صنعاء نيوز حوار غمدان الشوكاني -
يعتبر المرجع الأول في تراث الإنشاد اليمني الغزير وهو أول من انشد من جميع المدارس اليمنية المتنوعة ما بين: الحضرمي، الصنعاني، الزبيدي، التهامي، التعزي وغيرها.
أسس جمعية المنشدين اليمنيين قبل عشرين عاماً، وأوضح بأن الخليج لم يكن يعرف الإنشاد حتى أتت جمعية المنشدين إليه. وفي مصر كانت الجمعية هي أول من ادخل الإنشاد اليمني إلى الأوبرا المصرية. وحسب قوله "الكل يعرف أنّي أول من اخرج الإنشاد اليمني إلى الوطن العربي".
كما أشار إلى أن الإنشاد له دور كبير في تلاقي الشعوب وتحسين العلاقات بين الدّول، مسترسلاً بالقول: "ذهبنا إلى مصر عام 2003، حيث كان هناك فتور في العلاقات بين البلدين، ورطبناها بالإنشاد، حتى أن أمين عام الجامعة العربية السابق قال لسفيرنا في مصر إن هذا الفتى سفير لبلاده ممّن يوطدون علاقات الشعوب".
ويرى زبيدة أن الإنشاد في اليمن مدرستان؛ المدرسة الزيدية وتمتد من صعدة إلى صنعاء إلى حراز إلى ذمار، ثم تأتي المدرسة الصوفية من إب وتنطلق إلى تعز ثم إلى المحافظات الجنوبية الشرقية، مثل حضرموت والمركز الإشعاعي في تريم للنشيد، ثم تنطلق إلى الشحر آخذة الساحل إلى زبيد إلى الحديدة إلى جيزان.
سبب تركه لجمعية المنشدين، وعدم اكتمال ديوانه الشعري الذي دُوّن حتى الآن 192 قصيدة، حبه لوطنه وتراثه الإنشادي المتنوع وعدم اقتصاره على نوع واحد في النشيد بعدّة مناسبات.. هذا ما سيكشفه لنا قاسم زبيدة في هذا الحوار.
*من هو قاسم زبيدة؟
-قاسم بن علي بن أحمد بن يحيى بن إسماعيل بن رزق زبيدة، كان جدي اسمه زبيد الذي هو إسماعيل، فتزوج بامرأة اسمها زبيدة من صنعاء، وكان فقيهاً عالماً، فعندما تزوج بها كان أهل صنعاء يقولون جمع واستمع زبيد لزبيدة وزبيدة لزبيد حتى غطت زبيدة على زبيد فسمينا ببيت زبيدة.
*بدأتم الإنشاد منذ الطفولة، فكيف بدأت حياة الطفولة؟
-أنا كنت منشدا لزملائي في المدرسة الابتدائية في مدرسة الوالد محمد السياغي، وكانت معلامة، وانتقلت إلى مدرسة نصير، وكُنت فيها المنشد الثاني، كان هناك محمد الأكوع أيضا، أما علي محسن الأكوع فهو من تلاميذي. وكان محمد يتلو القرآن فكنت أغار منه، لجمال صوته، وكان إذا حضر موسم الإنشاد وهو بعيد اعتبره أيام عيدي؛ لأني سوف أظهر، وكنت منشدا في ذلك الحين لتلاميذ المدرسة أيام الاحتفال بختم القرآن. وكنت أزف خاتم القرآن، حتى جاء عرس الشيخ محمد حسين عامر، وهو أستاذي الجليل في الإنشاد والقراءات، الذي قرأت على يديه قراءة حفص وجزء من قراءة نافع وجزء من قراءة ورش. وعلى يد الأستاذ يحيى بن أحمد الحليلي الذي كُنت ادرسه في أيام الابتدائية، كنت ادرس أنا وإياه عند الأستاذ علي الوتري، وكان يقول الأستاذ الوتري من أحبه رب السماء فل يُقرئ هذا الأعمى. وكنا نتناوب عليه حتى أصبح شيخنا جميعاً.
