صنعاءنيوز أروى عثمان أروى عثمان -
هيئة المحافظة على المدن التاريخية والمؤسسات والمنظمات المدنية في اليمن، والمحبون الحقيقيون لصنعاء، أحفاد خزيمة .. ماذا أنتم / ن فاعلون وأنتم تدركون ما يحدث وسيحدث؟ كيف ستنقذون ما تبقى من صنعاء؟ كيف تردون الاعتبار لخزيمة؟ كيف تستطيعون أن توقفوا هذه الزعب الهائمة؟
ماذا لو عملتم على تغيير آلية المحافظة على صنعاء، واستعضتم عن ذكر أمجادها وتاريخها والتغزل بها ليلاً نهاراً في الصلوات وقبل "الفهقة" وبعدها، على الريق وبعد الأكل والسحور؟ ..بآلية أخرى قوية تنقذ ما تبقى من صنعاء من اجتياحات الزعب؟ آلية لا تحتاج إلى شعارات "صنعاء أولاً"، و"صنعاء في قلوبنا" وكلما تطرفنا بالاشتغال على هذه الشعارات، كلما أضحت "صنعاء في زعبتنا"!
ما أشد الحاجة لعمل جاد يبدأ بخطوة لحماية صنعاء من زعب المتوحشين، من المحبين لها والمتباكين الذاكرين لأمجادها على الدوام! عملا يمنع بكاء الزعب.. عملا يوقف كل أولئك الذين نراهم مع كل "جزعة/خطية" ينطح له كم جدار و"بزه" في زعبته، ثم يدكم كم مئذنة مسجد ويتأبطها في "زغنه"، ثم كم زبطة وجر له مقشامة الى ثلاث مقاشم وعصبها في عمامته، وكذلك من جاء وصاح يا غارتاه غيروا على صنعاء، عَطّفْ كم بيت وكم دار وسحبهن خلفه مثل الماشية في يوم العيد، تجد الكل يحتزمون الجنابي، والسكاكين والفؤوس، والعصي السحرية المعقوفة، فهذه طريق يمشعها، وهذه طاقة ينخدها، وحر يجرفه، ومئذنة يعصبها ومقهاية يقشعها، وزقاق يقلعبه، ومطهار يهتره، وشجرها ينترها.. وهكذا!
ارفعوا أحضانكم عن صنعاء:
ماذا لو أغلقنا دواوين وزاراتنا، وبيوتنا وقصورنا الفارهة التي تعقد الجلسات مع الماء المبخر، القات، والمدائع وأنواع "التتن" الفاخر، لحب صنعاء، وذكر مفاتنها؟ نعم نغلق كل صفحات الهذيانات المحمومة في عشق صنعاء، وكذلك الهوس الممجوج للعنصرية والعصبيات المريضة التي لا تقل فتكاً من سادة الزعب "صنعاء للصنعانيين" ونبدأ فعلاً بخطوة "زغيرة" أن نعمل ما عملته "خزيمة" آلهة الحب والجمال في حب صنعاء وأهلها الفقراء؟.. أن نبدأ بكف الجميع عن فتح الدواوين وتعطيف معلقات "حب صنعاء" وأن يرفعوا أحضانهم عنها ويبعدوا قلوبهم الملتهبة والملتاعة نحوها. فصنعاء لا تريد هذا الهصر باسم الحب، فالزعب لا تعرف الحب، انها تريد قتل كل خزيمة فينا ..ما تريده صنعاء، وصنعاء القديمة بمقاشمها ومتنفساتها ومساجدها وبيوتها ومعاصرها، أن تحمى وتخلص من براثن الزعب وأشباحها المتلونة، التي تطبقها مثل المنديل وتضعها في جيبها "الزعبة" السحرية.
