صنعاء نيوز - التهديدات تطال قادة حماس وحتى احتلال غزّة ولكنّ المصادر بتل أبيب تؤكّد: إسرائيل ليست معنيّةً بالحرب وغيرُ مُستعدّةٍ لدفع ثمنها الباهظ
متابعات - الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
الجوقة كانت حاضرةً وجاهزةً. الإعلام العبريّ المُدجج بسلاح “الإجماع القوميّ الصهيونيّ” ردّدّ الكلمات عينها، تمامًا كما أرادت وزارة الأمن الإسرائيليّة: رفع سقف التهديدات ضدّ قطاع غزّة وحركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس)، والتأكيد على أنّ التناغم بين وزير الأمن، اليمينيّ المُتشدّد، أفيغدور ليبرمان، ورئيس هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال، الجنرال غادي آيزنكوط، وصل إلى أعلى مراحله في مسألة الصواريخ، وتحديدًا بضرورة منع حماس من التقاط أنفاسها، أوْ الحصول على تعاطفٍ دوليٍّ.
علاوة على ذلك، لم يبقَ وزيرًا أوْ وزيرةً في حكومة بنيامين نتنياهو، إلّا وأدلى بدلوه في التهديد والوعيد لغزّة، جميعهم بدون استثناء، تهافتوا على قنوات التلفزيون العبريّ وهددوا بسحق قطاع غزّة عن بكرة أبيه. وزير الأمن الداخليّ، غلعاد أردان، وهو من صقور حزب (ليكود) الحاكم، تمايل كالطاووس في أستوديو القناة 13 وهو يُوجّه الرسائل الحادّة كالموس: على قادة حماس، قال الوزير على قادة حماس أنْ يخافوا على أرواحهم، لأننّا قررنا استهدافهم وقتلهم، لكي يلعن مَنْ سيجيء لحكم غزّة بعدهم، إنّ إسرائيل ستجبي ثمن الاعتداء على سيادتها، على حدّ تعبيره.
أمّا وزيرة القضاء، آيليت شاكيد، من حزب (البيت اليهوديّ)، الدينيّ- اليهوديّ المُتزمّت، والذي يُطالب علنًا بفرض السيادة الإسرائيليّة على الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وقالت: علينا احتلال غزّة، والقضاء على حكم حماس فيها، وغنيٌ عن القول إنّ هذه التصريحات تُدغدغ حالة النشوة العارمة التي تعصف بالإسرائيليين، قيادةً وشعبًا، لمرأى مُقاتلات سلاح الجوّ، الأمريكيّة الصنع، تزرع الدمار في قطاع غزّة، المُحاصر منذ 12 عامًا، في ظلّ صمتٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ مُريبٍ، وعلى ضوء التنديد الغربيّ الباهت بالعنف من قبل الطرفين الإسرائيليّ والفلسطينيّ، أيْ أنّ الغرب الـ”مُتحضّر” يُساوي بين الضحية والجلاد.
وبطبيعة الحال، ليبرمان، الذي هدّدّ بقتل إسماعيل هنيّة، عندما كان في المُعارضة، انضمّ لجوقة المُحرّضين والمًتوعدّين، وزعم مؤخرًا أنّ الكرة الآن في ملعب حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأنّها إذا أرادت الحرب فستندم ولن تكون كحرب “الجرف الصامد”، أيْ العدوان على القطاع في صيف العام 2014.
وقال لصحيفة (يديعوت أحرونوت): سنقوم بتجنيد كلّ الجيش ونذهب بكلّ قوتنا، ولن نكتفي بالمناورة قرب الحدود، ونحن نقول إنّ هناك ثمنًا باهظًا لمعركة كهذه، فإسرائيل لا يمكنها الخروج كل سنتين لحربٍ جديدةٍ، على حدّ تعبيره.
وأضاف ليبرمان أنّ الحرب القادمة ستكون مختلفةً تمامًا من حيث إطلاق النيران، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ قدرة إسرائيل على الإصابة بشكل أكبر، وزاد: محظور علينا التردد لأننّا سنقلب كلّ حجرٍ في غزة، وليس مسموحًا أنْ نخوض المعركة الرابعة ضد حماس بذات الطريقة التي خضنا فيها حروبنا الثلاث السابقة، على حدّ تعبيره.
ولكن، مع كلّ هذه التصريحات الناريّة، لاحظ كبير المُحللين السياسيين في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، في مقالٍ نشره اليوم الأربعاء، لاحظ أنّ الجيش الإسرائيليّ، الذي وجّه ضرباتٍ مؤلمةٍ وقاسيةٍ لحركتي الجهاد الإسلاميّ وحماس، امتنع عن سبق الإصرار والترصّد من قتل أيّ فلسطينيّ، لافتًا إلى أنّ حماس والجهاد أيضًا، لم يُوقعا إصاباتٍ تُذكر في صفوف الإسرائيليين، الأمر الذي يؤكّد، بحسب المُحلّل بارنيع، على أنّ إسرائيل وحماس ليستا معنيتين بحربٍ جديدةٍ، بحسب قوله.
على النقيض تمامًا، نقل مُحلّل الشؤون العسكريّة في الصحيفة نفسها، أليكس فيشمان، الابن المُدلّل للمؤسسة الأمنيّة في تل أبيب، نقل عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى قولها إنّ الكلمة الأخيرة في هذا التصعيد الأخير ستكون فقط لإسرائيل، مُشدّدًا على أنّ هذا القرار اتُخذّ على أعلى المُستويات في هيئة الأركان العامّة في الجيش الإسرائيليّ، وحصل على الضوء الأخضر من المُستوى السياسيّ بقيادة الثنائيّ نتنياهو-ليبرمان.
وأوضحت المصادر ذاتها، كما أكّد المُحلّل فيشمان، أنّ التصعيد الأخير يمنح لجيش الاحتلال الفرصة الذهبيّة لصدّ “موجة الإرهاب” الشعبيّ على السياج الحدوديّ، والتي تحوّلت في الأشهر الثلاثة الأخيرة إلى روتينٍ خطيرٍ جدًا، بحسب المصادر في تل أبيب.
في السياق عينه، رأى المُحلّل العسكريّ في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، أنّه بعد عدّة أسابيع تميّزت بالانضباط، جاء الجهاد الإسلاميّ وفتح ثقبًا كبيرًا لتصعيدٍ خطيرٍ، ومع ذلك، أضاف المُحلّل، فإنّ القصف الصاروخيّ والقصف الإسرائيليّ، الذي جاء ردًا على ذلك، لا يؤشّران لحربٍ جديدةٍ بين الطرفين.
وشدّدّ هارئيل، المُرتبط مع المنظومة العسكريّة في تل أبيب، على أنّ الدولة العبريّة ليست معنيةً بحربٍ أخرى في القطاع، وليست معنيةً أيضًا بالثمن الذي ستدفعه خلال المُواجهة القادمة في حال اندلاعها، على حدّ تعبيره. |