صنعاء نيوز/بقلم الكاتب محمد الخيكاني -
للإسلام رجالات قدموا الغالي، و النفيس من أجله، وفي خدمته، حتى سطروا أروع الملاحم، و المواقف المشرفة، فاستحقوا بذلك أسمى المقامات، و أرفعها، و أنْ يُخلدُ جيلاً بعد جيل، وعلى مر الدهور،فمنهم حملة العلم، و الفكر، و دعاة للحق بالقول، و الفعل، وبما أسسوا من قيم، و مبادئ نبيلة كانت، و ما تزال دستوراً يتعبد به كل مَنْ سار بركاب الحق المستقيم، ولنا في الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) الأنموذج الأسمى الذي نقتدي به، و ننهل من معين علومه، و أخلاقه، و سيرته العطرة، وبكل المقاييس الإنسانية التي أرسى قواعدها نبينا محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و سار من بعده على هذا النهج المستقيم الخلفاء الراشدين، و الصحابة الكرام ( رضي الله عنهم أجمعين ) ولم تقف عند حدٍ معين، بل واصلت مسيرتها الخالدة على يد هذه الجوهرة النادرة في زمانها فَعَمَّ العلم، و المعرفة بكافة أرجاء المدن الإسلامية، فقامت أول جامعة علمية على يد رائد الحركة العلمية، و الفكرية، و المعرفية الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) فهي واحدة موحدة لا تؤمن بالطائفية، و لا العنصرية المقيتة بل تعطي كل ذي حقٍ حقه، و خير شاهد على ذلك ما قاله الإمام أبو حنيفة : ( ما رأيتُ أفقه من جعفر بن محمد الصادق ) و أيضاً أئمة المذاهب الشريفة، وهم يتسابقون للالتحاق فيها؛ لنيل المراتب العلمية، و الدرجات الفكرية من هذا المعين الذي لا ينضب، و الذي نسمع صداه، و إلى الآن، ، ففيها الإمام الشافعي، و الحنبلي، و المالكي، و الأعداد الكبيرة من شيوخ، و علماء باقي المذاهب الأخرى حتى وصلت أعدادهم بما لا يقل عن ( 3000) طالب علم، ومن مشارق الأرض، و مغاربها بفضل حنكة، و حكمة قائدها و مؤسسها و نظرته الموحدة لمختلف صنوف البشر، فلا فرق عنده بين عربي، و أعجمي إلا بالتقوى التي استمدها من تشريعات ديننا الحنيف، فكان رمزاً للوسطية، و الاعتدال، و منبع الفكر المعتدل الذي واجه الأفكار المنحرفة، و التيارات المشبوهة بكل حزم، و دراية علمية، و فكرية، فكشف عن خوائها العلمي، و ضحالة مستواها الفكري، و عدم تماميتها، وهذا المنهج الأصيل الداعي لانتهاج أساسيات الوسطية، و الاعتدال و المحاججة بالحُسنى، و الكلم الطيب كان البضاعة الرائجة عند الإمام الصادق، و اليوم نراها العنوان الأبرز في مرجعية المحقق الحسني من خلال مواقفه المشرفة التي لا تميز بين السني، و الشيعي فكلهما واحد بنظره، فضلاً عن نصرته للإسلام، ومن على منبره العلمي الفكري المعرفي، و لعل المحاضرات العلمية التي أطاحت بعروش أهل الفتن، و مروجي الشبهات، و أصحاب العقائد الفاسدة التي تريد النيل من ديننا الحنيف، ففي بحثي ( الدولة المارقة ) و ( وقفات مع التوحيد التيمي الجسمي الأسطوري ) فقد انكشفت حقيقة المنهج التكفيري المتطرف الساعي لخداع الناس، و التغرير بهم، و الإيقاع بهم في مستنقع الرذيلة، و الانحراف الفكري، و الأخلاقي؛ كي ينقلبوا على الإسلام فيقعوا فريسة سهلة في بؤر الكفر، و الشرك، و الإلحاد، وهذا ما تصدى له المحقق الصرخي بالعلم، و التفنيد و الإبطال بالحجة الدامغة، فتقدمت عجلة العلم، و الفكر إلى الأمام، و ارتقت إلى العٌلا مبادئ الوسطية، و الاعتدال، و بفضل تلك الجواهر الفريدة من نوعها فقد أشرقت شمس الوسطية، و الاعتدال من جديد .
|