وجاء عرس الشيخ محمد حسين عامر فكنت أتمنّى من الأستاذ محمد موسى السماح لي ولو بأنشودة واحدة، حتى إن احدهم قال له: يا رجل دع له فرصة لينشد أمام أستاذه ليهنئه، فسمح لنا ببيتين اثنين؛ بيت لي وبيت لمحمد بن حسين الجوزي. ثم جاء العرس الثاني للأخ محروس بن القاضي يحيى العمري، وكان المنشد موسى، فـ"اشترغ" بالقات فلم يجد بُداً من أن إعطائي مكبر الصوت حتى أنقذه من تلك اللحظة، فانطبق علي قول: "مصائب قوم عند قوم فوائد".
*ممن تعلمتم الإنشاد؟
-تعلمته من الكثير. كان هناك علي سحلول، أحمد حمامة، الأستاذ الشيخ محمد النعماني (شيخ المنشدين اليمنيين)، وكان لا يلحن، ثم صاحبت الأستاذ الشيخ محمد حسين عامر فكان لي معه صولات وجولات ومحبة وتلمذة حتى صرت أنا وإياه فرسي رهان في الإنشاد، حتى أنه قال: "كلنا أنشدنا، ولكن فاز بها قاسم زبيدة بتدريسه للإنشاد والمنشدين، حتى كان علامة من العلامات".
ولي قصة مع الوالد محمد النعماني (رحمه الله): حضرنا يوما في بيت الاكوع، كُنا حوالي 35 منشدا، فأتينا بموشح جماعي. والموشح الجماعي لا يُعرف سابقاً في صنعاء، إلا منذ أن أتيت أنا، فقام الشيخ محمد النعماني وقال: من هؤلاء؟ قلت: هؤلاء أحفادك وأنا ابنك. وقال: آتني بالميكرفون، وانشد بأنشودة (هي معروفة لدى الناس):
نعم، نعم شكري لمولي النعم
في كل حال فرض لازم
حتى وصل إلى:
هو الذي أوجدك (وأشار إليّ) من عدم وبث من قاسم قواسم
وهي من آدم أوادم.
*من تحب من المنشدين وتأثرتم به في بداية إنشادكم؟
-ما تأثرت بمنشد قط أعظم من الشيخ محمد حسين عامر (رحمه الله)، ولا يزال معششا في روحي حتى اليوم. حتى بعض الناس قال: "محمد حسين عامر في قلب قاسم وفي صوته". تأثرت بأدائه، وتأثرت بالشيخ محمد النعماني بعلمه البلاغي؛ كان إذا انشد لا يلحن أبداً، وسُمي "سيبويه المنشدين"، وكان لا يدخل على من هو أعلم منه إلا ويقوم له إجلالاً لغزارة علمه اللغوي وبلاغته في علم الكلام.
*هل أولادكم يزاولون مهنة الإنشاد؟ ومن منهم أفضل أداءً وصوتا؟
-بعضهم يزاول الإنشاد. كان معي خليفتي بدر قاسم (رحمه الله) الذي توفي بحادث في المدينة المنوّرة، كان منشدا وشاعرا وأديبا كأبيه. خلفه أخوه محمد، وكان بدر يغار من أخيه محمد؛ لأنه أجمل إخوانه صوتاً، كما أن لديّ ثلاث بنات منشدات، وثلاثة عشر من الأولاد.
*ما هي الأسباب التي أدت إلى ترككم جمعية المنشدين اليمنيين، وانتم من أسسها؟
- أنا أسست الجمعية قبل عشرين عاماً. وكما يقولون "والفضل للمتقدم"، أنا ربيت المنشدين وعلمتهم وجمعتهم إلى خير، حتى أكملنا التأسيس، ثم عملنا نظاما أساسيا على أن يلتزم به من خلفنا. وتعاهدنا على ذلك. فالتزمت برئاسة دورتين التي حق لي أن أترشح فيهما؛ لأنه لا يحق لأي منشد إلا أن يترشح دورتين ثم يتنحى ليترشح آخر.
