shopify site analytics
بيان صادر عن القيادات القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بشأن سوريا - ‏كيف يقدّم الحوثيون طوق نجاة أخلاقي لإسرائيل؟ - خروج مليوني بالعاصمة صنعاء في مسيرة "ثابتون مع غزة العزة - جامعة ذمار تنظم وقفة احتجاجية تنديداً بالجرائم الصهيونية - مسيرة طلابية لطلاب كلية الطب بجامعة ذمار - نزلاء الإصلاحية الاحتياطية بمحافظة صعدة ينفذون وقفة تضامنية مع غزة - تفقد وكيل مصلحة الجمارك سير العمل بمكتب ذمار - اليمنية تؤكد استمرار رحلاتها عبر مطار صنعاء - وزير النقل والأشغال بصنعاء: سيتم استئناف العمل بمطار صنعاء وميناء الحديدة اليوم - 7 شهدا حصيلة العدوان الصهيوني على اليمن -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - بقلم: محمد عمر غرس الله

الإثنين, 18-ديسمبر-2017
صنعاء نيوز/ بقلم: محمد عمر غرس الله -
لم يُقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وحده أمس بتلك الطلقات، بل قُتلت معه وانتهت طبقة سياسية يمنية باكملها "بجمهوريتها" التي كنا نعرف، وحُملت معه في تلك البطانية التي ظهرت فيها جثته بعد قتله، كان هو المُعّبّر الأخير والوحيد عن تلك الجمهورية، عرابهم جميعا مؤيدين له ومعارضين، سوى الذين هم في الرياض - اليوم - يغطون العدوان على بلادهم، او البعض ممن هم في عواصم اخرى، اما الذين بقوا معه او قريبين منه او مستأنسين به في صنعاء فجميعهم صنيعته او يدورون في فلكه او كانوا يوما ما لعبته او جزء منها، وإنتهواا بنهايته، فهو الى اليوم يعتبر الحاكم الذي حكم اطول مدة، بعد وجبات قتل الرؤساء (الحمدي والغشمي وسالمين وعبد الفتاح ) التي يحفل بها تاريخ اليمن الحديث وهو كان احد لاعبيها واليوم صار ضحيتها، هو كان الحاكم الذي خاض جميع الحروب اليمنية من بعد الاستقلال تقريبا ومع الجميع وضد الجميع.

لعب مع اغلب الحكام العرب، تحالف مع هذا فوق الطاولة، وذاك تحتها، ينتقد هذا الرئيس علناً في خطابه، ويتصل به في الصباح متجاذبا معه اطراف الحديث.

صنعاء التي قال فيها شاعرها البردوني::
ماذا أحدث عن صنعاء يا ابتِ؟ ..
مليحة عاشقاها السُل والجربِ ..
ماتت بصندوق وضاح بلا ثمن ..
ولم يمت في حشاها العشق والطربِ ..

واليمن الذي قال فيه ابنه عباس الديلمي: "صباح الخير ياوطنا يسير بمجده العالي الى الاعلى":

يدخل عصرا جديدا وفصلا جديدا في مسيرته الحافلة بالاثارة والمأسي وايضا البقاء، فاليمن تاريخيا منذ القدم ديدنه البقاء وليس له من قوة كقوة البقاء والاستمرار، وسينسج توليفته الجديدة التي كانت فيما مضى عبارة عن تزاوج "القبيلة والجيش" مع تقاطعات سياسية انتجت مؤسسات جمهورية بمقاس يمني فريد له مذاقه اليمني كمذاق وتفرد قهوته ونكهة القشر والماء المبخر.

إنتهت الطبقة السياسية التي عرفها التاريخ اليمني بمقتل علي عبد الله صالح فهو كان تعبيرا عنهم جميعا في شيئا ما، وصورة من صورهم في موقف ما، هو الوحدوي الذي ابتلع دولة في دولته، وهو القبيلي والعروبي والزيدي وحتى الشافعي، وهو في بعض منه كان القبيلي والعسكري والبعثي والناصري والإصلاحي بل واشتراكي في بعض الأحيان، رقص سياسيا "الصنعاني واللحجي والحضرمي" يلوح بخنجره ببراعه، كان داهية يعود بخصومه ومعارضيه في طائرته الخاصة.

