صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
أن مصر اعترفت بأهمية التنمية الاقتصادية لإثيوبيا، لكن العلم ينبغي أن يكون العامل الحاسم في كيفية إدارة هذه المسألة الهامة. إنه ينبغي إشراك البنك الدولي لحل التوترات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة الذي تقيمه على النيل الأزرق لان البنك الدولي بأنه طرف فني له رأي محايد وفاصل، و إنه يمكن أن يسهل المفاوضات بطريقة "خالية من التفسير السياسي والمناورة".
مصر وضعت إثيوبيا في مأزق!! المقترح الذي تقدمت به مصر لإثيوبيا بالاستعانة بالبنك الدولي كطرف محايد في دراسات سد النهضة وبرامج المليء الأول لبحيرة السد قوي للغاية ووضع إثيوبيا في مأزق:- فإذا قبلته ستكون هناك منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة شاهد على اضرار السد على مصر بالأدلة وبالدراسات وأيضا شاهد على التعسف والتسويف والتشدد والمغالطة الإثيوبية وفرض سياسات الأمر الواقع وتضع في يد مصر تقرير دولي عن اضرار نستحق عليها تعويضات،،
وإذا رفضته فسيكون العالم شاهد على التهرب والمراوغة الإثيوبية والرغبة في الاستحواذ على مياه النيل بخبث ودناءة بعيدا عن الإنسانية وعن القوانين والقواعد الدولية لأسس بناء سدود الأنهار في دول المنابع ولو على حساب جثث الأخرين. براقو مصر من بعد ان تصاعدت الأزمة خلال الأيام الماضية بين مصر وإثيوبيا حول أزمة سد النهضة بينما حركت المبادرة المصرية بإشراك البنك الدولي كطرف ثالث له رأي محايد وفاصل، في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية، المياه الراكدة في ملف التفاوض مع الإثيوبيين، الذي تعثر منذ شهور. فهل تؤتي مشاركة البنك الدولي نتائج تفاوضية إيجابية؟ ولماذا تم اختيار البنك الدولي بعينه؟ وهل البنك الدولي جهة غير منحازة حقًا ولا تسيطر عليه دول أخرى؟
، أن سد النهضة الإثيوبي أصبح أمرًا مقلقا للحكومة وللمصريين، خاصةً أن 95% من أرض مصر صحراوية، فضلا عن أن تعداد المصريين في ازدياد وكمية المياه قليلة لا تزيد مع زيادة التعداد السكاني. أن إشراك جهة دولية محايدة ومعترف بها على المستوى الدولي، يلغي تحجج أي طرف بتعطيل العمل والوقت، الذي يزيد من التوتر والقلق الذي نشعر به، ويمنع المساس بالاحتياجات وحصة مصر من المياه.
أن الاستفادة الثانية من المبادرة، أنها تفتح الباب أمام طرح مفردات الأزمة أمام مؤسسات المجتمع الدولي، واطلاعهم على المشكلة، بمعنى تجاوزها البعد الإفريقي، باعتبارها قضية سياسية تنموية، خاصة أنها تتعلق بحقوق حياة شعب، وهي حقوق أساسية لا تحتمل المناورة والمزايدة.
"المقترح هو تعبير عن امتداد الجدية وحسن النية والرغبة في التوصل إلى حل، يحفظ للجميع حقوقهم، دون مزيد من المناورة أو محاولة الانتفاع باستمرار الركود في المفاوضات. ، لأنه يشترك في التنمية في عدد من الدول، كما أن إثيوبيا طلبت منه تمويل التنفيذ، وأجرى عددا من الدراسات بشأن السد الإثيوبي.
أننا الآن في انتظار الرد الإثيوبي، وقراءة تداعياته، وهذا الاهتمام في حد ذاته أمر هام. أن مقترح بتكليف جهة محايدة ومن المفترض أنها متجردة من الانحياز، قد يؤتي بنتائج إيجابية، إذا تم إدارة الأمر بحرفية شديدة.
البنك الدولي رفض تمويل السد الإثيوبي، حينما طلبت إثيوبيا الحصول على قرض منه للتمويل، لاعتبارات سياسية تتعلق بعدم اتفاق الإحدى عشرة دولة في حوض النيل، واعتبارات أخرى تتعلق بعدم الجدوى الاقتصادية.
وذكر صندوق النقد الدولي أن السد يمثل ومشروعات أخرى استنزافا للموارد التمويلية من الاقتصاد الإثيوبي، ما يعرضه لخطر فرص الاقتراض المتاحة لمستثمري القطاع الخاص وحصيلة البلاد من النقد الأجنبي بما يضر بالنمو. لا ينقص مصر بلد ال104 ملايين نسمة التحديات وأبرزها الإرهاب العشوائي عدو الإنسانية والوطن، ومن التحديات الأخرى تلوح في الأفق أزمة حول النيل.
