صنعاء نيوز/ بقلم: عمر دغوغي الإدريسي -
إنّ ما نعيشه في أيامنا هذه من انتشارٍ للفقر، يجعل موضوع الصدقة من الموضوعات الهامة في حياتنا، فالصدقة تزكّي النفس والمال، وتحمي من الشحّ والبخل، وتزيد من الألفة والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد، ولقد أعطى الإسلام فرصة لصدقات يستمر أجرها بعد موت صاحبها.
الصدقة الجارية تعني الصدقة المستمرة والباقية، أي التي تبقى مدة طويلة ويستمر أجرها حتى بعد موت صاحبها، أمّا الصدقة التي لا تبقى فهي التصدّق بالمال أو بالطعام على الفقراء، فهذه الصدقة فيها من الأجر والثواب الجزيل ولكنها لا تبقى إذ إنّ أجرها يؤخذ مرّة واحدة عند إعطائها للفقير.
قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"، كما ورد عن أنس رضي الله عنه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بني مسجداً، أو وورث مصحفاّ، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته."
بناء مسجد أو تجديده: يعدّ بناء المساجد أو إعادة تجهيزها بالسجاد وغيره من أعظم الأعمال الجارية إذ إنّها تتعلّق ببيوت الله.
حفر بئر: يعتبر ماء سبيل وهو من أفض الصدقات لكثرة المنتفعين، فكما روي عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله إنّ أمي ماتت فأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت فأيّ الصدقة أفضل: قال سقي الماء"، وفي أيامنا هذه هناك حاجة كبيرة لمثل هذه الصدقة في الكثير من الدول الإفريقية الفقيرة والتي تفتقر لوجود مصادر المياه النقية بالرغم من توفر المياه الجوفية فيها، إذ إنّ سكان هذه الدول لا يمتلكون المال اللازم لحفر مثل هذه الآبار.
توزيع كتيّبات أو أجزاء من القرآن عن الميت أو وضع مصاحف قرآن في المسجد. ولد صالح يُحسن تربيته: فالابن الصالح والمؤمن الذي يتّصف بالاستقامة والاتزان ويؤدّي الفرائض هو ولد صالح يصل ثواب عمله لأبويه، فهما من أنشآه هذه التنشئة الصالحة. دعاء واستغفار الأبناء. زراعة الأشجار: فالأشجار قد يستظل بها الناس، أو يأكلون من ثمرها، وحتّى الطير والدوّاب تستفيد منها. وضع برادات مياه في المساجد: هذه تعتبر أيضاً من ماء السبيل.
كفالة طلاب العلم، بناء المدارس، الوقف سواء كأراض أو مشاريع بحيث يصرف ريعها على الفقراء أو الأيتام أو طلاب العلم. التبرّع بالأدوات الطبية للمستشفيات كالأسرّة و الأجهزة الطبية المختلفة.
الأمثلة السابقة تعتبر من أكثر أنواع الصدقة الجارية شيوعاً منذ القديم وحتّى الآن، ولكن حديثاً بدأت تظهر أنواع أخرى للصدقات الجارية، مثل التبرع بالأعضاء بعد الموت، حيث يعتبر التبرّع بالأعضاء من أحد أوجه الصدقة الجارية التي ظهرت حديثاً، وبالرغم من وجود بعض المعارضين لهذا النوع من التبرع، إلّا أنّ أغلب الفتاوى والمشايخ يجيزون هذا النوع ويعتبرونه من أفضل أنواع الصدقة الجارية في العصر الحالي.
بعد استعراضنا لأوجه الصدقات المختلفة، فلو أن كل مسلم ترك صدقة جارية بعد موته فكم من الفائدة والخير ستعم على المسلمين وكم من الأجر والثواب سيصل صاحب الصدقة.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي صحفي وفاعل جمعوي
[email protected] https://www.facebook.com/Omar.Dghoughi.officiel/