صنعاءنيوز -
العزعزي أوقف بسب مقال.. وأحلام أحيلت للتحقيق بسبب رأي.. وعائشة ذنبها أنها رفضت التمييز بين الطلاب
لم يشهد لكلية الإعلام جامعة صنعاء أن مرت بما تمر به حالياً, فمنذ بداية العام الجامعي الجاري شهدت الكلية قضايا وأحداثا لم يسبق في فترة من الفترات أن حصل كل ما يحصل فيها الآن.
الدكتور أحمد العجل القادم من عمادة كلية التربية في محافظة المحويت وهو أستاذ مادة مناهج البحث لسنوات في كلية الإعلام، والعميد الحالي للكلية, برغم من وجود أسماء كانت الأجدر بذلك المنصب، إلا أن العجل بيوم وليلة أصبح عميداً للكلية، وكثيرون في الكلية يقولون إن توصيات أحد الشخصيات المهمة وراء تولية العجل هذا المنصب.. آخرون يقولون إنه لم يثبت كعميد للكلية وإنما هو القائم بأعمال الكلية حتى الآن؛ كون العمادة تمنح لمن يحمل شهادة أستاذ مشارك وخبرة ست سنوات في العمل الإداري, فيما الدكتور أحمد العجل لا يزال أستاذا مساعدا.
توقيف
تمارس كلية الإعلام دور الوصي و"حارس البوابة" لكل الأشخاص المهمين ومن يملكون علاقة قوية مع العمادة.
نهاية العام الماضي أوقفت كلية الإعلام تحديداً بتاريخ 31 أغسطس 2010م الطالب عبد الرزاق العزعزي بتهمة المساس برموز الدولة بعد نشره مشروع تخرجه "شباب تك" الذي حوى مقالا في الصفحة الأخيرة بعنوان "مساواة الطلاب ببورجي", بعدها وبعد تدخل نقابة الصحفيين أجبر العزعزي على عمل مشروع آخر باسم "شباب الوطن" شريطة أن تكون صورة الرئيس في المقدمة.. وأعلنت الكلية "شباب الوطن" ضمن مشاريع التخرج, لكن ذلك لم يكتب له النجاح, فالعزعزي حصل على درجة صفر في مادة مشروع التخرج.
أحد الأساتذة أخبر العزعزي أن القضية مجراها سياسي بحت وليس كما قال العميد إنه يسيء لسمعة الوطن، فيما اللوائح تقول: "ليس من حق الكلية أن تصدر قرارا بتوقيف الطالب, وكل ما عيها هو إصدار توصية لمجلس شئون الطلاب في الجامعة ويشترط في ذلك أن يكون هناك ممثل من النقابة وممثل من اتحاد طلاب جامعة صنعاء"، وهذا ما لم يحدث, وتم تجاوز كل هذه القوانين واللوائح, وأصدر القرار بحق الطالب دون علم أحد وبتصرف فردي من الكلية وعميدها الذي يمارس دور رئيس الدولة داخل الجامعة, ويتصرف كيفما يحلو له تجاه الطلاب, وخصوصاً الطلاب الذين لا ينتمون تنظيمياً للحزب الحاكم.
كلية الاستجواب الأمني
مؤخراً وجه العجل بفتح تحقيق مع الطالبة أحلام الحملي وذلك على إثر رأي نشرته في صحيفة 26 سبتمبر في التاسع من الشهر الجاري, قالت فيه إن العمادة غير مؤهلة لقيادة الكلية، وكذلك الكادر التعليمي في الكلية والمبنى وأمور أخرى.
أحلام, وهي طالبة في المستوى الرابع, أحيلت للتحقيق بتهمة تهجمها على العميد وعلى الكلية، فيما تقول الطالبة إنها مارست حريتها في التعبير ولم تقترف ذنباً سوى أنها وضعت رأيها حول أوضاع الكلية.
تقول أحلام: "أخبرت الصحفية التي قابلت معي بأن عمادة الكلية ليست مؤهلة وهذا رأيي الخاص, وفوجئت بعد يومين بأن عميد الكلية يصدر قرارا بالتحقيق معي", وتستغرب كثيراً أن يصدر هذا في كلية الإعلام "كلية الرأي والرأي الآخر", متسائلة: "ماذا لو خرجنا لسوق العمل فكيف سيكون تعاملهم معنا وتقبلهم آرائنا؟".
رسوب وتمييز وتكفير
الطالبة عائشة قصتها لا تختلف كثيراً عن باقي زملائها, فاعتراضها عن التميز بين الطلاب كان كافياً لإبقائها سنة كاملة، كونها ناقشت أستاذا عن سبب تمييزه للطلاب, وكان الأستاذ بدوره قد توعد بإفشالها بمادته الدينية.
اشتكت عائشة لعميد الكلية من تعسف أستاذها، وحينها وعدها العميد شفهيا أنها لن ترسب بسب ما حصل، لكنها واجهت العكس, فرسبت عائشة, وها هي تقف عاجزة عن فعل أي شي مقابل سلطة وقوة الأستاذ الذي كان في سنة سابقة قد أبقى الطالب أسعد مفتاح ثلاث سنوات متتالية في مادته؛ بسب كتابة شعرية نشرت في صحيفة "الانطلاق" الطلابية وقام بتكفيره بسب تلك الأبيات الشعرية.