ترشح علي محسن الأكوع بعد الدورتين الأولى، فكنت معه، فقام بإلغاء هذه النقطة؛ لأنه جمع من المنشدين المبتدئين ودخلت الجمعية في التحزّب، وهو إلى الآن له أكثر من خمس دورات، وهذا حب للذات ومرض، وهذا ما دعاني إلى ترك الجمعية، وقد تفرّق الكثير من المنشدين. فأسامة الأمير معه فرقة، وعبد العظيم عز الدين عنده فرقة، وعبد الخالق المهدي معه فرقة، ولو اجتمعنا كلنا كان أفضل وأقوى وأحسن من ذلك. الآن بدأ يفصل بعضا من أعضاء الجمعية ويضمهم إلى "اتحاد المبدعين العرب"، وبدأت الجمعية تنفصل شيئاًَ ما عن الاتحاد، والاتحاد ينفصل عن الجمعية، حتى إن أكثر إخوانه وأصحابه وأصدقائه بدأوا ينصرفون عنه؛ لأن حب النفس من الغرور وحب الدنيا رأس كل خطيئة، أنا أقول هذا بصراحة، وأقول له وعبركم: "إن صار كلامي هذا بأكمله إليه".
*كيف تنظرون إلى مسيرة الإنشاد في بلادنا؟
-الإنشاد في بلادنا -الحمد لله- بخير، لا أقول هذا مجازفة، ولكن الكل يعرف في الدول العربية وخاصة في الخليج ما كانوا يعرفون الإنشاد حتى برزت جمعية المنشدين في مصر، ونُعتبر أول من ادخل الإنشاد إلى الأوبرا المصرية، وكنا نحظى بالدرجة الأولى في مصر حتى اشتهر الإنشاد هناك، والكل يعرف أنّي أول من اخرج الإنشاد اليمني إلى الوطن العربي، ثم بعد ذلك دعيت إلى فرنسا للإنشاد هناك. وكان هناك صور لي في المعهد العربي في فرنسا. وأقعدني الأستاذ عبد الملك منصور الذي كان حينها وزيرا للثقافة، وقال لي: "أنت اقعد هناك معي وأرسل إلى فرنسا من تريد". فأرسلت ابني بسام، ومعه علي الأكوع وعبد الرحمن مداعس ويحيى المحفدي، ولاموني المنظمون في فرنسا، وقالوا: "كيف! نحن اتفقنا معك لتأتي إلى فرنسا، وقلت: ماذا افعل، أمر دولة؛ لأنه تزامن في ذلك الوقت مع مؤتمر وزراء الثقافة العرب في مصر 2003، فذهبت إلى مصر، وأنشدنا هناك، وكانت العلاقات مع مصر حينها تتسم بالفتور. وقال لي سفير بلادنا في القاهرة: اعتذر الشاعر عفيف وعلي عبد الرحمن جحاف، وأنا اعلم انك أديب وشاعر، لكن أريد منك قصيدة يكون فيها البلسم، فقمت وأنشدت قصيدة مطلعها:
يا مصر جدي لجمع الشمل ثانية وضمدي جرح أهل الشام واليمن
فأنت للعرب أمٌ بل أبٌ وأخٌ وأنت للعرب مثل الروح في البدن
فكان لها صداها على المستوى الإعلامي والصحفي في مصر. وقال عصمت عبد المجيد (أمين عام الجامعة العربية سابقا) لسفير بلادنا في القاهرة الأستاذ أحمد محمد لقمان في ذلك الوقت: "هذا الفتى سفير لبلاده، وهو ممن يوطدون علاقات الشعوب". وأمرهم بإرسال رسالة إلى فخامة الرئيس، وأخبرني بها الأستاذ اللواء عبد الله البشيري، وكُرِّمنا في سفارتنا في مصر، وننتظر التكريم من الأخ الرئيس كسائر المبدعين.
