صنعاء نيوز -
متابعات - عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
نقلت صحيفة “سبق” المحليّة الإلكترونيّة، أنّ مجلس الشورى السُّعودي سيُناقش الإثنين القادم، تقريراً للجنة الشُّؤون الاجتماعيّة، بشأن مشروع نظام لمُكافحة التحرُّش الذي أعدته وزارة الداخليّة، وقامت الوزارة برفعه للملك سلمان بن عبد العزيز، ويتكون المشروع بحسب “سبق” من ثماني مواد، بهدف مُكافحة التحرش، وحماية الضحيّة، وتطبيق العُقوبة، وحماية المجني عليه، وبهدف صيانة حقوق الأفراد، وكان العاهل السعودي الملك سلمان قد أوعز لوزير داخليّته بإعداد هذا النظام.
بالاطلاع على قوانين الأنظمة في العربيّة السعوديّة لم يكن هناك بند واضح أو عُقوبة تتعلَّق بالمُتحرِّش، وكانت هذه القضايا من شأن رجال الدين، ومُؤسستهم الدينيّة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” الرقابيّة، والتي أفل نجمها، وباتت في مهب رياح الانفتاح، والعصر العلماني “الوسطي” الذي يقوده الشاب الأمير محمد بن سلمان.
ومع غِياب رجال المُؤسسة الدينيّة عن المظاهر العامّة في البلاد، واستبدال هيئتها بالترفيه، يبدو أنّ السُّلطات تبحث عن بديلٍ قانوني رسمي يحكم تصرُّفات الأفراد في مجتمعها، حيث كانت صرامة رجال المعروف، تترك حاجزاً ورهبة في نُفوس الشباب، الذي يخشى مُلاحقة رجالها، وعُقوباتهم الصًّارمة، وكما هو مُتعارف عليه، الحديث مع الفتيات قد يعتبر خُلوة غير شرعيّة بالنِّسبة لأحكام رجال المعروف، وحتى المُحتسبين، وهم من عامّة الشعب، ويحق لهم النهي عن المُنكر، فكيف التحرُّش بالفتيات، وهذا بالتأكيد لا يمنع وجود نسبة تحرش في بلاد الحرمين، غابت عن أعين رجال الهيئة.
التيّار الإسلامي، والمُنتقدين للانفتاح في البِلاد، يرون أن تطبيق قوانين مدنيّة ضد التحرش، يعني إعطاء مساحة وحُريّة أكبر للمرأة السعوديّة، وبالتالي غِياب الضوابط الشرعيّة التي كانت تمنع التحرش باعتقادهم، ويرى أصحاب هذا الرأي أنّ الحجاب، وبقاء المرأة في بيتها عملاً بآية “وقرن في بيوتكن”، يُجنِّب المرأة أي تحرُّش، لكن “الانفلات الانفتاحي” هو ما يُجبر دولة إسلاميّة كالسعوديّة، اللُّجوء إلى قوانين مدنيّة، بعيدة عن القرآن، والشريعة الإسلاميّة.
مِنصَّة “تويتر” كانت حاضرة، بل وشاهِدة على هذا الجدل السعودي، وضمن وسم مُتصدِّر حمل اسم “نظام عُقوبة المتحرش”، لينقسم آلاف المُغرِّدين بين مُؤيّدٍ ومُعارض له، وبين مُستاءٍ، ومُرحِّب، ليُحذِّر قسم ثالث منهم، من الفتنة القادمة، وغضب الله من ترك تعاليم الإسلام.
شوق قالت: “أنا ضد المتبرجات.. ولكن ديننا الاسلامي أمر بغض البصر بدون شروط وحتى لو كانت متبرجة فغض البصر واجب.. والتبرج ليس مبرر للتحرش شكراً للقانون، وليد العنزي يقول: عقوبة لا تمنع الزنا ليست عقوبة بل هي أشبه بقانون ينظمه فقط، فإذا كان أحد الطرفين يرفض الآخر وقام بعمل بلاغ ضد الآخر هنا ستطبق العقوبة، أما إذا كان كلا منهما يريد الآخر فلا وجود للعقوبة.. هو قانون لتنظيم العلاقات المحرمة فقط وليس لمنعها، أما عبد الرحمن علّق: للقضاء على التحرش بنقطة واحدة ألا وهي عدم التبرج والسفور فقط ومنع العبايات الملفتة وعدم الخُضوع بالقَول أما عدا ذلك هرطقات وكلام فاضي.
