صنعاء نيوز/الدكتور عادل عامر -
كانت جماعة الاخوان المسلمين تسير بخطوات ثابتة ومدروسة في كل القري والنجوع المصرية لحشد الاصوات الانتخابية نحو الوصول الي الاغلبية في المجالس البرلمانية ومن ثم حصولهم علي الكرسي الرئاسي ويمكن ان تتفهم جيدا الدور الذي قامت به الجماعة من خلال المشروع الاخواني الذي يعتمد علي تفتيت ثوابت الانظمة العربية ولعل اهمها نقده لما يسمي سلسلة الخديعات في الاستقرار الثقة الرموز الصور التاريخية والتضحيات وبمعني اشمل : كيف تشكك في الاستقرار وتحوله الي خديعة وتصفه بالجمود والضعف وقلة الحيلة وكيف تهز الثقة في مؤسسات الدولة وقيادات الدولة وجيشها وقضائها وكيف تشوه من رموز الدولة المفترض انهم قدوة للشباب ؟
ثم كيف تشكك وتشوه الصور التاريخية في الاذهان وتجعلها مسلمات خاطئة يتم تكريسها في العقل بالكذب والبهتان كحرب اكتوبر والضربة الجوية واسترداد سيناء واخير تحتاج عند التنفيذ لجهاز نشر الاكاذيب والشائعات .
هذا المشروع الشيطاني الذي تم استخدام ادواته جيدا لتخصيم الشعب المصري مع كل ما هو ذي خلفية عسكرية خلال المرحلة الانتقالية بغرض الشعب المصري لثقته في اي فرد عسكري او ذي خلفية عسكرية ومن ثم يتم حرق اي شخصية منهم سيتم ترشحها للانتخابات الرئاسية المصرية .
ان حملة التشوية هذه كان المستفيد الاكبر منها هي اسرائيل نفسها فحينما تعلم ان اسرائيل الي اليوم لا تعترف بالانتصار المصري في حرب 73 وان التلفزيون الاسرائيلي الي اليوم يذيع مشاهد حصار قياده الجيش الثالث الميداني بعد حدوث الثغرة وعبورهم للضفة الغربية من القناة حتي وصولهم الي مدينة السويس الباسلة في اطار الحرب النفسية ضد مصر وتزوير الحقائق لشعبها فلم يكن هناك ادق واعمق من مشاهد الضربة الجوية لتظهر علي شاشات التليفزيون المصري طيلة ثلاثين عاما لتدغدغ مزاعم اسرائيل وتضرب شعبها في مقتل حينما يشاهدون سنويا المشاهد المؤلمة لطائرات السلاح الجوي المصري وهي تعبر القناة وتدك حصونهم
لا يوجد مخلوق علي وجه الارض يستطيع التشكيك في عظمة الجيش المصري وقواته الجوية في حرب الكرامة فعبقرية العقلية العسكرية المصرية لم تسطر امجادها مع بديات الحرب فقط بل تجلت عظمتها في التحضير لها فبعد حرب 67 وقد دمر تماما سلاح القوات الجوية وغيرها من القوات علي يد العدو الاسرائيلي وبينما القدرات الغربية تشير الي عشرين عاما ستستغرقها القوات المسلحة المصرية في استعادة وبناء سلاح جوي جديد وقوات برية اخري لها
وجديرا بالذكر
اتخذت ثلاث مبادرات تهدف جميعها الي قلب النفوذ الايراني في العالم العربي وقد فشلت جميعها الاولي في العراق حيث دعم اياد علاوي والثانية في لبنان حيث دعم قوي 14 اذار والثالثة في فلسطين حيث حاول جلب حماس الي طاولة الحوار لكسر علاقتها مع ايران اذا اخذنا الدول التي تخاف علي النظام السوري من السقوط في الشرق الاوسط وهو لا نعثر الا علي ايران واسرائيل
والتي تصر علي غموض مصيرها بعد رحيل الاسد الموقف الابرز لإسرائيل مما يعني اننا انكشاف خديعة وضعها النظام السوري في الاعلام الرسمي حين كرس دعوي كونه من محور الممانعة ومن دول الصمود وجبهات المقاومة بينما لم تكون كل الاعيب النظام الا كلاما من الواضح ان النظام السوري راهن منذ البداية علي الوقت لأنه لم يرفض المبادرات العربية واستقبل بعثه الدابي وهو يرحب باي امكانية للحل لا لامتثاله والتقيد به بل للاستخدامه بوجه العالم لإكمال عمليات مستثمرا كل الاوقات الاضافية التي تمنحها له المبادرات وسعود الفيصل ادرك هذه اللعبة والتي لا تنطلي علي دبلوماسية عريقة مثل الدبلوماسية السعودية لهذا قرر ان يحسم الموقف السعودي بعيدا عن اي محاولات اخري فالطغاة عليهم ان يرحلوا طوعا او كرها .