*إلى أين وصلتم في الإعداد لديوانكم الشعري؟ وما اسمه؟ وما الذي يحتويه؟
-أنا احترت في اسمه؛ لأنه جمع في الجانب الدّيني ثم في الجانب النبوي ثم في حب آل البيت وصحابة رسول الله؛ لأني من المعتدلين ولست من المتطرِّفين. وحتى عندما أُعلِّم الإنشاد أوصي طلابي بألا يتعصبوا وألا يتطرفوا؛ لأن هاتين الصفتين من القبائح. فنظمت 192 قصيدة متنوعة ما بين الوطنية، ثم في الجانب القومي لفلسطين والأمة العربية، جزء منها: شعر حكمي والآخر حميني. وطلب منّي الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر (رحمه الله) أن أجعل هذه القصائد في أشرطة وغيرها من وسائل النشر. "وأنا أوزع منها آلافا إلى البلدان العربية، هذا واجب عليك، ولكن ينطبق علي قول ابن الوردي:
واطلب العلم لا تكسل
فما أبعد الخير على أهل الكسل..".
ولذلك كان كتابي هذا هو "الإنشاد في اليمن" معروفا عند كل المنشدين، كُنت أعده سفرة لي، فما جئت إلا وعلي محسن الأكوع قد انشأ كتابا سمّاه "روائع الإنشاد الصنعاني"، وكذلك الأخ عبد الخالق المهدي قريب من هذا العنوان، وأقررت للمهدي؛ لأنه جاء واستأذنني، وقال: "سأنزل كتابا على ما كنت تتمنّاه أنت".
*إلى كم تنقسم مدارس الإنشاد في اليمن؟ وما هو أفضلها؟ وبما تمتاز كل واحدة منها؟
-أولاًَ، أبرئ نفسي من المناطقية، والناس كلهم يعلمون إني جمعت تراثا؛ لم ينشد أحد بالتهامي ولا بالصوفي ولا بالحضرمي قبلي، أنا أحب بلادي وأحب تراثها، وكان لي مع تراث بلدي الصرخة الكبرى، كنت أنشد في صنعاء بالتعزّي، فيقولون: "ما هذا الإنشاد يا أستاذ قاسم، الذي أطلعته لنا، أين الإنشاد الصنعاني؟". فقلت: أنا يمني، وهذا.. كذا. والأستاذ عبد العزيز عبد الغني على قيد الحياة زفينا ابنه، فبدأت بموشح صنعاني، ثم جاء إليّ أن المجمع من كل المناطق، وزراء وضيوف من جميع مناطق اليمن، فأنشدت بالتعزّي والحضرمي وجميع التراث اليمني المتنوع. وقام أحدهم، وقال: "لأول مرّة نسمع منشدا صنعانيا". قلت له: عفوا، أنا يمني وأحب بلادي وكل تراثها. فقام نائب رئيس مجلس النواب (رحمه الله)، يوسف الشهاري، وقال: "أما اللكنة التهامية فأظن أنها تعجز الأستاذ قاسم وغيره". قلت له: اصبر ولك ما يطيب خاطرك. فقمنا بتأدية لحن لحّنه الفنان فؤاد الكبسي (يا رب يا رحمن)، وسجل له في التلفزيون والإذاعة. كنت أؤدي هذا اللحن من قبله بسنين. وكانت الكلمات:
صلى عليك الله يا خير خلق الله
والـ آل جند الله من جاهدوا في الله ..
