صنعاء نيوز طاهر حيدر -
دشن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الحملة الإعلامية للانتخابات البرلمانية المقبلة، في ظل رفض كبرى أحزاب المعارضة اليمنية لتلك الحملات، خصوصا أحزاب تكتل «اللقاء المشترك» التي ترى ان الحزب الحاكم قد يدخل الانتخابات بمفرده مع الأحزاب الموالية له، كما جرى في الانتخابات التكميلية التي حدثت مطلع العام الحالي، خصوصا ان عددا من المسؤولين (نوابا وزراء ومديرين ووكلاء) في الحزب الحاكم بدأوا في تقديم استقالتهم من مناصبهم لاجل الترشح في انتخابات ابريل المقبل.
وفي هذا السياق، أفاد مصدر في رئاسة الوزراء في اليمن، ان «الاجتماع الدوري، الذي يصادف كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع، خلا من حضور رشاد العليمي نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن و نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية صادق ابوراس من اجتماع اليوم (أمس) بعد ان قدموا استقالاتهم تمهيدا لمشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة».
واضاف المصدر «ان سبعة وزراء آخرين لم يشاركوا أيضا في اجتماع مجلس الوزراء الدوري وهم عوض السقطري، وزير الكهرباء والطاقة، ويحيى الشعيبي وزير الخدمة المدنية، وعبد الرحمن الاكوع وزير الدولة، وأحمد الكحلاني وزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى وحمود عباد وزير الشباب والرياضة والدكتور منصور الحوشبي، وزير الزراعة والري، ونبيل الفقيه وزير السياحة بعد ان قدموا استقالاتهم».
وتنص احدى مواد قانون الانتخابات في اليمن على انه لا يجوز لرئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ووكلاء الوزارات ورؤساء المصالح الحكومية والمؤسسات العامة ان يرشحوا أنفسهم لعضوية مجلس النواب إلا إذا قد مضى على تركهم للعمل مدة ثلاثة أشهر على الأقل من تاريخ فتح باب الترشيح.
وعلمت «الراي» من مصادر مطلعة في «المشترك»، ان «هناك عددا من الاقتراحات تتدارسها أحزاب تكتل المشترك منها الدخول في الانتخابات وعدم فتح الفرصة للحزب الحاكم بأخذ بقية دوائر المشترك، بينما يتم تدارس نقاط عدة لخوض الانتخابات، منها التفاوض مع الحزب الحاكم مباشرة، وتلبية دعوة الرئيس في تقاسم لجنة الانتخابات والدخول في حكومة وحدة وطنية، أو خوض الانتخابات تحت اسم المستقلين وبهذا يكونون حفظوا ماء الوجه مع حلفائهم الحوثيين والحراك، في وقت يحتفظون بدوائرهم الانتخابية، بل ويضمون إليها دوائر أخرى عن طريق إنزال شخصيات قوية، ويضمنون - حسب اعتقادهم - إحراج الحزب الحاكم دوليا وشعبيا، اضافة الى نقطة أخرى وصفت بخيار صعب وهي النزول إلى الشارع، كما فعل حزب الله في لبنان، وهو خيار قد يخلق مواجهات صعبة مع الحزب الحاكم، خصوصا انه سيتم التحالف مع الحراك لإفشال الانتخابات في جنوب اليمن، ومع الحوثيين لإفشال الانتخابات في صعدة والجوف وعمران».
وقال قيادي في «الحراك الجنوبي» فضل عدم ذكر اسمه لـ «الراي» انه «سيتم إرسال رسالة لأحزاب اللقاء المشترك يطلب فيها الحراك بإفشال العملية الانتخابية في المحافظات الجنوبية». وأضاف ان «عددا من قيادات الحراك شاركوا في الورشة السياسية حملت عنوان (القضية الجنوبية التحديات والحلول) مطلع الأسبوع الجاري في مدينة الضالع جنوبا واتفقوا على دعوة قيادات المشترك وللقوى المعارضة في الشارع الشمالي بسرعة الالتحاق بالشارع الجنوبي، وفق برنامج عمل وليس في المناسبات فقط، لكي يثبتون مصداقية في نضالهم ويؤكدون وقوفهم مع قضية اخوانهم في الجنوب».
