صنعاء نيوز/ حسام عبد الحسين -
ثلاثة عشر عاما استمر الحصار الاقتصادي على العراق، ادى إلى التراجع الفكري والوطني والأخلاقي والانتمائي في المجتمع. واصبح الفرد العراقي يطمح لمجرد البقاء على قيد الحياة. كذلك قتل الانتفاضة العقلية لدى المجتمع العراقي، واشاعة الخرافات والأوهام والافكار المنحرفة والدينية الرجعية.
كان ما يسمى الحصار عاملا مهما في استمرار النظام البعثي في العراق، وبناء قصوره وجوامعه ومنتجعاته على رقاب الطبقات الكادحة، رغم الحروب المدمرة وقتل اكثر من مليون مواطن، واطلاق الحملة الإيمانية؛ لخلق مجرمين يتزعمون بعدة ازياء واشكال مختلفة تنسجم مع تصحر الفكر المجتمعي.
إن العبرة من ذكر ما يسمى بالحصار هو لمعرفة ضعف المجتمع الآن في عدم فهم السياسة الرأسمالية في العراق وانتعاشها تدريجيا، عن طريق فرض نظام الديمقراطية وخلق أحزاب متناحرة، لتهيئة الارضية المناسبة للرأسمالية، مما ادى الى نمو ظاهرة الاحتكار؛ واستغلال المستهلكين لصالح أصحاب رؤوس الأموال، وسوء استغلال الموارد، وتشظي توزيع الدخل والثروة، وحيازتها من قبل فئة قليلة في المجتمع، ولا يتعلق ذلك على النواحي الاقتصادية والاجتماعية فقط، بل يرتقي إلى النواحي السياسية؛ حيث يسيطر الأغنياء على المقومات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي؛ يتسع نفوذهم في النواحي السياسية؛ حتى يصل إلى إدارة شؤون الدولة، والحصول على أعلى المناصب فيها، وذلك من خلال السيطرة على الأحزاب وانتخابها. ومع مرور الزمن تجد العوائل الغنية تزداد قوة، بفضل ما توفره لأبنائها وأعضائها من فرص الحياة والتعليم والترقي، وفي الوقت نفسه تتوارث الطبقات الكادحة فقر آبائها، وازدياد البطالة والازمات والتقلبات الاقتصادية، مع ابتزاز الأيدي العاملة.
ثمة أمر مهم يكمن في اتساع الرأسمالية يتمثل بخلق حرية وهمية، تتمثل بأقصاء منافسيهم بكل الطرق والوسائل غير المشروعة، لكنها مقننة بقوانين موضوعة، اي لا تكون للطبقات الكادحة اي من الطرق القانونية والقضائية والشرعية للدفاع عن أنفسهم، سوى الثورة او الصمت والعمل بصفة العبودية تحت نيران الرأسمالية.
إن ما يسمى بالحصار على العراق ساعد الاحتلال الأمريكي في تنصيب الأحزاب على رقاب الشعب، مما أدى إلى ولادة داعش وذهاب ملايين العراقيين في محرقة انتهت ببقاء الأحزاب ذاتها.
منطقة المرفقات
|