فأديناه باللكنة التهامية، وبعدها قام أحد الحضور وقال: ابقى هكذا يمنياَ يا قاسم يا بن علي زبيدة، ولا تنتظر مكافأة من هؤلاء الأميين. وأشار إلى وزراء وغيرهم؛ لأنه كان جريئا، فأنا أحب اليمن وتراثي مغروس في كبدي، ولا استطيع أن أقول لك إن هناك منطقة أفضل من منطقة. ولو سألتني عن الإنشاد ما فضّلت على الحرازي شيئا؛ لأنه توسّط بين صنعاء وتهامة، فجمع بين الغناء والنشيد، ويسمى مغنشيد. وهذا من أجمل المدارس. تأتي معك مدرسة موسيقية هي "آل هزام" وهذه المدرسة لم يُنظر إليها لا في تكريم ولا في غيره، من أجمل وأحلى وأفضل مدارس الإنشاد. وعندما يجتمعون في موشح واحد لا تستطيع أن تفرِّق بين صوت وصوت، كلهم صوت واحد ونسق واحد. وكذلك آل حبيب في زبيد (مدرسة صوفية)، وفي تعز هناك مدرسة صوفية. والإنشاد في اليمن مدرستان؛ زيدية وتمتد من صعدة إلى صنعاء إلى حراز إلى ذمار، وصوفية وتمتد من إب إلى تعز إلى المحافظات الجنوبية والشرقية، مثل حضرموت، والمركز الإشعاعي في تريم للنشيد، ثم تنطلق إلى الشحر آخذة الساحل إلى زبيد إلى الحديدة إلى جيزان، وهي مدرسة واحدة؛ لأنهم يمنيون أصلاً (أهل جيزان)، وللصوفية طرائق: فمثلا في تعز: الطريقة الشاذلية وغيرها، اكتسبوها عندما جاء الغزو الفاطمي إلى اليمن؛ لأن المصريين أخذوها من المغرب، وبالنسبة للمدرسة الزيدية يغلب عليها الطابق المرشي العسكري، حتى عندما تدخل الميت إلى قبره، وأنت تأتي بكل إيقاع إنشادي مرشي:
صمدٌ يبقى .. الله ولا آله إلا الله حي قيوم.
*كيف ترون إدخال الألحان الشامية وغيرها على الإنشاد اليمني في الأعراس والحفلات.. هل ذلك يعود إلى تجديد الإنشاد اليمني أم ماذا؟
-التراث اليمني غني ولا يحتاج إلى إدخال الألحان الشامية أو غيرها ومزجها مع الإنشاد اليمني؛ لأنه ثري ومتنوع، ويُقتبس منه، ولا يأخذ من الآخرين.
*هناك منشدون ادخلوا الآلات الموسيقية على فن الإنشاد، ما رأيكم في ذلك؟
-في رأيي أن الإنشاد اليمني لا يتواءم ولا يتكيّف مع الموسيقى كثيرا، وكان المفتي العلامة محمد زبارة (رحمه الله) قد قال لي سابقاً -عند سؤالي بإدخال الموسيقى على الإنشاد-: "استخدم أي شيء في مدح الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم)".
*هل المنشد صوت أم أداء؟ وما هي المواصفات التي يجب أن يتميّز بها المنشد، وأفضل الأصوات على الساحة اليمنية في تقييمكم؟
-حقيقة، يجب أن يجتمع الأداء والصوت في صفات المنشد الجيّد مع التركيز على الإلمام باللغة العربية والنحو والصرف كي لا يلحن المنشد عند أدائه أي قصيدة ينشد بها أو موشّح. أما أفضل الأصوات على الساحة، ففي بلادنا الكثير من الأصوات الرائعة، كعبد الرحمن العمري الذي يتميّز صوته بالشبع والقوّة، حتى أنه ذات مرة كُنا في مصر ومعنا عبد الرحمن العمري نستقل يختا على نهر النيل، والفرقة الموسيقية الكاملة على ظهره، فذهبت إلى قائد فرقة الاوركسترا، وقلت له: ما رأيك أن تشير إلى الفرقة بأن تؤدي أغنية الأطلال، وأنا آتيك بمن يغنّي بنفس أداء أم كلثوم، فوافق بعد أن تردد قليلا؛ لأنه لم يغن هذه الأغنية أحد بعد أم كلثوم. فقدّمت عبد الرحمن دون أن يدري وأُحرج قليلاً، ومن ثم غنّى الأطلال مع الفرقة، وكأن له سنوات يعمل بروفات مع الفرقة بأداء رائع وصوت جميل جداً. كذلك من الأصوات الواعدة، أسامة الأمير وعبد العظيم عز الدّين وعبد الرحمن مداعس وغيرهم ممن يتميزون بالأصوات الندية على الساحة.