صنعاء نيوز/ عبدالكريم المدي - ما الذي يحتاجه العالم أكثر من طوفان ميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء والميادين المحيطة به صبيحة 24أغسطس،كي يسمع صوت اليمنيين، ويتخاطب مع علي عبدالله صالح بصفته المعبر عن غالبية هذا الشّعب الذي لبّى نداءه وتدفق منه ثلاثة ملايين إلى ذلك الميدان ومحيطه، وحوالي مليونيّ شخص آخرين ظلوا عالقين في الطرقات ومداخل العاصمة والمدن القريبة منها بسبب شدّة الإزدحام وإجراءات التضييق والترهيب التي مُرِست بحقهم ولا داعي للنّبش في هذا الموضوع الذي يطول الحديث عنه.
العالم والإقليم وبعض أطراف الداخل يجب عليهم أن يقرأوا رسالة ” السبعين” بوعي ويتطهروا بالحكمة والتوبة من العارالذي سيظل يلاحقهم بسبب تسليع الأزمة اليمنية والمقامرة بحياة وإرادة شعب ومستقبل أجيال.
هل تعلمون بأنه وفي حال أُحتُسِب عدد المحتفلين في عموم المحافظات اليمنية، بذكرى تأسيس حزب المؤتمر، التي كان من أهم أهدافها إدانة الحصار والعدوان السعودي، لتجاوزعددهم عشرين مليونا، ومن يتابع المزاج العام الذي يطغى على الشارع هنا سيدرك حقيقة ما نقوله.
لقد ضجّ اليمنيون بكل التفاصيل والنوافل الصغيرة لهذا العبث والإستهتار بهم، ضاقوا بالسعودية والتحالفات العربية والعجمية، الشرقية والغربية ،الخارجية والداخلية.
الإحباط يضرب أطنابه بقوة في كل زاوية ومكان، عيون الناس تسبحُ في محيطات المجهول واللوعة والأحزان، أحلامهم الكبيرة والصغيرة تحطمت، دروبهم ضاقت ،حقوقهم ضاعت، آدميتهم أُنتُهِكت.
وعلى الجميع أن يعلم بأن الحروب لها نهايات ،والصمود له نهايات، والقهر له نهايات..والجوع له نهايات.
وعلى الجميع أن يعلم بأن أي منطق يتخذ من القوة والإستقواء بالسلاح والمال، والخُطب العصماء سلاحا له ووسيلة للوصاية والتسلط والدكتاتورية،فإنه يُسحقُ تحت إرادات الشعوب.
وعلى الجميع أن يعلم بأن أي مشروع يفتقد للشرعية الشعبية والتوافق وإحترام الآخر يسقط تحت حوافر الشعوب والتاريخ.
وعلى الجميع أن يعلم بأن حبال الكذب والأوهام وتوزيع صكوك الوطنية قصيرة،وقس على ذلك العنتريات والغرور ومشتقاتهما.
وعلى الجميع أن يعلم بأن الشعب اليمني خرج صبيحة 24أغسطس وبايع المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه، اختار الشرعية الحقيقية التي يثق بها وتُمثله بدون أي مساحيق أو رايات خضراء وسوداء، ورمادية.
وعلى الجميع أن يعلم بأن اليمنيين كفروا بالأمم المتحدة وقراراتها، والمبادرة الخليجية وعذاباتها ،ومخرجات مؤتمر الحوارالوطني وفرقعاته،وبلغة العنف والقتل والشنق والتهديدات وإحتكار الحقيقة وشهية الإستحواذ والإستقواء بالخارج والسلاح.
.
وعلى الجميع أن يعلم بأن اليمنيين يُؤمنون بالله سبحانه وتعالى خالقهم ومحمد ( صلى الله عليه وسلم ) نبيهم ، وما دون ذلك من أصنام المذهبية والطاغوتية الجديدة ومحاكم التفتيش وإحتلال الشعوب وإنتهاك السيادة وتحويل الناس إلى عبيد ومرتزقة فليذهب إلى الجحيم ومزبلة التاريخ.
لذلك أثق كيمني أن ما بعد(24)أغسطس لن يكون كقبله،وأثق أن المواطنيين الحفاة الذين تقاطروا من حجة وإب وريمة والضالع وعتمة ووصاب ،ولحج وغيرها إلى ميدان السبعين لن يندموا أبدا ،لن يخذلهم الله، أوتُخطئهم راية النصر وعدالة السماء التي لا ترد أكفّ وعيون وقلوب المظلومين خائبة.
المقهرون الذين مازالت اللحظات التي كانت ترتفع فيها صيحاتهم وكأنها تخترق السحاب تطنُّ في أذني،وصورهم تسبح في ماء عيني، وعنفوانهم يتدفّق في عروقي.
لن أنسى ما حييت صيحات حناجرهم التي كانت تهتزُّ معها منصة الميدان ” بالرواح بالدم نفديك يا يمن “.
لن أنسى تلك اللحظات التي أعلن فيها المذيع وصول الرئيس علي عبدالله صالح ،لم يكد يكمل نطق الحرف الأخير من كلمة ” الزعيم” إلا وأحس من في المكان بزلزال مدمّر يضرب بقوة،أطلسي بشري تتلاطم أمواجه مدّ البصر ودون توقف في مشهد نادر ومؤثر ادمعت معه عيوننا.
ولكم حاولت تلك الجماهير الغفيرة الاقتراب أكثر لمشاهدة زعيمها ، مُخلصها، حُلمها، بطلها ، فارسها،ضميرها”صالح”، الذي نكتشف كل يوم أن أعداءه لم يستوعبوا مكانته وما يعنيه لهذا الشعب، الذي لم ترهبه أصوات الطائرات أو يخيفه القصف الذي تعرضت له مداخل العاصمة قبل موعد المهرجان بيوم، كما لم تُثنه إجراءات التضييق والملاحقات والتهديدات وبيانات الحرب التي – بكل أسف – مارسها ويُمارسها للحظة ( حُلفاء الداخل). |