صنعاء نيوز - -
طالعنا ـ بقليل من الدهشة ـ ما نشرته جريدة اليوم السابع في عددها الصادر اليوم الأحد 19 ديسمبر، عن بيان بثه موقع باسم "جماعة أنصار السنة المحمدية" بمحافظة البحيرة ينسب إلى شخص وصفته الصحيفة بأنه داعية سلفي فتوى بقتل الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، والحائز على جائزة نوبل للسلام، بسبب انضمامه إلى صفوف المؤيدين للتغير في بلادنا، وبزعم أنه يدعو إلى الفتنة وعصيان الحاكم المسلم.
وهي "فتوى" إن جاز تسميتها بذلك، لا تثير كثيرًا من الدهشة في زمن انتشرت فيه حمى المتاجرة بالدين ـ ولي عنق المقدس بغية انتصارات وهمية، أو كسب رضا الحكام؛ على الرغم من خطورة هذا المنهج الذي ينذر بخسائر تطال الجميع. وفي تاريخنا القريب ما يؤكد خطورة اللعب بورقة الدين التي قد تنقلب على أصحابها وبالا بأكثر ما تصيب معارضيهم.
ولسنا بحاجة إلى التذكير بأنه ما أسهل الرد بذات المنطق ومن نفس عباءة الدين باستشهادات، تدعم موقفنا، نحن المطالبين بالتغيير أملا في إنقاذ وطننا من ربقة الفساد والاستبداد، وسعيًا لتأمين غد أفضل ينعم فيه أبناؤنا بحياة كريمة تليق بمصر وشعبها.. ما أسهل أن نستشهد بالآية الكريمة من سورة الرعد"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، أو نستشهد بالحديث الشريف الذي يقول إن "أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر"..أو بالحديث: "من رأى منكم منكرا فليغيره، بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان". وليس ببعيد عنا قول أول الخلفاء الراشدين رضي الله عنه "لقد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وأن أسأت فقوموني".. وفي الكتاب المقدس من سفر أرميا 22 " هكذا قال الرب: أجروا حقا وعدلا وانقذوا المغصوب من يد الظلم"، وفي سفر الأمثال 13ـ 21 "من يسد أذنه عن صراخ المظلوم فهو أيضاً يصرخ وما من مجيب" وغيره كثير من دلائل وقرائن تبرهن على أن الله لا يقبل لعباده الذلة والمسكنة، ولا يقبل الخنوع وقبول الظلم. لكننا نربأ بالدين أن يكون وسيلة للتلاسن، وورقة للعب. ونحذر من السير في هذا الطريق ففي نهايته هاوية تهدد الجميع، وحريق يقضي على الأخضر واليابس، وسيكتوي به مشعلوه قبل غيرهم، مثلما حدث من قبل. ولهذا السبب أيضا كانت دعوتنا ـ ودعوة الدكتور البرادعي ـ إلى ضرورة بناء دولة مدنية قوامها المساواة في المواطنة، أساسها الدستور والقوانين الوضعية، تحفظ للدين احترامه وتصونه عن المتاجرة.
لم يكن الدكتور محمد البرادعي، أول من دعا إلى التغيير في مصر، والرجل لم يدع ذلك، فالحركة الوطنية المطالبة للتغيير، والساعية لإنقاذ مصر من واقع لا يليق بها، دفع بعض أبنائها إلى الفرار من الوطن مخاطرين بأرواحهم في قوارب الموت، وبالبعض الآخر إلى الانتحار هربا من حياة لم تعد تحتمل في ظل هذا النظام، كما دفع بآخرين إلى بيع أعضائهم لتوفير لقمة عيش تسد جوع أبنائه، بل أن هناك من اضطروا إلى بيع أبنائهم أنفسهم. الحركة الوطنية المطالبة بالتغيير، قامت دفاعًا عن كل مصري لا يجد حقه في حياة كريمه تضمن له ولأولاده الحق في التعليم والعلاج والسكن والوظيفة. كما قامت دفاعًا عن حق المصريين في انتخاب حكامهم انتخابًا حرا نزيهًا يضمن احترام إرادتهم.
وجاء الدكتور البرادعي، ليمثل إضافة محترمة ومتحضرة للحركة، ويقف في صفوف المنادين للتغيير. الرجل لم يدع أنه الزعيم الملهم، أو القائد المعلم، ولم يدع أنه يقف أمام الصفوف ولا خلفها. جاء ليمثل لنا إضافة وواجهة مشرفة، بقدر ما يملك من مصداقية واحترام لدى دول العالم، وبقدر ما يحمل من خبرة دولية وقانونية وسياسية، وأيضا..بقدر ما يحمل من عشق لهذا الوطن وحلم بحياة أفضل يستحقها أبناؤه.
إننا ـ نحن أعضاء الحملة الشعبية لدعم الدكتور محمد البرادعي ومطالب التغيير ـ نرفض التنابذ بالدين وننزه كلمات الله عن أن تستخدم في جدل رخيص. ونعلن أن من يستحقون عقوبة إثارة الفتنة في الأرض، هم من يجترئون على تكفير مخالفيهم في الرأي، ومن يسعون لإثارة الفوضى في البلاد بالدعوة لتصفية المعارضين. ونعلن أننا نحمل نفس أفكار الدكتور البرادعي، ونردد نفس ما يقول، ونحمل في قلوبنا نفس العشق لهذا الوطن، ونفس الحلم بغد أفضل لن يتحقق إلا بتغيير واقع لا يليق بمصر وأبنائها.
فإذا كان عشق الوطن والحلم بغد أفضل تهمة تستحق القتل، فهاهي صدورنا عارية أمامكم، لتقتلوا كل المطالبين بالتغيير، لكنكم لن تستطيعوا قتل الحلم، ولن تستطيعوا قتل الأمل، ولن تنجحوا في وأد أمل نبت في قلب الوطن مع قيام حركة المطالبة بالتغيير، وزاد رسوخا وقوة مع عودة الدكتور البرادعي واصطفافه في صفوف الحركة.
عاشت مصر حره بالمصريين وللمصريين
الحملة الشعبيه لدعم البرادعى ومطالب التغيير |