وحسب توصيات الندوة، وحصلت «الراي» على نسخة منها، فان المشاركين اتفقوا على الرفض الكامل لمظاهر تجسيد منطق الوحدة بالدم، وطالبوا بإطلاق كافة المعتقلين على ذمة «الحراك السلمي» في الجنوب وإيقاف جميع المحاكمات وإلقاء كافة الأحكام الصادرة بحق نشطاء «الحراك السلمي الجنوبي»، كما جددوا دعوتهم استغلال الأشهر الثلاثة المقبلة (قبيل انتخابات ابريل)، كفرصة أخيرة أمام السلطة والمعارضة لتجنيب البلاد خيارات الفوضى والانهيار مع ضرورة لتسوية سياسية اقتصادية شاملة تعيد للجنوب حقه المنهوب ولشعبه الحر العيش بكرامة وحرية.
ودع المشاركون السلطة «الاتعاظ بما يدور الان في السودان والتي قدمت صورة مقاربة للوضع اليمني، وأن ما قد يكون الان حلا بالفيديرالية أو التوزيع العادل للسلطة والثروة في اليمن، فقد لا يكون مقبولا غدا».
من ناحية أخرى، تظاهر أنصار «الحراك الجنوبي» امس، في منطقة ردفان، التابعة لمحافظة لحج، احتجاجا على ما وصفوه «محاولة الجيش اقتحام مدينة الحبيلين في المحافظة بالقوة العسكرية».
وأفاد مصدر يمني مطلع ان المتظاهرين جابوا الشوارع ورفعوا أعلام دولة الجنوب السابقة التي توحدت مع الشمال في مايو 1990 كما ألصقوا صوراً لرئيس الجنوب السابق علي سالم البيض على جدران الشوارع.
وعقب التظاهرة، أقيم مهرجان جماهيري طالب فيه ناصر الخبجي احد قيادات «الحراك» الإفراج عن المعتقلين على ذمة «الحراك»، واستنكر قصف منطقة ردفان بالمدفعية الثقيلة على مدى الايام الماضية من قبل قوات الجيش تمهيدا لاقتحام الحبيلين.
وقال الخبجي: «لن نقبل ولا نسمح لفرق الأمن القومي والمركزي والجيش ان تصول وتجول داخل شوارع ردفان، والخيارات المشروعة ضرورة في حق الدفاع عن النفس والعرض والأرض».
وهدد بان «الحراك سيبدأ في الكفاح المسلح لنيل الجنوب استقلاله»، وقال: «لا ينبغي التفكير دوما ان النضال السلمي الخيار الوحيد أمام طغيان الاحتلال الشمالي، ونحن سائرون مهما كان الثمن وليس لنا أي خيار غير النصر والحرية والاستقلال».
في سياق آخر، انتقد الرئيس اليمني مواطنيه «المبذرين خصوصا أصحاب الدخل المحدود في تقليد أغنياء دول الخليج، في اقتناء الجوّالات والمأكل والمشرب»، وطالبهم بـ «الترشيد في الإنفاق، وتنظيم الأسرة».
علي صالح وفي محاضرة له الاثنين، أمام شرطة السواحل في عدن، تحدث عما تعانيه بلاده من تراجع في الموارد النفطية، ووصولها إلى 370 ألف برميل يوميا، مقسمة مناصفة بين اليمن والشركات النفطية الأجنبية.
وقال: «شحة الإمكانات هي التي تقيّدنا، وكما تعلمون، فان دخلنا معتمد على النفط، الذي يوجد بكميات قليلة جدا، في حين علينا مسؤوليات للتربية والتعليم والجيش والأمن والبنية التحتية والتنمية عموما، وكل هذه معتمدة على 370 ألف برميل من البترول، ونقول للذين يتقولون عن الثروة وأين تذهب كل إنتاجنا من النفط 370 ألف برميل يوميا مناصفة بين الدولة والشركات الأجنبية العاملة، وهي كما ترون إمكانات شحيحة مقارنة بالتزاماتنا».