اذ تصبح رحمه صراع الدول الكبرى فيما بينها فلا تعود قضية لذاتها او تبحث بذاتها ومن هنا عملت التجربة التاريخية لهذه البلدان وفي مقدمتها القضية الفلسطينية خطا التوجه الي مجلس الامن وذلك اذا لم يرد ان تدخل القضية في لعبة الامم لعبة الدول الكبرى وتتحول الي ضحية تلك اللعبة فمن هنا ايضا توجب اتخاذ موقف مبدئي ضد اللجوء الي مجلس الامن وضد وضع مصر اية قضية بين يدية وهذا ينطبق علي الحالتين اي عندما يتوافق الكبار علي قرار او عندما يتنازعون سواء بسواء لان النتيجة في الحالتين لا بد من ان تكون سلبية علي القضية في حد ذاتها .
علما بان موازين القوي التي تعمل يعمل في اطار تختلف نوعيا عن تلك التي عمل في اطارها نظام القطبين في مرحلة الحرب الباردة فالقطب الامريكي – الاوربي في اضعف حالاته اقتصاديا وماليا حتي عسكريا عدا في مجال القوة النارية والنووية والصاروخية ( الضعف في تعبئة الجيوش والقدرة علي الاحتلال ) اما سياسيا فالقوة تتعايش مع الضعف وتعتمد علي المعادلات السياسية الاقليمية اما القطب الروسي والصيني فمعادلة قوته وضعفه تختلف نوعيا عما كان علية القطب السوفيتي ومعسكره في مرحلة الحرب الباردة فكل من روسيا والصين تملكان معادل نووي وصاروخي يجعل اية حرب نووية ضد اي منهما بمثابة الدمار الشامل للغرب واكثر ربما كانت الصين الدولة الكبرى الوحيدة الصاعدة اقتصاديا وماليا والاكثر قدرة علي الدعم والمساعدة وهي الاسهل في التعامل الندي معها فيما تظل روسيا قادرة علي توسيع نفوذها ودورها السياسي العالمي المهم الان التركيز علي ما سيعكسه الاستقطاب الراهن والتحديات التي ستوجهها البلاد العربية
وفي المقدمة سوريا ايران ولبنان والعراق وتركيا والقضية الفلسطينية الامر الذي سيعقد رسم السياسات علي اختلافها بما فيها سياسات الانظمة الوليدة في مصر وتونس واليمن وليبيا علينا التعلم من التجربة التاريخية العربية في الانحياز الي الغرب وذلك ابتداء من تجربة الذين انحازوا له في الحرب العالمية الاولي علي امل ان يتيح لهم اقامة وحدة عربية فكانت النتيجة ان اهداهم مشروع سايكس بيكو بتمزيق البلاد العربية وتجزئتها ( الشلل المقيم ) ومشروع وعد بلفور بإقامة دولة الكيان الصهيوني في فلسطين وقد اخذ المشروعان طريقهما للتطبيق الفوري بعد انتصار بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الاولي ولم تعد ساعه مندم .
ان شرعية المعارضة السياسية مرتبطة بحقها في العمل في اطار النظام القائم وما يرتكز عليه من قوانين ودستورا قائما دون ان تنقص شيئا من شرعية النظام ويعبر عن هذه المعارضة الجمعيات السياسية التي تعمل وفق القانون
ويستخدم النظام في اطار تعزيزه لشرعيته الذاتية مجموعة من الاستراتيجيات منها ان كل شيء يسير بصورة عادية وتجاهل اي مشاكل او ازمات لها علاقة بالمعارضة غير الشرعية .
ما يحدث يعد خطة استعمارية قديمة تسعي الي تقسيم ليبيا الي خمسة اقاليم ادارية هي برقة وطرابلس ومصراته وجبل نفوسة وفزان حيث يضم اقليم برقة المنطقة الشرقية وجميع الحقول النفطية بينما يضم اقليم مصراته محافظات سرت وبني وليد وترهونة وزلتين والجفرة وذلك بهدف السيطرة علي الثروات وما يحدث ينذر بانتقال الخطط المرسومة علي الورق الي ارض الواقع فاعلان برقة كفيدرالية منفصلة هي خطوة علي طريق رسم خارطة طريق جديدة لمنطقة المغرب العربي وتجزئته الي عدة دويلات يسهل السيطرة عليها.
الدكتور عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
والاقتصادية والاجتماعية
ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية
والإستراتيجية بفرنسا
ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية
والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات
ونائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمجلس المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية |