإنصاف ربما يكون الوحيد من بين القادة السياسيين الذي مازال يذكرنا بين الحين والآخر بالمصالحة وبالسلام .
محطات كثيرة وقف اليمنيون عندها بهدف المصالحة. كانت البداية عام 2007 الذي كان فاتحة حوارات متعددة بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك والتي تكللت بالاتفاق الكارثة عام 2009 الذي نص على تأجيل الانتخابات البرلمانية عامين كاملين. كان هذا الاتفاق بطلب من أحزاب اللقاء المشترك وموافقة المؤتمر. عقب ذلك الاتفاق انتكست كل الآمال . وما إن انتهى العامان حتى خرجت أحزاب اللقاء المشترك إلى الشارع عام 2011. جاءت بعد ذلك المبادرة الخليجية كمحطة للتفاؤل والأمل ليتبعها مؤتمر الحوار الوطني الشامل ثم أعقبه إتفاق السلم والشراكة متزامنا مع دخول الحوثيين إلى صنعاء لتنتكس كل الآمال ونعود إلى سياسة قرع الطبول والحرب الكلامية التي سرعان ما عجلت بالمواجهات الدامية، حيث وجهت كل القوى السياسية السلاح إلى صدور بعضها البعض، وجرت الدماء الحرام أنهارا ، ليتشظى الوطن، وتتباعد النفوس، ويقع الانقسام البغيض، والذي نعاني منه حتى اليوم.
طفنا بعد ذلك عواصم أوروبية وعربية بحثا عن اتفاق أو تفاهمات تحقق المصالحة وتنهي الانقسام.
كانت المصالحة أقرب إلينا من حبل الوريد ولكن حسابات بعض القيادات التي كانت تفتقد إلى الحكمة وركنت إلى مصالحها أضاعت تلك الفرص وتعقدت إمكانيات الحل، وتباعدت بيننا المسافات.
ومما لاشك فيه أن دعوة صالح للمصالحة تكتسب أهمية قصوى في الوقت الراهن خاصة في ظل تغول العدوان السعودي الإماراتي الذي زعم أنه جاء من أجل اليمن بينما هو يحتقر اليمن واليمنيين. فهذه دولة الإمارات العربية المتحدة أبوابها مفتوحة لكل مواطني العالم حتى الإسرائيليين عدا اليمنيين ممنوعين من دخول الإمارات. وهاهي السعودية تفرض رسوما مالية تجرد العمالة اليمنية من أي مكاسب مالية لتسرق بذلك عرق اليمنيين. فياترى على أي أساس يصطف المصطفون معهما.
لقد أدرك صالح أن اليمن أمام لحظة تاريخية فارقة ، وأن ما تتعرض له تجاوز اليوم حدود الاختلاف السياسي، ووصل إلى الهوية الوطنية وهو ما يتطلب أن تكون المصالح على مستوى الوطن؛ لأن سفينة الوطن إن غرقت فالجميع سيغرق، وأن إبقاء الوضع على ما هو عليه اليوم أمر خطير لا يمكن قبوله.
هذه الدعوة مطروحة أمام طرف من يسمي نفسه الشرعية. عليه أن يسارع إلى إلتقاطها من أجل إعادة الشرعية للشعب اليمني جميعه وتجريد الانقلاب من عوامل إستمراره.
المرحلة القادمة ستعصف بالجميع ولن تكون في صالح أحد سوى من نعتقد أن الله قد أرسلنا لاجتثاثهم من الوجود.
خطاب الرئيس السابق يحمل في طياته بشرى أمل. نتمنى أن يتحول إلى مشروع يقدم مقترحات تفك تعقيدات الأزمة وإيجاد حل يعيد إلى الوطن أهله. لأن الخطابات ستظل هي الجزء النظري في واقعنا السياسي المضطرب والمثخن بالفشل والإحباط.
المشكلة ليست في الحديث عن المصالحة بقدر ماهي مرتبطة بغياب الإرادة السياسية التي تخلصنا من التبعية الإقليمية والانتصار لمواقف ومصالح شعبنا.
ولمعرفتي بصدق الرئيس صالح حينما يقول فإنني أقترح عليه أن يبلور دعوته في رؤية محددة بنقاط أساسية من بينها:
أن يدعو الصف الأول من القيادات السياسية بما فيهم هو لمغادرة المشهد السياسي وذلك من خلال وقف الحرب وأن تعقد الأحزاب السياسية مؤتمراتها وتترك القيادة لجيل جديد يبدأ مرحلة جديدة. وأن يتحول الحوثيون إلى حزب سياسي يمارسون نشاطهم وفق قانون الأحزاب.
أعرف أنك قد زهت بالسلطة ولولا الظروف التي أجبرتك على البقاء خلال هذه المرحلة لكنت قد تركتها من فترة بعيدة.
ليذهب الصف الأمامي من القيادات السياسية والحزبية. لابد أن يغيب هؤلاء من المشهد لكي تعود الثقة ولكي نتخلص من فكرة الشرعية والانقلاب ونتفرغ للحوار مع دول العدوان فيما يخص اليمن والاستحقاقات التي لها. |