وأضاف: «عندما تسمعون ضجيجا إعلاميا من قبل عناصر غير مسؤولة تتحدث عن الثروة وتقسيمها، متناسين ان عدن كانت قرية وأصبحت اليوم مدينة كبيرة، وكيف كانت المكلا وما هي عليه اليوم، حيث أصبحت مثل أي مدينة خليجية، وهاتان المدينتان مجرد مثالين، فما بالكم ببقية المدن في المحافظات الأخرى؟»، مشيرا إلى ان «مشتريات الأسلحة البحرية والجوية ومتطلبات التربية والتعليم والثقافة والصحة العامة والطرق والمياه، إضافة إلى رواتب أكثر من مليون ونصف المليون موظف ومتطلبات الأجهزة الأمنية، معتمدة على عائدات النفط، خصوصا في ظل ضآلة عائدات الجمارك والضرائب، بسبب تهرب الكثير من دفع الضرائب».
وطالب «بعدم تقليد دول الخليج في الإنفاق»، قائلا: «نحن متحضرون ومشكلتنا هي المال، الذي هو بمقياس اليوم الحضارة، بمعنى إذا كان لديك مال فأنت متحضّر، كما ان مشكلتنا هو موقعنا في جنوب الجزيرة العربية وسعينا لتقليد دول الجوار الغنية في المأكل والمشرب والمواصلات والتلفون وفي كل شيء، حيث أصبح الان الهاتف في كل بيت ووصل في بعض البيوت إلى امتلاك كل فرد هاتفا جوالا، فإذا كان أفراد الأسرة عشرة، نجد ان لديهم 10 جوالات، فنحن نقلد الدول الغنية وليس هناك ترشيد للإنفاق».
وأضاف: «الدولة تقوم بترشيد الانفاق على بعض المشاريع، في حين ان المواطن لا يرشد الإنفاق، فعلى سبيل المثال، موظف مرتبه 20 ألف ريال يخزن في اليوم بثلاثة آلاف ريال، يعني 90 ألف ريال في الشهر وهو مبلغ كبير، فمن أين يأتي ذلك؟ وهو ما يؤكد ان هناك احتيالا وفسادا، وفي الوقت نصيح فيه من الفساد وكيف نحاربه، فهذا هو الفساد وعلينا ترشيد الإنفاق داخل الأسرة وننظمها بتوفير متطلبات تعليم الأطفال وعلاجهم، بدلا من ان نخلفهم الى الشارع، ونحن بهذا لسنا ضد الإنجاب وإنما مع تنظيم الأسرة وإنجاب مابين اثنين إلى أربعة أطفال حتى نستطيع تربيتهم التربية السليمة وضمان عدم انحرافهم، وإننا إذا ما تفحصنا حالات الانحراف خصوصا عند الأطفال، نجد انها تكون في أوساط الأسر التي تعجز عن توفير المأكل والمشرب والتعليم والصحة لأبنائها نتيجة عدم تنظيم الأسرة».
وطالب علي صالح مصلحة الضرائب «محاسبة المتهربين عن دفع الضرائب، وتحصيلها أولا بأول وعدم تركها تتراكم»، وقال «ان المواطنة ينبغي أن ترتبط بتسديد ما على الشخص من ضريبة، فالتهرب الضريبي يعني أنك لست مواطنا يمنيا وإنما زائر أو عابر».
وأخيرا تمنى علي صالح من الله تعالى ان تتحسن الموارد قائلا: «إن شاء الله تتحسن الموارد عن طريق الاستكشافات النفطية والمعدنية، وكلما توافر منها سيصرف لمصلحة بناء الإنسان وخدمة التنمية، وليس تخزينها كما كان الحال عليه في ظل الحكم الأمامي، فكلما توافر لنا من أموال سنستغلها لمصلحة بناء الوطن وتحسين أحوال الناس المعيشية».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية امس، اعتقال 25 تاجر سلاح، في خطوة تزامنت مع تفعيل خطة أمنية لمنع حمل السلاح والحد من الاتجار به في محافظات الدولة.
وذكرت الوزارة في بيان «قامت الأجهزة الأمنية باعتقال 25 شخصاً من المتاجرين بالسلاح في الأسواق السوداء في عدد من المحافظات». وأوضحت «أن عملية الضبط تزامنت مع تفعيل خطة منع حمل السلاح، وقرار وزارة الداخلية بإلغاء كافة تصاريح الأسلحة التي لا تحمل توقيع وزير الداخلية».
وبدأ اليمن حملة لمصادرة السلاح في مدن الدولة منذ مطلع العام أسفرت عن مصادرة ما يصل الى نحو مليون قطعة سلاح من أصل 60 مليون قطعة منتشرة بين المدنيين. |