هو الرئيس الشيخ الذي عاصر اقيال اليمن في الاربعين سنة الاخيرة من عمر اليمن وشهد وفاة اخر اقيالها حلفاءه وخصومه (عبد الله بن حسين الاحمر وسنان بن لحوم، وابوشوارب ومحمد عبد الملك المتوكل وغيرهم الكثيرين، واليوم بعدما تشظت القبيلة بصعود صغارها، و شهد سيطرة خصومه - في "الحروب الستة" - (الحوثيين) على صنعاء، حتى شاركوه الشارع امام قصره وإفتكوا قراره السياسي، وشهد ايضا عمليات تحلل جيش اليمن البطل المقدام، تركه أقرب السياسيين اليه وهربوا إلى الرياض وتنكروا له بغرابة وهم الذين كانوا يصلون سياسياً في محرابه، هربوا وبقى وحده يقاوم وطنياً (العدوان الغاشم طوال ثلاث سنوات تقريبا بطريقته - في ميدان السبعين - ، وبقى يبلع مرارة التحالف مع الحوثيين الذين حاربهم في "ستة حروب"، وفي لحظاته الاخيرة لم يظهر ولم يكن معه أحد من الذين إستأسدوا به طوال حكمه من قبائل طوق صنعاء ، بل ظهر معه ( الزوكا من شبوة، و العواضي من البيضاء، والقوسي من الحداء)، فلا سياني، ولا ارياني ،ولا أحمر، ولا أنسي ......... الخ، يال المفارقات المذهلة المثيرة.

كان يبدل مواقفه ويغير تحالفاته، الداخلية والخارجية، ودفع في ذلك اثمان باهضة، واصفا نفسه بانه اللاعب على رؤؤس الثعابين، ولا يعرف احد هل كان يقصد خصومه ام رجاله، ام لعله يقصدهم جميعاً جميعاً، حتى لسعه "ثعبان" في اخر لعبة من تقلباته لم يحسبها جيداً فأودت به، فهو قبل يومين فقط وزع وثيقة تأمر "ال سعود" على مصر "عبد الناصر" في حرب 67 ، وفِي اليوم التالي - قبل مقتله بيوم واحد - إنقلب وتنكر لحلفائه "الحوثيين" - في مواجهة العدوان - متحالفاً بشكل غريب ومفاجيء وصادم مع ال سعود وقوى العدوان الخارجي.

حارب قتل وقاتل الحوثيين في بيوتهم في صعدة أقصى شمال اليمن "ستة جولات من الحروب خلال ما يزيد عن عشر سنوات" لم يهزمهم ولم يهزموه، دخلوا عليه صنعاء فتحالف معهم "ثلاثة سنوات" في مواجهة العدوان الخارجي يداً بيد، وأخيراً إختلف معهم "ثلاثة ايام" فقط، فقتلوه في بيته بالطريقة التي نرى.

ورغم كل شيء ورغماً عن اي نقد للرئيس السابق "علي عبد الله صالح" خلال الاربعين سنة الماضية، ولمسيرته السياسية وتجاذباته هنا وهناك وعداواته وتقلباته، وتحالفاته اليمينة والعربية سيبقى - كرئيس لليمن في مرحلة مهمة من تاريخ أمتنا - "رجلاً من رجالات العرب الكبار"، في موقفه من "حرب الخليج الاولى" على العراق و حرب إحتلاله عام 2003 ودوره في احتضان القيادات العراقية السياسية والاكاديمية والشعبية، وموقفه من القضية الفلسطينية والكثير من القضايا العربية، هي لعبة السلطة والحكم فيها القاتل والمقتول، والغادر والمغدور داخل بيت الحكم، وداخل البيت العربي المليء بالخيانات والتأمر والبيع والانقلابات ... إنها السلطة، وإنهم العرب ..

سيطول امر اليمن، لقد تغير اليمن كلياً ودخل عصرا جديدا، فصنعاء اليوم ليست صنعاء الامس، لن يفلح ايا من الطبقة السياسية التي عاصرت وتخاصمت وتحالفات وعاشت وظهرت وانتعشت مع علي عبد الله صالح، لن تفلح في تحقيق شيء و لن يعيدهم لحكمها ازيز ودمار قصف طائرات ال سعود وال نهيان، ولن يهنأ بها أحد تحت شعارات مذهبية منسوبة لإيران او محسوبة عليها بطريقة ما، فالدم لايموت عند اليمانيون إنه الاطول عمرا من اي شيء اخر.

وسيبقى الامر تحدياً للجيل الجديد الذي لم يغادر اليمن يعيش ماساته ومأسيه، في القبائل والقرى والحارات والاسواق، ويتمظهر ويصعد الطرف الثالث الذي لم تجرفه احدى الضفتين، وسينتج اليمن طبقته الجديدة من مقاومته للعدوان الظالم، ومن معاناته وحراكه ومخاضه كما هو ديدن الشعوب، ومن مدارسه الفقيرة وجامعاته، ومن تطور الاحداث من الان وصاعدا، ومن التسويات الاجتماعية، التي اعتادها اليمانيون الذين رغم كل الخصومات والدماء يبقى دائما لديهم طريق للقاء والاتفاق فيما بينهم، فلا شي يفسد ما في اليمن مثلما يفسده التدخل الخارجي او الايحاء به.

رحم الله كل قتلى اليمن من كل الاطراف، "إنا لله وإنا اليه راجعون" .. ادعو الله تعالى لليمن بالخير وان يعبر هذه الازمة، وان يبقى موحداً ..
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)