صنعاء نيوز/بقلم الكاتب محمد سعيد العراقي - مَنْ منا لا يعرف الخليفة علي ( عليه السلام ) ؟ مَنْ منا لم يقرأ و يطلع على سيرته الشريفة و أخلاقه الحسنة و زهده و تقواه ؟ يقيناً سيأتي الجواب بأنه غني عن التعريف فهو صاحب المواقف التاريخية المشرفة كيف لا وهو مَنْ قدم حياته فداءاً لرسول الإنسانية محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) يوم نام في فراشه حينما قررت قريش قتل الرسول و القضاء على الإسلام معاً ، كيف لا وقد شهد القاصي و الداني بالخدمات الكثيرة التي قدمها في سبيل حفظ بيضة الإسلام و الدفاع عن المسلمين حتى الذين خاضوا الحروب ضده يقرون بفضله و علو شمائله و مكانته المهمة ناهيك عن زهده و تواضعه و نهجه المستقيم و عدله القويم بين الرعية من خلال بسط الأخلاق الحميدة و المساواة و الانصاف بين العباد بغض النظر عن انحدارهم الطبقي و الاجتماعي و المذهبي فالكل أمامه عباد الله تعالى و لا فرق بين عربي و اعجمي إلا بالتقوى أيام حكمه و خلافته لامور المسلمين وكذلك إشاعته لأسس أواصر المحبة و قيم الاخوة التي أرسى قواعدها نبينا الكريم في المؤاخاة فهو الامتداد الطبيعي لخاتم الأنبياء ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و أما زهده الذي يشهد به العدو قبل الصديق فكان بحق مدرسة بحد ذاتها تعلم الأجيال كيفية بناء الانسان الصالح فكلما كان الانسان زاهداً في دنياه كان حقاً انموذجاً يقتدي به الناس فمهما كتبنا من كلمات فإننا لا نعطي هذا الرجل حقه و تبقى اقلامنا قاصرة عن وصفها بالكلمات كما هي فعجباً مما يقوله المتمرجع كمال الحيدري وهو يدعي بأن علياً لم يكن زاهد و إنما زهده لخوفه على صحته فهل يُعقل هذا !؟ ألم يكن الطب و الدواء موجودين في زمن علي حتى يخاف على صحته ؟ و كأن كلام الحيدري يوحي بأن الطب و صناعة الدواء تُعد من الاكتشافات الحديثة و أما المسلمون الأوائل كانوا لا يعرفون الطب و لا يوجد لديهم الدواء يا للعجب ! علي لم يكن زاهد فهل قرأ صاحب الشمولية التاريخ جيداً ؟ أم أن نظريته التي يدعيها هي للاستهلاك الإعلامي فقط ؟ و اختم بما قاله ضرار بن ضمرة حينما ألحَّ عليه معاوية بأن يصف له علياً فقال ضرار : كَانَ وَ اللَّهِ بَعِيدَ الْمُدَى ، وَ يَحْكُمُ عَدْلًا ، يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ ، يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا وَ زَهْرَتِهَا ، وَ يَسْتَأْنِسُ بِاللَّيْلِ وَ وَحْشَتِهِ . كَانَ وَ اللَّهِ غَزِيرَ الْعَبْرَةِ ، وَ يُنَاجِي رَبَّهُ ، يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشُنَ ، وَ مِنَ الطَّعَامِ مَا جَشَبَ . كَانَ وَ اللَّهِ فِينَا كَأَحَدِنَا ، ، وَ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ ، وَ لَا يَيْأَسُ الضَّعِيفَ مِنْ عَدْلِهِ ، وَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ ، وَ قَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ ، وَ غَارَتْ نُجُومُهُ ، وَ هُوَ قَائِمٌ فِي مِحْرَابِهِ ، قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ ، وَ يَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ ، فَكَأَنِّي الْآنَ أَسْمَعُهُ وَ هُوَ يَقُولُ : يَا دُنْيَا ، يَا دُنْيَا ، أَ بِي تَعَرَّضْتِ ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ ؟ هَيْهَاتَ ، هَيْهَاتَ ، غُرِّي غَيْرِي ، لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ...)) فأين كمال الحيدري من هذه الحقائق التاريخية فلينظر و ليتمعن بها جيداً .
|