صنعاء نيوز/ عمار جبار الكعبي -
هنالك عدة عوالم يعيشها الانسان، عالم الأفكار وهو ذروة الرقي الفكري والوعي الإنساني، وبعده يأتي عالم الأشخاص، وهو العالم الذي يعتمد منهج تقديس الأشخاص، فيتبنى او يرفض الأفكار لارتباطها بهذا الشخص او ذاك وليس لما تمثله بحد ذاتها، اما العالم الثالث والأدنى وهو عالم الأشياء، وهو عالم من الضياع والضبابية لعدم وجود ما يتبناه الفرد، سواء كان على مستوى الأفكار او الأشخاص، وهو اقرب الى الانسان البدائي في سلوكه اذ لا يحركه الا أشيائه وما بين يديه، ليكون مملوكاً لا مالكاً لها .
التسليع او الشيئية هو منحدر يأتي بعد العالم الثالث ( عالم الأشياء ) من حيث الضياع واختلاف منظومة القيم التي يعتنقها الانسان، ليتجه صوب تسليع منظومته القيمية التي تمتاز بتحولها الى منظومة أشياء، فيحركه الحصول على هذه الأشياء وليس بما تعطيه من مزايا، لتكون مطلوبة بذاتها ومعيارا ً لتحقيق الذات، لنكون امام إنسان فارغ او مفرغ من المحتوى القيمي بشكل كامل، فلا يتحرك لإيمانه بمبدأ او قيمة عليا او مصلحة عامة، كسلوك سياسي سواء كان انتخابي او ابداء رأي في قضية عامة، وإنما يتحرك مدفوعاً برغبته في الحصول على الأشياء المادية، حتى وان قدمها من يعتقد بعدم صلاحه، وبالتالي نرى البعض يدافع عمن يعرف بفشله وعدم قدرته على تقديم شيء، ليس ايمانا ً به وإنما بما يترتب على هذا الدعم من استفادة مادية .
استمالة الناخب لتأطير خياراته الانتخابية في اخطر مفاصل العملية الديمقراطية، لاختيار قائمة او شخص عن طريق تقديم ( أشياء ) او أموال، لتكون أساس تحديد خياراته السياسية وفق نهج سياسي معين قد لا يخدم المصلحة الوطنية، ليكون الناخب ممن يحمل هذه الثقافة بمثابة من يعتبر نفسه سلعة قابلة لتوجيه الدعم والصوت الانتخابي بعيداً عن القناعات والاسس المنطقية والقيمية، وبالتالي يساهم بشكل كبير بتسليع الديمقراطية، ليعتبرها شيئاً اخر يضاف الى أشيائه، وليس وسيلة لضمان تمثيله بشكل حقيقي عن طريق وسائلها الرئيسيّة وأهمها الانتخابات .
|