تراجع هنا وإصرار هنا
الطالبة سماح شمسان, وبعد اعتدائها على أستاذة في الكلية, كان قد صدر بحقها توقيف لعام دراسي كامل, بيد أن هذا القرار تمت مراجعته لاحقا وإلغائه؛ كون الطالبة تملك وساطات كبيرة, والأمر الآخر أن أستاذتها وبتصرف إنساني تنازلت عن حقها.. والسؤال المهم هنا: لماذا لم يتم التعامل مع بقية القضايا بمثل تلك السماحة التي قوبلت بها قضية تلك الطالبة أم أن للمشكلة أموراً أخرى لا يعرفها سوى عميد الكلية؟.
وبالعودة إلى الوراء قليلاً, حين كان عميد الكلية أحمد العجل لا يزال مدرساً, وتزامناً مع صدور العدد الثامن من صحيفة "الانطلاق" التي يرأسها الزميل العزعزي, أقسم العجل داخل قاعة المحاضرات – قبل توليه منصب العمادة – بسبب استطلاع رأي عن الرئيس الذي جاء بعد مقولة مشهورة تقول "اشربوا من البحر", أن يرسب العزعزي في مادته، وهذا ما تناولته صحيفة "إيلاف" في عددها (42) الصادر بتاريخ 10 يوليو 2008 بلقطة جاءت في الصفحة الأخيرة تقول: "دكتور عصبي الله يخارجنا", وفعلاً وفى العجل بقسمه, ولعله أول عهد يقطعه العجل وينفذه.
طلاب الإعلام حالياً يدفعون أموالاً لا يدرون لماذا يدفعونها, خصوصاً طلاب الموازي الذي يبلغ عددهم 600 طالب على الأقل, وكل طالب يدفع ما يقارب الأربعين ألف ريالا سنوياً, فكم تجنيه كلية الإعلام وحدها من النظام الموازي دون العام إذا حسبنا ذلك؟, وأين تصرف كل تلك المبالغ؟ ثم ما هو الجديد في الكلية وما الذي يجنيه الطلاب خلال الأربع السنوات؟، كما أن ميزانية الكلية في عام 2009 وصلت إلى (21,552,991) واحد وعشرين مليون وخمسمائة واثنين وخمسين ألف وتسعمائة وواحد وتسعين ريال, بحسب البيان الصادر عن طلاب الإعلام، أضف إلى ذلك أن خريجي العام الماضي قالوا في استطلاع أجرته إحدى الصحف إنهم خرجوا كما دخلوا، وإذا كان ما يقولون صحيحاً, فما فائدة المحاضرات والسنيين والأموال التي يدفعونها طوال تلك السنوات؟.
نعم للظلم.. لا للتظلمات
منذ فترة قريبة قرر مجلس الكلية عدم قبول أي نتيجة تظلم لأي طالب رسب لإحدى مواد الفصل الأخير من العام الماضي.. مصدر مقرّب من عميد الكلية يؤكد أن العميد أقر هذا القرار بصورة لا تخالف اللائحة الطلابية؛ موضحاً أن أعضاء هيئة تدريس الكلية والأساتذة المدرسين فيها, يعملون عادة – كما في كل الكليات – على تقديم نتائج الاختبارات فقط ولا يقدمون نتائج أعمال السنة لبعض الطلاب؛ وذلك تعاوناً منهم للطلاب ويعطونهم فرصة للتظلم ومن ثم ترفيعهم إن رأوا استحقاقه للنجاح.
يقول رضوان مسعود- رئيس اتحاد طلاب اليمن - إن السبب فيما يحدث هو الفشل الإداري.. ويؤكد أن عمادة الكلية تجيد التطبيل وتتعامل مع الطلاب كأنهم عبيد لا يعطون الطالب قيمته وهذا ينعكس على حرية التعبير، ويضيف أن هذا القرار الذي اتخذ في كلية إعلام صنعاء فقط يعني أن عمادة الكلية لا تريد للطلاب النجاح, وبخصوص هذا الموضوع رفض العميد التحدث لأي شخص خلال الفترة السابقة.
الشارات الحمراء والاعتصامات السلمية تتواصل في الكلية.. والطلاب يصرخون (أفرجوا عن التظلمات أو أعيدوا ما أخذتموه), والاتحاد يؤكد أنه شارك الطلاب فعالياتهم وأخبرهم وقوفه معهم في نضالهم, لافتا إلى أنه طرح قضيتهم في اجتماع مجلس الجامعة غير أن العميد ونائب رئيس الجامعة كان لهما موقف آخر.
يضيف مسعود أن رئيس الجامعة سيتفق معه بشكل شخصي حول كيفية حل تلك المشكلة.
شئون الطلاب أم شئون البنات
إلى ذلك, وفي فترة من الفترات اشتكت مجموعة من الطالبات من "حقارة" موظف في شئون الطلاب الذي يقوم بطلب الرقم مقابل إخبارهن عن النتيجة.