لقد بدأت إثيوبيا منذ 2011 بناء سد النهضة المسمى "سد الألفية الكبير" على نهر النيل الأزرق، ومنذ ذلك الحين يرتسم التحدي بخصوص انعكاس ذلك على مصر "هبة النيل" وأمنها المائي والقومي. وعشية ملء خزانات السد وتشغيله في 2018، أعلنت مصر الأسبوع الماضي تجميد المفاوضات الفنية حول السد، تعتبر حاجات مصر من المياه أكثر إلحاحا بالقياس للدول الأخرى لأنها واحدة من أفقر الدول في مصادر المياه ومن أكثرها اعتماداً عليها في العالم. فالنيل يزوّدها بكل حاجياتها تقريباً من المياه العذبة، ومعدل اعتماد مصر على ذلك الجزء من إجمالي موارد المياه المُتجددة التي تتدفق من خارج حدود البلاد يبلغ 97 في المائة. هذا إضافة إلى أن نحو 85 في المائة من تدفقات المياه إلى مصر تأتي من تساقط المطر فوق المرتفعات الإثيوبية.
البدائل المتاحة:
أمام المفاوض المصري مجموعة من البدائل يمكنه اللجوء إليها، حال فشل المفاوضات مع الجانب الإثيوبي، وهي النتيجة الأكثر احتمالا، إذا ما أصرت أديس أبابا علي موقفها من تعطيل إجراء الدراسات الفنية، والاستمرار في بناء السد، أبرزها ما يأتي:
1- السعي إلي دفع المفاوضات في المسار السياسي، من خلال مبادرة يقودها رئيس الجمهورية، يدعو خلالها كلا من رئيس الوزراء الإثيوبي، والرئيس السوداني إلي قمة ثلاثية بغرض وضع حد للخلافات بين أعضاء الفريق التفاوضي، وإعطاء دفعة للمفاوضات من ناحية المسار الفني، وتكليف الخبراء الدوليين، أعضاء اللجنة الثلاثية الدولية الذين وافقت عليهم الدول الثلاث من قبل عام 2012، باستكمال الدراسات الهيدرولوجية، والبيئية، والإنشائية للسد. ويتم عرض نتائج الدراسات علي وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث للتوافق حول النتائج والتوصيات، والتوصل إلي اتفاق نهائي لحل هذه الأزمة.
2- اللجوء إلي أدوات القانون الدولي المتعارف عليها في حل النزاعات الدولية، كالمساعي الحميدة، والوساطة، والتوفيق، والتحكيم الدولي. وعلي الرغم من أن هذه الأدوات تتطلب موافقة الطرفين، وحيث إنه من المتوقع رفض إثيوبيا لأي منها، فإن سعي مصر الجاد لاستخدام أي من هذه الطرق المتبعة دوليا بحسبانها، دولة ساعية للسلام، وحريصة علي الحفاظ عليه، سيفضح نيات إثيوبيا الحقيقية أمام المجتمع الدولي من وراء بناء السد، ويضع المفاوض الإثيوبي تحت ضغط وحرج دائمين خلال جولات المفاوضات.
3- اللجوء إلي مجلس السلم والأمن الإفريقي للبحث عن تسوية إفريقية للأزمة علي أساس أنها تهدد الأمن الإقليمي في منطقة حوض النيل، وتسهم في إشعال الصراعات علي المياه، إذا ما لجأت باقي دول المنابع لتقليد إثيوبيا في بناء السدود.
4- التحرك في مسارات متوازية دولية لإثبات ضرر السد المدمر علي كافة أوجه الحياة في مصر، بيئيا، وزراعيا، وأمنيا، واقتصاديا، والاستعانة بآراء الجمعيات المدافعة عن البيئة، والأخرى المدافعة عن السلام وحقوق الإنسان، والتدليل علي ذلك بتقارير معتمدة من منظمة الزراعة والغذاء العالمي (الفاو) لبيان أثر ذلك علي الأمن الغذائي في مصر، من أجل خلق رأي عام عالمي داعم للموقف المصري.
5- اللجوء إلي محكمة العدل الدولية، استنادا إلي الاتفاقيات الدولية المعنية بمياه الأنهار الدولية، وعلي رأسها الاتفاقية التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة عام 1997، الخاصة باستخدامات النهر دوليا، لطلب الفتوي بأحقية مصر في حصتها التاريخية الثابتة من مياه النهر، استنادا إلي المواثيق الدولية، من خلال إحدى المؤسسات الدولية المعترف بها، كجامعة الدول العربية، أو الاتحاد الإفريقي، أو "الفاو".
6- التوجه إلي مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يلزم إثيوبيا بوقف أعمال البناء في السد لحين إتمام الدراسات الفنية، حتي لا يؤدي التوتر الذي خلفته الأزمة إلي اشتعال الصراع، بما يهدد السلم والأمن الدوليين.
وعلي الرغم من أن هذه البدائل قد لا تمثل رادعا كافيا لإثيوبيا للتوقف عن استمرار البناء في سد النهضة، فإن لجوء مصر إليها يحفظ لها اتخاذ ما تراه مناسبا من تدابير للحفاظ علي حقوقها في مياه النهر، وحماية نفسها من خطر وجودي يهددها. |