ومع اقتراب السماح للمرأة بالقِيادة، يبدو أنّ السُّلطات تُحاول تذليل الصِّعاب أمام خُروحها للحياة بالمعنى الحرفي، وتستبق بعض مخاوفها، والمخاوف الشعبيّة، فالشَّوارع العامّة ستكون مليئة بالفتيات، والسيِّدات لوحدهن، وخلف مقودهن، والسعوديون عُموماً ليسوا مُعتادين على هذا الأمر، وربّما بعض الحوادث التي طالت بعض الفتيات في احتفالات عامّة نظّمتها هيئة الترفيه، ووثّقتها تلك الفتيات بالفيديو، من تحرُّشات وتعديات، كفيلة بفهم مغزى المُسارعة لتشريع قانون التحرش، فالهيئة غُيّبت، والمرأة خرجت.
الدُّعاة أمثال عبدالعزيز الموسى وغيره، كانوا الأسرع في تبرير مفهوم القانون، وسيادته، رغم مُعارضتهم السَّابقة أصلاً للاختلاط، وخُروج المرأة بالمفهوم الانفتاحي هذه الأيّام، فغرَّد الموسى مثلاً قائلاً: “من لم يردعه الدين، يردعه القانون”، وهي عبارة للمُفارقة تصدر عن رجل دعوة، كان يُؤمن أن السًّطوة كلها لشريعة وقوانين الدِّين.
في المَنظور العام يقول مراقبون أنّ نظام عقوبة المتحرش هذا، يكفل للمرأة السعوديّة حقها في مُمارسة حياتها دون عقبات، وهو قانون قد يكون مُتقدِّم على قوانين بلاد، تسمح للمرأة بالقيادة، والعمل، لكن لا تُعاقب من يتطاول عليها لفظيّاً، وجسديّاً، وهذه نُقطة تُحسب للسلطات هُناك، لكن يبقى السُّؤال مطروحاً حول تزامن هذا القانون مع منظومة علمانيّة، ورداء جديد يُراد لبلاد الحرمين ارتداءه، ولماذا لم يكن التحرش جريمة يُعاقب عليها القانون من قبل، حتى لو رجال الدين حاضرين، وفي كامل سطوتهم، العلَّة قد تكون في غِياب الرقابة الذاتيّة، وهذه تنبع بالتأكيد، من الضمير، والأخلاق، والتربية، فهل نحن أمام حقيقة ثابتة تقول، إن غاب الدّين يحضُر القانون، وإن غاب الأخير يأتي الدِّين، يتساءل مراقبون.
مدير مخفر، ومسؤول دوريّات خارجيّة سابق طلب عدم ذكر اسمه، قال لرأي اليوم أنّه لا يستبعد أن يتم تسجيل حوادث مُلاحقات شبابيّة للنساء بسياراتهم، ويتبعها ما هو أسوأ، فالأمر يحتاج لعدَّة سنوات حتى يألفه الشاب السعودي، خاصَّة هذا الذي لم يخرج خارج حدود المملكة، وجُلوس المرأة خلف مقود بمثابة “اختراع″، وعليه يؤكِّد الشرطي السابق أن بلاده بحاجة لسن مثل تلك القوانين الرَّادِعة، والواضِحة، حتى يمر هذا الإصلاح الانفتاحي على خير وما يرام دون الحاجة لرقيبٍ دينيّ على شكل رجال الهيئة، والذين كانوا يُسجِّلون خلال فترة عمله كما يقول حوادث مُميتة، خلال مُلاحقات مبنيّة فقط على “شَك الخُلوة”. |