أحفاد خزيمة:
ألم يفجعكم وأنتم ترون بساتين صنعاء القديمة تتناقص من 16 بستانا بملء السمع والبصر الى بستانين يتيمين بعد أن كان كل بيت محوطا ببستان فيه مالذ وطاب من الفواكه، ونباتات الزينة والعطرية، ومن الزهور بمختلف الأشكال والألوان؟ الم يحزنكم وأنت ترون الزعب تقتص وتلتهم المقاشم واحدة تلو الأخرى؟ أما أتتكم روح خزيمة تقول لكم شدوا قليلاً، وبطلوا مقايل ومدائع، وافتحوا شواقيصكم لتروا كيف تجرف صنعاء الأرض والإنسان الى بطن الزعبة؟
ماذا تقولون وأنتم ترون صناع الزعب الجدد وهم يشنترون صنعاء أشلاء؟ ماذا تقولون وانتم تشاهدون صنعاء تغتال وتنهب من قبل الكبار والصغار على حد سواء، ومن المسؤولين قبل المواطنين، ومن المشايخ قبل الرعية، من الجميع الذين اتحدوا واتفقوا مع الجميع.. ألا تبقى صنعاء كما تعرفها كل الدنيا؟
اليونسكو تحذر .. والزعب تشتغل:
وتستغرب من الأساطين والعمد والمتعهدين القائمين على المحافظة على المدن التاريخية، وأنت تقرأ وتسمع مقابلاتهم الباكية الدامية، من تدمير صنعاء، وإنهم بلا حيلة مما يحدث - يكثر هذا التباكي عندما تلوح اليونسكو بسحب صنعاء من قائمة التراث العالمي - .. وأظن أي إنسان في موقع سلطة، إذا لم يستطع أن يعمل شيئاً أمام الآلة الجهنمية لتقتيل صنعاء القديمة، أن تقدموا استقالاتكم الجماعية، وإسماع صوت الحق في الداخل والخارج، لكن الاحتفاظ بالكرسي والتباكي على ما يجري، لا يجتمعان مطلقاً.
مرة أخرى .. السؤال:
ماذا أنتم فاعلون بالزعب المتناسلة للعبث بصنعاء، كيف تمهد في الليل والبكور والأصيل، ستشاهدون العبث في ذلك البستان المتبقي في صنعاء "بستان الهبل" كما سجلته كاميرا صحيفة السياسية (الخميس 9ديسمبر2010 ) سترون ماذا تفعل الزعب بالمقاشم، والطرقات العامة، والبيوت، والأسواق، والحواري، والدِسس، والغرق، والشجر والحجر والهواء؟
ما العمل ونحن نرى كيف تتغير ملامح صنعاء اليوم، ذاك المكان، مقشامة، وغداً قصر خرساني، ونجد اليوم ذاك المكان مقهاية، وغداً مربط للموترات النافثة السموم في كل سماء صنعاء، وستجد اليوم هذه الأرضية "صرحة" تحيط بها ماتيسر من الشجيرات، يتسامر "ويتودد" فيها رجالات صنعاء، وكل يرتشف قهوة البن الساخنة، وستجدها في الليل مسوّرة لجمعية خيرية، وستجد قبل سويعات هذا سور الجامع ستجده طويلاً متيناً، وقبل تسابيح الفجر ستجده متجراً، أو باسط يبيع أقفال ومراتق، أو قسم شرطة..!! وسنجد في النهار طريق عام أو ملعب للأطفال وفي المساء سنراه محوطا بالأطقم العسكرية بأمر من الشيخ أو المسؤول الفلاني والعلاني لأنها واقعة في أملاك جده دقيانوس أبو زوجته المصونة، وكل وثائقه عليها أختام الدولة.
سراق صنعاء المبهررين:
في العالم كله، اللصوص يستحيون من أفعالهم، إلا لصوصنا يسرقون بجرأة وشراهة؛ انهم "سراق ومراجمين، ومداهفين، ومداجفين، ومقاتلين"، فاللصوصية عندهم حق مقدس، ولذا تناسلت الزعب بضراوة، إنهم لا يقلون عن النازيين والفاشستيين الجدد، والقدماء.
نساء خزيمة الجديدات:
صنعاء لن يحميها سوى وجود قانون يفرض ويبسط قوته أمام ما يحدث لصنعاء، وتحتاج الى ما تبقى من النزهاء في صنعاء القديمة، والنساء قبل الرجال، إنهن الأنظف، آلهات الجمال اللواتي برغم الجدب والصقيع، مازلن يعتنين بأصص الريحان في نوافذهن المجصصة، وأسطح الجبأ.. إنهن كل صباح يكنسن عتبات بيوتهن .. للنساء العاملات في مقاشم "بروم" وبستان "العمري"، و"العلمي"، والمقاشم الأخرى المتبقية.
تحتاج صنعاء الى قانون دولة صارم لحماية الجمال والذوق، قانون رد الاعتبار للصرحة، والمقشامة، والبركة، والطريق العام، والحويات، والقمريات، وأحزمة البيوت العتيقة، ومعاصر الزيوت ..الخ.
قانون تفرضه نساء صنعاء:
المدرسات والطالبات والمثقفات، نساء حائكات التراجيل والمصاون، بائعات اللحوح والزهور والريحان، والقراقيش؛ الفرّاشات والمنظفات، العاملات في كل مكان .
انظروا مقالة للكاتبة: "ونطالب بحماية دولية تنقذنا من التسول باسم صنعاء".
"السياسية"