صنعاء نيوز/ الدكتور عادل عامر -
إنَّ الأمن على العقول لا يقلُّ أهميَّة عن أمن الأرواح والأموال، فكما أنَّ للأرواح والأموال لصوصًا، فإنَّ للعقول لصوصًا كذلك، ولصوص العقول أشدُّ خطرًا وأنكى جرحًا من سائر اللصوص. من خلال استراتيجية واضحة لتحقيق غايتها وتطبيق رؤيتها على أرض الواقع من خلال تركيز كافة الجهود لحماية الأمن وزيادة الشعور بالأمان لكافة من يعيش على ارض الدولة.
وبناء الثقة وبث الطمأنينة لدى المجتمع بكل فئاته عبر التشاور والتواصل وتحسين جودة الخدمات والأداء وكذلك بتطوير المواهب والقدرات لتحقيق الأهداف المهنية وترسيخ مفاهيم الأمانة ومكارم الأخلاق والنزاهة.
إذا عَمَّ الأمنُ البلادَ، وألقى بظلِّه على الناس، أَمِنَ الناس على دينهم، وأَمِنَ الناس على أنفسهم، وأَمِنَ الناس على عقولهم، وأمِنُوا على أموالهم وأعراضهم ومحارمهم، ولو كتَب الله الأمن على أهل بلد من البلاد، سارَ الناس ليلاً ونهارًا لا يخشَوْن إلا الله.
إن نعمة الأمن نعمة لا تعادلها نعمة بعد نعمة الإسلام، فلا أمان لأحد إلا بالإسلام، ولا راحة لأحد إلا بطاعة الرحمن، ولا ذهاب للخوف والحزن إلا بالتمسك بطاعة الكريم المنان إن نعمة الأمن والاستقرار لمن أعظم النعم التي يظفر بها الإنسان فيكون آمناً على دينه أولاً ثم على نفسه وعلى ماله وولده وعرضه بل وعلى كل ما يحيط به ولا يكون ذلك إلا بالإيمان والابتعاد عن العصيان لأن الأمن مشتق من الإيمان والأمانة وهما مترابطتان قال الله جل في علاه الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون والمقصود بالظلم كما بينه الله في آيات أخرى في وصية لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في مواضع عدة والأمن لغة عباد الله طمأنينة النفس وزوال الخوف وإلى هذا أشار الله بقوله في سورة التوبة:
(( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون )) قال الراغب الأصفهاني أي أبلغه المكان الذي فيه أمنه وطمأنينة نفسه وزوال خوفه والأمن اصطلاحا هو الحالة التي تتوافر حين لا يقع في البلاد إخلال بالقانون سواء كان هذا الإخلال جريمة يعاقب عليها القانون أو نشاطاً خطيراً يدعو إلى اتخاذ تدابير الوقاية والأمن لمنع مثل هذا النشاط والأمن كذلك هو السلامة والاطمئنان للنفس وانتفاء الخوف على حياة الإنسان أو على ما تقوم به حياة الإنسان من مصالح وأهداف وأسباب ووسائل مما يشمل أمن الفرد وأمن المجتمع والأمن بارك الله في الجميع هو الأساس في ازدهار الحضارة وتقدم الأمم ورقي المجتمعات
وإذا ضاع الأمن اختلت الحياة وتوقف موكب التقدم وأصبح هم كل فرد هو الحفاظ على أمنه وأمن من معه دون النظر إلى أي شيء مهما كان ولقد اهتم الإسلام بالأمن ولقد أراد أعداء الإسلام منذ زمن بعيد زعزعة أمن المسلمين في كل مجالات حياتهم ، زعزعة أمنهم الفكري والعقائدي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وأمنهم الحياتي ، ولأنهم يعلمون أن الإنسان المسلم لا يستطيع أن يحقق غايته المنشودة إلا في ظل جو من الأمن والطمأنينة ، فقاموا بنشر الثقافات الغربية والدعوات الهدامة لكي يفرقوا كلمة المسلمين والقضاء علي هويتهم ونهب ثرواتهم وخيراتهم.
ولابد أن نعلم أننا لا نستطيع أن نقوم بدورنا نحو الدين والوطن إذا فقدنا نعمة الأمن والاستقرار إن مفهوم الأمن يعني شعور الفرد أو الجماعة بالحماية والسلامة من أية مخاطر خارجية، والأمن ليس مفهوما عسكريا فقط كما يعتقد البعض بل ان الأمن في مفهومه العام يعني الأمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فإذا تحقق الأمن وفق هذا المفهوم الشامل تحقق الأمان وهو الشعور بالطمأنينة والراحة.
لا شك ان تحقيق الأمن والاستقرار يعتبر الركيزة الاساسية لنمو وتطور المجتمعات فجميع الحريات مهما علا شأنها تأتي بعد تحقيق الأمن والاستقرار، بل ان بعض الدول تلجأ الى تعطيل تلك الحريات عند تعرضها لأي خلل أمني وتعلن حالة الطوارئ
من مقومات الأمن أيضاً الاستقرار الاقتصادي للبلاد نعم فتأمين الحياة الطيبة للجميع بتوفير حاجاتهم وسد مطالبهم يوفر الأمن للبلاد والعباد فشرع الإسلام الزكاة وحث على الصدقات وأمر بالعدل بتوزيع الأعطيات بسد حاجات الناس وتلبية رغباتهم قال الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي لعلكم تذكرون،
ومن مقومات الأمن في الأوطان وجود جهاز أمن قوي أجل فما فائدة الأنظمة وما فائدة القوانين إن لم يوجد سلطة تنفيذية قوية تقوم بتنفيذ الأوامر وبتطبيق الأنظمة والقوانين وتحاسب من يخالفها ولا بد أن يكون هذا الجهاز الأمني قوي بكل ما تعنيه القوة قوي بأفراده قوي بسلاحه قوي بخبرته
والأهم من هذا أمانة ونزاهة فلقد حث القرآن الكريم أن يكون الموظف والعامل متصفاً بالقوة قال تعالى قالت إحداهما يا أبتي استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ولا بد من توافر هذه الصفات في رجال الأمن لأنه مؤتمن على نفوس الناس وعلى أعراضهم وعلى أموالهم وحتى يكون جهاز الأمن قوياً نزيهاً لا بد له من ضوابط وأمور أولها تقوى الله تبارك وتعالى وهي جماع الخير كله
ورجل الأمن التقي هو الذي يراقب الله في كل أحواله فيقوم بعمله خير قيام سمعت وسمعتي عن رويع الغنم في الصحراء يؤدي وظيفته على أتم وجه دون حسيب ورقيب من البشر إلا لأنه يستشعر أن الذي يراقبه هو الله مر ابن عمر على رويع غنم يرتاد بأغنامه أحسن المراعي وأحسن الأماكن فأراد أن يمتحنه في تلك الخلوة فقال له امتحانا:
وفي رِحاب الأمن وظلِّه تعمُّ الطمأنينة النُّفوس، ويسودُها الهُدُوء، وتعمُّها السعادة؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن أصبح آمنًا في سِرْبِه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه -فكأنما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذَافِيرها)).
إِذَا اجْتَمَعَ الإِسْلاَمُ وَالقُوتُ لِلْفَتَى
وَكَانَ صَحِيحًا جِسْمُهُ وَهْوَ فِي أَمْنِ
فَقَدْ مَلَكَ الدُّنْيَا جَمِيعًا وَحَازَهَا
وَحَقٌّ عَلَيْهِ الشُّكْرُ للهِ ذِي الْمَنِّ
والناس في هذه الحياة لهم مَآربُ شتَّى، وأحوالٌ متعدِّدة، تختلف أديانهم وتوجُّهاتهم، وتختلف رغباتهم، إلا أنَّ هناك أمورًا هم جميعًا مُجمِعون على طلبها والبحث عنها، بل هي غاية كثيرٍ منهم، ويظهر هذا الأمر جليًّا وواضحًا في المطلب الذي يُكابِد من أجله شعوبٌ، ويسعى لتحقيقه فئامٌ كثيرون، إنَّه الأمن على النفس والمال والولد.
الأمن بمفهومه الشامل يتمثَّل في حماية المجتمعات وحِفظها من الوُقُوع في الشبُهات والشهوات عبر دُعاة التغريب وما يبثُّ عبر الصحف والقنوات. إن الحفاظ على الأمن يكون أولاً بتأمين الأوضاع الاقتصادية الجيدة للمواطنين؛ كما ويكون أيضاً بتحسين مستوى التعليم بشكل رئيسي، وبتحسين باقي الخدمات المقدمة للمواطنين، وأخيراً يتحقق الأمن بين الناس بتحقيق قيم الحرية، والعدل، والرحمة، والمساواة، وبثها بين الناس، وجعلها أولوية عظمى. وفيما يلي توضيح لأبرز الفوائد التي يعود بها الأمن على الناس.
ولكن المقصود أن الحالة الأمنية في بلادنا رغم مساحتها الشاسعة حالة مطمئنة وذلك بفضل الله عز وجل ثم بجهود حكومتنا الرشيدة عندما كانت بلادنا في مواجهة مع الخارجين عن سماحة الدين وصفاء عقيدته والذين كانوا يريدون إدخال بلادنا في نفق مظلم من التشدد كان رعاه الله يتوعدهم بمواجهة مستمرة وطويلة وقوية وهو السبب الذي أدى بعد فضل الله سبحانه وتعالى إلى إلحاق الهزيمة بما كانوا يخططون له.
كما أن على الذين ينتهكون حرمة الأمن أن يستشعروا ما ورد في دينهم من تعاليم فاضلة تحث على التحلي بالأخلاق الفاضلة واحترام حقوق وخصوصيات الآخرين، وما يترتب على ذلك من ثواب لمن امتثل لتعليمات الدين الحنيف في هذا الجانب، والعقاب في الدنيا والآخرة لمن خالف ذلك والله الهادي إلى سواء السبيل.