الطالبة قالت إنها في مرة من المرات ذهبت لتسدد الرسوم, وكعادتها تضع لاصقا على صورة بطاقتها, لكنها تفاجأت بكشف ذلك الموظف للصورة, وحين صرخت, رد عليها: "مافيش رسوم ولو ما عجبك روحي أشتكي بي عند العميد". الطالبة وخوفاً على سمعتها أمام زملائها وزميلاتها, سكتت عن الموضوع, لكنها كما قالت تتعرض للمضايقة من ذلك الموظف الذي وصفته "بالحقير".
قصص كثيرة كهذه تحصل في شئون الطلاب, ولا أحد يدري كم يدا لها علاقة بذلك الأمر مقابل ذلك الصمت الرهيب من عمادة الكلية والقائمين على إدارة شئون الطلاب.
حالات فشل غير منطقية
ولعل من ما يثير الضحك هو أن تعلم أن صحفيا محترما يدرس في الكلية وعمله في الصحيفة محرر أخبار, بيد أنه يرسب في مادة الخبر الصحفي وبدرجة ضعيف. هل تعتقدون أن هذا منطقيا؟
أستاذ تلك المادة أثناء محاضراته يعلم كيف يحفظ الخبر لا كيف يصاغ, لهذا أفشل في مادة الخبر الصحفي الكثير من العاملين في مجال الصحافة, ولعل أحمد الشرعبي- محرر ملحق الديمقراطية واحداً منهم، كذلك عبد الرزاق العزعزي الذي يعمل في تغطية الأخبار منذ ثلاث سنين.
ويجدر بي أن أترك الإجابة لأستاذ تلك المادة "الصعبة".
كلية الإعلام في عهد العجل
تولى الدكتور أحمد العجل منصب عمادة الكلية العام الماضي خلفاً للدكتور عبد الجبار سلام. التصريحات التي أدلا بها العجل للصحف الطلابية وغيرها, والتي يعد فيها بتطورات كثيرة أهمها مبنى الكلية وتوفير المعامل والأجهزة وفتح مجال التطبيق أكثر للطلاب، كل ذلك الكلام يعد عادياً للغاية؛ كون الكثير ممن تولوا المنصب قبل العجل كانوا قد قالوا ذات التصريحات, ولكن الجديد في عهد العجل هو المضايقة التي يلقاها الطلاب في الكلية وممارسة دور الرقيب على بعض الطلاب ومعاقبتهم أيضاً.
في عهد العجل لم يتغير شيء سوى مزيداً من المضايقة للطلاب وإصدار القوانين التي يستثنى منها بعض الطلاب, خصوصاً الأجانب منهم, وغيرهم ممن يملكون الوساطة, ويا ترى هل لهم وظيفة أخرى غير أنهم طلاب, أم أن الأمر فيه تحسين علاقة بين البلدين لا غير؟.
حتى جمال عبد الناصر وإبراهيم الحمدي
أقدم الدكتور أحمد العجل, في يوليو حزيران الماضي, بتمزيق صور الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وإبراهيم الحمدي في إحدى قاعات المحاضرات, وأمام الطلاب, مدعيا أن تاريخهما عادٍ.
العجل أقدم على ذلك في المكان الذي يفترض أن يتقبل حرية الرأي والرأي الآخر.
مجاملة
ودائما ما يزعم العجل تطبيق اللوائح والقوانين, لكنه يقوم حالياً بتسجيل إحدى الطالبات في الكلية بعد شهرين من بداية السنة ويعامل لها بالوساطة في مكتب نائب رئيس الجامعة، أمام مرأى ومسمع الطلاب؛ ذلك لأن أباها طيبا وفاضلا, طبقا لتعبيره.
حرب وتبادل بيانات
أصدر طلاب الإعلام, الاثنين الماضي, بيانا يشكون فيه التصرفات المزاجية للعميد العجل, وقالوا في بيانهم إنه يتبع ثقافة التطبيل والخرج والتغني بالأوهام والخرافات, مطالبين بمحاسبته؛ كونه ليس عميداً إنما القائم بأعمال العميد، كما طالب الطلاب العميد أن يتنحى عن منصبة وفقاً للنصوص والقوانين.
وفي اليوم التالي أمر العميد اتحاد الطلاب بالرد على من أصدر ذلك والبيان, وبالفعل تم ذلك.
سيناريو يبحث عن نهاية
الكلية بطلابها, وبعض أساتذتها, ينتظرون النهاية. النهاية التي لا يعرفها أحد, والأمر حالياً مطروح لرئاسة جامعة صنعاء.
فـ"العزعزي" ينتظر مجلس الجامعة متى يبت في قضيته, و"أحلام" تنتظر ما الذي يقرره أساتذة الكلية، و"عائشة" وغيرها من الطلاب ينتظرون هم الآخرون ما الذي سيحدث قبل اعتماد الدرجات, إن كانت حقاً لم تعتمد بعد.. فيما أنتظر أنا ما لذي سيفعله العجل في حالة قراءة هذا التقرير.
نقلا عن مارب برس
|